يقول خبير الكهوف هوارد ليمبرت:
«احذروا من الديناصورات». هذا ما أطلقناه على هذا المكان عند اكتشافه لأول مرة.
يُعد كهف شاندونغ واحدًا من أكبرِ الكهوف الموجودة في العالم، ويُطلَق عليه بالفيتنامية اسم «هانغ سون دانغ» أي كهف النهر الجبلي. يُعتقد أن عمر هذا الكهف يمتد بين 2 إلى 5 ملايين سنة، وقد تَكوَّن بفعل عوامل الطبيعة، حيث أدت مياة النهر إلى تآكل الحجر الجيري أسفل الجبل، مما أدَّى إلى انهيار السقف وتكوين كوات ضخمة مفتوحة في السقف.
يُعتبر النظام البيئي داخل الكهف فريدًا حيث يمكننا القول بأن لديه نظام طقس محلي خاص به، كما توجد به مجموعة من الكائنات العضوية المجهرية التي تزدهر وتضيء في الظلام.
يقع كهف شاندونغ في منتصف حديقة «فونغ نها-كيه بانغ» الوطنية، التي تقع ضمن قائمة اليونسكو، في إقليم «كوانغ بينه» في فيتنام.
قصة الاكتشاف
تم العثور على كهف شاندونغ لأولِ مرة عام 1991 م عن طريق مُزارع فيتنامي يُدعى «هو هان»، وذلك في أثناء بحثه عن مأوى يحتمي به من عاصفةٍ مارة في الغابة. لسوء الحظ، فَقَدَ «هو هان» طريقه أثناء العودة، وظل موقع الكهف مفقودًا لمدة 18 عامًا.
إلا إنه في عام 2009، تم استكشاف الكهف مرة أخرى بواسطة مجموعة من منقبي الكهوف البريطانيين بقيادة «هوارد ليمبرت» ومساعدة «هو هان». وبعد عدة أشهر من البحث والتنقيب، استطاع «هو هان» أن يعود مرة أخرى إلى طريق الكهف عبر الغابة النائية، وبدأت آنذاك عملية استكشاف الكهف. ثم في عام 2010، اُعتِبرَ الكهف كأكبر كهفٍ تم اكتشافه حتى تلك اللحظة وذلك بناءً على حجمه الهائل.
رحلة إلى داخل الكهف
يمتد كهف شاندونغ لمسافة أكثر من خمسة كيلومترات (ثلاثة أميال)، ويبلغ ارتفاعه 200 مترٍ (650 قدم). يحتوي الكهف على تجاويف هائلة الحجم تتسع الواحدة منها إلى 747 طائرة، أو ما يعادل حيًّا كاملًا من المباني ذات الأربعين طابقًا في مدينة نيويورك، مما دفع المُسْتكشفون لإطلاق اسم «كهف بلا حدود» على هذا الكهف.
في عام 2013، تم افتتاح الكهف للجمهور لأول مرة. حيثُ قامت شركة أوكساليس لرحلات المغامرة بتنظيمِ رحلاتٍ استكشافية حصرية لمدة خمسة أيام داخل الكهف. تبلغ تكلفة الرحلة 3000 دولار للفرد، كما تتطلب الرحلة جهدًا بدنيًّا كبيرًا حيثُ إنها لا تصلح لأصحاب القلوب الضعيفة.
كهف شاندونغ وازدهار الاقتصاد
أدت تلك الرحلات إلى كهف شاندونغ إلى ازدهار الاقتصاد في إقليم «كوانغ بينه» بشكلٍ ملحوظٍ. ومن المعروف أن إقليم «كوانغ بينه» كان واحدًا من أفقر الأقاليم في المنطقة، حيثُ تأثر بالقصف الكثيف أثناء حرب فيتنام.
قبل اكتشاف كهف شاندونغ، تميزت المنطقة بوجود العديد من القنابل القابلة للانفجار في أنحاء الحقول والغابات، مما يُعرِّض حياة الآلاف للخطر كل يوم. قام العديد من السكان المحليين بجمع وتفكيك هذه القنابل، وبيع الديناميت والمعادن. لقد فقد العديد منهم حياته أثناء هذه الممارسات الخطيرة، ولكن بالنسبة للبعض، لم تكن هناك طرقٌ أخرى لإطعام عائلاتهم.
عندما تم اكتشاف الكهف للمرة الأولى وبدأ المسافرون يصلون إليه، اغتنم القرويون هذه الفرصة الجديدة وبدؤوا في التركيز على السياحة، مما أدى إلى ازهار الاقتصاد المحلي.
إعداد: متار حمدي مصطفى
مراجعة علمية: أحمد فكري