لقاء مع إله الحرب (المريخ)

إله-الحرب

المريخ هو أكثر الكواكب التي لاقت إهتمامًا من سكان الأرض منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. ففي القدم عبده البعض والبعض الأخر رآه مجرد بقعة حمراء في السماء، وفي عصرنا الحديث سيطر على خيال كتُاب القصص والأفلام حيث احتل اسم المريخ عناوين العشرات من الأفلام، وأرتبط اسم المريخ بالكثير من الشائعات والتكهنات والخرافات، وكذلك الآمال أن يكون الوطن البديل لسكان الأرض.
 
فمنذ فجر التاريخ المقروء؛ وعيون البشرية تتجه إلى السماء متأملة في نجومه وكواكبه، والمريخ من الكواكب التي رصدتها أعين البشر حتى من قبل استخدام التلسكوبات. ذلك الجرم السماوي العجيب ذو الحُلة الحمراء أول عين رأته في السماء كانت أعين المصريين القدماء عام 1750 قبل الميلاد، وأطلقوا عليه اسم (Har Decher) أي الواحد الأحمر. ثم جاء بعد ذلك الصينيون حيث تركوا سجلات عن تحركات المريخ ترجع إلى ما قبل تأسيس مملكة تشو 1045 ق.م. ثم البابليون 400 ق.م، وكانوا أكثر دقة في علوم الفلك لأسباب دينية وأطلقوا عليه اسم (Nergal) أي البطل العظيم أو ملك الأزمات.
 
ولكن اليونانيون والرومان كان لهم رأي آخر؛ حيث فتنهم الكوكب بلونه الأحمر فجعلوه حفيدًا لإلههم الأعظم وابنًا لهيرا وزيوس أبناء كرونوس وريا؛ ولكن اختلفوا على اسمه ووصفه اختلافًا متناقضًا إلى حد بعيد؛ اليونانيون أطلقوا عليه اسم (Ares) ووصفوه بالبغيض والقاتل والجبان كما نراه في إلياذة هوميروس، أما الرومان فأطلقوا عليه اسم (Mars) ووصفوه بإله الحرب والمحارب العظيم، حتى أن بعض الرومان عبدوه وذبحوا له القرابين. وأما العرب فأطلقوا عليه اسم المريخ وهو اسم مشتق من كلمة أمرخ وهي تعني ذو البقع الحمراء.
 
وظل المريخ مجرد بقعة حمراء في السماء إلى أن جاء العالم الفلكي الدنماركي تيخو براهي (1546-1601 Tycho Brahe) ليضع أول حسابات دقيقة ورائعة لمكان الكوكب في السماء، وذلك قبل اكتشاف التلسكوبات بعشرين عامًا. ولم يترك تيخو لنا فقط حساباته الرائعة في مجال الفلك؛ ولكن ترك أيضًا لنا نابغة وعالم فذ في مجال الفلك هو تلميذه جون كيبلر (1571-1630 Johannes Kepler)، الذي أبهر العالم بنظرياته في مجال الفلك، ومما قدمه قانوني حركة الكواكب والتي على أساسها افترض أن مدار كوكب المريخ بيضاوي الشكل.
 
وظل المريخ بقعة حمراء في السماء إلى أن جاء جاليليو (1564-1642Galileo Galilei ) -وهو عالم فلكي إيطالي معاصر لجون كيبلر-، وكان أول من رأى كوكب المريخ كجرم سماوي باستخدام تلسكوبه البدائي سنة 1610م.
وبعد ظهور التلسكوبات وتطورها توالت الاكتشافات لسطح المريخ ودورته حول نفسه التي قدرت 24 ساعة و40 دقيقة.
 
ومن أشهر العلماء الذين قدموا الكثير من المعلومات حول المريخ عالم الفلك البريطاني ويليم هيرشل (1732- 1822)م؛ حيث أوضح في كتاباته شكل المنطقة القطبية، وميل محور دوران المريخ حول نفسه، ومكان الأقطاب وشكله البيضاوي وأيضًا أن الغلاف الجوي للمريخ رقيق.
 
ثم مع عام 1960 بدأت رحلات الفضاء لاستكشاف المريخ التي بدأت بمركبة الفضاء الروسية (Korabl 4)، تلاها أربع رحلات أخرى فشلت كلها، ثم جاءت الرحلات الأمريكية التي بدأت في عام 1964 بالرحلة (Mariner 3) التي فشلت أيضًا؛ ولكن أرسلت الولايات المتحدة رحلة أخرى في نفس العام (Mariner 4) لتكون أول رحلة تنجح إلى المريخ، واستمرت الرحلات ليصل عددها إلى 43 رحلة عام 1913، وكانت آخر رحلة إلى المريخ هندية وأطلق عليها «Mars Orbiter Mission (MOM)».
 
وبعد هذا المجهود الكبير سواء الفردي أو المؤسسي الدولي، أصبح لدى البشرية صورة كاملة عن المريخ وما يحتويه من جبال وبراكين. حيث يحتوي على أكبر بركان فى المجموعة الشمسية (Olympus Mons)، ويدور حوله قمران، يسمّى الأول ديموس أي الرعب باللغة اليونانية والثاني فوبوس أي الخوف. وبه أقوى عواصف ترابية في المجموعة الشمسية. ويبدو كوكب المريخ منبعجًا قليلًا عند خط الإستواء؛ حيث يزيد نصف قطره عند خط الإستواء بحوالي 20 كيلو مترًا مما يجعله شبيه الأرض في الشكل، ولكن أقل حجمًا حيث أن قطره يبلغ حوالي 6752 كم عند خط الاستواء بينما يبلغ قطر الأرض حوالى 12756 كم عند خط الإستواء. وبرغم من أن حجم المريخ يعادل 15% فقط من حجم الأرض؛ إلا أن المريخ له نفس مساحة الأرض تقريبًا؛ حيث أن معظم سطح الأرض تغطيه المياة؛ ولكن من حيث المساحة الكلية فمساحته ربع مساحة الأرض.
 
 
ويبقى السؤال هل من الممكن أن تكون هناك حياة على كوكب المريخ؟
نعم، قد تكون هناك حياة مستقبلية على كوكب المريخ؛ ولكن إذا نجح العلماء في زيادة نسبة الأكسجين التي تبلغ حوالي 0.3% إلى 21%، وخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون التي تبلغ حوالي 95% إلى 0,3%، وكذلك زيادة نسبة النيتروجين التي تبلغ 2,7% إلى 87%، وتوفير وسائل الحماية من درجة الحرارة المنخفضة التي تبلغ درجة حرارته العليا 27 درجة مئوية ودرجة حرارته الصغرى 133- درجة مئوية.
 
 
إعداد: Mohamed . A. Abd El Aziz
مراجعة علمية: Mohamed_El-Barbary
مراجعة لغوية وتصميم: Omnea Abd El-Aleem
 
 
 
المصادر:
NASA
The Planets
Space Facts

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي