لطالما كان البشر فضوليين حول مدى تميز وتفرد كوكبنا وما إذا كانت هناك كواكب أخرى خارج المجموعة الشمسية. تمت الإجابة عن هذه التساؤلات في عام 1992، حيث اكتشف عالما الفيزياء الفلكية، دايل فرايل – Dale Frail وألكساندر فولجتان – Aleksander Wolszczan، الكواكب الثلاث الأولى خارج مجموعتنا الشمسية يدورون حول نبّاض (نجم نابض). منذ ذلك الحين، وجد علماء الفلك حوالي 4301 كوكبًا خارجيًا وفقًا لآخر تحديث لموسوعة الكواكب خارج المجموعة الشمسية في 29 يوليو 2020. [2] [10]
يُعّرف الكوكب الخارجي بأنه كوكب ضخم وكروي تمامًا يدور حول نجم آخر بدلًا من الشمس، وينطبق عليه تعريف الكوكب الذي حدده الاتحاد الفلكي الدولي. مع ذلك، لا يمكن التحقق ما إذا كان الكوكب الخارجي يحقق الشرط الثالث من تعريف الكوكب، حيث يصعب اكتشاف ما إذا كان الكوكب الخارجي قادرًا على إزالة وتنظيف مداره من الحطام الفضائي الصغير نظرًا للمسافات الشاسعة التي تفصل بيننا وبين الأجسام السماوية الأخرى في الكون. [9]
اهتمامنا باكتشاف الكواكب الأخرى سواءً كانت تدور حول الشمس أو أي نجم أخر يعود في الأصل لوجودنا على كوكب. قد يكون السبب الآخر وراء افتتاننا بالكواكب الخارجية هو أنها يمكن أن توفر لنا مكانًا آخر للمعيشة إذا تم تدمير كوكبنا على سبيل المثال بنيزك ضخم أو لم يعد صالحًا للسكن. [6]
يعتبر اكتشاف الكواكب الخارجية أمرًا صعبًا للغاية بسبب المسافة الكبيرة بيننا وبين أي نجم آخر وأيضًا بسبب عدم اليقين في القياسات. علاوة على ذلك، فإن الكواكب الخارجية أجسام معتمة تقوم بعكس الضوء من نجمها المركزي أو تشع في نطاق الأشعة تحت الحمراء فقط إذا كانت ذو حرارة دافئة. ولهذا، لا يمكننا رصد الكواكب الخارجية مباشرة حيث سيطغى لمعان النجم المركزي على الضوء المنعكس من الكواكب الخارجية. [6][9]
حاول الفلكيون التغلب على المشكلة الأخيرة من خلال البحث عن كواكب خارجية تدور حول النجوم الخافتة مثل الأقزام البُنيّة والبيضاء. ومع ذلك لم يتم اكتشاف أي كوكب خارجي يدور حول قزم أبيض، ولكن تم رصد أربعة كواكب خارجية في مدارات حول أقزام بُنيّة على مسافة 200 سنة ضوئية. وعلى الرغم من هذه المشكلات، تم اختراع العديد من التقنيات المباشرة وغير المباشرة التي أثبتت قدرتها على اكتشاف الكواكب الخارجية بنجاح. [8][9]
يمكن تقسيم الطرق والأساليب المُتبعة لاكتشاف الكواكب الخارجية إلى فئتين رئيسيتين: طرق مباشرة أو غير مباشرة. تتمثل الطرق المباشرة في التصوير المباشر للكواكب. أما الطرق غير المباشرة فتعتمد على قياس كمية الضوء الواصل إلينا من النجم أو التغير في حركة النجوم التي تدور حولها كواكب خارجية. مكنت هذه الطرق والأساليب علماء الفلك من اكتشاف كواكب خارجة تبعد عنا 13,000 سنة ضوئية! سننظر الآن في كل طريقة بمزيد من التفصيل. [5][6][9]
1. الطريقة المباشرة
تُعد طريقة التصوير المباشر الطريقة الأولى التي تتبادر إلى الذهن عندما نتحدث عن سبل اكتشاف الكواكب الخارجية. ولكن على الرغم من أنها من أكثر الطرق مباشرة فإنها واحدة من أكثر الطرق تحديًا؛ إذ أنه من الصعب اكتشاف كوكب باهت يطغى عليه ضوء نجمه المركزي ويبعد عن كوكب الأرض مسافة كبيرة في هذا الكون الشاسع. وأيضًا يعد صغر المسافة الزاويّة التي تفصل بين الكوكب ونجمه مشكلة أخرى تواجه الفلكيين أثناء البحث عن الكواكب الخارجية بالطريقة المباشرة. لذلك تم اكتشاف معظم الكواكب الخارجية بطرق غير مباشرة. [1][3][7][8]
ينحاز التصوير المباشر نحو اكتشاف الكواكب الخارجية الشبيهة بالمشتري والتي تكون على مسافة بعيدة جدًا عن نجومها المركزية. يكون هذا التحيز موجودًا فقط لتجنب فرصة أن يطغى ضوء النجم على سطوع الكوكب الخارجي. تمَّ اكتشاف أول كوكب خارجي بطريقة التصوير المباشر في عام 2004. وكان الكوكب الخارجي المكتشف يدور حول قزم بني، وجعل التباين المنخفض نسبيًا بين القزم البني والكوكب الخارجي اكتشاف الكوكب أسهل نسبيًا. [6]
ومع ذلك، يصف التصوير المباشر الكوكب الخارجي وصفًا أكبر و أدق. فعلى سبيل المثال، من خلال التصوير المباشر يكون من السهل الحصول على المزيد من المعلومات عن الغلاف الجوي للكوكب باستخدام القياسات الطيفية الضوئية. فعندما نقوم برصد سطوع الكوكب الخارجي عند أطوال موجية مختلفة، يمكننا تقدير درجة حرارة تقريبية للغلاف الجوي للكوكب الخارجي. فمثلًا، يشير لون الكوكب الخارجي HR 8799 planet 1 إلى سحب كثيفة ويشير أيضًا إلى غلاف جوي غني بالهيدروجين. [1][3]
قد تبدو طريقة التصوير المباشر طريقة صعبة لاكتشاف الكواكب الخارجية، لكن لحسن الحظ، يستخدم الفلكيون تقنيات تكنولوجية تعزز من جودة أرصادهم مثل البصريات المكيفة (Adaptive optics)، التصوير بتقنية الفارق الزاوي، والتصوير باستخدام مرسام الإكليل (Coronagraph).
البصريات المتكيفة Adaptive optics
يمنعنا الغلاف الجوي للأرض من اكتشاف الكواكب الخارجية مباشرة بسبب تأثيرها على الصور الملتقطة بواسطة التلسكوبات الأرضية. يعكس الغلاف الجوي للأرض أجزاءً معينة من الإشعاع القادم من الفضاء مثل الأشعة فوق البنفسجية والإشعاع المرئي والأشعة تحت الحمراء. إضافة إلى ذلك يشع الغلاف الجوي إشعاعًا حراريًا يمكن أن يؤدي إلى عدم رؤية الأجرام السماوية الباهتة. أيضًا الغلاف الجوي يشتت الإشعاع القادم من الفضاء الخارجي كما هو ظاهر في تلألؤ النجوم الذي نلاحظه.. كل هذه التأثيرات السيئة يمكن التغلب عليها بواسطة التلسكوبات الفضائية. ومع ذلك، على مستوى سطح الأرض يمكن تقليل هذه التأثيرات من خلال تقنية البصريات المتكيفة التي قدمها هوراس بابكوك لأول مرة في عام 1953. [1][5]
البصريات المتكيفة المقدمة في الشكل 1 هي جهاز بصري يسمح للتلسكوبات الأرضية بالعمل بكفاءة قريبة من الكفاءة النظرية. يعيد النظام البصري التكيفي توجيه جزء صغير من الضوء المجمع بواسطة التلسكوب، ويتم قياس التشوهات الجوية إلى ما يقرب 1000 مرة في الثانية. ثم تتداخل مرآة صغيرة داخل التلسكوب مع مسار الضوء وتغير من شكله بحيث تكون التشوهات مكافئة لتلك التي يسببها الغلاف الجوي لشعاع الضوء. هذا يزيل معظم ضبابية الغلاف الجوي في الصورة النهائية. ولا تدعم هذه التكنولوجيا سوى أكبر التلسكوبات. وحتى الآن يعد تلسكوب جراين كانارياس هو التلسكوب الأرضي الوحيد المستخدم للبحث عن الكواكب الخارجية. [6]
التصوير باستخدام مرسام الإكليل Coronagraph
يتم حجب الضوء المنبعث من النجم المركزي بواسطة قناع متمركز في المستوى البؤري للتلسكوب. ويتم استخدام هذه التقنية فقط في التلسكوبات الفضائية. وقد استُخدمت هذه التقنية بالأصل لدراسة إكليل الشمس ولكن أثبتت فاعليتها في اكتشاف الكواكب الخارجية، إذ يمنع مرسام الإكليل من أن يطغى ضوء النجم على لمعان كوكبه. [1][8]
وقد كشف مرسام الإكليل المثبت على تلسكوب هابل عن الكوكب الخارجي فم الحوت ب – Fomalhaut b الذي يدور حول النجم فم الحوت – Fomalhaut، وهو واحد من ألمع عشرين نجم في السماء. وُجد الكوكب فم الحوت ب أكثر خفوتًا من نجمه المركزي بنحو 109 مرة ويبعد عن نجمه حوالي 100 وحدة فلكية. [4]
التصوير بتقنية الفارق الزاوي
التصوير بتقنية الفروق الزاويّة هو التقنية المثالية للجمع بين عدة تعريضات قصيرة لإظهار ما هو خافت وغير ظاهر. وباستخدام هذه التقنية تمكن الفلكيون من اكتشاف ثلاثة كواكب خارجية عملاقة تدور حول النجم HR8799 كما هو ظاهر في الصورة 3. ومن التصوير المباشر لهذا النظام الكوكبي وُجد أنَّ الكواكب تدور حول النجم في اتجاه عكس عقارب الساعة ولديهم كتل تتراوح من 5 إلى 13مرة من كتلة المشتري. [4]