بعضنا يتبع الأنظمة الغذائية للبقاء بصحة جيدة؛ لكن هناك أشخاص يقودهم الخوف الشديد من الوزن الزائد. هنا تُعتبر الأنظمة الغذائية مدمرة للصحة وربما تهدد حياة الأشخاص المصابين به، ويسمى هذا اضطراب الأكل العصبي. هذا الاضطراب هو الأكثر انتشارًا بين الإناث من سبعة إلى عشر أضعاف انتشاره بين الذكور.
الشره العصبي هو اضطراب يتميز بفقدان الشخص السيطرة على تناول الطعام، ويحدث هذا في نوبات متكررة حيث يتناول كمية كبيرة جدًا من المواد الغذائية في وقت قصير نسبيًا، ثم يستخدم طرقًا مختلفة للتخلص من هذا االطعام، مثل القيء أو المُليِّنات «المسهلات» خوفًا من زيادة الوزن.
الأشخاص المصابين بالشره العصبي لديهم تركيز مفرط تجاه شكل الجسم والوزن، ويرتبط هذا بتقديرهم وثقتهم بأنفسهم. كثير من الأشخاص المرضي بالشره العصبي هم مرضى بفقدان الشهية العصبي «Aneroxia Nervosa»، وهو نوع من اضطرابات الأكل أيضًا؛ حيث يرى المريض أن فقدان الوزن شيء صحي رغم نقصان وزنه واستمراره في ممارسة الرياضة واتباع أنظمة غذائية قاسية.
الأسباب:
ترجع أسباب المرض إلى عوامل نفسية معقدة ترتبط معظمها بالرهبة من زيادة الوزن، ويعتبر التهام وتفريغ الطعام هو وسيلة للتغلب على هذه الأسباب، تتمثل أسباب المرض في:
– تدني تقدير الذات؛ حيث يرى الشخص أن فقدان وزنه وسيلة لكسب الثقة بالنفس وتقدير الذات.
– الاكتئاب؛ حيث أن التهام الطعام يعتبر طريقة للتعامل مع الكبت النفسي، لكن بعد التفريغ يحدث الاكتئاب مرة أخرى وهكذا تستمر الدورة.
– الضغط النفسي؛ قد يظهر المرض بعد تجارب حياتية مؤلمة، كفقدان شخص قريب أو الغربة، ويرتبط أيضًا بالتجارب الصعبة التي يشاهدها الأطفال، كالاعتداءات الجنسية والمشاكل الأسرية والانتقادات الساخرة على الجسم والهيئة.
– ما حول سن البلوغ، التغيرات الهرمونية قد تجعل المراهق أكثر تركيزًا على ما يحدث في جسمه مع الرغبة في فقدان الوزن، وهذا ما يجعل اضطرابات الأكل شائعة في هذه الفترة، وقد يصبح المرض لتعويض الشعور بالسيطرة؛ فيلجأ المراهق إلى الشره العصبي ليشعر بأنه المتحكم في اختيارات حياته.
– بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية والثقافية، كوسائل الإعلام التي تمارس ضغطًا على الناس ليطمحوا بأوزان منخفضة بأيّ ثمن.
– قد يصيب هذا المرض الأشخاص الذين يمارسون بعض الرياضات التي تتطلب أجسامًا منخفضة الوزن، كالرقص وركوب الخيل.
– العوامل الوراثية، تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من الشره العصبي أكثر احتمالًا للإصابة بالمرض بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بالأشخاص الذين لا يملكون أقارب مصابون.
الأعراض:
تحدث حالة النهم أو الانغماس في الأكل بشراهه -في كثير من الأحيان- عدة مرات يوميًا لعدة أشهر، فالشخص غالبًا ما يأكل كميات كبيرة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، وعادةً في السر. وخلال هذه النوبات، فإن الشخص يشعر بعدم القدرة على السيطرة على الأكل.
حالة النهم تلك تؤدي إلى الاشمئزاز من الذات، مما يسبب الرغبة في التخلص من تلك الكميات لمنع زيادة الوزن؛ خاصةً لأن عادات التخلص هذه تجلب لهؤلاء الاشخاص شعورًا بالارتياح، ويمكن أن تشمل عملية التخلص ما يلي:
– إجبار النفس على التقيؤ.
– ممارسة الرياضة بشكل مفرط.
– استخدام المُليِّنات، الحقن الشرجية، أو مُدرّات البول.
إن الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي في كثير من الأحيان لديهم وزن طبيعي أو أقل، ولكن قد يَرون أنفسهم بأنهم يعانون من زيادة الوزن، ولأن وزن الشخص يبدو طبيعي في كثير من الأحيان، فإن الأشخاص الآخرين قد لا يلاحظون هذا الاضطراب في تناول الطعام؛ خاصةً لأن هذا السلوك لا يحدث علانيةَ.
العلامات السلوكية التي يمكن للأشخاص الآخرين أن يلاحظوها:
– قضاء الكثير من الوقت في ممارسة الرياضات بشكل مبالغ فيه.
– تناول كميات كبيرة من الطعام فجأة أو شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية التي تختفي على الفور.
– الذهاب بانتظام إلى الحمام مباشرة بعد تناول وجبات الطعام.
– غالبًا ما يتواجد معهم عبوات المسهِّلات، حبوب الحمية، الأدوية التي تسبب القيء، أو مُدرّات البول.
العلامات النفسية:
– الانشغال كثيرًا بالأكل والغذاء وشكل الجسم والوزن.
– الحساسية تجاه التعليقات التي تتعلق بالغذاء والوزن،أو شكل الجسم أو ممارسة الرياضة.
– تدني احترام الذات ومشاعر الخجل والاشمئزاز من الذات، أو الشعور بالذنب تجاه النفس خاصة بعد تناول الطعام.
– وجود صورة مشوهة عن أجسامهم -على سبيل المثال رؤية أنفسهم على أنهم يعانون من زيادة الوزن حتى إذا كان وزنهم صحي نسبةً لسنِّهم-.
– الاكتئاب والقلق أو سرعة التهيّج.
– عدم الرضا عن شكل الجسم.
العوامل التي تزيد من خطر الاصابة بالشره المرضي:
– الإناث: الفتيات والنساء أكثر عرضة للشره المرضي من الفتيان والرجال.
– السن: غالبًا ما يبدأ الشره المرضي في سن المراهقة في وقت متأخر أو البلوغ المبكر.
– الأمور البيولوجية: قد يكون الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى -الأشقاء أو الآباء أو الأطفال- مصابين باضطراب في الأكل أكثر عرضة لاضطرابات الأكل، مما يشير إلى وجود صلة وراثية ممكنة، ومن الممكن أيضًا أن نقص في مادة السيروتونين الكيميائية في الدماغ قد تلعب دورًا في ذلك، و زيادة الوزن في مرحلة الطفولة أو في سن المراهقة قد تزيد من الخطر.
– المشكلات النفسية والعاطفية: مثل اضطراب القلق أو تدني احترام الذات، يمكن أن تسهم في اضطرابات الأكل مثل التوتر العصبي، النظرة الذاتية السيئة نحو أجسامهم، الشعور بالملل، اتباع نظام غذائي شديد وحازم، الأحداث المؤلمة والإجهاد البيئي من العوامل المساهمة ايضًا. الأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي غالبًا ما يشعرون بمشاعر سلبية تجاه أنفسهم.
– وسائل الإعلام والضغوط الاجتماعية: وسائل الإعلام، مثل التلفزيون والأزياء والمجلات، والتي كثيرًا ما تمتاز بصور العارضات والممثلات النحيفات، هذه الصور يبدو أنها تربط بين النجاح والشهرة بالنحافة، ولكن هل وسائل الإعلام هي مجرد عكس للقيم الاجتماعية أم هي التي تسوق قيم المجتمع ؟! فهذه الأمور ليست واضحة تمامًا بهذا الشأن.
– الرياضة أو العمل أو الضغوط الفنية: الرياضيين والممثلين والراقصين هم نماذج من الأشخاص المعرّضة بشكلٍ أكبر للإصابة باضطرابات الأكل، كذلك المدربين والآباء -الذين تسبب نصائحهم لتشجيع الرياضيين الشباب لإنقاص وزنه، والحفاظ على وزن منخفض وتقييد تناول الطعام من أجل أداء أفضل- عرضة أكثر للمرض.
وتشمل المشاكل الصحية والمضاعفات المحتملة ما يلي:
– تورم في الحلق، التهابات مزمنة في الحلق وعسر الهضم، تمزقات في المريء من القيء المتكرر ، وحرقان المعدة والارتجاع، التهاب وتمزق المريء والمعدة من القيء المتكرر، تسوس الاسنان، الجفاف، قرحة المعدة والأمعاء، عدم انتظام حركة الامعاء المزمن، الإمساك و/أو الإسهال نتيجة لسوء الاستخدام المُتعمد للأدوية المُلينة، البواسير.
– هشاشة العظام: يمكن أن يؤدي المرض إلى أن تصبح العظام هشة وتنكسر بسهولة .
– توقف أو اضطراب في الدورة الشهرية لدى الفتيات والنساء.
– زيادة خطر العقم عند الرجال والنساء، هذا المرض يضع الجسم تحت ضغط كبير نتيجة لسوء التغذية، حيث يقل إنتاج هرومونات الأنوثة والذكورة للحفاظ على الطاقة للتعامل مع هذا الضغط البدني.
– خلل في نسب الأملاح المعدنية في الدم المسؤولة عن كافة الوظائف الحيوية بالجسم.
– عدم انتظام أو بطء ضربات القلب؛ مما قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بقصور في القلب.
بعض الاختبارات والفحوص لتشخيص المرض:
– اختبار الأسنان، فقد تظهر تجاويف أو التهابات في اللثة، مينا الاسنان يمكن أن تتآكل بسبب التعرض الزائد للحمض في القيء.
– الاختبار البدني قد يظهر تهتك في الأوعية الدموية في العينين؛ كنتيجة للحزق المتكرر أثناء القيء، جفاف الفم، الطفح الجلدي والبثور، وجود بعض الجروح الصغيرة في بعض أنحاء قمم مفاصل الأصابع؛ ناتجة من محاولات إجبار النفس على التقيؤ من خلال احتكاك مفاصل الأصابع بالأسنان والضروس.
– اختبارات الدم قد تُظهر خللًا ما مثل نقص البوتاسيوم في الدم أو الجفاف.
العلاج:
– كلما طالت فترة المرض كلما كان العلاج أصعب والعكس صحيح، فالأشخاص الذين يعانون من الشره المرضي نادرًا ما يذهبون إلى المستشفى، إلا إذا كان لديهم فقدان شديد في الشهية أو اكتئاب شديد، فقد يحتاجون إلى الأدوية لمساعدتهم على التوقف عن التخلص من الطعام.
– في معظم الأحيان يبدأ الطبيب باستخدام طرق العلاج النفسي السلوكي والإدراكي؛ لتغيير مفاهيم الشخص الصحية فيما يتعلق بالتغذية السليمة، والعلاج يعتمد على مدى شدة الشره المرضي، واستجابة الشخص للعلاج.
– قد تكون مجموعات الدعم النفسي مفيدة للشره المرضي، مثل الاستشارات النفسية، أو العلاج بالتحدث هي العلاجات الأولى للشره المرضي للذين لا يستجيبون للعلاج الدوائي.
– غالبًا ما تستخدم مضادات الاكتئاب المعروفة للشره المرضي بالإضافة لما سبق أو المزج بين طرق العلاج جميعها للحصول على نتائج أفضل.
– قد يترك الناس البرامج العلاجية إذا كان لديهم آمال غير واقعية حول الشفاء بالعلاج وحده؛ لذا قبل بدء البرنامج يجب أن نعرف أنه ربما نحتاج إلى العديد من المحاولات مع إعطاء علاجات مختلفة للتغلب على هذا المرض الصعب.
– من الشائع للشره المرضي العودة إليه، أي «الانتكاس»، وهذا لا يدعو إلى اليأس بل يحتاج إلى المثابرة والالتزام بخطة العلاج.
– الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات طبية أقل لديهم فرصة أفضل للشفاء، من خلال الرغبة والقدرة على المشاركة في العلاج.
اعداد و ترجمة: Maria Abd Almasseh
مراجعة علمية: Nabila Baghdady
مراجعة لغوية: Mohammad Marashdeh
المصادر:
- Bulimia: MedlinePlus Medical Encyclopedia [Internet]. [cited 2015 Nov 12]. Available from: http://sc.egyres.com/mAEgz
- Bulimia nervosa Causes – Mayo Clinic [Internet]. [cited 2015 Nov 12]. Available from: http://sc.egyres.com/swXto
- What is Bulimia Nervosa? Eating Disorders Explained [Internet]. [cited 2015 Nov 12]. Available from: http://sc.egyres.com/IE6vr
#الباحثون_المصريون