هل من السهولة حقا ً الحياة في الفضاء؟

space

إذا كنت من هواة علوم الفلك والفضاء والأفلام التي تتحدث عنها فبالتأكيد قد شاهدت فيلم The Martian او رجل المريخ وان لم تكن قد شاهدته فالقصة ببساطة تدور حول مهمة وكالة ناسا في كوكب المريخ في رحلة مأهولة ( أي تحمل رواد فضاء) وبها 6 رواد ولكن نتيجة عاصفة شديدة على سطح المريخ يتم إلغاء المهمة وعودة الطاقم باستثناء أحد الرواد والذي يفقدونه ويتركونه خلفهم باعتقاد انه مات وعندما فاق وجد نفسه وحيدا علي كوكب غريب ليس بة صور الحياة الطبيعية  مما ادي بة للتكيف مع الوضع ومحاولة البقاء علي قيد الحياة علي الاقل لأطول فترة ممكنة وبالطبع هذا التكيف لن يستطيع أي شخص أن يفعله. بالتأكيد الفيلم يصنف ضمن افلام الخيال العلمي علي الاقل حاليا فكل شئ قد يكون ممكن في المستقبل القريب ولكن السؤال الان هل يمكن فعلا الحياة في الفضاء وهل هذا من السهولة أساسا؟؟

بداية ً الحياة في الفضاء ممكنة، ففي هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذا المقال هناك رائد فضاء بالفعل يعيش في محطة مدارية في الفضاء خارج كوكب الارض. بل أن القصة تعدت ذلك بمحاولة الوصول لأطول فترة في المكوث في الفضاء وكان أول من استطاع تحقيق ذلك هو رائد الفضاء السوفيتي Yury Romanenko يوري رومانينكو والذي استطاع المكوث فتره 326 يوم متواصل في الفضاء داخل المحطة المدارية مير ومحققا ايضا 3 رحلات خارج المحطة في الفضاء بواقع اجمالة 8 ساعات و48 دقيقة, وأيضا رائد الفضاء الروسي فلاديمير تيتو Titov Vladimir والذي استطاع المكوث لمده سنه ويوم متوال أي 366 يوم في الفضاء. وبالطبع لا يمكن ان نهمل رائد الفضاء السوفيتي فاليري بوليكوفPolyakov Valeri والذي سجل اطول رحلة فضائية في تاريخ البشرية بواقع 437 يوم متواصل و18 ساعة أي ما يقارب 14 شهر في الفضاء وذلك بداية من 8 يناير 1994 وحتي 22 مارس 1995.يتصادف الأمر مع عودة رائد الفضاء سكوت كيلي Scott Joseph Kelly يوم 2 مارس 2016 بعد ما يقارب العام قضاه في الفضاء بشكل متواصل وسوف يتم اجراء التجارب عليه لمعرفة فيما ينشغل شقيقه التوأم مارك كيلي وهو رائد فضاء سابق لدى إدارة الطيران والفضاء (ناسا) في سلسلة من الدراسات المتعلقة بنفس الموضوع، بحثا عن التغيرات الوراثية التي تطرأ على الإنسان جراء زيادة معدلات الإشعاع والتعرض لحالة انعدام الوزن في الفضاء.

إذن الحياة في  الفضاء ممكنة و ليست مستحيلة ولكنها لأكثرنا قد تكون مستحيلة، وبالطبع لا يستطيع الشخص العادي المكوث طول هذه المدة في الفضاء فلابد من التعود علي ذلك قبل الصعود للفضاء فرائد الفضاء يجابه رهبة مواجهة المجهول والشعور الخفي بامكان الضياع في الفضاء كما حدث في الفيلم واحتمال لقاء الموت خلال ثوان معدودة نتيجة أي خطا تافه وقد حدث فعلا  في مركبة الفضاء ابولو 1 في عام 1967 والتي احترقت وتحطمت قبل الاقلاع نتيجة ماس كهربائي مما ادي لاحتراقها ووفاة 3 رواد بداخلها.

وايضا يواجه رواد الفضاء ليس فقط البعد عن الأهل او الوطن بل عن الكوكب كله وهناك أيضا الخوف من الظلام الدامس والذي لا يبدده إلا ضوء النجوم البعيدة وانعكاس الضوء علي بعض الكواكب أضف الي ذلك رهبة السكون المطبق الذي لا يتخلله إلا التعليمات. و أيضا ً هناك الإجهاد البدني الناتج عن التسارع acceleration او ما يسمي بالقوة (ج) g-force  وهي القوة الناتجة عن تسارع صاروخ او انحراف طائرة عن المسار المستقيم.

ومن أهم التدريبات التي يلاقيها الرواد لمحاولة التاقلم علي الفضاء :

اولا: وللتعود على السرعات الكبيرة يتم استخدام طائرات مبطنة من الداخل بحشايا  ووسائد لينة في اجنابها ويقوم طيارو هذه الطائرات بعمل حركات ارتفاع ثم انقضاض سريع وحاد فيتعرض الرواد داخل الطائرة لحالة انعدام وزن خلال دقائق معدودة وتطير أجسامهم داخل فراغ هيكل الطائرة وكانهم يسبحون دون ارتكاز.

ثانيا: نتيجة وقوع رواد الفضاء تحت القوة g-force  يظهر ذلك في اختلاف تقاسيم وجوههم وانتفاخ الأوداج وجحوظ العينين وتصبح قدرة رائد الفضاء علي الحركة محددة  وقد تصل للعجز الكلي وخاصة عند الاطراف ولذا يتم التدريب علي ذلك بالتدريج عن طريق التدحرج علي مستوي منحدر وهم بداخل عجلة وما يساعدهم ايضا الاستلقاء علي ظهورهم عند بداية الرحلة وحتي انتهاء فترة التسارع كما تصمم كراسي الرواد بحيث تحتوي علي وسائد وزنبركات لتساعد علي تحمل هذه الاجهادات ويتم ايضا التدريب بداخل غرف مكيفة الضغط وتحت تثير قوي طاردة مركزية تنتج عن ادارة الغرفة بسرعات عالية.

ثالثا: من اهم العوامل ايضا العوامل النفسية عند رائد الفضاء ولذا كان لابد من اجراء كافة التجارب والاختبارات لتبين مدي قدراتهم النفسية والعصبية علي تحمل كل هذا وهذا يفسر لنا العدد الضئيل جدا الذي ينتقي من بين عشرات الالاف من المتطوعين للعمل كرواد فضاء. حيث لابد ان تكون لديه قدرات عصبية تفوق الكثير من البشر ومن هذه الاختبارات حيث يوضع رائد الفضاء في وحدة وسكون تام لمدد طويلة وتعريضه لدرجات حرارة منخفضة عدة ساعات وغمره في ماء دافئ بحيث لا يرى ولا يسمع ولا يشم شيئا بل من المؤسف أن هذه التجارب ادت لظهور أعراض الهلوسة على بعضهم لعدم تحمل أعصابه لهذا.

رابعا: من أشق التدريبات التي يلاقيها الرواد التدريب بداخل زنزانة فضائية وقد بداها السوفييت وكانت بداخل محاكي فضائي وكانت الظروف بداخلة مماثلة للفضاء من ظلام محيط وانعدام وزن وفقدان الاتجاة وحجم مماثل لسفينة الفضاء وتناول اقل قدر من الطعام واستخلاص الماء من البول والتنفس بالاكسجين المستخلص من عرق الجسم وتحليل الفضلات الحيوية لعناصر أساسية واستنبات مزروعات بداخلة دون تربة طينية وكان ابطال هذه التجربة ثلاث رواد سوفييت طبيبا ومهندسا وكيميائيا ودخلوا المحاكي يوم 5 نوفمبر 1967 وخرجوا 4 نوفمبر 1968 أي بعد عام كامل ولكن للاسف كانت نهايتها ماساوية فقد ظل الطبيب متماسك وقادر علي اداء واجباتة وكذلك المهندس في حين اصيب ثالثهم باضطراب عقلي وعجز عن مواصلة واجباتة.

بالتاكيد تدريب رائد الفضاء ليس بالشئ الهين بل ان هناك مراكز خاصة بتدريب رواد الفضاء تابعة لوكالة ناسا أشهرها مركز جونسون للفضاء JOHNSON SPACE CENTER.

المصادر
http://www.nasa.gov/mission_pages/station/research/news/astronaut_training
http://www.nasa.gov/centers/johnson/home/index.html
http://spaceflight.nasa.gov/outreach/jobsinfo/astronaut101.html
http://nasapeople.nasa.gov/hcp_lp.htm
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_spaceflight_records#Most_time_in_space

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي