أدرك بيكاسو أنه إذا أراد أن يؤسس سمعة أقوى كفنان خارج إسبانيا؛ فسيحتاج للعيش بشكل دائم في فرنسا، ليتحقق ذلك مع بداية عام ١٩٠٤ حيث أقام إقامة دائمة في (مونمارتر)، وتبدأ معها مرحلة جديدة في حياته الشخصية والفنية فيما يُعرف بالفترة الوردية.
بينما تعتبر الفترة الزرقاء لبيكاسو من أكثر فتراته الفنية شعبية وشهرة بين الجمهور اليوم، تأتي الفترة الوردية باعتبارها من أهم المراحل من الناحية التاريخية الفنية حيث وضع خلالها بيكاسو وسائل أسلوبية ستكون فيما بعد جزءًا من الأسلوب الفني لبيكاسو، وتجعل منه فنان القرن العشرين الأول.
بدأت الفترة الوردية عام ١٩٠٤، العام الذي فيه التقى بيكاسو بالفنانة الفرنسية (فرناند أوليفييه) الأمر الذي يُعتقد أنه أضاف إليه بعض السعادة والمرح؛ ليستبدل لوحاته الزرقاء ذات الطابع المتشائم بأخرى أكثر تفاؤلًا في المزاج إلى حد ما، وأكثر إشراقًا في الألوان، يغلب عليها اللون الوردي.
كان بيكاسو قد بدأ تطوير أسلوب رومانسي فيما قبل انتهي مع انتحار صديقه عام ١٩٠١، ثم بدأت أعماله الفنية خلال الفترة الوردية تستعيد جودتها الرومانسية، لكن مازالت اللوحات يغلب على أشخاصها الذين اختارهم ـــ غالبًا المهرجين وفناني السيرك ـــ العزلة وبعض من الكآبة.
لم يكن الموضوع أو المحتوى هو مايهم في لوحات الفترة الوردية وإنما اللوحات نفسها، وشهدت تلك الفترة تدفقًا للخطوط في لوحاته؛ لتجعل اللوحات رغم كلاسيكيتها تتجه أكثر إلى العمل التجريدي، كما وضع خلال تلك الفترة حجر الأساس لعملية الجمع بين التعبيرية والكلاسيكية.
يُذكر أن خلال منتصف تلك الفترة بدأت لوحات بيكاسو تُباع؛ لتنتهي معاناته التي عاشها الفترة السابقة، ويُعزى سبب البيع لطبيعة اللوحات، وتغير الألوان الذي جعل اللوحات أكثر جاذبية.
كانت لوحة «صبي مع غليون» التي رُسمت خلال الفترة الوردية أغلى لوحة بالعالم منذ مايو٢٠٠٤ حتى يونيو٢٠٠٦ بمبلغ ١٠٤ مليون جنيهً.
إعداد: محمد ممتاز
تدقيق: إسراء عادل