عند دراسة مرض الملاريا فإننا نتعرض إلى عاملين أساسيين أولهم ناقل المرض وهي أنثى بعوضة الأنوفليس، والأخر مسبب ذلك المرض وهو «بلازموديوم الملاريا Malaria».
وبعد معرفة دورة حياة أنثى بعوضة الأنوفليس وأجزاء جسمها الرئيسية، سوف نتعرف الآن على مسبب مرض الملاريا، وهو بلازموديوم الملاريا الطفيل المسؤول عن ذلك المرض.
يتطفل بلازموديوم الملاريا على أنثى بعوضة الأنوفليس ليكمل بداخلها جزء أساسي من دورة حياته، وعندما تقوم بعوضة الأنوفليس بلدغ الإنسان للحصول منه على الدم، في ذلك الوقت ينتقل الطفيل من خلال لعاب الحشرة إلى الإنسان عن طريق الثقب الذي أنتجته الحشرة في جلد الإنسان متخذًا طريقه خلال الدم.
وتعتمد دورة حياة الطفيل داخل الحشرة على عدة عوامل، أهمها هي درجة حرارة الوسط الذي يعيش فيه، فارتفاع درجة الحرارة يسرع من نمو الطفيل.
تتراوح دورة حياة الطفيل داخل الحشرة من 10 إلى 18 يوم، وبعكس الإنسان لا تتأثر الحشرة بوجود الطفيل بداخلها.
يصنف البلازموديوم تبعًا لأوليات الحيوانات وحيدة الخلية «protozoa» وهو مندرج تحت طائفة البوغيات «Sporozoa».
يوجد خمسة أنواع معروفة من البلازموديوم التي تصيب الإنسان:
- بلازموديوم فلسبروم (P. falciparum) ويسبب حمى الملاريا الخبيثة وهي موجودة في جميع أنحاء العالم في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتشير التقديرات إلى أنه ما يقرب من مليون حالة وفاة سنويا يتسبب بها بلازموديوم فلسبروم، وخاصة في أفريقيا حيث يسود هذا النوع. كما أنه يمكن أن يسبب الملاريا الحادة لأنه يتضاعف بسرعة في الدم، وبالتالي يتسبب بالإصابة بفقدان الدم الحاد (فقر الدم).
- بلازموديوم فيفاكس (P. vivax) ويسبب حمى الملاريا الحميدة، ويوجد معظمها في آسيا وأمريكا اللاتينية، وبعض المناطق من أفريقيا، وقد يكون هو الأكثر انتشارًا وأقل خطورة وشدة من بلازموديوم فلسبروم، ولكن تكمن خطورته في أنه قد يوجد في الكبد بصورة خامدة مما قد يسبب انتكاسات بعد ذلك.
- بلازموديوم أوفال (P. ovale) يوجد معظمها في أفريقيا «خاصة غرب أفريقيا» وجزر غرب المحيط الهادئ.
- بلازموديوم ملاريي (P. malariae) ويسبب حمى ملاريا الربيع وتوجد في جميع أنحاء العالم.
- بلازموديوم نولسية (P. knowlesi) وتم العثور عليه في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، ويوجد في قرود المكاك ووجد أنه من الممكن أن يصيب الإنسان. (2)
وتتكون دورة حياة بلازموديوم الملاريا من ثلاث مراحل:
- دورة جنسية تبدأ في الإنسان وتستمر في البعوضة.
- دورة لا جنسية تتكون بها الأبواغ وتكون داخل البعوضة.
- دورة لا جنسية ثانية «تكاثر تقسيمي» ويكون في الخلايا الكبدية وكريات الدم الحمراء في الإنسان.
تمثل أنثى بعوضة الأنوفليس العائل الأساسي للطفيل بينما الإنسان هو العائل الوسيط.
ينتشر بلازموديوم الملاريا عن طريق مرور الطفيل من داخل جسم البعوضة إلى دم الإنسان فيما يسمى بالنقل البيولوجي خلافًا لبعض الأمراض الأخرى مثل التيفويد والذي يتم عن طريق النقل الميكانيكي حيث تلتصق مسببات المرض على أجزاء جسم الحشرة، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الإنسان عن طريق الطعام المكشوف والمعرض لتلك الحشرات.
وتحدث عملية الإصابة كالأتي:
- تقوم البعوضة الحاملة للطفيل بلدغ جلد الإنسان وذلك للحصول على وجبتها الضرورية من الدم، ولكن ذلك يؤدي إلى دخول الطور المعدي للطفيل إلى دم الانسان وحدوث الإصابة.
- بعد دخول الطور المعدي للطفيل إلى مجرى الدم يقوم بالانتقال إلى الكبد ليستقر داخل خلايا الكبد ويبدأ بالتكاثر لا جنسيًا وإنتاج أعداد كبيرة منه، مما يؤدي إلى تضخم حجم خلايا الكبد وانفجارها.
- بعد خروج الطفيل من خلايا الكبد تنتقل إلى الدم ثانيًا وتبدأ في مهاجمة كرات الدم الحمراء بنفس طريقة إصابة خلايا الكبد.
- ينتقل الطفيل إلى جسم البعوضة السليمة في حالة لدغها لشخص مصاب مما يؤدي إلى جعلها معدية.
- تتكاثر الطفيليات جنسيًا داخل جسم البعوضة وتنتقل إلى غدد البعوضة اللعابية وتصبح البعوضة معدية بعد حوالي 10 إلى 17 يوم منذ دخول الطفيليات الأولية. (3)
تعد الملاريا كما ذكرنا من أخطر الامراض التي تهدد حياة الانسان، وتقدر منظمة الصحة العالمية (WHO) أن نحو 3.2 مليار شخص معرضون لخطر الإصابة بالملاريا، وفي الولايات المتحدة ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) يتم الإبلاغ عن 1500 حالة إصابة بالملاريا سنويًا، ومعظم حالات الملاريا وجدت في الأشخاص الذين يسافرون إلى البلدان التي ينتشر بها ذلك المرض.
يتم تشخيص مرض الملاريا عن طريق الطبيب المختص، الذي يقوم بمراجعة التاريخ الصحي للمريض، بما في ذلك أي سفر حديث إلى البلاد التي تشتهر بهذا المرض، وسيقوم بالتأكد إذا ما كان هنالك تضخم في الطحال أو الكبد، وإذا كان لدى المريض أعراض الملاريا، فقد يطلب الطبيب اختبارات إضافية للدم لتأكيد ذلك التشخيص.
من الممكن أن تظهر أعراض مرض الملاريا في غضون 10 ايام إلى أربع اسابيع من العدوى وتبدأ في التطور، وفي بعض الحالات قد لا تتطور الأعراض لفترة تصل إلى عدة أشهر، بعض طفيليات الملاريا قد تدخل الانسان ولكن تظل كامنة لفترات طويلة من الزمن.
وتكون أعراض مرض الملاريا كالأتي:
- ارتعاشات في الجسد ككل.
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- تعرق غزير.
- صداع.
- غثيان وتقيؤ.
- إسهال.
- فقر دم.
- تشنجات وألم في العضلات.
- براز دموي.
- غيبوبة.
مرض الملاريا يمكن أن يسبب عددًا من المضاعفات التي تهدد حياة الإنسان مثل:
- تورم في الأوعية الدموية في الدماغ.
- سوائل في الرئتين.
- مشاكل في التنفس.
- فشل كلوي أو كبدي.
- وما يترتب من أمراض أخرى بسبب تدمير خلايا الدم الحمراء.
تتم معالجة الملاريا بواسطة العلاج المتوفر في المستشفيات، يصف الطبيب الأدوية على أساس نوع الطفيل، ويوجد بعض الحالات التي تم الإبلاغ عنها لطفيليات تقاوم العقاقير، هذه الطفيليات تجعل العديد من الأدوية غير فعالة، وقد يحتاج الطبيب إلى استخدام أكثر من دواء أو إلى تغيير الأدوية تمامًا لعلاج الحالة.
يجب أخذ الاحتياطات اللازمة عند السفر إلى مناطق يشتهر فيها ذلك المرض فحتى الآن لا يوجد لقاح متوفر للوقاية من الملاريا، فيجب التحدث مع طبيب مختص إذا كنت مسافرًا إلى منطقة تنتشر فيها الملاريا أو إذا كنت تعيش في تلك المناطق، فقد يصف بعض الأدوية التي تساعد في منع هذا المرض، هذه الأدوية هي نفس تلك المستخدمة لعلاج هذا المرض ويمكن اتخاذها قبل وأثناء وبعد الرحلة، النوم تحت ناموسية قد يساعد في منع تعرضك لعضات البعوض المصاب، تغطية جلدك بمادة طاردة للبعوض قد يساعد أيضًا في منع العدوى، وإذا كنت غير متأكد إذا كانت الملاريا موجودة في المنطقة التي تقصدها او التي تقيم فيها، فيمكنك الاستعلام من خلال مركز السيطرة على الأمراض الذي يمتلك خريطة بالمناطق التي قد يوجد فيها أو كان لها تاريخ مع هذا المرض من قبل.(4)
إعداد: محمد جادالله
مراجعة علمية: Mohammad Gendy
مراجعة لغوية: Muhammad Mossad
المصادر: