سواء كان الأحمر، الأزرق، الأسود، الأخضر، أو حتى الوردي، فإن لون الرمال هو راوٍ ماهر؛ يخبرنا عن تاريخ تلك الشواطيء التي كسى رمالها، ويروي لنا حكايات أولئك الذين مروا فوقه يومًا ما، ماذا فعلوا، وماذا خلفوا ورائهم، ويحفظ لنا أدلة الكائنات التي انبثقت من بين حبيباته.
الألوان، من أين تأتي؟
تكتسب الرمال ألوانها من عدة عوامل كهيكلها البلوري والمعادن المكونة لها، وتتواجد تلك المعادن نتيجة نتيجة لعمليات التعرية أو التآكل للمناطق الطبيعية المحيطة بها، أو الانفجارات البركانية القريبة من الرمال، أو حتى الصَدف المدفون بتلك الرمال على مر العقود.
1- الأبيض:
من أكثر ألوان الرمال روعة وجمالًا، وكما أنها جاذبة لعيون الزائرين، فإنها جاذبة أيضًا لنظاراتهم الشمسية؛ وذلك بغرض الحماية من الوهج الكبير الصادر من تلك الرمال، وقد سجل شاطيء «هيامس-Hyams Beach» في نيوساوث ويلز بأستراليا كأكثر الشواطيء الرملية بياضًا على سطح الأرض في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، و تمتلك شواطيء «Clearwater» الواقعة في فلوريدا بين تامبا وخليج المكسيك على نفس الرمال البيضاء، بالإضافة إلى المالديف المليئة بتلك الرمال.
ويرجع الفضل في ذلك اللون الأبيض إلى بلورات الكوارتز النقية المكونة لتلك الرمال، بالإضافة إلى قلة الملوثات التي بإمكانها تغيير اللون.
2- الأحمر:
الرمال الحمراء التي تغطى بعض الشواطيء، كتلك التي تغطي شواطيء جزيرة الأمير إدوارد بكندا، يرجع لونها إلى غناها بمعدن الحديد، حيث يتحول الحديد إلى أكاسيده المختلفة عند تعرضها لأكسجين الهواء الجوي (كصدأ بعض قطع الحديد)، وتتمتع تلك الأكاسيد بدرجات متفاوتة من اللون الأحمر، وتشبه إلى حد كبير تربة سطح كوكب المريخ.
وتعتبر «مخاريط الرماد البركانية volcanic cinder cone» (عبارة عن براكين ذات فتحة واحدة) كتلك الموجودة بشاطيء «كايهولو-Kaihalulu» في «ماوي Maui» أحد أهم مصادر تلك المعادن الغنية بالحديد، وبالمثل كونت الحمم البركانية السوداء والحمراء الغنية بالحديد شاطيء «كوكيني-Kokkini» المعروف بشاطيء الرمال الحمراء، والذي يقع أسفل المنحدرات البركانية القريبة من «سنتوريني-Santorini» باليونان.
3- البرتقالي:
تستطيع المعادن المحتوية على نسب عالية جدًا من صدأ الحديد تكوين رمال برتقالية اللون، كما في شواطيء خليج الرملة في «غوزو-Gozo» بمالطا، وفي «بورتو كوفو-Porto Covo» بالبرتغال، ويرجع اللون البرتقالي في بعض الشواطيء كشواطيء بورتو فيرو في سيردينيا بإيطاليا إلى خليط من الحجر الجيري ذات اللون البرتقالي والأصداف المسحوقية والرواسب البركانية.
4- الوردي:
للرمال الوردية أسبابًا بيولوجية أكثر منها كيميائية، حيث يرتبط اللون الوردي عادة بوجود أنواع معينة من الشعب المرجانية التي تختلط قشورها الوردية وكربونات الكالسيوم المتساقطة منها مع الرمال مُكسِبةً إياها تلك الألوان، ولعل أشهر الأمثلة على تلك الشواطئ الوردية ، جزيرة ( رانجيروا Rangiroa) في (بولينسيا Polynesia) بفرنسا، وشواطئ (تانجس tangis) بإندونسيا.
للرمال الوردية أسبابًا أخرى غير الشُعب المرجانية، منها وجود مجموعات من «الفورامينفيرا-Foraminifera» (كائنات بحرية وحيد الخلية تتمتع بغشاء وردي اللون) كتلك الموجودة بالجزر المسماه بجزر (الهاربور Harbour) في منطقة جزر البهاما.
5- الأرجواني:
تمتد شواطيء (فايبر Pfeiffer) مابين المحيط وغابة لويس براديس القومية في «بيج سور-Big sur» بولاية كاليفورنيا، والتي تتميز باللون الأرجواني التي اكتسبته رمالها من نوع معين من المعادن يطلق عليه اسم «عقيق المنجنيز-Manganess Granet» المتواجد في التلال المحيطة بهذا الشاطيء. وتساعد الأمطار في تلك المنطقة على ظهور هذا اللون؛ حيث تسبب تآكلًا وانحرافًا للعقيق باتجاه المحيط؛ فالشاطيء ليس أرجوانيًا على الدوام، وإذا أردت الاستمتاع بالمنظر الأرجواني الجميل للشاطئ؛ عليك بزيارته بعد عاصفة شتوية.
تتواجد أيضًا مثل هذه الرمال على شواطيء جزيرة «بلوم Plum» قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة، جزيرة الفقمات والطيور الجارحة والبوم الثلجي، وتنتج الرمال الأرجوانية فيها نتيجة خليط من حبيبات رمل وردية اللون وأخرى داكنة، وتصنع تلك البلورات الرملية الوردية من معدن يسمى «العقيق المندين-البروبي Almandine-Pyrope Granet» وهو معدن شائع الانتشار في الصخور المتحولة بتلك المنطقة.
6- الأسود:
تكتسب الشواطيء الرملية السوداء مثل شاطيء «بيونيولايو Punalu u» في هاواي هذا اللون من البازلت، وهو المعدن المكون للصخور النارية الشائعة بتلك المنطقة، والتي تتشكل من الحمم البركانية؛ ففي هاوي تتواجد الفتحات البركانية تحت الماء حيث تقذف بالحمم الساخنة والتي تبرد بسرعة عن ملاقتها للماء مكونة للبازلت الذي يطفو على سطح الشاطئ مغطيًا إياه.
أدى وجود النشاطات البركانية في بعض المناطق إلى احتوائها على رمال سوداء كأيسلندا وشواطيء «موراي بلاك ساند Muriwai Black sand» في (أوكلاند Auckland) بنيوزلندا، وذلك لإنتاجها رواسب البازلت والحديد والتيتانيوم ومواد بركانية أخرى، ولزيادة المرح على بعض الشواطئ؛ فإن الرمال السوداء في «بلايا-Playa» بنيجريا و«بورتوفيجو-Puertovigo» بكوستريكا تتمتع بخصائص مغناطيسية.
وأخيرًا؛ إذا كنت تريد الحصول على كل تلك الألوان بشاطيء واحد؛ فليس عليك إلا حجز تذكرتك إلى أستراليا وزيارة شاطيء قوس القزح في «كويزلاند Queensland».
ترجمة: Ahmed Fahmy
مراجعة: Amira Esmail
المصادر:
How Does Sand Get Its Color? | Everyday Einstein [Internet]. [cited 2018 Mar 15]. Available from: https://www.quickanddirtytips.com/education/science/how-does-sand-get-its-color