إعلان الجائزة
قررت لجنة نوبل النرويجية منح جائزتها للسلام لعام 2021م إلى كلٍّ من الصحفية الفلبينية ماريا ريسا Maria Ressa (58 عامًا)، والصحفي الروسي ديمتري موراتوف Dmitry Andreyevich Muratov (60 عامًا)، لجهودهما في حماية حرية التعبير، التي هي شرط أساسي للديموقراطية والسلام الدائم.
استحقت ماريا ريسا وديمتري موراتوف هذه الجائزة لنضالهما الشجاع من أجل حرية الكلمة والتعبير في الفلبين وروسيا في الوقت نفسه، وهما ممثلان لجميع الصحفيين الذين يدافعون عن هذا المثل الأعلى في عالم تواجه فيه الديموقراطية وحرية الصحافة ظروفًا معاكسة بشكل متزايد.
ماريا ريسا في سطور:
ولدت ماريا ريسا في الفلبين عام 1963، وحصلت على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة برنستون حيث درست أيضا علم الأحياء الجزيئية وعلم المسرح، عملت بعدها ريسا كصحفية لمدة 35 عامّا في شبكات إخبارية عدة مثل cnn, abs, cbn, وهي الرئيس التنفيذي لشركة رابلر، في عام 2018 كانت ريسا من بين ثمانية أشخاص أطلقت عليهم مجلة Times لقب ” حراس الحقيقة”، وفي عام 2019 حصلت ماريا على جائزة القلم الذهبي للحرية من قبل الرابطة العالمية للصحف ونشر الأخبار، وفي عام 2020م حصلت على جائزة الحريات الأربعة لحرية التعبير التي تمنحها هيئة روزفلت ستيشيغ (هولندا), بالإضافة إلي جائزة حرية الصحافة والإعلام من قبل اليونسكو.
جهود ماريا ريسا
تستخدم ماريا ريسا حرية التعبير لفضح إساءة استخدام السلطة والعنف وتنامي الاستبداد في بلدها الأصلي الفلبين، ففي عام 2012م شاركت ماريا في تأسيس شركة رابلر Rappler وهي شركة وسائط رقمية للصحافة الاستقصائية والتي ما زالت ماريا تترأسها كصحفية وكرئيس تنفيذي لها. وخلال عملها، أظهرت ريسا نفسها كمدافعة شجاعة عن حرية التعبير وركزت خلال عملها في الشركة على اهتمامها النقدي والقيام بحملة ضد نظام دوتيرتي Duterte لمكافحة المخدرات، وشنت الحملة ما يشبه حربًا كبرى ضد سكان البلاد لتنبيههم بخطورة الموقف، خاصةً بعد ارتفاع أعداد الوفيات نتيجة المخدرات. وقد وثقت ريسا ورابلر معًا كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتكذيب ما يُنشر من أخبار مزيفة ومزعجة للمعارضين ولكشف التلاعب بالخطاب العام في البلاد.
ديمتري موراتوف في سطور:
ولد ديمتري موراتوف في روسيا عام 1961م وحصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة من جامعة موسكو قبل أن يؤسس صحيفة نوفاجا غازيتا، في عام 2007 فاز موراتوف بجائزة حرية الصحافة والإعلام الدولية من لجنة حماية الصحفيين، وفي عام 2010م حصل على وسام جوقة الشرف او الليجيون وهو أعلى وسام في فرنسا ويوازي وسام ( الفارس) في البلاد، وفي نفس العام حصل موراتوف على جائزة الحريات الأربعة لحرية التعبير من هيئة روزفلت ستيشيغ(هولندا)، كما حاز على جائزة القلم الذهبي أيضا من الرابطة العالمية للصحف ونشر الاخبار في عام 2011.
ديمتري موراتوف والصحافة الحرة
أما عن ديميتري موراتوف الروسي، فقد دافع على مدى عقود عن حرية التعبير في روسيا في ظل ظروف صعبة بشكلٍ متزايد، ففي عام 1993م كان موراتوف هو أحد مؤسسي صحيفة نوفاجا غازيتا Novaja Gazeta المستقلة. ومنذ عام 1995م أصبح موراتوف رئيسًا لتحرير الصحيفة ولمدة 24 عامًا، هذا وتعتبر صحيفة نوفاجا غازيتا هي الصحيفة الأكثر استقلالًا في روسيا اليوم، فهي تصب نقدها الأساسي تجاه السلطة، وتقوم كل كتاباتها على الحقائق والنزاهة المهنية كمصدرٍ للمعلومات حول الجوانب الخاضعة للرقابة في المجتمع الروسي التي نادرًا ما تذكرها وسائل إعلام أخرى في البلاد، ومنذ تأسيسها في عام 1993م نشرت نوفاجا غازيتا مقالاتٍ نقديةٍ حول مواضيعَ مهمة جدًا تتعلق بالفساد وعنف الشرطة والاعتقالات غير القانونية والتزوير الانتخابي بالإضافة إلى الزج بالقوات العسكرية الروسية داخليًا وخارجيًا.
مع كل هذه الانتقادات، أدى ذلك إلى أن يقوم معارضو الصحيفة بمحاولة تهديد العاملين بها، وتلقت الصحيفة وموظفوها الكثير من التهديد بالقتل والعنف، بل وقُتل ستة من موظفيها بمن فيهم الصحفية آنا بوليتكوفسكايا التي كتبت مقالاتٍ كاشفةٍ عن حرب الشيشان. وعلى الرغم من عمليات التهديد والقتل هذه، رفض موراتوف التخلي عن سياسة الصحيفة المستقلة، بل ودافع عن حق الصحفيين في كتابة أي شيء يريدونه حول ما يريدونه طالما أنهم ملتزمون بالمعايير المهنية والأخلاقيات العامة للصحافة.
تحقيق وصايا نوبل للسلام
تعمل الصحافة الحرة والمستقلة والقائمة على الحقائق على الحماية من إساءة استخدام السلطة والأكاذيب والدعاية للحروب، إن لجنة نوبل النرويجية مقتنعة بأن حرية التعبير وحرية تداول المعلومات تساعدان على ضمان وصول الاعلام الحقيقي للجمهور، وهي من الحقوق والشروط الحاسمة في مسار الديموقراطية والحماية من الحروب والصراعات، هذا ويهدف منح جائزة نوبل للسلام إلى ماريا ريسا وديمتري موراتوف إلى التأكيد على أهمية حماية هذه الحقوق الأساسية والدفاع عنها.
وبدون حرية التعبير وحرية الصحافة سيكون من الصعب النجاح في تعزيز الأخوة بين الدول ونزع السلاح وتحقيق نظامٍ عالميٍّ أفضل لتحقيق السلام في عالمنا، ولذلك فإن منح جائزة نوبل للسلام لهذا العام راسخةٌ بقوة في أحكام وصية ألفريد نوبل.