«هَاري بُوتر»: حُبُّ الأُمِّ.

Harry-Potter

|||

«لقد ماتت أمك لتنقذك.. الشيء الوحيد الذي لا يستطيع «فولدمورت» فهمه هو الحب.. إنه لا يدرك أن حبَّا قويَّا كحب أمك لك يترك أثرًا.. ليس ندبة، فعلامته ليست ظاهرة.. فالحب يحوط الإنسان ويحميه إلى الأبد حتى لو رحل الشخص الذي أحبه عن الدنيا.»(1)

في عام 1997، أصدرت «ج. ك. رولينج- J. k. Rowling» روايتها «هاري بوتر وحجر الفيلسوف» ليكون أول جزء في أشهر سلسلة كتب حول العالم. فقد تمكنت «رولينج» من خلق عالم خيالي يدور حول حياة الساحر الصغير هاري بوتر وأصدقائه المقربين «رون ويزلي» و«هيرميون جرانجر» في مدرسة «هوجوورتس» للسحر والشعوذة، وصراعهم ضد «فولدمورت» سيد الظلام من السيطرة على العالم. وقد حققت السلسلة نجاحًا هائلًا حول العالم؛ فاعتبارًا من فبراير 2018 تم بيع أكثر من 500 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، مما يجعلها سلسلة الكتب الأكثر مبيعًا في التاريخ، بالإضافة إلى ترجمتها إلى أكثر من 80 لغة.(2) وتتكون السلسلة من سبعة أجزاء، وتحفل بالعديد من الشخصيات البارزة من الذكور والإناث. فقد كتبت ورلينج العديد من الشخصيات النسائية القوية في «هاري بوتر»، منهنَّ النساء العاملات المستقلات مثل «ماكجونجال»، ومنهنَّ الفخورات بعلمهنَّ مثل «هيرميون جرانجر»، ومنهنَّ الفتيات المراهقات البارعات في رياضة الكويدتش مثل «جيني ويزلي». ولكن، لعل أهم الشخصيات النسائية التي قامت «رولينج» بكتابتها هى الأمهات القويات مثل «ليلي بوتر» و«مولي ويزلي».

تَضحيةُ «ليلي» الكُبرَى.

كانت «ليلي بوتر» نموذجًا مثاليًا لحب وشجاعة الأم. فبعد تخرجها من مدرسة «هوجوورتس» وتزوجها من «جيمس بوتر»، انضما الأثنين إلى جماعة العنقاء، وهي منظمة مخصصة لمحاربة «فولدمورت» وأتباعه أكلة الموت.(3) وبرفقة أصدقائهم المقربين «سيرياس بلاك» و«ريموس لوبين» و«بيتر بيتجرو» قاموا بتحدي «فولدمورت» في ثلاث مناسباتٍ على الأقل، أولهم عندما رفضوا الأنضمام إليه عندما حاول تجنيدهم.(4) وعندما حملت ليلي في طفلها الأول «هاري» قرروا التواري عن الأنظار(3)، خاصةً عندما علم «فولدمورت» بالنُّبُوءة التي تقول بأن «صاحب القوة الكافية لهزيمة سيد الظلام يقترب.. سينجبه من تحدياه ثلاث مراتٍ» إلا أن خيانة صديقهم المقرب «بيتر» لهم أدى إلى عثور «فولدمورت» عليهم. وبعد أن قتل «جيمس» أولًا الذي حاول حماية زوجته وطفله الوحيد، قام «فولدمورت» بقتل «ليلي» عندما حاولت حماية «هاري» منه. ولأن موت «ليلي» كان تضحيةً خالصة ناتجة عن حبها لابنها استطاعت حمايته حتى بعد موتها ولم يتمكن سيد الظلام من قتله تلك الليلة. ولذلك، فإنَّ ليلي تُعتبر مثالًا للحب والشجاعة التي تتحلى بها الأم. فقد فقدت حياتها دفاعًا عن طفلها الصغير، ولكن تمكنت من حمايته من أكثر السحرة رعبًا. فما فعلته تلك الليلة كان أقوى من السحر الأسود وحمى هاري لبقية حياته. فكان موتها المثالُ الأعظمُ لنكران الذات والحب.(1)

جسد «ليلي» بعد موتها دفاعًا عن طفلها الوحيد «هاري».

«موليُ ويزلي»: الأُمُّ المُحَارِبَة.

