ثُلُث الأطفال الذين يعانون من التوحد يعانون أيضًا من نوبات الصرع؛ سبب ذلك هو وجود طفرة جينية في مرضَى التوحد. لكن العلماء لم يعرفوا لماذا تسبب الطفرة حدوث تلك النوبات.
والتوحد (اضطراب الطيف التَوَحُدِي) هو اضطراب في النمو العصبي، و نسبة انتشاره كبيرة حيث يؤثر على واحد من بين كل 68 طفلًا، ويتميز بمجموعة من الأعراض من ضمنها صعوبة التواصل والتفاعل الاجتماعي.
وقد اكتشف الباحثون تفسيرًا لتسبب هذه الطفرة الجينية (CNTNAP2 أو catnap2) لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد في حدوث نوبات الصرع؛ ويُظهِر الاكتشاف الجديد أن هذه الطفرة تؤدي دور البستاني السيئ في الدماغ حيث تتسبب الطفرة في حدوث انكماش في تَفرًّعَات وتَشَعُّبات الخلايا العصبية التي تسمح لخلايا الدماغ بنقل الرسائل الحيوية والتحكم في نشاط الدماغ؛ وذلك عن طريق التقليل من نقاط الاتصال والتشابك العصبي بين الخلايا العصبية، ويمكن أن يتسبب هذا الانكماش في فشل نقل و تسليم الرسائل الحيوية.
في حالة الأشخاص المصابين بذلك التحور الجيني -الطفرة- فإن الخلايا العصبية المسؤولة عن تثبيط النشاط العصبي في الخلايا المُثارة لا تنمو بما يكفي لتحتوي على العدد اللازم من التَفرًّعَات والتَشَعُّبات العصبية اللازمة لوقف إثارة الخلية وتوصيل الرسائل العصبية المهدئة، ووفقًا للأبحاث فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث النوبات.
تعمل الطفرة (CNTNAP2 أو catnap2) بالاشتراك مع جين متحور آخر (CASK) وهو متعلق بالإعاقة الذهنية؛ يقول (بيتر بنزيس- Peter Penzes) أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب في جامعة (نورث وسترن):
الآن يمكننا البدء في اختبار الأدوية لعلاج نوبات الصرع وعلاج مشكلات أخرى متعلقة بالتوحد.
وأضاف بأن:
المرضى الذين يعانون من هذه الطفرة لديهم تأخر في اللغة وإعاقة ذهنية؛ لذلك فإن الدواء الذي يستهدف هذه الطفرة يمكن أن يكون له فوائد متعددة.
يعمل الباحثون على دراسة واختبار الجزيئات التي تستهدف عكس وتغيير تلك التشوهات في مرضى التوحد، و (Catnap2 هو جزيء لاصق يساعد الخلايا على الالتصاق ببعضها البعض، وفي هذه الحالة يساعد نقاط التشابك العصبية على التمسك بالتشعبات؛ لذا فإنه جزيء يصعب استهدافه بالأدوية، لكن شريكه (CASK) الجين المتحور الآخر هو إنزيم اجتماعي يتفاعل مع العديد من الجزيئات الأخرى.
وعندما قام الباحثون بوقف نشاط ال (CASK) لم تنمو التفرعات العصبية؛ لذا توجهوا إلى امكانية استخدام الأدوية في منع أو تنشيط الإنزيم بسهولة أكبر و سيقوم الباحثون بدراسة الأدوية اللازمة لتفعيلها لأن ذلك يبدو أنه يحافظ على وصول التغذية اللازمة للخلايا العصبية ويعمل على نموها بشكل كامل.
وقام المعهد الوطني للصحة العقلية التابع للمعاهد الوطنية للصحة بتمويل العمل.
المصدر
ترجمة: بسمة التهامي
مراجعة لغوية: إسراء عادل
تحرير: زياد الشامي
