اكتشاف البكتيريا:
لُوحِظَت البكتيريا لأول مرة في عام (1676)، على يد (أنتوني فان ليفينهوك-Antonie Van Leeuwenhoek)، وهو باحث وعالم هولندي، كما أنه اخترع المجهر الضوئي البسيط، وأطلق عليه اسم (جزيئات الحيوانات–animalcules)، والمشتقة من الكلمة اللاتينية (animalculum)، والتي تعني الحيوانات الصغيرة.
ويُزعم أن يوم (17 سبتمبر 1676) كان اليوم الذي أبلغ فيه (ليفينهوك) عن وجود البكتيريا، باستخدام (المجاهر أحادية العدسة-single-lensed microscopes) من تصميمه الخاص، وحدد من خلال تجاربه حجم البكتيريا النسبي، ولم يكتب (فان ليوينهويك) أي كتب؛ ولكن برزت اكتشافاته من خلال مراسلاته مع الجمعية الملكية التي نشرت رسائله(1).
ما هي البكتيريا؟
هي كائنات مجهرية وحيدة الخلية، تعيش تقريبًا في كل مكان، وتعيش في كل مناخ وموقع على وجه الأرض، تعيش بعض البكتيريا محمولة جوًّا بينما يعيش البعض الآخر في الماء أو في التربة، وتعيش البكتيريا على وداخل النباتات والحيوانات والأشخاص.
لوقع كلمة بكتيريا دلالة سلبية على الآذان، ولكن في الواقع تؤدي البكتيريا العديد من الوظائف الحيوية للكائنات الحية وللبيئة.
فعلى سبيل المثال: تحتاج النباتات إلى البكتيريا في التربة لتنمو.
الغالبية العظمى من البكتيريا غير ضارة للإنسان، كما أن بعض سلالات البكتيريا تكون مفيدة.
فمثلًا: في الجهاز الهضمي للإنسان، تساعد البكتيريا الجيدة في الهضم، وإنتاج الفيتامينات، كما أنها تعزز المناعة، فتجعل الجسم أقل عرضة للإصابة بالبكتيريا الضارة ومسببات الأمراض الأخرى.
وبالنظر في جميع سلالات البكتيريا الموجودة، فإن عددًا قليلًا نسبيًّا قادر على تسبيب الأمراض(2) .
ما هي العدوى البكتيرية؟
هي تكاثر وانتشار سلالة ضارة من البكتيريا على أو داخل الجسم، ويمكن أن تصيب البكتيريا أي منطقة من الجسم، ومن الأمراض التي تسببها البكتيريا الضارة: (الالتهاب الرئوي-Pneumonia)، و(التهاب السحايا-meningitis)، و(التسمم الغذائي-food poisoning).
تأتي البكتيريا في ثلاثة أشكال أساسية: على شكل قضيب (عصيات-bacilli)، كروية، (عصعص-cocci)، أو في شكل هيكلي (حلزوني-spirilla)، (1)، كما يمكن تصنيف البكتيريا بواسطة (صبغة جرام-Gram stain)، وتعتمد هذه الطريقة على صبغ البكتيريا، فتتصبغ بعض البكتيريا باللون الأحمر، ويطلق عليها (سالبة الجرام).
بينما يتصبغ البعض الآخر باللون البنفسجي، ويطلق عليها (موجبة الجرام).
ويرجع الاختلاف في الألوان إلى اختلاف سمك الجدار الخلوي المحيط بالخلية البكتيرية، فتمتاز البكتيريا موجبة الجرام بالجدار الخلوي السميك، وتستخدم هذه الطريقة لتحديد السلالات البكتيرية والمساعدة في تحديد المسار المناسب للعلاج(3).
الفرق بين الفيروسات والبكتيريا:
الفيروسات والبكتيريا نوعان من الجسيمات التي تسبب الأمراض، ولكن البكتيريا أكبر حجمًا من الفيروسات، وتعجز الفيروسات عن التكاثر دون الاعتماد على جسد المضيف، بينما تستطيع البكتيريا التكاثر بمفردها.
تتشابه أعراض الأمراض الفيروسية والبكتيرية في بعض الأحيان، ويمكن للطبيب تحديد سبب المرض؛ بناءً على أعراض المريض وعوامل أخرى، وتساعد الاختبارات المعملية في توضيح ما إذا كان المرض ناتجًا عن فيروس أو بكتيريا، أو أي عامل معدي آخر(2).
عدوى الجلد البكتيرية:
عادة ما تحدث عدوى الجلد البكتيرية بسبب سلالات إيجابية الجرام من (المكورات العنقودية-Staphylococcus)، و(المكورات العقدية) أو غيرها من الكائنات الحية.
تشمل عدوى الجلد البكتيرية الشائعة ما يلي:
- (التهاب النسيج الخلوي–Cellulitis): سبب التهاب النسيج الخلوي التهابًا وأحمرًا مؤلمًا، وعادة ما يكون دافئًا عند لمسه، ويحدث التهاب النسيج الخلوي في الغالب على الساقين، ولكن يمكن أن يظهر في أي مكان على الجسم.
- (التهاب الجريبات–Folliculitis): هي عدوى تصيب بصيلات الشعر، وتسبب نتوءات حمراء منتفخة تشبه البثور، ويمكن أن تحتوي المسابح أو الأحواض الساخنة المعالجة بشكل سيء على البكتيريا التي تسبب التهاب الأجربة.
- (القوباء-Impetigo): تتسبب القوباء في ظهور تقرحات نازفة، وعادةً ما تصيب الأطفال في سن ما قبل المدرسة، والشكل الفقاعي للقوباء يسبب بُثورًا كبيرة، بينما الشكل غير الفقاعي له مظهر أصفر متقشر.
- (الدمامل-Boils): هي عدوى جلدية عميقة تبدأ في بصيلات الشعر، على هيئة نتوءات ثابتة، حمراء، طرية، تتطور حتى يتراكم الصديد تحت الجلد.
يتم علاج عدوى الجلد البكتيرية بالمضادات الحيوية الفموية، أو الموضعية؛ اعتمادًا على السلالة التي تسبب العدوى.
قد تحتوي اللحوم النيئة، والأسماك، والبيض، والدواجن، ومنتجات الألبان غير المبستر على بكتيريا ضارة يمكن أن تسبب المرض(2).
العدوى البكتيرية المنقولة عن طريق الغذاء:
العدوى البكتيرية هي أحد أسباب الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، وتتضمن الأعراض الشائعة للتسمم الغذائي: (الغثيان، والقيء، والإسهال، والحمى، والقشعريرة، وآلام البطن).
وقد تحتوي اللحوم النيئة، والأسماك، والبيض، والدواجن، ومنتجات الألبان غير المبستر على بكتيريا ضارة يمكن أن تسبب المرض، كما يمكن أن يسبب تناول الطعام غير الصحي نمو البكتيريا، وتشمل البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي ما يلي:
- (العطيفة الصائمية-Campylobacter jejuni): هو مرض إسهالي، غالبًا ما يصاحبه تشنجات وحُمى.
- (العطيفة الوشيقية-Clostridium botulinum): هي بكتيريا محتملة التهديد للحياة، وتنتج سموم عصبية قوية.
- (إشريكية قولونية-O157:H7- Escherichia coli O157:H7): هو مرض إسهالي، غالبًا دموي، وقد يكون مصحوبًا بالغثيان، والقيء، والحمى، وتقلصات البطن.
- (الليستيريا المستوحِدة-Listeria monocytogenes): تتسبب الليستريا المستوحدة في الحمى، وآلام العضلات، والإسهال، وتكون النساء الحوامل، والمسنين، والرضع، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أكثر عرضة لخطر الإصابة بهذه العدوى.
- (السالمونيلا-Salmonella): تتسبب السالمونيلا في الحمى، والإسهال، وتشنجات البطن، وتستمر الأعراض عادةً بين (4 و7) أيام.
العدوى البكتيرية المنقولة جنسيًّا:
تحدث العديد من الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي؛ بسبب البكتيريا الضارة، في بعض الأحيان، لا تصحب هذه العدوى بأي أعراض، ولكنها لا تزال تسبب تلفًا خطيرًا في الجهاز التناسلي، وتشمل الأمراض الشائعة المنقولة جنسيًّا، والتي تسببها العدوى البكتيرية ما يلي:
- (المتدثرة-Chlamydia): الكلاميديا هي عدوى تصيب الرجال والنساء بسبب كائن حي يسمى (المتدثرة الحثرية-Chlamydia trachomatis)، وتزيد المتدثرة من خطر الإصابة بمرض التهاب الحوض لدى النساء.
- (السيلان – Gonorrhea): يحدث بسبب (النيسرية البنية-Neisseria gonorrhoeae)، ويمكن أن يصيب الرجال والنساء، ويزيد السيلان أيضًا من خطر الإصابة بمرض التهاب الحوض لدى النساء.
- (الزهري-Syphilis): يمكن أن يصيب المرض الرجال والنساء، وتُسببه بكتيريا (اللولبية الشاحبة-Treponema pallidum)، وإذا لم يتم علاج الزهري، فإنه من المحتمل أن يكون خطيرًا جدًّا، ويمكن أن يكون مميتًا.
- (التهاب المهبل البكتيري-Bacterial vaginosis): يسبب فرط نمو البكتيريا المسببة للأمراض في المهبل، ولا يعتبر مركز السيطرة على الأمراض هذا المرض من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي(2).
المضادات الحيوية:
هي أدوية تحارب العدوى البكتيرية، وتعمل هذه الأدوية على إعاقة العمليات اللازمة لنمو وانتشار الخلايا البكتيرية، ومن المهم تناول المضادات الحيوية تمامًا كما هي موصوفة، ويؤدي عدم القيام بذلك إلى تفاقم العدوى البكتيرية، ولا تعالج المضادات الحيوية الفيروسات، ولكنها توصف أحيانًا في الأمراض الفيروسية للمساعدة على منع العدوى البكتيرية الثانوية، وتحدث العدوى الثانوية عندما يكون شخص ما في حالة ضعف بسبب إصابته مرض معين(2).
مقاومة المضادات الحيوية:
أدى الإفراط وإساءة استخدام المضادات الحيوية إلى زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما لا تكون البكتيريا حساسة للأدوية التي يجب أن تقضي على العدوى، وتكون العدوى البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية شديدة الخطورة، وتزيد من خطر الوفاة، ويعاني حوالي (2 مليون) شخص في «الولايات المتحدة» من عدوى مقاومة للمضادات الحيوية كل عام، ويموت (23000) بسبب هذه الحالة، ويقدر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن (14000) حالة وفاة ترجع إلى عدوى بـ(المِطَثيَّة العسيرة-Clostridium difficile) والتي تحدث بسبب قمع المضادات الحيوية للبكتيريا الأخرى؛ سامحة للمِطَثيَّة العسيرة بالتكاثر(2).
البكتيريا الجيدة والمعينات الحيوية:
تعيش البكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي البشري، وتلعب دَورًا مهمًا في الهضم والمناعة، ويعرف معظم الأشخاص أنه من الذكاء تناول الزبادي بعد إكمال دورة من المضادات الحيوية لإعادة ملء الجهاز الهضمي بالبكتيريا المفيدة التي تم القضاء عليها من المضادات الحيوية.
وأظهرت بعض الدراسات أن المعينات الحيوية، والتي تفرزها البكتيريا يمكن أن تقصر من مدة عدوى الإسهال، وقد تقلل أيضًا من خطر الإصابة بمرض الإسهال بسبب استخدام المضادات الحيوية، ويبدو أن المعينات الحيوية تقلل أيضًا من الغازات، والانتفاخ، وآلام البطن المرتبطة بـ(متلازمة القولون العصبي-irritable bowel syndrome)، ويهدف البحث المستمر إلى تحديد أنواع وجرعات البكتيريا الأكثر فائدة لصحة الإنسان(2).
المصادر:
- Desk, India Today Web. “How Bacteria Was Discovered by the Father of Microbiology, Antonie Van Leeuwenhoek.” India Today, 17 Sept. 2018, www.indiatoday.in/education-today/gk-current-affairs/story/bacteria-discovery-by-antonie-van-leeuwenhoek-1341671-2018-09-17.
- “Bacterial Infections 101: Types, Symptoms, and Treatments.” OnHealth, OnHealth, 21 Apr. 2020, www.onhealth.com/content/1/bacterial_infections.
- “Gram Staining.” Microscopy, 3 Nov. 2016, serc.carleton.edu/microbelife/research_methods/microscopy/gramstain.html.