وَجد فريقٌ دوليّ من الباحثين من المملكة المتحدة والدنمارك وألمانيا أدلةً قويةً على علامات دورة البقع الشمسية التي استمرّت 11 عامًا في المحيط الهادئ الاستوائي.
قاموا بتحليل سلاسلَ زمنيةٍ تاريخيةٍ من الضغط والرياح السطحية وهطول الأمطار مع تركيزٍ دقيقٍ على دورة ووكر؛ وهي نظامٌ واسعٌ من التدفّق الجوّي في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي، والذي بدوره يؤثر على أشكال هُطول الأمطار الاستوائية، وقد قاموا بكشف أنه خلال فترات زيادة الإشعاع المُتدفّق من الشمس؛ تَضعف الرياح التجارية وتتحرك دورة ووكر مُتجهةً شرقًا.
وقال ستريغيوس ميسيس (Stergios Misios) باحث ما بعد الدكتوراة بجامعة أوكسفورد:
«نحن نتعامل مع سِجلٍّ قصيرٍ جدًا من الملاحظات في المحيط الهادئ الاستوائي، ويجب أن نكون حذرين جدًا مع كيفية انتقاء التقلّبات الأخرى التي تحدث على مَرّ السنين، فبعد علاجٍ حَذرٍ للبيانات تمّت تغطيته آخر 60 عامًا؛ اكتشفنا تباطئًا قويًا يحدث لخلية ووكر خلال سنواتٍ والذي ارتبط مع الحدّ الأقصى للدورة الشمسية».
يُظهر التحليل أنّه بالتزامن مع التغيّرات في شذوذ الرياح، يتحرك النمط المُهيمن لهطول الأمطار نحو مركز المحيط الهادئ أثناء الحدّ الأقصى للدورة الشمسية، ونتيجةً لذلك، قَلّ هطول الأمطار حول إندونيسيا وغرب المحيط الهادئ، وازداد حول مركز المحيط الهادئ.
آليات بسيطة تُكبّر الإشارة الشمسية
تُعتبر قضية تأثيرات الشمس على المناخ قضيّةً طويلةً وبها جَدلٌ واسع، كما كان يوجد العديد من الادّعاءات التي لم تَصمد أمام الفحص الإحصائي المناسب والدقيق في كثيرٍ من الحالات، لكن إلى جانب التّحقق الإحصائي كانت لدينا مشكلةٌ أكثر صعوبة: كيف استطاعت تغيّراتٌ صغيرةٌ جدًا في الإشعاع القادم من الشمس إنتاج إشاراتٍ مناخيّة مهمّة؟
قال الأستاذ ليزلي جراي (Lesley Gray) الأستاذ بجامعة أوكسفورد:
«بعد فترةٍ وجيزة، أدركنا أنّ مقدار الشذوذ في الرياح التي تمّ كَشفها في الملاحظات ببساطةٍ لم تُفسَّر من خلال البحث الإشعاعي فقط، واعتقدنا أنّه إذا كانت تأتي من الشمس؛ فيجب أن تكون هناك آليةٌ أخرى تزيد من ضَعف دورة ووكر».
بمساعدة نموذج المناخ العالمي، تمّ العثور على هذه الآلية في الاندماج الديناميكي بين الغلاف الجوّي ودورة المحيط في المحيط الهادئ الاستوائي.
كمتوسّطٍ على مستوى العالم؛ بالكاد تصل بصمة درجة الحرارة السطحية للدورة الشمسية إلى 0.1 كلفن كحدّ أقصى للطاقة الشمسية، وهو ما يَقرب من ثمانِ مراتٍ أضعف من اتجاهات الاحتباس الحراريّ التي لوحظت في القرن العشرين، ومع ذلك، حتى هذا الاحترار السطحيّ الضعيف يؤثر على دورة ووكر من خلال التغيّرات في الهيدرولوجيا العالمية، فمع ارتفاع درجة حرارة السطح، يزداد بخار الماء في الغلاف الجوّي بمُعدّلٍ أعلى من ذلك الذي تمّ فَقده بسبب هطول الأمطار، ممّا يستلزم إضعاف خلية ووكر.
هذه الآلية تمّ اختيارها جيدًا في نماذج المحاكاة لتركيزات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة، لكن اتّضح أنها تعمل في إطار الدورة الشمسية التي تَبلغ 11 عامًا أيضًا.
وقال س. ميسيس: «أظهَر نموذجنا شذوذ الرياح الغربية في منطقة المحيط الهادئ، حتى عندما قمنا بالنظر فقط إلى التغيّرات الهيدرولوجية العالمية، كان المقدار بعيدًا جدًا وضعيفًا أيضًا. وقد افترضنا أنه يمكن أن يؤدّي اندماج الغلاف الجوّي مع المحيط بالخصوص ردود فعل بيجركنيس(بالإنجليزيَّة: Bjerknes feedback) إلى تَكبير الإشارة الشمسية».
باستخدام نموذجٍ مناخي فَرضَته علينا الدّورة الشمسية لمدة 11 عامًا وحدها، وَجد الباحثون دليلًا يَدعم فَرضياتهم، فقد أظهر نموذجهم شذوذ الرياح بشكلٍ أقوى بكثيرٍ في المُحيط الهادئ، واقترحوا أنّ التغيّرات في الهيدرولوجيا العالمية وردود فعل بيجركنيس تَتوسّط تأثيرات الدورة الشمسية على المحيط الهادئ الاستوائي.
يأمل الباحثون الآن أنّه إذا تمّ تمثيل التفاعل بين تلك الآليات بشكلٍ صحيح وذلك بواسطة نماذج مناخيّة أخرى، يُمكن أن يُعطي إمكانيّةً لتحسين دِقّة التّنبؤات في تلك المَنطقة.
ترجمة: أحمد محمد سعد
مراجعة علمية: أحمد فكري
تدقيق لغوي: هاجر زكريا
تحرير: نسمة محمود