هل يتضخم الكون أم نحن من نتضائل؟

human-space-universe-cosmos

هل يتضخم الكون أم أننا من نتضائل

من المثبت علميًّا أنَّ الكون في حالة تمدد دائم، تمامَا ككعكة بالزبيب؛ إذ تتمدد منتفخةً في جميع الاتجاهات حينما توضع في الفرن، وتمثل حبَّات الزبيب في مثالنا هذا المجرات في كوننا.

ويطرح هذا التفسير تساؤلًا مهمًا، إذا كانت كل الأشياء تتضاعف في الحجم ابتداءً من المنزل والمجرات، أنا وأنت كل شيء، فمن المستحيل أن نستطيع ملاحظة هذا التضخم، فربما قد أصبحت عملاقًا ضخمًا بمرور الوقت دون أن تشعر؛ إذ تنحصر قدرتنا على تمييز التغيرات في الاختلافات النسبية بين الحجوم فقط، فكيف لنا أن نُميِّز الفارقَ في الحجوم إذا كان كل شيء يتضخم بنفس المقدار في آنٍ واحد؟!

الجدير بالذكر أنه حين أقر العلماء توسع الكون، لم يقصدوا بذلك توسعه بكل ما يحويه، فالزبيب لا ينتفخ بانتفاخ الكعكة، تخيل معي لحظة وضع خليط الكعكة الممتلئ بقطع الزبيب المتكدس مقابلًا لبعضه بعضًا في الفرن، فما الذي سيحدث عند نضوج الكعكة؟ ستجد أن الزبيب ابتعد عن بعضه بعضًا متخلصًا من تكدسه وانتشر في كافة أرجاء الكعكة. يكاد يكون هذا هو الوصف الأقرب لما يعنيه توسع كوننا، ولكنه يطرح معه تساؤلًا آخر، كيف لنا أن نضمن ثبات حجم الزبيب وأنه لا ينكمش؟

وبطرح السؤالِ بطريقةٍ أخرى، ماذا لو أنَّ المسافات بين المجرات ثابتة وكل شيء فيما عدا ذلك يتقلص، ماذا إن كان توسع الكون يقابله انكماشٌ من قِبَلِنا؟
بسبب ذلك، وجب علينا أن نتساءل أين يُفترض بنا وضع الحد الفاصل في المقياس الذي يُحدد ما إذا كان الكون يتمدد أم يتقلص؟

ولمعرفة ذلك المقياس ينبغي علينا إدراك أنَّ تمدد الكون يُوصف بشكل أساسي من خلال نسبة تربط بين عاملين، وهما الطول في الفضاء، والاتجاه في الزمن، وفي بعض الأحيان تُدعى هذه النسبة بـ(عامل التمدد الحجمي للكون- cosmic scale factor)، فمع مُضي الوقت الذي يُعتبر أحد العوامل، فإن هذه النسبة تتغير، حيث يتسع الفضاء بمرور كل ثانية. وكما ذكرنا سابقًا، فإن هذه النسبة تمثل المسافة على الزمن، إذن فهي سرعة. والآن فلنفترض معًا افتراضًا جديدًا، ألا وهو أن الفضاء ثابت والسرعة هي من تتباطأ. فما الذي قد يحدث لكل الأشياء ابتداءً من الجسيمات إلى الكواكب عند إبطاء السرعة بشكلٍ مفاجئ؟
ستنهار جميع الكواكب مقتربةً بمداراتها من الشمس بسبب تقلص عزمها الزاوي الناتج عن تقليل سرعة حركتها، وبشكل مشابه ستقترب الإلكترونات من النواة في الذرة وبالتبعية ستتقلص جميع الروابط الجزيئية. إذن، ستنكمش جميع الأنظمة المحكومة بالقوى، تاركةً المسافة بين تلك الأنظمة المنفصلة ثابتة كما هي.

بدلًا من ذلك، لنتخيل الأمر بطريقةٍ أخرى، فما الذي سيحدث لو تم تثبيت سرعة الجسيمات كما هي في مقابل السماح لجميع الأشياء أن تتمدد بشكل منتظم؟
تمامًا كحال وعاءٍ من حلوى المارشميلو عند وضعه في الفرن وإخراجه مجددًا، فإن الالكترونات والمدارات الكوكبية ستنكمش عائدةً إلى حجمها الطبيعي، تاركةً الفراغات فيما بينها على حالها دون انكماش.

وفي الختام، بغض النظر عن كيفية تفسيرنا للنظرية، فنحن نمتلك نفس الصورة، حيث تتسع المسافات بين الأنظمة المرتبطة ببعضها نسبةً إلى حجم تلك الأنظمة، ولا يُفترض أن يكون هذا بالأمر المفاجئ لنا بما أننا نتحدث عن نفس النظرية الفيزيائية باستعمال طريقتين مختلفتين، فالأمر كله معتمد على وجهة نظرك واختيارك الطريقة التي تنظر بها للأمر.

 

ترجمة: أيمن جمال

مراجعة: آية غانم

المصدر:

1- Pivarski J. Is the universe getting bigger or am I getting smaller? [Internet]. symmetry magazine. [cited 2018 Nov 16]. Available from: https://www.symmetrymagazine.org/article/is-the-universe-getting-bigger-or-am-i-getting-smaller

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي