نتمتع نحن سكان كوكب الأرض كل فترة بظاهرة فلكية رائعة حيث يحجب القمر ضوء الشمس ويمنعه من الوصول الى كوكبنا الأم فيما يُسمَى بظاهرة كسوف الشمس، ولكن دعونا نتوقف قليلًا لنتساءل هل تلك الظاهرة مقتصرة فقط على كوكب الارض أم للكواكب الأخرى نصيب من تركة روعة هذا الحدث؟
قطعًا الإجابة هي لا، لا يقتصر الكسوف على كوكبنا فقط ولكن يمكن حدوث تلك الظاهرة على أي كوكب آخر طالما يمتك هذا الكوكب قمرًا تابعًا له، وحجمه كبير كفاية لتغطية قرص الشمس من الكوكب، ويكون مدار الكوكب على نفس مستوى الشمس، وتحدث ظاهرة الكسوف تلك عندما يتراص الكوكب وقمره والشمس في مستوى واحد ويمر القمر بين الكوكب والشمس حاجبًا بذلك الضوء القادم من الشمس ويمنعه من الوصول للكوكب.
وبالتالي نسبةً إلى الشروط السابق ذكرها فإنَّ عطارد والزهرة لا يحدث لديهم كسوف لعدم امتلاكهم أي أقمار، أمَّا المريخ فقمريه
فوبوس وديموس كلاهما صغيري الحجم، فلا يمكن لأحدها عمل حجب كامل للشمس، ولكن يمكن حدوث كسوف حلقيّ فقط،
كما يمكنك مشاهدة بعض الأشياء المثيرة من على سطح تلك الاقمار كمشاهدة حجب المريخ للشمس في معظم الأحيان ويوميًا في بعض الفصول كما كتب الفلكي ماتيجا كوك على مدونة جامعة كورنل.
ولكن بالنسبة للعمالقة الغازية (المشترى- زحل- أورانوس- نبتون) فالأمر مختلفٌ تمامًا، فهؤلاء يحدث لهم كسوف شمسي كلي؛ وذلك لأنَّ لديهم أقمار كبيرة، وكذلك تبدو الشمس بالنسبة إليهم صغيرة، ولأن تلك الكواكب هي كواكب غازية، فمن المستحيل أن تقف على أحدهم لتشاهد الكسوف، ولكن إذا كنت تمتلك مركبة فضاء خاصة فيمكنك أن تحوم بالقرب من أحد تلك العمالقة الدوارة لتتمكن من إلقاء نظرة فاحصة على الكسوف.
يمتلك المشترى ما يقرب من 67 قمرًا من ضمنهم جانيميد وهو أكبر أقمار المجموعة الشمسية، ولأنَّ أقمار المشترى تدور في نفس المستوى مع الشمس فيمكن حدوث الكسوف الكلي بالنسبة له. كما يقول الفلكيون أيضًا أنه في الحقيقة إذا استطعت الهبوط على أحد أقمار المشترى فسيمكنك أن ترى الكسوف بالنسبة للأقمار الأخرى.
ولكن ماذا عن الكواكب القزمة مثل بلوتو؟! في الحقيقة شارون وهو أكبر أقمار بلوتو كبير بما يكفي كما أنه قريب من بلوتو ليوائم حدوث الكسوف الكلي لبلوتو، ولكن بسبب مواجهة نفس الجانب من بلوتو وشارون فإنَّ الكسوف يمكن رؤيته من جانب واحد فقط.
وبالنسبة للأرض فإنَّ قمرنا مناسب حد الكمال لعمل الكسوف، فهو ذو حجم مناسب والذي يظهر في نفس حجم أو أكبر قليلًا من الحجم الظاهري للشمس من على سطح الأرض، وهذا يعني أنَّه عند مرور القمر من أمام الشمس فإنَّه يغطي الفوتوسفير (الطبقة الخارجية المضيئة من الشمس) ولكن تظل الكورونا (الغلاف الخارجي الغازي للشمس) مرئية.
وقد لاحظ الفلكيون أنَّ قمرنا يبتعد ببطء عن كوكبنا وربما في المستقبل البعيد يكون الحجم الظاهري للقمر أصغر بكثير بحيث لا يستطيع تغطية الحجم الظاهري للشمس، وهذا يعني أنَّه في يومٍ ما لن يستطيع القمر التسبب في حدوث كسوف كلي ولكنه يمكنه إحداث كسوف حلقي فقط حيث تظل حلقة قرص الشمس مرئية، ويتوقع الخبراء أنَّ آخر كسوف كلي ستشهده الأرض سيكون بعد 600 مليون عام من الآن (للإطلاع على المزيد من هنا). أما الآن فقمرنا في الموقع المناسب لحدوث كسوف كلي.
يُعد السبب في عدم حدوث الكسوف شهريًا أنَّ القمر يحيد أحيانًا عن اصطفافه في نفس المستوى مع الأرض والشمس، وكلما زادت نسبة الحيود قلت فرص احتمالية حدوث الكسوف الشمسي، سنحصل عليه فقط عندما يصطف الثلاثة في خطٍ واحد الشمس والقمر والأرض.
إعداد: آية غانم
تدقيق ومراجعة: Mohammed Abkareno
المصادر: https://goo.gl/HJWttm