بعد أن عرفنا ماهو الزئبق وصور تواجده وزمن اكتشافه واقتربنا منه كثيرًا في المقال السابق دعونا نلقي الضوء هذه المرة على صور وتأثيرات الزئبق في البيئة والإنسان، ومخاطر التعرض له على صحه الإنسان.
صور التعرض للزئبق
أحد الصور الرئيسية لتعرض الإنسان للزئبق هي من خلال أكل السمك أوالمأكولات البحرية عمومًا، التي يمكن أن تحتوي على كميات كبيرة شديدة السُمية من ميثيل الزئبق في أنسجتها خاصةً منطقة الخياشيم. هذه كانت أحد الصور الشائعة للتعرض أوالتسمم بالزئبق، أما الصورة الأخرى الأكثر شيوعًا هي استنشاق بخار الزئبق، هذا البخار الذي من الممكن أن يتواجد في الجو من خلال تسريب من أحد حاويات الزئبق أو من أحد الأجهزة أوالمتعلقات -عند كسرها- التي تحتوي في تركيبها على عنصر الزئبق، هذا التسرب خطير جدًا إذا لم يتم احتوائه نظرًا لأنه شديد السمية وليس له رائحة وغير مرئي أي أنه قاتل خفي.
أولًا: التعرض لميثيل الزئبق
ميثيل الزئبق كما عرفناه سابقًا هو مركب عضوي شديد السمية، هذا المركب هو صورة الزئبق المتواجدة بشكل شائع جدًا في الولايات المتحدة الأمريكية، في الغالب معظم سكان العالم لديهم كميات ضئيلة جدَا من ميثيل الزئبق في أجسامهم، ولكن الغالبية العظمى من الناس لديهم كميات أقل من التي تسبب أضرار صحية وخيمة، هذا المركب تحديدًا يأتي من أكل السمك أو المأكولات البحرية عمومًا التي تحتوي على كميات عالية منه.
ولكن كيف يحتوي السمك على هذا المركب؟!
كما ذكرنا في المقال السابق ينتشر الزئبق في الهواء من مصادر عدة، وبمجرد أن يكون في الهواء فإنه يستقر ويهبط على الأجسام والمسطحات المائية من أنهار وبحار ومحيطات أو حتى على الأرض سيجد طريقه لا محالة إلى المسطحات المائية، ثم يأتي الدور على الكائنات الحية الدقيقة التي يتغذى عليها السمك التي تحول الزئبق إلى ميثيل الزئبق.
تعتمد كمية ميثيل الزئبق الموجودة في السمك على عدة عوامل:
- ماذا يأكلون؟
- كم عمرهم؟
- مدى تقدمهم ومكانتهم في السلسلة الغذائية.
الطيور والحيوانات التي تأكل السمك أكثر عرضة لميثيل الزئبق ومخاطره، من تأخر في النمو أو شذوذ في السلوك ليصبح غير طبيعي أو الموت.
ثانيًا: التعرض للزئبق كعنصر
هو أحد صور التعرض الأكثر شيوعًا، عندما يتسرب الزئبق من حاويه أو ينكسر أحد الأشياء التي تحتوي في تركيبها على الزئبق دون أن يتم احتوائه في الحال، ومن هذه الأشياء الثرمومتر وبعض أنواع الحلي ومركبات حشو الأسنان والكثير من المنتجات الاستهلاكية وفي مناجم الذهب أيضًا، لأنه يتبخر ويصبح في الهواء الجوي عديم اللون والرائحة.
التعرض يتم عندما يستنشق الناس هذا الهواء الملوث فيدخل هذا القاتل إلى الرئتين.
ثالثًا: التعرض لمركبات الزئبق الأخرى
يمكن التعرض أيضًا لمركبات أخرى للزئبق مثل إيثيل الزئبق وأسيتات فينيل الزئبق التي تدخل في تركيب المواد الحافظة والمطهرات والمبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات وبعض المركبات الدوائية ومستحضرات التجميل ومكافحة الشيخوخة، معظم ذلك تم إيقاف إنتاجه.
مخاطر وتأثيرات التعرض للزئبق
التعرض إلى الزئبق بمستويات عالية يكون ضار جدًا بل مدمر للمخ والقلب والكليتين والرئتين وجهاز المناعة بمختلف الأعمار والأشكال والألوان، فمثلًا التعرض لكميات كبيرة من ميثيل الزئبق وتواجدها في مجرى الدم للنساء الحوامل تؤثر ثأثيرًا شديدًا على الرحم ككل وعلى نمو الجنين وتكوين جهازه العصبي، وتظهر هذه التأثيرات بشكل كبير على الأطفال بعد الولادة مثل ضعف التفكير والإدراك والانتباه والذاكرة والقدرة على التعلم وضعف القدرة الحركية الدقيقة والانتباه البصري بشكل ملحوظ.
ويتوقف مدى التأثير على عدة عوامل أهمها:
- الصورة المتواجد بها الزئبق.
- الكمية التي تعرض لها الشخص.
- مدة وزمن التعرض.
- عمر الشخص المتأثر.
- كيفية التعرض «أكل، شراب، تنفس، تلامس للجلد».
- الحالة الصحية للشخص قبل التعرض.
تأثير الميثيل زئبق على الأشخاص
التعرض لميثيل الزئبق شائع جدًا أو وارد الحدوث بكثرةٍ خاصة عند أكل الأسماك التي تحويه كما ذكرنا سابقًا مما يكون له آثار وأضرار مدمرة على صحة الإنسان وهنا بعض الأعراض الواردة الحدوث التي تكون مؤشر واضح للتأثر والتعرض لميثيل الزئبق:
- ضعف في الرؤية.
- الشعور بنغز في اليدين والقدمين وحول الفم.
- ضعف في العضلات.
- عدم تناسق الحركة العامة للجسم.
- ضعف في السمع.
تأثير الزئبق في صورته العنصرية
ينجم التعرض للزئبق في صورته العنصرية -كما ذكرنا- من انبعاثات الزئبق الناتجة عن كسر أحد حاوياته، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة واستنشاقه على فترات طويلة، وهنا بعض الآثار الناتجة عن ذلك:
- بعض التغيرات العضلية العصبية مثل ضعف وضمور العضلات.
- التقلبات المزاجية مثل العصبية المفرطة والتهيج أو حتى الخجل المفرط.
- التغير في الاستجابات العصبية.
- اضطرابات في الاحاسيس.
- ضعف الأداء العقلي والخمول.
- ضعف وخلل في الجهاز التنفسي.
هل يوجد علاقة بين التعرض للزئبق والسرطان؟
بالرغم من أنه لم يُسجَل أي حالات بعد تربط التعرض للزئبق بالسرطان إلا أن المعلومات والبيانات المتوافرة حول ذلك محدودة جدًا إلى الأن، لكن لوحظ أنه عند إجراء بعض التجارب فإن التعرض لجرعات عالية من بعض مركبات الزئبق فإن ذلك يسبب أورام في فئران التجارب، هذا يزيد من ريبتنا تجاه التعرض لهذا العنصر ومركباته، بل يقطع الشك باليقين أن هذا العنصر قاتل فتاك فعلًا.
من الواضح جدًا أن آثار التعرض له مدمرة ومميتة، لذلك أتمنى أن نكون اقتربنا من الزئبق ولو قليلًا وعرفنا مدى خطورة التعرض غير المحسوب له في هذا المقال.
إعداد: Khaled Ahmed
مراجعة: Amira Esmail
المصادر