حركة (حزب الشاي-The Tea Party) أو (حزب الشّاي الأمريكيّ) هي حركة سياسيّة أمريكيّة محافظة داخل الحزب الجمهوريّ. يدعو أعضاء هذه الحركة إلى خفض الضّرائب، وخفض الدّين الوطنيّ للولايات المتّحدة وعجز الميزانيّة الفيدراليّة من خلال خفض الإنفاق الحكوميّ، وتُعارِض الحركة الرعاية الصحيّة الشاملة التي ترعاها الحكومة، وتدعم مبادئ الحكومة الصّغيرة، وهي مجموعة من المبادئ تدعو للحدّ من التّدخل الحكوميّ في مجالات السياسة العامّة أو القطاع الخاص، لا سيَّما الأمور التي تُعتبر خاصّة أو شخصيّة.[1]
ومنذ عام 2009، رَعَت الحركة عدّة احتجاجات ودعمت العديد من المُرشحين السّياسيّين، ووفقًا لـ(معهد أمريكان إنتربرايز-American Enterprise Institute)، فقد قدَّرت استطلاعات الرأي المختلفة، في عام 2013، أن ما يزيد عن 10% من الأمريكيّين هم جزءٌ من الحركة.[2]
جذور حركة حزب الشّاي
أُطلِقت حركةُ حزب الشّاي، بعد دعوة مراسل (سي إن بي سي-CNBC) (ريك سانتيلي-Rick Santelli) في 19 فبراير 2009 على أرضيَّة (بورصة شيكاغو التجاريَّة-Chicago Mercantile Exchange) لحضور (حفلة شّاي)، وقد وافق العديد من النّشطاء المحافظين من خلال مكالمة جماعيَّة على التّحالف ضدّ سياسات الرئيس باراك أوباما، وقرروا تنفيذ سلسلة من الاحتجاجات.[3] وكان لمؤيدي الحركة فيما بعد تأثيرًا كبيرًا على السياسة الداخليّة للحزب الجمهوريّ.
وعلى الرغم من أن حزب الشّاي ليس حزبًا بالمعنى الحرفيّ للكلمة، إلا أن بعض الأبحاث تشير إلى أن أعضاء (تكتل حزب الشّاي-Tea Party Caucus) يصوِّتون مثل حزب ثالث يمينيّ آخر في الكونجرس. [4] وتعدُّ مجموعة (أمريكيّون من أجل الرخاء-Americans for Prosperity)، وهي جماعة ضغط محافظة أسَّسها (ديفيد كوخ وتشارلز كوخ-David Koch and Charles Koch) أكثر الدّاعمين لحزب الشّاي في بداية ظهوره، ومن غير الواضح بالضّبط مقدار الأموال التي تبرع بها ديفيد وشقيقه لهذه الحركة. [5]
ويرتبط اسم الحركة بـ(حزب الشّاي في بوسطن-Boston Tea Party)، والذي كان بمثابة احتجاج أمريكيّ سياسيّ وتجاريّ قام به أبناء الحريّة، وهم مجموعة من ملّاك الأراضي الأمريكيِّين في المستعمرات الثّلاثة عشرة في بوسطن وتحديدًا ماساتشوستس، وكان يوم 16 ديسمبر 1773 يوم وحدث فاصل في إطلاق الثورة الأمريكيّة، حينما هدفت مجموعة من الاحتجاجات ضدّ قانون الشّاي الصّادر في 10 مايو 1773، والذي سمح لشركة الهند الشّرقيَّة البريطانيَّة ببيع الشّاي من الصّين في المستعمرات الأمريكيّّة دون دفع الضّرائب. [6]
أجندة حزب الشّاي
تهدف حركة حزب الشّاي إلى تقليص حجم ونطاق التّدخل الحكوميّ، وتروِّج لفكرة الاقتصاد الوطنيّ الذي يعمل دون إشراف حكوميّ. وتستهدف أيضًا تقليص خفض الإنفاق الحكوميّ، وخفض الدّين الوطنيّ ومعارضة الزّيادات الضّريبيّة. [7] وتحقيقًا لهذه الغاية، احتجَّت مجموعات حزب الشّاي على (برنامج إغاثة الأصول المتعثّرة-Troubled Asset Relief Program)، وهو برنامج أقرَّته الحكومة الأميركيَّة عام 2008 لمعالجة أزمة الرّهن العقاريّ واقتضى ذلك شراء أصول متعثرة بقيمة 700 مليار دولار من القطاع الماليّ بُغية توفير سيولة كافية في أسواق المال.
وقد احتجَّت أيضًا على برامج التّحفيز الاقتصاديّ مثل قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار الأمريكيّ لعام 2009، (ARRA)، والذي استهدف توفير الوظائف في أسرع وقت ممكن وتوفير برامج إغاثة مؤقتة للمتضرِّرين من الركود والاستثمار في البنية التّحتيَّة، والتّعليم، والصّحّة، والطّاقة المتجدِّدة. وبرامج الرّعاية الصّحّيّة مثل قانون الرّعاية الصّحّيّة الأمريكيّ (PPACA)، والمعروف أيضًا باسم (Obamacare)، والذي استهدف توفير تأمين صّحّيٍّ شامل لكلِّ أمريكيّ بتكاليف منخفضة. [8]
كما أَعربت مجموعات حزب الشّاي عن دعمها لتشديد الأمن على الحدود، ومعارضتها للعفو عن المهاجرين غير الشّرعيِّين. وفيما يتعلق بقانون الرّعاية الصّحّيّة الأمريكيّ، بدأوا العمل على مستوى الولايات لإلغاء القانون، بعد أن خسر الحزب الجمهوريّ مقاعد في الكونجرس والرئاسة في انتخابات 2012. [9]
وليس لحزب الشاي أجندةٌ موحدَّة، فالطّابع اللامركزيّ للحركة مع افتقارها للهيكل الرسميّ أو التسلسل الهرميّ يسمح لكلّ مجموعة مستقلّة بتحديد أولوياتها وأهدافها. وقد تتعارض الأهداف، وغالبًا ما تختلف الأولويات بين المجموعات. ويرى قادة الحركة أن هذا يمثل نقطة قوة وليس ضعفًا، حيث ساعدت اللامركزيّة في تحصين الحركة ضدّ الاستحواذ من قبل الكيانات الخارجيَّة والفساد من الداخل. [10]
وقد سعت الحركة إلى تجنُّب التّركيز على القضايا الاجتماعيّة التقليديَّة المحافظة. وأعربت العديد من حركات حزب الشّاي، مثل (باتريوتس حزب الشاي-Tea Party Patriots) و(فريدوم ووركس-FreedomWorks)، عن مخاوفها من أن انخراطها في القضايا الاجتماعيَّة قد يؤدِّي إلى الانقسام. وقد سعوا إلى جعل نُشطائهم يركّزون جهودهم بعيدًا عن القضايا الاجتماعيّة والتّركيز على القضايا الاقتصاديّة والقضايا التي تستهدف الحدَّ من التّدخل الحكوميّ. [11]
ومع ذلك، فإن العديد من المجموعات مثل (مشروع 12-9 لجلين بيك -Glenn Beck’s 9-12) و(حزب الشاي.أورج- TeaParty.org) و(حزب الشّاي في أيوا-Iowa Tea Party) و(منظمات ديلاوير باتريوت-Delaware Patriot Organisations) تعمل على قضايا اجتماعيَّة مثل الاجهاض والرّقابة على الأسلحة والصلاة في المدارس والهجرة غير الشرعيَّة.
وقد أسفرت إحدى المحاولات لتشكيل قائمة بما أرادت الحركة من الكونجرس أن يفعله، إلى كتابة (عقد من أمريكا-Contract from America)، وهو جدول أعمال تشريعيّ كتبه النّاشط المحافظ (ريان هيكر-Ryan Hecker) بمساعدة (ديك أرمي-Dick Armey) من فريدوم ووركس. وقد شارك أرمي مع (نيوت جينجريتش-Newt Gingrich) في كتابة «عقد مع أمريكا»، الذي أصدره الحزب الجمهوريُّ خلال انتخابات التّجديد النّصفي لعام 1994.
وفي سبيل الوصول إلى 10 نقاط محددة لـ«عقد مع أمريكا»، تم تقليص 1000 فكرة لجدول أعمال الحركة إلى 21 قضيّة غير اجتماعيّة. ثم صوّت المشاركون في حملة عبر الإنترنت وفي النّهاية، أُصدرت النتائج في 10 نقاط. وقد قوبل «عقد مع أمريكا» ببعض الدّعم داخل الحزب الجمهوريّ، لكن لم يتم قبوله على نطاق واسع من قبل قيادة الحزب الجمهوريّ، والتي أصدرت بدورها (تعهدًا لأمريكا-Pledge to America)، وهو قائمة البنود التّشريعيَّة المقترحة التي وعد الحزب الجمهوريّ بمتابعتها في الكونجرس إذا حصل الجمهوريّون على أغلبيّة المقاعد في مجلس النوّاب الأمريكيّ في انتخابات نوفمبر 2010. [12]
السّياسة الخارجيّة لحزب الشّاي
يحلِّل المؤرّخ والكاتب (والتر راسل ميد-Walter Russell Mead) آراء السياسة الخارجيّة لحركة حزب الشّاي، في مقال نُشر عام 2011 في مجلة (فورين أفيرز أو العلاقات الخارجية -Foreign Affairs)، ويقول إن الشّعبويّين الجاكسونيّين، مثل حزب الشّاي، يجمعون بين الإيمان بـ (الاستثنائيّة الأمريكيّة-American exceptionalism) ودور الولايات المتَّحدة في العالم والتّشكيك في قدرة الأمريكيّين على خلق نظام عالميّ ليبراليّ. ويفضّلون عند ضرورة الحرب تحقيق مفهوم (الحرب الشّاملة-Total War) والاستسلام غير المشروط عن (الحروب المحدودة لأهداف محدودة-limited wars for limited goals).
ويحدّد ميد اتجاهين رئيسيين، أحدهما جسّده عضو الكونجرس السابق من تكساس (رون بول-Ron Paul) والآخر جسّدته حاكمة ألاسكا السّابقة (سارة بالين-Sarah Palin). إذ يتّبع بوليتيس (الداعمون لبول-Paulites) نهج جيفرسون الذي يسعى إلى تجنُّب التّدخل العسكريّ الأجنبيّ. بينما يسعى البالينيُّون (الداعمون لبالين-Palinites) إلى تجنُّب الانجرار إلى صراعات غير ضروريَّة، ويفضلون ردًا أكثر عدوانيَّة للحفاظ على تفوُّق أمريكا في العلاقات الدّوليّة. ويقول ميد إن كلتا المجموعتين تشتركان في كراهية (الليبراليّة الدوليّة-liberal internationalism)، والتي تعني أن الدّول الليبراليّة يجب أن تتدخل في الدّول الأخرى ذات السّيادة من أجل تحقيق أهداف ليبراليّة. [13]
ومن الدلائل على هذه السياسة الخارجيّة للحركة، نجد أن بعض الجمهوريِّين المنتسبين إلى الحركة، مثل (ميشيل باخمان-Michele Bachmann)، و(جيف دنكان-Jeff Duncan)، و(كونى ماك ايڤ-Connie Mack IV)، و(جيف فليك-Jeff Flake)، و(تيم سكوت-Tim Scott)، و(جو والش-Joe Walsh)، و(ألين ويست-Allen West)، و(جيسون شافيتز-Jason Chaffetz)، قد صوَّتوا لصالح قرار عضو الكونجرس (دينيس كوسينيتش-Dennis Kucinich) بسحب أفراد الجيش الأمريكيِّ من ليبيا. [14]
وفي مجلس الشيوخ، صوَّت ثلاثةٌ من حزب الشّاي المُدَعَّم من الجمهوريّين، (جيم ديمينت-Jim DeMint) و(مايك لي-Mike Lee) و(مايكل كرابو-Michael Crapo) على تقييد المساعدات الخارجيَّة لليبيا وباكستان ومصر، [15] وقد أبدى المنتسبون إلى الحركة في مجلسي النواب والشّيوخ استعدادهم لقطع المساعدات الخارجيَّة، وعارضت معظم الشّخصيات البارزة داخل حزب الشّاي داخل وخارج الكونجرس التّدخل العسكريّ في سوريا. [16]
دور حزب الشّاي في الانتخابات الأمريكيّة
في انتخابات التّجديد النّصفي لعام 2010، حدّدت صحيفة (نيويورك تايمز-The New York Times) أكثر من 135 مُرَشَّحًا للكونجرس يتلقون دعمًا كبيرًا من حزب الشّاي، وأفادت بتنافسهم جميعًا تحت منصة الحزب الجمهوريّ. ووفقًا لمدونة NBC، فإن نسبة المُرَشَحِيْن المدعومين من قبل حزب الشّاي، أو الذين عرّفوا أنفسهم على أنهم أعضاء في حزب الشّاي، الذين نجحوا في انتخابات مجلس الشّيوخ هم (50%) بينما كانت نسبتهم (31%) في انتخابات مجلس النّواب.
بالإضافة إلى ذلك، قَدَّر بحث أجراه الاقتصاديّون (أندرياس ماديستام-Andreas Madestam) من جامعة ستوكهولم، و(دانييل شواج-Daniel Shoag) و(ديفيد ياناجيزاوا-David Yanagizawa) من جامعة هارفارد، و(ستان فيوجر-Stan Veuger) من معهد أمريكان إنتربرايز، أن احتجاجات حركة حزب الشّاي (ثورة حزب الشّاي) أدَّت لإضافة من (2.7 – 5.5) مليون صوتٍ على الصّعيد الوطنيّ للحزب الجمهوريّ في انتخابات الكونجرس 2010. [17]
وفي انتخابات عام 2012، فاز أربعة من مُرشَّحِي حزب الشّاي البالغ عددهم 16 بمقعد في مجلس الشّيوخ، وأُعيد انتخاب ميشيل باخمان، مؤسِّس مجتمع حزب الشّاي، في مجلس النّوّاب. وعلّقت وسائل الإعلام، مثل (أيه بي سي-ABC) و (بلومبيرج-Bloomberg)، على أن مُرَشَحِيْ حزب الشّاي قد حقّقوا نجاحًا أقل في عام 2012 مقارنةً بعام 2010. [18]
وتميّزت الانتخابات التّمهيديّة الرئاسيّة للحزب الجمهوريّ لعام 2016 بوجود ثلاثة أعضاء من حزب الشّاي في الانتخابات وهم (تيد كروز-Ted Cruz)، و(راند بول-Rand Paul)، و(ماركو روبيو-Marco Rubio). وقد أشاد الفائز النّهائيّ في الانتخابات التّمهيديّة للجمهوريّين، دونالد ترامب، بحركة حزب الشّّاي الأمريكيّة طوال حملته الانتخابيّة لعام 2016. إذ قال في أغسطس 2015، في اجتماع لحزب الشّاي في (ناشفيل-Nashville): «إن الأشخاص في حزب الشّاي أناس رائعون. هؤلاء هم الأشخاص الذين يعملون بجدّ ويحبّون البلاد ويتعرضون للهجوم طوال الوقت من قبل وسائل الإعلام». [19]
وفي يناير 2016 وفي استطلاع أجرَته CNN في بداية الانتخابات التّمهيديّة للحزب الجمهوريّ لعام 2016، حصل ترامب على نسبة (37%)، وتيد كروز على (34%) من المُنتسبين إلى حزب الشّاي. [20]
وفي انتخابات 2020، في أعقاب ظهور مؤشّرات على فوز المُرَشَّح الدّيمقراطيّ بايدن، نظّم نشطاء ينتمون إلى حركة حزب الشّاي تظاهرات تزعم حدوث تزوير خارج مواقع فرز الأصوات في المدن التي تميل إلى كفّة الحزب الدّيمقراطيّ. وجاءت تلك التّظاهرات بعد مزاعم من الرّئيس الأمريكيّ السّابق دونالد ترامب أن الدّيمقراطيين يحاولون سرقة الانتخابات، مما شجّع المتظاهرين المنتمين لحزب الشّاي على الاحتجاج في المواقع التي يتم فيها فرز الأصوات، وأثار مخاوف من عملية ترهيب لموظّفي الاقتراع. [21]
2 Responses