لقد علمت «مولي ويزلي» قُرَّاء سلسلة «هاري بوتر» درسًا هامًا، وهو أن يدعوا الحمقى يقللوا من شأنهم على مسئوليتهم الخاصة. تزوجت «مولي» من «آرثر ويزلي» بعد تخرجها من مدرسة «هوجوورتس»، ومعًا انجبا ستة أولادٍ وبنتٍ واحدةً. وكانت «مولي ويزلي» كثيرًا ما توصف بكونها امرأةً طيبة محبة، بالإضافة لكونها أمًا رائعةً. فعلى الرغم من ضيق حال الأسرة إلا أنها كانت دائمًا ما تدلل أبنائها بكل ما تستطيع تحمله. فكانت تزودهم بالمودة والحب، وتفخر بإنجازاتهم، وتعد لهم الطعام المنزلي اللذيذ. ومع ذلك، كانت صارمة لا تخشى التعبير عن رأيها وفرض الانضباط عندما يتجاوز الأبناء حدودهم. فقد أحبّت «مولي» جميع أطفالهم، ولكنها كانت مغرمة بشكلٍ خاصٍّ بابنتها الصغرى «جيني». فأثناء معركة «هوجوورتس» عندما تعرضت «جيني» للتهديد، كان مجرد احتمال فقدان ابنتها الوحيدة كافيًا لدفع «مولي» لتحدي أخطر ساحرة ظلام في ذلك العصر. فقامت بمهاجمة «بيلاتريكس ليسترانج» المُبارِزَة المُتَمرِّسة بالقتال في لهيبٍ من الغضب، صائحةٌ: «ليس ابنتي، أيتها العاهرة!»(5)

«مولي» تتصدي لـ «بيلاتريكس» دفاعًا عن أبنتها الوحيدة «جيني».

    أحيانًا، كانت تنسى «مُولي» أنها لم تكن والدة «هاري»، ولكنها كانت تحاول حمايته دائمًا كأنه واحدًا من أطفالها. قابلت «مولي» «هاري» لأول مرةٍ وهي تأخذ أبنائها إلى قطار «هوجوورتس» السريع. وسرعان ما علمت المزيد عن «هاري» من أبنها «رون» حتى بدأت في معاملته كفردٍ آخر من العائلة. فعندما استيقظ «هاري» في أول صباح له في عيد الميلاد في «هوجوورتس» للعثور على أحدى سترات «مولي» المحبوكة يدويًا على سريره، وجد أنها تساوي كُل هدايا عيد ميلاد ابن خالته «ددلي» التي بلغ عددها تسعٍ وثلاثين هديةٍ. فكانت لحظة مهمة للغاية بالنسبة إلى «هاري»، ولخصت كرم وطيبة وحنان السيدة «ويزلي».(1) وتعددت المواقف التي أبرزت غريزة «مولي» لحماية «هاري»، حيث رفضت بقوة أن يعرف «هاري» بعض     الجوانب المتعلقة بنشاط جماعة العنقاء. الأمر الذي جعلها تتعارض مع الأب الروحي لـ «هاري» «سيرياس بلاك»، حيث «قال «سيرياس» بهدوء: إنه -هاري – ليس أبنك. فردت السيدة «ويزلي» بشراسةٍ: لكنه مثل ابني، فمن لديه غيري؟»

حنان ومودة مولي تجاه هاري بوتر.

وفي النهاية، يمكن القول أن على الرغم من كثرة وأهمية الشخصيات النسائية التي خلقتها وابتكرتها «رولينج» في رواياتها، فإن «ليلي بوتر» و«مولي ويزلي » ستمثلان دائمًا منبعًا للحب والشجاعة والأمومة. فقد ماتت «ليلي» قبل بدء مغامرات« هاري» في «هوجوورتس»، وبالتالي لم تحظى بالفرصة لمشاركته حياته إلا أنها كانت دومًا جزءًا لا يتجزأ من شخصيته واختياراته. وأما مولي فقد لعبت دور الأم في حياة «هاري»، حيث رحبت به في منزلها ليصبح فردًا من عائلتها، ومنحته الحب والحماية، ووفرت له الطعام والنصيحة. وعلى الرغم من أنها قضت معظم أوقاتها تعد الطعام الشهي، وتُبارز الصحون والأطباق عوضًا عن أكلة الموت، إلا أنها أثبتت في النهاية أنها امرأةٌ لا يمكن العبث معاها.

إعداد: آلاء هشام

مراجعة وتحرير: آلاء مرزوق
تصميم: محمد الجوهري

المصادر:

  1. https://goo.gl/EK6qma
  2. https://goo.gl/sWL1rD
  3. https://goo.gl/8as79K
  4. https://goo.gl/x1L2tT
  5. https://goo.gl/w7DYpe

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي