تواجهنا أخبار يومية بإصابة شخص ما بديدان في الأمعاء أو الكبد أو حتى المستقيم، ويتعيّن العلاج بدواء يقتل الديدان وينتهي الأمر ببساطة شديدة، وقد تعتاد سماع مثل تلك الأخبار أن كنت من ساكني المناطق الاستوائية في أفريقيا أو آسيا؛ ولكن هل من الممكن فعلًا أن تصيب دودة المخ ؟ كيف تصل إلى تلك المنطقة المشبعة بالعظام والحماية الكافية أو عبور الأنسجة، والعضلات، والعين حتى تصل للمخ، وهى قادرة على أن تتغذى جيدًا، وتستمر على قيد الحياة، وربما تنمو أيضًا من خلال تغذيتها على جسدك، الأمر أشبه بغزو طفيلي لأكثر الطفيليات كلاسيكية في أكثر أماكن الجسم غرابةً. أعلنت أغلب وكالات الأنباء الأمريكية والعالمية عن مثل تلك الحالات
في عام 2013 استطاعت دودة شريطية الانتقال من نصف المخ إلى النصف الآخر في رجل بريطانى من أصل صيني كان قد ذهب حديثًا في رحلة في الصين وكوريا الجنوبية وتايلاند واليابان، عندما عاد كان دائم الشكوى من الصداع، وذلك خلال أربعة أعوام، وقد شُّخص هذا كأعراض لمرض السُل في مستشفى « Addenbrookes » في كامبريدج، وبعد تمام العلاج عادت الأعراض مجددًا، ولكن بأعراض جديدة مثل ضعف في الساقين، وقد وجدوا من الأدلة التي وصفها المريض على وجود حالة عدوى من اختراق طفيلي، ووجب إجراء جراحة طارئة لعدم توافر علاج بديل، من الجدير بالذكر أيضًا أن العدوى حدثت في الأجزاء الاستوائية -التي قام بزيارتها-؛ لعدم وجود مثل هذا الطفيل في بريطانيا، وأيضًا توافر تلك الحالات وبكثره في الأجزاء الاستوائية لقد كان الطفيل عبارة عن دودة شريطية تُسمى (بلولبية الرحم الايرلندية) أو كما تُدعى بطريقة علم الاحياء التصنيفي (Spirometra erinaceieuropaei ) وهذا ما نقلته ال (CNN) من أخبار عن تلك الواقعة.
إليكم أيضًا بحالة أخرى من حالات العدوى الطفيلية، ولكن هذه المرة كانت في الرئة، عانى رجل كولومبي الجنسية من ورم في الرئة، ولكن الغريب في الأمر أن تُصنف حالته الأولى من نوعها، فالخلايا المُصابة ليست من خلايا جسده بل من خلايا طفيل يقطن بالرئة، الرجل لا يعاني من ورم في خلاياه الجسدية من الأساس بل الدودة القابعة في الرئة هى من تعاني من هذا الورم ! ولكن من المدهش كيف لهذه الحالة أن تنشأ بداية من وصول الدودة الرئة، وكيفية إصابتها بورم مثل هذا ؟ وبسبب إصابة الرجل بفيروس نقص المناعة أُتيح للورم بأن يتطور داخل الرئة كما اتضح أيضًا أن الديدان الشريطية ونقص المناعة تؤثر على ملايين من البشر في كافة أنحاء العالم، وربما توجد حالات غير مُعترف بها ولكن على الأرجح إنها حالة واحدة نادرة .
ذهب الرجل البالغ من العمر 41 عامًا إلى طبيب في كولومبيا، وقد عانى من الحمى، والبرد، ونقص في الوزن لشهور متتالية، كما أنه عانى مسبقًا ولمدة عشرة أعوام من نقص المناعة بدون أن يتعاطى علاجًا لها . وأوضحت الأشعة ورمًا، بينما أوضحت الخزعات التي تم أخذها من الرئة للفحص عن وجود جسم غريب، فطلب الأطباء في كولومبيا مساعدة في تشخيص تلك الحالة الغريبة من مركز القضاء على الأمراض، وعندما فُحصت الخلايا السرطانية تحت الميكروسكوب، وجدوها تتكاثر بسرعة شديدة، وتتجمع سويًا كأي سرطان، ولكن بحجم أقل عشر مرات عن حجم الخلايا السرطانية البشرية الطبيعية، وبعد عدد من الفحوص وجد العلماء الحمض النووي لدودة شريطية تُسمى( H.nana) في ورم الرجل لقد كانت النتيجة مثيرة للدهشة عند العلماء، حيث إن الخلايا لا تشبه خلايا الدودة الشريطية، وذلك من خلال الفحوص السريعة، ولكن بمزيد منها اتضح أن بالفعل تلك الخلايا مصدرها الدودة الشريطية (H. nana).
افترض العلماء كل هذا بسبب فيروس نقص المناعة، والذي أتاح الفرصة للدودة أن تبقى بلا رادع، ولكن في نهاية المطاف نجحت الطفرات داخل الدودة لتحويلها إلى خلايا سرطانية، ومات المريض بعد تشخيص العلماء إن الورم راجع لدودة شريطية ب 72 ساعة فقط .
وبالرغم من زيادة فرصة الإصابة بعدوى الديدان الشريطية لأكثر من 75 مليون مريض على مستوى العالم، إلا أن العلماء لم يعرفوا علاجًا مناسبًا لمثل هذه الحالة، حيث إن الأدوية المُعالجة للدودة لن تقضي على الورم، وأيضًا لو تعاطى أدوية علاج السرطان فإن العلاج من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على مُعالجة الدودة أيضًا.
نُشرت هذه الدراسة في جريدة انجلترا الطبية بتاريخ 5 نوفمبر 2015
اعداد :- Merhan Maged