الفضاءُ رائعٌ لا جدال في ذلك؛ كل الأشياءِ الرائعة هناك، خلف حوافِ نظامنا الشمسي في الفضاء الفسيح. حقيقةً نظامنا الشمسي ليس بالمميز، فالكل يعلم خباياه منذ العامِ الأول من دراسته. فنحن لدينا 9 كواكب – ثمانية منذ خروج بلوتو – وبعض الأقمار المُمِلّة تدور حولهم، والشمس، وهذا كل شيء، صحيح؟
خطأ!
يمتلك الفضاء عجائبَ أكثر مما قد تتخيل وبعض تلك العجائب موجودةٌ بجوارنا في نظامنا الشمسي المحبّب، لنستكشفها سويًا:
-الكويكب الذي يتملك قمره الخاص.
قد يقود المنطق إلى أن أي شيء أصغر من الكوكب لن يمتلك قوى الجذب اللازمة لإبقاء قمرٍ خاصٍ به في جعبته، ولكن هذا ليس صحيحا، تعرف على كويكب «243 Ida » الذي يبلغ طوله 30 كيلومترًا فقط، أما عن القمر فلا يتعدى الـ 1.6 كيلومترًا Dactyl إنه أول نظامٍ ثنائي أحد طرفيه كويكب نجده، والوحيد الذي استطعنا الدوران بالقرب منه والتقاط بعض الصور عالية الجودة، بالطبع اكتشفنا لاحقًا العشرات كذلك الكويكب.
-قمر المشتري آيو.
إن استطعت إيجاد عَالمًا يذكرك بالجحيم، فالقمر آيو سيكون أول ما يظهر في القائمة. على القمر يوجد العديد من البراكين النشطة أكثر من أي جسمٍ آخر في مجموعتنا، وهذا النشاط الجيولوجي سببه قوى الجذبِ الرهيبة بين القمر ومالكهُ كوكب المشترى، التي وبصفة دورية تسحب القمر وتزيد من معدل تمدده. البراكين على القمر قد تغطي ما يقرب من 30 كم مربع بالإضافة إلى أنه يمكن مشاهدتها من الفضاءِ الخارجي.
يتسبب المدارُ الخاص بالقمر الذي يمر بالمجال المغناطيسي للمشترى في توليد كميات رهيبة من الكهرباء التي تجعل عواصفَ الرعدِ تعلو فوقَ غلافِ الكوكبِ الجوي؛ إنه الجحيم بعينه.
-بلوتو، ليس كما توقعنا.
لعلك شاهدت هذه الصورة عدة مرات عند احتفالنا بوصول مركبة New Horizons إلى بلوتو بعد 9 سنواتٍ من إطلاقها، ومنذ حينها فقد تغير مفهومنا تمامًا عن الكوكب القَزَم.
في بدايات القرن الواحد والعشرين سُئِل العالِم Alan Stern عمّا يتوقع أن يجد البشرُ على كوكب بلوتو عند وصول المركبة إلى هناك، وكانت إجابته بسيطة: «شيءٌ رائعٌ»، وهو بالفعل ما تحقق.
لقد وجدنا أرضًا معذبةً متغايرةً بدرجة عالية مشيرةً لوجود نظام جيولوجي حي ونشط بدلًا من عالم ثلجي مهجور يسبحُ عند حافة نظامنا الشمسي.
صديقي، أنا أيضًا أحب بلوتو، ولكن ليس باليد حيلة فقد اعتبروه يومًا كوكبًا ثم تخلّوا عنه، حقدًا عليه؟ لا أدري حقًا ولكني مازلت أحب بلوتو.
-قمر زحل ميماس.
أهذا قمر؟ متعجبًا من الإجابة الإيجابية، ميماس قمر تابع لزحل وواحد من أكثر الأجسام المملوءة بالفوّهات في المجموعة الشمسية، وهو يشابه نجم الموت-The Death Star المذكور في سلسلة أفلامِ «حربُ النجومِ» تمامًا. وتم اكتشاف القمر بعد إصدار الفيلم بثلاث سنوات، نعم أعرف فيما تفكر.
ميماس أيضًا غريبٌ بعض الشيء، فمداره أقرب لزحل من ذلك الخاص بانسيلادوس – جاره الثلجي – كلا القمران يتكونان من الثلج بصورة كبيرة، ولكن انسيلادوس فقط تصل إليه حرارة كافية لتسمح للجليد أن يذوب مكونًا ينابيع من المياه التي ترتفعُ منطلقةً نحو الفضاء. غيرُ منطقي لأن ميماس أقرب لزحل من انسيلادوس، هذا يعني أنه من المفترض أن يتلقى حرارة أكثر من الآخر، في الحقيقة نحن لا ندري لماذا!
-قمر المشترى جانيميد.
جانيميد هو أكبر أقمار المجموعة الشمسية حتى أكبر من كوكب عطارد أي أنه كان ليتم اعتباره كوكبًا لو كان يدور حول الشمس وليس المشترى، وما يميزه عن باقي الأقمار أيضًا امتلاكه لمجاله المغناطيسي الخاص! يا للعجب.
يمتلك أيضًا غلافا جويا من الأكسجين، ولكنه لا يكفي لدعم الحياة تمامًا. الفوّهات على سطح جانيميد تعتبر مسطحة عند مقارنتها بباقي الأقمار مما يرجح وجود نشاط جيولوجي تحت السطح، وبالطبع هذا ليس مفاجِئا لجسمٍ كبيرٍ يعيشُ بجوارِ المشترى.
-حلقة زحل الضخمة.
أولُ شيءٍ يخطرُ ببالِ أولئك الذين على وشك رصد كوكب زحل، أو أي شخص عمومًا عند ذكر اسم الكوكب قد يكون مجموعة حلقاته الفريدة. بالتأكيد هو ليس الكوكب الوحيد الذي يمتلك حلقات ولكنه الوحيد الذي يمتلكها بهذا الجمال!
ما عرفناه مؤخرًا أن تلك الحلقات تمتد لأبعدِ مما توقعنا. الحلقة المكونة من غبار وثلج صعّبت أن يتم اكتشافها لمدة طويلة لأنها تقريبًا غيرُ مرئية، وإن لم تنظر إليها بواسطة الأشعة تحت الحمراء ستفقدها بكل سهولة. توجد على بُعد 6 مليون كم من كوكب زحل وتمتد حتى 12 مليون كم. كما أنه يبلغ سُمكها 20 مرة طول كوكب زحل، وكوكب زحل ليس بصغير! حيث انه عليك ان تستخدم مليار أرض لتملي الفراغات التي تأخذها هذه الحلقة.
-حدودُ مجموعتنا الشمسية.
بقدر ما تعلمنا عن المجموعة الشمسية، لا تزال توجد بعض الأسئلة البسيطة التي لا توجد لها إجابة، مثل: هل هي كبيرة بالفعل؟ إلى أي مدى؟
عندما كنت في المدرسة، فمن المحتمل أنك تعلمت أن بلوتو هو أبعد الأجسام عن الشمس ولكن بعدها اكتشفنا ايريس-Eris أكبرُ كوكبٍ قزم معروف، وهو نفس الجسم الذي جعل العلماء يعيدوا ترتيب بلوتو من حيث المجموعات، عرفت الآن أين يكمن الحقد؟ حيث يبعد ايريس عن الشمس ضعف المسافة بين بلوتو والشمس، ماذا بعد ذلك؟ سحابة أورت هي الإجابة، سحابة كروية بالقرب من حافة نظامنا الشمسي.
وما خلف ذلك؟ حسنًا، في العام 1977، أطلقنا مركبتي فضاء بغرض الذهاب بعيدًا، بعيدًا جدًا فوياجر1 وفوياجر2 بعد مرورِ ما يقرب من 40 سنة مازلنا في تواصلٍ جيد مع كلتي المركبتين. استطاعت فوياجر1 مغادرة النظام الشمسي، ومن المتوقع أن يطفئ نورها في عام 2025 ونحن نأمل في أن نكون حصلنا على معلومات كافية قبل هذا الوقت.
-قمر زحل هيبريون.
القمر الإسفنجة أو ما يشبهها هو أكبر قمرٍ غير دائري في المجموعةِ الشمسية. لا يدور مطلقًا حول نفسه؛ لأن تيتان قمره الجار يسحبه بانتظام في اتجاهات مختلفة. يرجع شكله إلى اصطدام الكثير من الأجسام به، بالضبط كما توقعت أنت!
-سيريس.
سيريس هو الكوكب القزم الوحيد في حزام كويكبات المجموعة الشمسية، وهو يمثل ثلث كتلة حزام الكويكبات بأكمله. لتتخيله عليك تخيل مدينةً كبيرة تسبح في الهواء هذا هو حجمُ الكوكبِ بالضبط، ولأكون دقيقًا فلنجعل المدينة هي ولاية تكساس
بسبب المعنى المُبهم لكلمةِ كويكب، سيريس هو الكوكبُ الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يعد أيضًا كويكبًا. ونضيف لمعلوماتكَ أنه من المحتملِ أنّ الكوكب سيريس يمتلك مياهًا تحت سطحهِ، أكثر من المياهِ العذبة الموجودة على كوكبنا!
-الفضاء.
توجد العديد من الأشياءِ الرائعة في مجموعتنا الشمسية التي تُنسينا دائمًا كم هو حقًا فارغ، فهم يطلقون عليه فضائًا لسبب ما وهو كذلك بالفعل، مجرد فضاء. أترى الفراغ بين الأرض والقمر وما حولهما هنا؟ شاسع أليس كذلك؟
تمثلُ الشمسُ وحدها 99.8% من كتلة المجموعة الشمسية مجتمعة، وهذا منطقيًا يعني أن باقي الأجسام من الكواكب العملاقة الغازية إلى الكويكبات والمذنبات والكواكب الصغيرة كالأرض تشكلُ فقط 0.02% من المادة، معظمها موجود في كوكب المشتري.
ما أغرب شيء قابلته؟ هل لديك أغرب من هذا؟ شاركنا خواطرك، يومًا جميلا.
ترجمة: Abdallah Saad
مراجعة لغوية: David Yanni
مراجعة علمية: Ahmaad M. Hanafi
المصادر:
