وجد علماء الفلك عدة طرق غير مباشرة أسهل نسبيًا من طريقة التصوير المباشر تمكنهم من اكتشاف الكواكب الخارجية. حيث لاحظ العلماء أنهم يمكنهم اكتشاف الكواكب الخارجية من خلال ملاحظة تأثير هذه الكواكب على حركة نجومها الأم أو من خلال مراقبة عبورهم أمام نجمهم الأم. وعلى الرغم من أننا نعرف فقط القليل من المعلومات عن هذه الكواكب المكتشفة باستخدام الطرق غير المباشرة، إلا أن هذه الطرق أثبتت فعاليتها في اكتشاف العديد من الكواكب الخارجية. تتمثل الطرق غير المباشرة في طريقة العبور (بالإنجليزية: Transit method)، طريقة التعدس الجذبوي الميكروي (بالإنجليزية: Gravitational microlensing method)، طريقة مطياف دوبلر (بالإنجليزية: Doppler Spectroscopy method)، طريقة القياسات الفلكية (بالإنجليزية: Astrometry method)، وطريقة توقيت النبّاض (بالإنجليزية: Pulsar Timing method). وسنستعرض الآن كل طريقة بمزيد من التفصيل. [1] [2]
1. طريقة العبور
اكتُشِف أول كوكب خارجي بطريقة العبور في عام 1999 بعد تطوير أداة القَرْن الشحني (بالإنجليزية: Charge-Coupled Device (CCD)). ومنذ ذلك الحين، أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في اكتشاف الكواكب الخارجية، حيث تمثل نسبة الكواكب المكتشفة بطريقة العبور حوالي 23% من إجمالي الكواكب الخارجية المكتشفة حتى الآن. [3] [4] [5]
يحدث العبور عندما يمر جسم سماوي أمام نجمه المركزي ويحجب جزءًا من ضوءه. فمثلًا بالنسبة للراصد على كوكب الأرض تكون ظاهرة عبور القمر أمام الشمس أو ما تسمى بظاهرة الكسوف واضحة جدًا لأيّ شخص على سطح الأرض ولكن تكون ظاهرة عبور كوكب ما مثل: عطارد أو الزهرة أمام الشمس شيئًا بالكاد يمكن ملاحظته، ويرجع هذا الاختلاف في ملاحظة العبور إلى المسافة التي تفصل بين الراصد والجسم العابر. ونتيجة لذلك فإن هذه الظاهرة تكون واردة الحدوث أيضًا للكواكب الخارجية أثناء عبورها أمام نجومها المركزية. ومن خلال مراقبة التغيُّر في لمعان نجم ما باستخدام أقوى التلسكوبات وأجهزة الحاسوب يمكن الكشف عن وجود كوكب خارجي لهذا النجم كما هو ظاهر في الصورة (1) ولإثبات أن التغير في لمعان النجم هو بسبب عبور كوكب خارجي فإنه يتم مراقبة أربع أو ثلاث عمليات عبور متساوية. [6]
تنحاز طريقة العبور إلى اكتشاف الكواكب العملاقة الشبيهة بالمشتري نظرًا لأنها تحجب جزءًا أكبر من ضوء النجم أكثر من الكواكب الشبيهة بالأرض، مما يسهل من عملية ملاحظة التغير في لمعان النجم. ولكن مع تطور التقنيات وازدياد المهمات الفضائية، تم اكتشاف كواكب خارجية صغيرة عابرة في نفس حجم كوكب المريخ. [5], [7]
يمكننا الحصول على العديد من خصائص الكواكب الخارجية المُكتشفَة بطريقة العبور مثل: الفترة المدارية للكوكب وحجم الكوكب وحجم مدار الكوكب. ومع ذلك لا يمكننا تحديد كتلة الكوكب من خلال طريقة العبور ولكن نظرًا لأن كل كوكب يتم اكتشافه بطريقة العبور يتم رصده أيضًا باستخدام مطياف، فإنه يمكننا تحديد كتلة الكوكب بسهولة عن طريق قياس (Doppler Shifts) للنجم المركزي. [5]
تم إطلاق العديد من المهمات الفضائية لاكتشاف الكواكب الخارجية العابرة مثل: مهمة CoRoT الفضائية التي أطلقت عام 2007، وتلسكوب كيبلر الفضائي الذي تم إطلاقه عام 2012. اكتشفت مهمة كوروت 32 كوكبًا خارجيًا بينما اكتشف تلسكوب كيبلر الفضائي آلاف الكواكب الخارجية العابرة والعديد من الأنظمة الكوكبية. [7]
2. طريقة التعدس الجذبوي الميكروي
تعتمد طريقة التعدس الجذبوي الميكروي على تأثير نظام كوكبي خارجي على الضوء الواصل لنا من نجم أبعد يقع على نفس خط الرؤية. تم توقع هذه الطريقة من النظرية النسبية العامة لأينشتاين. يحدث تأثير التعدس الميكروي عندما يتم محاذاة نجمين على نفس خط الرؤية مع الأرض كما هو موضح في الشكل 2. ونلاحظ أن النجم المتداخل لا يحجب الضوء القادم من النجم الأبعد ولكن يقوم بثني هذا الضوء نتيجة لجاذبيته. وبالتالي يأخذ ضوء النجم الأبعد شكل حلقة كاملة تحيط بالنجم المتداخل وتسمى هذه الحلقة بحلقة أينشتاين. [2]
يستخدم تأثير التعدس الجذبوي الميكروي للكشف عن الأشياء الصغيرة مثل الكواكب الخارجية. وعند حدوث تأثير التعدس الميكروي بصفة عامة، يزداد سطوع النجمة الأبعد ولكن إذا كان للنجم المتداخل كواكب خارجية فسنلاحظ أن سطوع النجمة الأبعد يزداد بصورة أكبر كما هو ظاهر في الشكل 3. ولكن حتى يزداد سطوع النجم الأبعد نتيجة لوجود كوكب خارجي فيجب على الكوكب الخارجي أن يتواجد بالقرب من حلقة آينشتاين. [2][4]
يكون التغير في سطوع النجم الأبعد في حالة التعدس الميكروي ملحوظًا على عكس حالة العبور، حيث تتراوح الزيادة في السطوع ما بين 5 و50 مرة ضعف السطوع الأصلي وتستمر من 10 إلى 100 يوم. ولكن الزيادة الناتجة عن وجود كوكب خارجي تستمر فقط لعدة ساعات. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة التي تكتشف كواكب خارجية من خارج مجرتنا، فإنه حدث نادر الوجود حيث تكون احتمالية حدوثه في الحقول النجمية عالية الكثافة أقل من واحد على مئة مليون ولا يمكن تأكيد اكتشاف الكوكب الخارجي المُكتشَف بهذه الطريقة. ولكن هناك عدة مزايا أخرى لطريقة التعدس الجذبوي الميكروي وهي أنه يمكنا اكتشاف الكواكب الخارجية التي تدور حول أي نوع من النجوم ولا يشكل لمعان النجم المركزي عائقًا أمام عملية اكتشاف الكواكب الخارجية. وأيضًا تنحاز هذه الطريقة إلى اكتشاف الكواكب الخارجية التي تبعد عن نجومها المركزية حوالي من 0.6 إلى 1.6 وحدة فلكية. بالتالي تكون هذه الكواكب في المنطقة الصالحة للسكن فقط إذا كانت نجومهم المركزية في حجم الشمس أو أصغير قليلًا. [4] [8]
3. طريقة مطياف دوبلر
تبلغ نسبة الكواكب الخارجية المكتشفة بطريقة مطياف دوبلر والتي تسمى أيضًا بطريقة السرعة الشعاعية حوالي سبعين بالمائة من جميع الكواكب الخارجية المكتشفة حاليًا [5]. تعتمد هذه الطريقة بشكل أساسي على المركبة الشعاعية لسرعة النجم [2]. في حالة وجود كوكب خارجي حول النجم فإنه يسبب تمايلًا في حركة نجمه المركزي. وبالتالي يمكننا قياس هذا التمايل من خلال فحص الاختلافات في الطول الموجي للضوء المنبعث من النجم والاستدلال على وجود كوكب خارجي حول النجم [9].
يقوم علماء الفيزياء الفلكية بتحليل الضوء القادم من النجم بواسطة مطياف مثبت على تلسكوب. يُظهر المطياف خطوط الامتصاص في الطيف النجمي وتشير هذه الخطوط إلى تركيب الغلاف الجوي للنجم. ومن خلال مقارنة موقع خطوط الامتصاص في الطيف النجمي بطيف مختبريّ تنتجه مادة غازية يمكننا تحديد الاختلافات في مواقع خطوط الامتصاص الناتجة عن الحركة كما هو موضح في الشكل 4، وبالتالي يمكننا تحديد مركبة السرعة الشعاعية للنجم. ولكن تكون هذه الاختلافات في طيف النجم الناتجة عن حركة النجم بسبب وجود كواكب خارجية طفيفة للغاية، فلهذا يجب رصد النجوم الساطعة للغاية واستخدام التلسكوبات الكبيرة لجمع أكبر كمية من ضوء النجم. [4]
تنحاز طريقة السرعة الشعاعية إلى اكتشاف الكواكب الخارجية الشبيهة بالمشتري. حيث تتطلب عملية اكتشاف الكواكب الخارجية الشبيهة بالمشتري إلى قياس السرعات الشعاعية بدقة تصل إلى 1 متر في الثانية والتي تم تحقيقها بواسطة مطياف HARPS على عكس الكواكب الشبيهة بالأرض التي تتطلب قياسات دقيقة تصل إلى 0.1 متر في الثانية. [2][4]
يمكننا معرفة الفترة المدارية والشذوذ المداري للكوكب الخارجي فقط من طريقة السرعة الشعاعية. وإضافة لذلك يمكننا الحصول على كتلة الكوكب الخارجي بدقة إذا استخدمنا طرقًا أخرى مع طريقة السرعة الشعاعية، حيث توفر طريقة السرعة الشعاعية فقط القيمة الأدنى للكتلة التي يمكن أن يحصل عليها الكوكب. [2]
4. طريقة القياسات الفلكية
قبل اكتشاف أول كوكب خارجي، اعتقد الفلكيون أن طريقة القياسات الفلكية هي الطريقة التي ستنجح في اكتشاف أول كوكب خارجي، ولكن في الواقع نجحت هذه الطريقة في اكتشاف كوكب خارجي بعد اكتشاف أول كوكب خارجي بعشر سنوات. في عام 2002، نجح فريق العالم Fritz Benedict باكتشاف الكوكب Gliese 876 b الذي يدور حول النجم Gliese 876 بطريقة القياسات الفلكية وبمساعدة تلسكوب هابل الفضائي. لا تستخدم هذه الطريقة فقط في اكتشاف الكواكب الخارجية ولكن اكتشفت أيضًا أن لنجم الشعرى اليمانية رفيق لا يرى بسبب خفوت لمعانه بالنسبة إلى شدة لمعان نجم الشعرى اليمانية. [5] [2]
تتحرك النجوم بثبات ما لم يكن لديها رفيق أو نظام كوكبي خارجي أو ما لم يؤثر عليها نجم آخر. في الأنظمة متعددة النجوم تدور النجوم حول مركز ثقل مشترك يتحرك بثبات عبر الفضاء على عكس النجوم التي تتحرك في مسارات معقدة. لذلك فمن خلال المراقبة المستمرة للنجوم واستخدام علم القياسات الفلكية الذي يُعنى بتحديد مواقع الأجسام السماوية وقياس التغير في مواقعها يمكننا ملاحظة مساراتها المعقدة في السماء. من هذا المسار المعقد، يمكننا افتراض وجود كواكب خارجية غير مرئية من خلال تحليل المركبات المدارية لحركة النجم. [2]
من خلال طريقة القياسات الفلكية، نحن قادرون على الحصول على كتلة الكوكب الخارجي، وحجم المدار، والفترة المدارية، والشذوذ المداري للكوكب الخارجي. [2] [5]
5. طريقة توقيت النبّاض
عندما اكتشف العلماء أول كوكب خارجي في عام 1992، وجدوا أنه يدور حول نبّاض [1]. بشكل عام نتلقى موجات راديوية على هيئة نبضات عندما يكمل النبّاض دورة كاملة حول نفسه. تتراوح دورة النبّاض حول نفسه ما بين 0.1 ثانية و 3 ثوانٍ ويكون الزمن الفاصل بين أيّ نبضتين متتاليتين لنبّاض ثابتًا ويمكننا رصده بدقة شديدة [4].
ولكن في حالة كان للنبّاض نظام كوكبي تصبح النبضات غير متزامنة للحظات. ومن خلال مقارنة التوقيت المتزامن للنبضات والتوقيت المضطرب، يمكن لعماء الفلك الحصول على الكتلة والفترة المدارية للكوكب الخارجي [6].
لا يهتم علماء الفلك بالبحث عن إمكانية وجود حياة على الكواكب الخارجية التي تدور حول النجوم النابضة، لأن النجوم النابضة ما هي إلا بقايا نجوم تنتج من انفجار مستعر أعظم. لذلك حتى لو توافرت حياة من أي نوع على الكوكب الخارجي قبل انفجار المستعر الأعظم فلابد لها من أن تندثر. [4]
وفي النهاية، جميع الطرق التي ذكرناها في جزئيِّ المقالة ليست هي الطرق الوحيدة المستخدمة للكشف عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية، بل توجد طرق أخرى ولكنها ليست بكفاءة الطرق التي ذكرناها سابقًا. من الأمثلة على هذه الطرق: قياس الاستقطاب (بالإنجليزية: Polarimetry)، الأقراص النجمية المحيطة (بالإنجليزية: Circumstellar disks) ، الأغلفة الجوية للأقزام البيضاء (بالإنجليزية: White dwarf’s atmosphere) ، وأخيرًا طريقة الراديو. [5]