هل يتمكن الكمبيوتر من رسم لوحات فنية؟

atrf3y_b2a-1

توصل الباحثون في مجال الكمبيوتر إلى مستوى معقول من النجاح في التعرف على الأشياء الموجودة داخل الصور وفهم الكلام المنطوق، وتستخدم تلك الأنظمة تكنولوجيا تسمى الخلايا العصبية الصناعية- Artificial Neural Networks وهو أسلوب قديم يحاول محاكاة ما يتصوره العلماء عن طريقة عمل الخلايا العصبية في الدماغ البشري بصورة مبسطة.

 

وقد تم استخدام تلك الطريقة منذ أربعينات القرن الماضي ثُم بدأت تفقد جاذبيتها في السبعينات والثمانينيات نظرًا لحاجتها لمعالجات-processors قوية لم تكن موجودة في ذلك الوقت وأيضًا لبساطة النموذج المستخدم وقتها وفشله في حل مشاكل أكثر تعقيدًا.

 

ومع بداية القرن الحالي أضحت طريقة الخلايا العصبية الصناعية محط اهتمام الباحثين في تقنيات الذكاء الصناعي- Artificial Intelligence خاصةً مع نمو الاهتمام بتقنية التعلم العميق- Deep Learning والتي تعد أشهر تقنيات الذكاء الصناعي المستخدمة حاليًا وأكثرها جذبًا للاهتمام.

 

ولاستخدام طريقة الخلايا العصبية الصناعية؛ يتم تقسيم المهمة إلى مجموعة من المهام الصغيرة وتكون كل خلية عصبية مسؤولة عن تنفيذ أحد تلك المهام الصغيرة، ويتم توزيع تلك الخلايا على مراحل مختلفة، فتحتوي كل مرحلة على مجموعة من الخلايا المتشابهة في الهدف، ثم تتصل تلك الخلايا بخلايا المرحلة التالية، وتقوم الخلية في المرحلة المتقدمة بتجميع نتائج مهام بعض الخلايا في المرحلة السابقة ثم ترسلها للمرحلة التالية حتى تصل إلى نهاية الشبكة ويتم تنفيذ المهمة كاملة.

 

وفي مجال التعرف على الصور؛ تكون لكل خلية مهمة في التعرف على أحد خصائص الصورة، فمثلًا قد تكون أحد الخلايا مهمتها أن تتعرف على الخطوط الموجودة في الصورة، بينما تكون مهمة خلية أخرى أن تتعرف على الخطوط المنحنية في الصور، بينما تكون مهمة الثالثة أن تتعرف على (أحد) الألوان الموجودة في الصورة، ثم تقوم خلايا المرحلة التالية بتجميع تلك المعلومات حتى تتمكن من معرفة –على سبيل المثال- هل هناك موزة في تلك الصورة أم لا وتحديد مكانها.

 

وبإضافة مراحل جديدة من الخلايا يمكن تنفيذ مهام أكثر تعقيدًا، وحتى تتمكن كل خلية من تنفيذ مهمتها يتم تدريب شبكة الخلايا العصبية الصناعية على مجموعة صور تدريبية، وهي عبارة عن أمثلة من الصور ومحدد فيها مثلًا مكان الموزة، كأنها أمثلة محلولة لتدريب الطلاب على حل مسائل الرياضيات، وباستخدام تلك الأمثلة تبدأ كل خلية في تعلم أفضل الطرق في تنفيذ مهمتها للوصول إلى أفضل النتائج.

 

إنّ النموذج الرياضي لتلك الخلايا العصبية الصناعية في الحقيقة هو موضوع أكثر تعقيدًا وأحيانًا غير مفهوم تمامًا، ولكن ما تم شرحه سابقًا هو الفكرة العامة لعمل ذلك النظام. وبسبب ذلك الغموض في فهم دور كل مرحلة في شبكة الخلايا العصبية الصناعية قام باحثون تابعون لجوجل بعكس تلك العملية، فقاموا بمحاولة استخدام تلك الشبكة العصبية الصناعية التي تم تدريبها على التعرف على الموز في الصور في رسم صورة لموز. وقد نجحت تلك الشبكة في رسم صور تحتوي على موز، مثل هذه الصورة.

بالطبع مازالت الصور غير دقيقة، لكنها تعد خطوة كبيرة في تصنيع كمبيوتر مبدع يمكنه أن يقوم برسم صور أو -بصورة أكثر واقعية- أن يساعد الفنانين في العملية الإبداعية التي كانت حكرًا على الإنسان.

 

وبالإضافة إلى ذلك وعن طريق إعطاء الكمبيوتر بعض الأمثلة؛ فإنه يستطيع التعرف على الخصائص الهامة للتعرف على الأشياء، ويستطيع أيضًا أن يتجاهل الأشياء غير الضرورية فيستطيع التعرف مثلًا على الموزة مهما كان حجمها أو الأبواب مهما كان لونها.

والمثير في ذلك الأمر أننا قد نتمكن من تدريب الكمبيوتر على مجموعة من لوحات أحد الفنانين المشهورين، فيقوم بدراستها وتحليلها وفهم الخصائص الشخصية لذلك الفنان ويقوم بعد ذلك بتنفيذ لوحة جديدة تحمل روح وخصائص ذلك الفنان. وتطبيقات ذلك الأمر كثيرة، فمثلًا قد يتمكن كمبيوتر قريبًا من تنفيذ رواية يكتبها شكسبير بعد وفاته.

 

وكتطبيق أخير لتلك التكنولوجيا قد يتمكن الكمبيوتر من تحليل الصور بطريقة مبتكرة ومبدعة ويقوم مثلًا بتحويل صورة شجرة إلى منزل أو ورقة شجر إلى طائر أو صورة الأفق إلى أبراج مثل تلك الأمثلة.

ومازال هناك الكثير من التطور المتوقع في تلك التكنولوجيا، ومن يدري فقد نرى قريبًا كمبيوترًا مبدعًا يرسم لوحات تباع في المعارض الفنية.

 

 

اعداد: Ahmed M. Elsherbiny

مراجعة:Matalgah Hamzeh

 

المصدر: http://goo.gl/ZFMEEJ

 

#الباحثون_المصريون

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي