استطاعت الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي (بالإنجليزيَّة: Agatha Christie) أن تُبْقي القراء مستيقظين لساعات النهار الأولى بقصصها التي تخطت أكثر من ملياريّ نسخة مطبوعة. ومن حينٍ لآخر ينافس الغموض المحيط بحياتها الشخصيّة أفضل أعمالها الروائية. ويتضمن ذلك اختفائها في عام 1926م.
فلنلقِ نظرة على بعضٍ من المعلومات المؤكدة عن فترات من حياة كاتبة قصص الجريمة الشهيرة.
لم تُرِد أمها لها أن تتعلم القراءة
قبل أن تصبح أجاثا كريستي الكاتبة الأكثر مبيعًا، كان يتهددها خطر أن تكون أُمّيّة. فقيل أن والدتها كانت ضد تعلّم ابنتها القراءة حتى وصلت لسن الثامنة ثم عَلّمت أجاثا كريستي نفسها، وأصرت الأم على تعليمها بالمنزل ورفضت أن تنضم لأي تعليم نظامي حتى بلغت خمسة عشر عامًا حيثُ أرسلتها عائلتها إلى (باريس) لكي تتمّ دراستها.
روايتها الأولى كُتِبَت بسبب تحدّي
بعد مراهقة قضتها في قراءة الكتب وكتابة القصص، تحدّت مادجي (بالإنجليزيَّة: Madge) أختها كريستي لتدخل في مشروع كتابة لرواية طويلة. وقبلت أجاثا كريستي التحدّي وخطت روايتها: «قضية ستايلرز الغامضة»، وهي رواية غامضة تتحدث عن جندي يتورّط أثناء إجازته المرضيّة في قضية تسمَّم بمنزل صديقه. وتظهر الرواية شخصيّة هيركول بوارو (بالإنجليزيَّة: Hercule Poirot). ورفض الرواية ستة ناشرين قبل أن تطبع في عام 1920م.
شخصية هيركول بوارو مبنية على شخص حقيقي
يُعد المحقق بوارو الأنيق ذي الشارب والذي يتعامل في حله للجرائم بمبدأ الرجل النبيل هو أشهر شخصيات الكاتبة كريستي. وقالت أجاثا كريستي في مذكراتها أنها واجهت معضلة في اختيار شخصيتها الرئيسية لقصص التحقيق ثم وقع اختيارها على شخصية بوارو لإنها تذكرت اللاجئين البلجيكيين والذين كان لديهم مستعمرة في غرب البلاد. ويرجح الباحث مايكل كلاب (بالإنجليزيَّة: Michael Clapp) أن كريستي استوحت شخصيته من ضابط بلجيكي لاجئ كان يعيش في غرب بريطانيا، وكان ممن نزحوا أثناء الحرب العالمية الأولى. وكانت البداية لنظيره الخيالي في رواية «قضية ستايلرز الغامضة» حيث شهدت ظهوره الأول، وفاق عدد مرات ظهور الشخصية 40 مرة.
اختفت ذات مرة لمدة ١١ يوم
في عام 1926-وحينما كانت تحظى كريستي بقاعدة كبيرة من المعجبين المخلصين- غادرت منزلها في لندن بدون أي أثر. كان من الممكن أن تكون تلك بداية لواحدة من قصصها الفضائحية، خاصة وأن زوجها (آرتشي- Archie) افتضح أمر وقوعه في غرام مع امرأة أخرى ورغبته في الطلاق. وأُجري بحث من قبل قوات الشرطة رغم كونه غير ضروري؛ حيث كان الأمر ببساطة أن كريستي غادرت لخارج المدينة كي تستجم في منتجع معدني ربما لكي تفرغ عقلها من صخب الحياة اليومية. ولم تذكر الكاتبة أي شيء عن الحادثة بعد ذلك في سيرتها الذاتية. وأدعى بعض الناس أن الأمر كان مخاطرة دعائية، فيما صدق آخرون قول العائلة بإنها تعرضت لنوع من فقدان الذاكرة.
لم تكن من محبي العنف
بينما كانت الجريمة ضروريّة لخلق لغز جرائمي، كانت طريقة أجاثا كريستي المفضلة في قتل شخصياتها هو استخدام السم. وأكسبها عملها في مستوصف خلال فترة الحرب خبرة واسعة في المواد الصيدلانيّة. ونادرًا ما جعلت أبطال روايتها يحملون الأسلحة. فأشهر محققيها السيدة ماربل (بالإنجليزيَّة: Miss Marple) وهيركول بوارو كانا من محبي السلام.
كان لديها اسمًا مستعارًا
لم تكن كل أعمال كريستي عن القتل. فبداية من عام 1930م وحتى عام 1956م، كتبت أجاثا كريستي ست روايات رومانسية تحت اسم مستعار وهو ماري ويستماكوت (بالإنجليزيَّة: Mary Westmacott). وكان الاسم المستعار مكوّن من اسمها الثاني ماري و(ويستماكوت) وهو لقب لأحد أقربائها.
أحبت ركوب الأمواج
كانت الصورة الأكثر انتشارًا عن كريستي هو كونها كاتبة غموض جادّة. ولكن في بعض الأوقات كان من الممكن أن تجد كريستي تطارد الأمواج بجانب زوجها آرتشي. فذهبت كريستي إلى رحلة مرحة في 1922م بدأت من جنوب إفريقيا وانتهت في (هونولولو). وفي كل خطوة كان الزوجان يصبحان أكثر قدرةً على ركوب الأمواج. ويعتقد بعض المؤرخين أن الزوجين كانا أول راكبي أمواج بريطانيين تعلموا كيفية ركوب الأمواج.
لم تحب التقاط صورة لها ككاتبة
على الرغم من كونها لا تخجل من الكاميرا حيث كانت تلتقط عددًا من الصور أثناء سفرها، فيبدو أنها كرهت أن تُوضع صورها على غلاف رواياتها. وقد أصرت ذات مرة على إصدار الروايات دون إرفاق أي صورة لها عليهم. كان يبدو أن كريستي لا تفضل أن تعرف على نطاق عام.
أخذت عهدًا على كتابة قصص التحقيق
أسس الكاتب أنتوني بيركيلي (بالإنجليزيَّة: Anthony Berkeley) نادي لندن للتحقيق أو نادي التحقيق الشهير في عام 1928م وهو مجلس اجتماعي يضم كتاب الجريمة الكبار في إنجلترا. ويُقْسِم الأعضاء – في الغالب قسمًا هزليًا- على أن لا يخفوا أي تلميح مهم عن قرائهم، ولا يستخدمون سمًا خياليًّا بالكامل كحبكة أساسيّة لقصصهم. وكانت كريستي عضوًا مرموقًا وتولت الرئاسة الشرفية في عام 1956م على شرط واحد؛ ألا تلقي أي خطابات.
حاولت جاهدة أن تتعلم التدخين
قبل أن تجني السجائر سمعة بقتلها لمدخنيها، اعتُبِر التدخين في الماضي أمرًا محببًا بحيث صار من غير العادي ألا يدخن الشخص. ولكن بعد نهاية الحرب العالميّة الأولى بفترة قصيرة ذكرت أنها محبطة كونها لم تستطع تبني عادة التدخين رغم محاولتها.
كتبت مسرحية من الممكن ألا يتوقف عرضها أبدًا
المرة الأولى التي قُدِمت فيها مسرحية: «مصيدة الفئران» على المسرح كانت في لندن بـويست إند (بالإنجليزيَّة: West End) في عام 1952م. وبعد ما يقرب من 60 عامًا ما زالت المسرحية تقدم بشكل دوري وتخطت ال25 ألف عرض في 2012. المسرحية تحكي عن مجموعة من الأشخاص الذين يُحَاصروا في كوخ بسبب تساقط الثلوج ومن بينهم قاتل. وكانت القصة في الأصل للراديو بعنوان: «ثلاثة فئران عميان» وكُتِبت بأمر من الملكة ماري في عام 1947م.
أحبت علم الآثار
بعد الطلاق من تشاد آرتشي، تزوجت كريستي من عالم الآثار ماكس مالوان (بالإنجليزيَّة: Max Mallowan) في عام 1930م. واشتركت معه في عدد من البعثات بسوريا والعراق. ونشرت كاربر كولين (بالإنجليزيَّة: HarperCollins) في عام 2015م كتاب «تعال أخبرني كيف تعيش» وهي مذكرات للكاتبة في عام 1946م. ظلت منسية لزمن طويل عن تجارب أجاثا كريستي في السفر. ورغم مساعدة كريستي لزوجها في التنقيب، فهي لم تتوقف أبدًا عن عملها في الكتابة. وكانت وسيلة التنقل المفضلة لهما هي قطار الشرق السريع. و ربما تكون هذه الحقيقة هي ما ألهمت الكاتبة لرواية: «جريمة في قطار الشرق السريع».
ضحية واحدة على الأقل مستمدة من موقف حقيقي
عندما تزوج مالوان من كريستي كان مساعدًا لعالم الآثار الشهير السيد ليونارد وللي (بالإنجليزيَّة: Leonard Woolley) . تسبّب هذا الأمر في غضب زوجة وللي التي رفضت أن تبقى كريستي في مخيم بلاد الرافدين للتنقيب. وكان مالوان مرغمًا على استقلال القطار يوميًا إلى بغداد كي يرى زوجته. فيما بعد كتبت كريستي روايتها: «جريمة في بلاد الرافدين». وكانت الضحية في هذه الرواية هي زوجة مدير الموقع وعالم الآثار وضربت بصولجان أثري. وخصصت كريستي الكتاب لآل وللي، ولم يشارك وللي مع مالوان مجددًا في أي بعثات.
يمكنك أن تستأجر منزلها القديم
إذا كان العيش في نفس المنزل الذي سكنته كريستي ضمن قائمة فرص السفر الخاصة بك، فمنزلها السابق في ديفونشاير (بالإنجليزيَّة: Devonshire) بإنجلترا متاحًا للتأجير. البيت الذي يبلغ عمره قرونًا من الزمن كان وجهة كريستي الصيفيّة في عام 1950م واستؤجِرَت أجزاء منه لجماعات أو أفراد بمبلغ ٥٠٠ دولار في الليلة. وما زال بعض الأثاث وكذلك البيانو الذي استخدمته الكاتبة ويعود إليها موجودًا حتى الآن.
-
نعت جريدة النيويورك تايمز المحقق هيركول بوارو عند موته
تمامًا مثل أرثر كونان دويل (بالإنجليزيَّة: Arthur Conan Doyle) قبلها، تعبت أجاثا كريستي من شخصيتها الشهيرة هيركول بوارو وأماتته في روايتها «الستارة» عام 1975م. وكانت ردود الفعل على هذا الموت قويّة جدًا، حيث نشرت جريدة نيويورك تايمز في صفحتها الرئيسيّة نعيًا للشخصيّة بتاريخ السادس من أغسطس. وتوفيت كريستي في العام التالي.