وصلَ المسبار«جونو» التابع لوكالة ناسا إلى المشترى ودخلَ في مدارٍ حول العملاق الغازي بنجاح في الرابع من يوليوعام 2016م، ومن المتوقع أن يُنهي المسبار مهامه بحلول شهر فبراير من عام 2018م، ولكن ما مصير المسبار بعد إنهاء مهمته؟
في الواقع لا تحظى المركبات الفضائية بنهايةٍ سعيدة، ونستثني من ذلك مركبات المكوك الفضائي التي نحتفظ بها في المتاحف وذلك لأنها عادت بروّاد الفضاء وهبطت بهم مرة أخرى إلى سطح الأرض، هناك أيضًا بعض المركبات الفضائية غير المأهولة التي عادت إلى الأرض ولكن كان هذا جزءًا من مهام المركبة حيث كان منوطًا بها أن تجلب بعض العينات الفضائية ليتم دراستها على الأرض مثل المسبار الفضائي الياباني (هايابوسا-Hayabusa ) حيث قضى مهمته بنجاح بهبوطه على أحد الكويكبات وإحضاره لبعض من العينات الجيولوجية للدراسة.
أما بالنسبة للمسبار جونو فمصيره سيكون أكثر قسوة، حيث أن فريق العمل سيُدِخله في مناورة الإنزال من المدار بعد إتمامه مهمته، ستستمر المناورة حوالي خمسة أيام ونصف تقريبًا حيث سيحاول المسبار اختراق الغلاف الغازي للمشترى، بعدها لن يستطيع المسبار تحمل قسوة الغلاف الغازي للمشترى لينتهي به الأمر محترقًا ويتدمر بشكلٍ نهائي خلال مروره عبر الغلاف الغازي.
محاكاة انتجتها وكالة ناسا تصور نهاية المسبار جونو ضمن الغلاف القاسي لكوكب المشترى.
لن يشهد المشترى نهاية إحدى المركبات الفضائية للمرة الأولى، حيث لاقى المسبار الفضائي«جاليليو» المصير ذاته بالاحتراق خلال الغلاف الغازي لهذا الكوكب العملاق في عام 2003م، ولكن لماذا نقوم بتدمير هذه المركبات التي تبلغ تكلفتها المليارات؟
تعمل ناسا على محاولة اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض، ومن أكثر المناطق المرشحة بقوة، هو أحد الأقمار الجاليلية للمشترى وهو القمر«يوروبا» حيث يُعتقد وجود محيطات مائية تحت طبقة الجليد على سطح الكوكب ومن المُرجّح أن توجد بعض الكائنات الحية في هذه المحيطات، لذلك صدرت أوامر صارمة من وكالة ناسا بالحفاظ على الفضاء والحد من تلوثه ببقايا المركبات الفضائية حيث يتحتم على ناسا التخلص من كل مركبةٍ فضائية أدت مهمتها عن طريق تدميرها بالكامل وإزالة آثارها من الفضاء حتى لا تسبب مخلفاتها أية أضرار بالحياة التي يُعتقد أنها موجودة على القمر يوروبا أو حتى لا تترك أية أثار يمكن أن نستدل منها على حياة.
حيث أنه من الممكن أن تكون المركبة ملوثة ببعض الكائنات الدقيقة لذلك عندما ننفق المليارات لإرسال مركبة للبحث عن الحياة وننجح في إيجاد أحد الكائنات الدقيقة قد تكون هذه الكانات أصلًا كانت محمولة على إحدى المركبات السابقة.
تعمل وكالة ناسا الآن على صناعة مركبة فضائية وإرسالها لتهبط على سطح يوروبا لتقوم بالتحقيق والبحث عن أية حياة على هذا القمر، ومن المُرجّح أيضًا إرسال مركبات إلى قمري المشترى «كاليستو» و«جانيميد».
هناك أساليب مُتبعة أيضًا لحماية الفضاء من التلوث بالكائنات الدقيقة، حيث أثناء صناعة المركبة يتم الحفاظ على درجة عالية جدًا من التعقيم للحد من أي تواجد لأية كائنات دقيقة على المركبة، وعند إلقاء المركبة إلى الغلاف الغازي بالكوكب تعمل الحرارة والضغط على تدمير المركبة بينما تعمل الإشعاعات على قتل أية بكتيريا أو كائنات دقيقة يُشتبه في وجودها على متن المركبة، وذلك لضمان حماية الفضاء المحيط بالكوكب من تواجد أية بقايا أو كائنات حية، حتى يكون المجال مناسبًا للمهمات القادمة لاكتشاف أو الاستدلال على وجود حياة في هذه المنطقة من المجموعة الشمسية، التخلص من المركبات الفضائية بهذه الطريقة أيضًا سيحد من خطر المخلفات الفضائية التي تزداد يومًا بعد يوم بسبب تتابع إطلاق الصواريخ والأقمار الصناعية.
ترجمة وتصميم: Mohammed Sherif
مراجعة: David Yanni
مصدر: http://sc.egyres.com/bWdS9