تاريخ الفيروس ومصدره
شُخِصت أول إصابة بالفيروس عام (2)1959، وحدد العلماء الشمبانزي في وسط أفريقيا كمصدر للإصابة ب(فيروس نقص المناعة البشريّة- Human immunodeficiency virus)، حيث يُعتقَد أن نسخة الفيروس التي تصيب الشمبانزي والتي تسمى ب(فيروس نقص المناعة القرديّة- Simian immunodeficiency virus or SIV) قد انتقلت إلى البشر وتطورت إلى فيروس نقص المناعة البشرية، وانتقلت عندما اصطاد البشر هذا النوع من الشمبانزي ليتغذى على لحمه عن طريق الاتصال بدمه المصاب، تشير الدراسات إلى أن فيروس نقص المناعة البشريّة قد انتقل وتطور من القردة إلى البشر في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وانتشر الفيروس ببطء عبر أفريقيا إلى أجزاء أخرى من العالم على مدى عقود، ليظهر الفيروس لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف سبعينيات القرن الماضي(1).
فيروس نقص المناعة البشرية
يعمل الجهاز المناعي في جسم الإنسان على مقاومة العدوي، ولكن عند الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، فأن الفيروس يعمل على تدمير الجهاز المناعي للجسم، حيث يعمل الفيروس على إصابة وقتل (خلايا كتلة التمايز 4 – cluster of differentiation 4 or CD4)، وهي نوع من أنواع خلايا الجهاز المناعي والتي تسمى ب(الخلايا التائية – T cells)، وبمرور الوقت يقتل الفيروس المزيد من الخلايا التائية؛ ليصبح الجسم أكثر عرضة للأنواع المختلفة من العدوى والسرطانات، يدوم الفيروس مدى الحياة، ولا يوجد علاج حاليًا للفيروس، على الرغم من جهود العلماء على إيجاد علاج، ومع ذلك، من خلال الرعاية الطبية التي تتضمن (العلاج بمضادات الفيروسات- Antiretroviral therapy)، من الممكن السيطرة على الفيروس والعيش معه لسنوات عديدة.
تشير التقارير إلى أن 1.1 مليون أمريكي مصابون حاليًا بالفيروس، من بين كل خمسة اشخاص منهم يوجد شخص لا يعرف أنه مصاب بالفيروس(2).
مراحل المرض
عندما يصاب شخص بفيروس نقص المناعة البشرية ولا يتلقى العلاج، فأنه يمر بثلات مراحل من المرض، ويُعرَف العلاج المستخدم في علاج الفيروس باسم (العلاج المضاد للفيروسات- Antiretroviral therapy or ART)، والذي يساعد المرضى في جميع مراحل المرض، حيث يمكن أن يبطئ التقدم أو يمنع التقدم من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل المرض، وعندما يصبح الحمل الفيروسي في الجسم غير قابل للاكتشاف في الشخص المصاب؛ يزول خطر انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي(1).
المرحلة الأولى: (العدوى الحادة- Acute HIV infection)
في غضون 2-4 أسابيع بعد الإصابة بالفيروس، قد يعاني الشخص من مرض يشبه الإنفلونزا، والذي قد يستمر لبضعة أسابيع، كاستجابة الجسم الطبيعية للعدوى، في مرحلة العدوى الحادة، يحمل المصاب كمية كبيرة من الفيروس في دمه، ولكن قد لا يشعر الشخص بالعدوى؛ لعدم إحساسه بأي أعراض فور العدوى أو على الاطلاق، ولتشخيص الإصابة بعدوى حادة، فمن الضروري إجراء اختبارات معينة تتضمن (اختبار لوجود الأجسام المضادة للفيروس- Antibody test) أو (اختبار الحمض النووي.(1)
المرحلة الثانية: (الكمون السريري أو خمول الفيروس- Clinical latency)
تسمى هذه الفترة بالعدوى عديمة الأعراض أو العدوى المزمنة، ولا يزال الفيروس نشطًا في هذه المرحلة، ولكنه يتكاثر بمستويات منخفضة جدًا، وقد لا يعاني المصاب من أي أعراض أو أي مرض خلال هذه الفترة، تستمر هذه المرحلة لعقد أو أكثر بالنسبة للأشخاص الذين لا يتناولون أدوية لعلاج الفيروس، ولكن قد يتقدم المرض بشكل أسرع في بعض الأشخاص، أما بالنسبة للأشخاص الذين يتلقون علاجًا للفيروس -ART- على النحو الموصوف؛ فأن هذه المرحلة قد تستمر لعدة عقود، ولا يزال الفيروس في هذه المرحلة قادرًا على الانتقال من شخص لآخر، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يتلقون علاجًا للفيروس -ART- وينخفض لديهم الحمل الفيروسي لدرجة غير قابلة للاكتشاف؛ فأن خطر انتقال الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي يزول، في نهاية المرحلة، يبدأ الحمل الفيروسي في الارتفاع، ويبدا عدد خلايا CD4 في الانخفاض، وعند حدوث هذا تبدأ الأعراض في الظهور كنتيجة لارتفاع الحمل الفيروسي في الجسم، وينتقل المرض إلى المرحلة الثالثة(1).
المرحلة الثالثة: (متلازمة نقص المناعة المكتسبة- (Acquired immunodeficiency syndrome (AIDS)
أشد مراحل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، يعاني الأشخاص المصابون بالإيدز من تلف شديد في جهاز المناعة لدرجة أنهم يصابون بعدد متزايد من الأمراض الشديدة، تسمى ب(الأمراض الانتهازية- Opportunistic illnesses).
يعيش المصاب بالإيدز عادةً حوالي 3 سنوات في حالة عدم تلقي علاج، وتشمل الأعراض الشائعة للإيدز: القشعريرة والحمى والتعرق وتضخم الغدد الليمفاوية والضعف وفقدان الوزن، ويُشخص الإصابة بالإيدز عندما ينخفض عدد خلايا CD4 إلى أقل من 200 خلية/ملليمتر مكعب -عدد الخلايا في الشخص السليم 500-1500 خلية/ملليمتر مكعب(2) -،أو في حالة الإصابة ببعض الأمراض الانتهازية مثل (الالتهاب الرئوي– Pneumonia) حتى لو لم ينخفض عدد خلايا CD4 عن 200خلية/ملليمتر مكعب (1).
طريقة العدوى
ينتقل الفيروس عبر بعض سوائل الجسم التي تتضمن: الدم والسائل المنوي وحليب الثدي وسوائل المهبل والمستقيم، كما يمكن أن ينتقل الفيروس من الأم إلى طفلها أثناء فترة الحمل والولادة، بينما لا ينتقل الفيروس عن طريق الهواء أو الماء أو من خلال الاتصال اليومي العادي مثل التقبيل أو المعانقة أو المصافحة أو مشاركة الأشياء الشخصيّة (3).
تشخيص الإصابة بالمرض
يمكن استخدام عدة اختبارات مختلفة لتشخيص الإصابة بالفيروس، ويحدد مقدمو الرعاية الصحية الاختبار الأفضل لكل شخص، ومن تلك الاختبارات:
(اختبارات الأجسام المضادة والمستضدات- Antibody and antigen tests)
هي الاختبارات الأكثر استخدامًا، وتظهر نتائج إيجابية عادةً خلال 18-45 يومًا بعد إصابة شخص ما بالفيروس، تقوم هذه الاختبارات بفحص الدم بحثًا عن الأجسام المضادة والمستضدات، حيث أن الجسم المضاد هو نوع من البروتين يصنعه الجسم لمحاربة العدوى، بينما المستضد، هو جزء من الفيروس الذي ينشط الجهاز المناعي.
(اختبارات الأجسام المضادة- Antibody tests)
تقوم هذه الاختبارات بفحص الدم بحثًا عن الأجسام المضادة فقط، وتُنتَج الأجسام المضادة للفيروس بكمية يمكن اكتشافها بعد 23 إلى 90 يومًا من العدوى، ويمكن العثور على الأجسام المضادة في الدم أو اللعاب، تُجرى هذه الاختبارات باستخدام عينات من الدم أو مسحات من الفم، وليس هناك استعداد ضروري للاختبار، وتظهر الاختبارات نتائج في غضون 30 دقيقة أو أقل.
يمكن إجراء بعض اختبارات الأجسام المضادة في المنزل مثل:
- اختبار (OraQuick HIV Test): تستخدم مسحة فموية، وتظهر النتائج في أقل من 20 دقيقة.
- اختبار (Home Access HIV-1 Test System): بعد وخز الشخص في أصبعه، ترسل عينة الدم إلى مختبر مرخص، وتظهر النتائج في اليوم التالي.
إذا اشتبه أحدهم في تعرضه للإصابة بالفيروس ولكن نتائج اختباراته كانت سلبية في اختبار منزلي، فيجب عليه إعادة الاختبار في غضون ثلاثة أشهر (2).
(اختبار الحمض النووي – Nucleic acid test)
لا يُستخدَم هذا الاختبار الغالي الثمن للفحص العام، فيُستخدَم للأشخاص الذين لديهم أعراض مبكرة للعدوى بالفيروس. لا يبحث هذا الاختبار عن الأجسام المضادة؛ ويبحث عن الفيروس نفسه، يستغرق اكتشاف الفيروس من 5 إلى 21 يومًا في الدم، وعادة ما يكون هذا الاختبار مصحوبًا باختبار الأجسام المضادة (2).
سلوكيات تزيد من خطر الإصابة
تشمل السلوكيات والظروف التي تعرض الأفراد لخطر أكبر للإصابة بفيروس نقص المناعة البشريّة ما يلي: ممارسة الجنس بدون وقاية، مشاركة الإبر والحقن وغيرها من معدات الحقن، عمليات نقل الدم وزراعة الأنسجة والإجراءات الطبيّة الغير معقمة والتي تنطوي على قطع أو ثقب (3).
الوقاية من فيروس نقص المناعة البشريّة
لا يوجد حاليًا لقاح متاح لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية، ومع ذلك، فإن اتخاذ خطوات معينة يمكن أن يساعد في منع انتشار الفيروس، ومن تلك الخطوات:
ممارسة الجنس الآمن
الطريقة الأكثر شيوعًا لانتشار فيروس نقص المناعة البشرية هي من خلال ممارسة الجنس بدون الواقي الذكري، لا يمكن القضاء على خطر العدوى أثناء الجنس تمامًا، ما لم يتم تجنب ممارسة الجنس تمامًا، ولكن يمكن تقليل الخطر بشكل كبير من خلال اتخاذ بعض الاحتياطات والتي تتضمن:
- اختبار الإصابة بالفيروس.
- الخضوع للكشف عن أي (عدوى أخرى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي- Sexually transmitted infections)، إذا كانت نتائج الاختبار إيجابيّة، فيجب معالجة العدوى، لأن الإصابة بالعدوى التي تنتقل جنسيًا تزيد من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشريّة.
- استخدام الواقي الذكري.
طرق الوقاية الأخرى
تتضمن الخطوات الأخرى للمساعدة في منع انتشار فيروس نقص المناعة البشرية ما يلي:
- تجنب مشاركة الإبر أو أدوات العلاج الأخرى؛ حيث ينتقل الفيروس عن طريق الدم ويمكن أن ينتقل باستخدام مواد ملوثة.
- الحصول على (الوقاية بعد التعرض- (Post-exposure prophylaxis (PEP)، في حالة التعرض للفيروس وقبل مرور من 36 إلى 72 ساعة على التعرض للفيروس، ويتكون PEP من ثلاث أدوية مضادة للفيروسات، ويستمر لمدة 28 يوم، ويقلل خطر الإصابة بالفيروس.
- الحصول على (الوقاية قبل التعرض– (Pre-exposure prophylaxis (PRE)، في حالة إذا كان الشخص في خطر عالي للإصابة بالفيروس، ويقلل من خطر الإصابة بالفيروس في حالة تناوله باستمرار، ويتكون من دواءين متحدين في شكل حبوب(2).
المصادر:
- About HIV/AIDS | HIV Basics | HIV/AIDS | CDC [Internet]. [cited 2020 Mar 27]. Available from: https://www.cdc.gov/hiv/basics/whatishiv.html
- HIV and AIDS: Causes, Symptoms, Treatments, and More [Internet]. [cited 2020 Mar 27]. Available from: https://www.healthline.com/health/hiv-aids
- HIV/AIDS [Internet]. [cited 2020 Mar 27]. Available from: https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/hiv-aids