يُعتبر موهانداس غاندي من أشهر الرموز الداعية لنبذ العنف في القرن العشرين. ولذلك يعتقد الكثيرون أنه يجب أن يكون قد حصل على جائزة نوبل للسلام. وبالرغم من أنه ترشح لها أكثر من مرة إلا أنه لم يحصل عليها أبدًا، لماذا؟
كثيرًا ما يسأل الناس أسئلة مثل: هل كانت لجنة نوبل النرويجية ضيقة الأفق إلى هذا الحد؟ ألم يستطع أعضاء هذه اللجنة أن يقدِروا كفاح هذا الرجل من أجل حرية غير الأوروبيين؟ أم أنهم رفضوا أن يعطوا له الجائزة خوفًا على العلاقات بين بلدهم وبريطانيا؟ فقد كان لغاندي الكثير من المعجبين في الهند وخارجها عندما كان على قيد الحياة. وزود استشهاده عام 1948م إعجاب الناس به وجعله رمزًا أكبر للسلام. وبعد واحد وعشرين سنة من ذلك، قامت بريطانيا بإحياء ذكراه بوضع صورته على طابع البريد الموجود في هذه الصورة.
تم ترشيح غاندي لجائزة نوبل خمس مرات، عام 1937 و 1938 و1939 و1947م وأخيرا في يناير 1948م قبل اغتياله بعدة أيام لكنه لم يفز بها. ولاقى تغافل أعضاء اللجنة عنه لومًا كبيرًا وشكوكًا من العامة ومن أعضاء اللجنة الجدد، وبالرغم من ذلك، لم تعلق اللجنة أبدًا على هذه الشكوك المتعلقة بعدم إعطاء الجائزة لغاندي ، ولم يكن مسموحًا الاطلاع على المصادر التي تسلط الضوء على هذه القضية إلا مؤخرًا.
بدايةً، من هو ماهاتما غاندي؟
ولد موهانداس كرمشاند غاندي المعروف ب ماهاتما أو «ذو الروح العظيمة» في مدينة بوربندر عاصمة الإمارة، المعروفة حاليًا بولاية كجرات الواقعة في غرب الهند. كان أبوه وزير الوزراء، وكانت أمه هندوسية متدينة للغاية، حيث كانت تنتمي هي وبقية أفراد عائلة غاندي إلى فرقة من فرق الهندوسية التي تحض على التسامح بين الأديان ونبذ العنف. وتم تفسير ما حظى به ماهتما غاندي من مكانته في المجتمع الهندي بخلفية عائلته الفكرية هذه لاحقًا. ثم في النصف الثاني من عام 1880، ذهب موهانداس إلى لندن حيث درس القانون، وبعدما أنهى دراسته عاد إلى موطنه ليعمل كمحامٍ في المحاكم العليا. بعد ذلك، رحل في عام 1893 إلى ناتال في جنوب أفريقيا حيث وُظف من قبل شركة تجارية هندية.
عمل غاندي على تحسين ظروف العيش للأقلية الهندية في جنوب أفريقيا، فأغرز هذا العمل -الذي كان موجهًا خصيصًا ضد التشريعات العنصرية المتزايدة- في نفس غاندي تعهدًا هنديًا ودينيًا قويًا ورغبةً في التضحية بالذات. وبعد ذلك قدم غاندي وسيلة لنبذ العنف أثناء الكفاح الهندي تهدف إلى الحصول على حقوق الإنسان الأولية. كانت هذه الوسيلة المسماة «ساتياغراها» أو «قوة الحقيقة» في غاية المثالية؛ وجب على الهنود أن يخرجوا على القوانين غير المنطقية أو القمعية دون رفض مبدأ سيادة القانون. حيث كان على كل فرد أن يتقبل العقوبة لانتهاكه القانون مع ذلك يجب عليه أن يرفض شرعية القانون المعنيَ بكل إصرار لكن بهدوء. كان يأمل أن هذا سوف يجبر الخصوم، المتمثلين في السلطات الحاكمة لجنوب أفريقيا ولاحقًا السلطات البريطانية في الهند، أن يلحظوا عدم أحقية تشريعاتهم.
عندما عاد غاندي إلى الهند عام 1915م كانت أخبار إنجازاته في جنوب أفريقيا قد انتشرت بالفعل في بلده. وفي غضون عدة سنوات، أصبح غاندي شخصية بارزة في البرلمان الوطني الهندي أثناء الحرب العالمية الأولى. حيث قام بعمل سلسلة من الحملات التي تنبذ العنف ضد السلطات البريطانية خلال الفترة الواقعة بين الحروب. وفي نفس الوقت، كان يبذل قصارى جهده لتوحيد الهنود الهندوسيين والمسلمين والمسيحيين. كما أنه عمل على تحرير «المنبوذين» في المجتمع الهندوسي. كان لغاندي العديد من الأقران القوميين الذين فضلوا كذلك استخدام الطرق السلمية التي تنبذ العنف ضد السلطات البريطانية. ولكن بينما كان معظمهم يفعلون هذا من أجل أسباب تكتيكية، كان الأمر عند غاندي مسألة مبدأ. فجلبت لغاندي صرامته في هذه النقطة الاحترام من الجميع بغض النظر عن مواقفهم تجاه القومية الهندية أو الدين. حتى الحكام البريطانيون الذين أرسلوا غاندي للسجن كانوا يعتبرونه شخصية استثنائية.
ترشيحه لجائزة نوبل لأول مرة
كان لغاندي العديد من المعجبين خارج الهند، كونت فئة منهم شبكةً وأطلقوا عليها «أصدقاء الهند». نشأت هذه المؤسسة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في بداية عام 1930م. وقدمت هذه المؤسسة الدعم لغاندي من وجهات نظر مختلفة. مثلًا، أعجب المتدينون منهم بغاندي لما رأوا فيه من تقوى. بينما أحبه آخرون من المضادين للعسكريين والمتطرفين السياسيين لفلسفته النابذة للعنف ودعموه كخصم للاستعمار.
وفي عام 1937م، قام أحد أعضاء البرلمان النرويجي بترشيح غاندي لجائزة نوبل للسلام في هذا العام، إذ كان من ضمن ثلاثة عشر مرشحا في قائمة لجنة نوبل القصيرة. لكنه لم يكتب الدافع لترشيح غاندي بنفسه بل كانت سيدة رائدة في الفرع النرويجي لأصدقاء الهند من فعلت ذلك، وكان خطابها إيجابيًا كما هو متوقع.
وكان مستشار اللجنة البروفيسور جاكوب دوده مولر، الذي كتب تقريرًا عن غاندي ، أكثر نقدية بكثير. فمن ناحية، فهم تمامًا الإعجاب العام بغاندي كشخص: «إنه -بلا شك- شخص جيد ونبيل وزاهد، رجل بارز يستحق أن يكون مكرمًا ومحبوبًا من قبل جماهير الهند». ومن ناحية أخرى، على اعتبار غاندي زعيمًا سياسيًا، لم يكن وصف البروفيسور النرويجي مفضلًا. إذ أنه كتب «هناك منعطفات حادة في سياساته بالكاد يمكن تفسيرها بشكلٍ مرضٍ من قبل أتباعه… إنه مناضل من أجل الحرية وديكتاتور ومثالي وقومي. وهو في كثير من الأحيان المسيح، ولكن بعد ذلك فجأةً، إذا به سياسي عادي».
لاقى غاندي العديد من الانتقادات بشأن الحركة الدولية للسلام. أشار مستشار لجنة نوبل إلى هذه الانتقادات للتأكيد على أن غاندي لم يكن سلميًا دائمًا، وأنه كان عليه أن يعرف أن العنف والإرهاب سيخرجان من بعض حملاته الداعية إلى نبذ العنف. وللأسف، كان قد حدث ذلك بالفعل في حملته غير التعاونية الأولى عام 1920-1921م، عندما هاجم حشد منهم مركز الشرطة في تشوري تشورا أو المقاطعة المتحدة. فقاموا بقتل العديد من رجال الشرطة ثم أضرموا النيران بالمكان. هناك أيضًا نقد آخر كثيرًا ما وجهه غير الهنود لغاندي، وهو أنه كان مفرطًا في قوميته الهندية. كما صرح وورم مولر عن شكوكه تجاه غاندي متسائلًا إن كانت مثله العليا تلك عالمية أم أنها هندية في المقام الأول فقال: «يمكن للمرء أن يقول أن كفاحه المعروف في جنوب أفريقيا كان بالنيابة عن الهنود فقط وليس السود مثلًا الذين كانوا يعيشون في أوضاع أسوأ بكثير».
فاز بجائزة نوبل للسلام السيد روبرت سيسيل عام 1937م، ونحن لا نعلم إن كانت لجنة نوبل النرويجية فكرت بجدية في منح الجائزة إلى غاندي في ذلك العام. لكن هذا احتمال ضعيف. أعاد أولي كولبيورنسن ترشيح غاندي للجائزة في عام 1938 و1939م ، لكن الأمر تطلب عشر سنوات حتى يوضع اسم غاندي في القائمة القصيرة للجنة مرة أخرى.
النصر والهزيمة 1947
في عام 1947م، جاء ترشيح غاندي بالتليغراف من الهند من خلال المكتب النرويجي الأجنبي. حيث رشحه كل من ب.ج خير رئيس وزراء بومباي وغوفيند بالابه بانت رئيس الوزراء في المقاطعات المتحدة ومافالانكار رئيس الجمعية التشريعية الهندية، قاموا بكتابة مناقشاتهم حول ترشيحه وأرسلوها بالتليغراف. كتبت ستة أسماء في قائمة المرشحين لجائزة نوبل لذلك العام وكان غاندي واحدًا منهم. وفي هذه المرة قام رئيس مستشار لجنة نوبل المؤرخ جونز أروب سيب بكتابة تقرير يصب في صالح حصول غاندي على الجائزة وليس كما فعل مولر من قبل. لكن التقرير لم يكن داعمًا له بشكل صريح إذ كان هذا الوقت متزامنًا مع نصر الهند وهزيمتها؛ حيث تمثل النصر في استقلال الهند عن بريطانيا وتمثلت الهزيمة في انقسامها. إذ أدى الصراع بين الهندوس والمسلمين إلى انقسام الهند وانفصال المسلمين في ولاية جديدة وهي باكستان. وأشار تقرير جونز إلى ذلك مع اعترافه بفضل تعاليم غاندي في تقليل العنف المصاحب لذلك وحقن الدماء.
أدى انقسام الهند عام 1947 إلى حالة أشبه بتطهير عرقي. ذُبح مئات الآلاف من الناس واضطر الملايين إلى الهجرة، حيث كان يهاجر المسلمون من الهند إلى باكستان بينما رحل الهندوس من باكستان إلى الهند. توضح هذه الصورة جزء من حشد اللاجئين المتجهين إلى نيودلهي.
هل سيفوز غاندي بالجائزة أم لا؟ نعلم الآن أن مناقشة هذا السؤال تمت في يوم الثلاثين من أكتوبر عام 1947م كما ذكر في مذكرة رئيس اللجنة جونار جون. بعد اطلاع باقي أعضاء اللجنة على التقرير علموا بشأن ظروف الهند مؤخرًا من صراع وكفاح، لكن كان على أعضاء اللجنة أن يضعوا عواقب منح الجائزة لغاندي وهو الشخصية الهندية الأبرز، وكيف سيؤثر ذلك على العلاقات بين الهند وباكستان، تلك العلاقات التي لم يبدُ أنها تتجه نحو السلام أبدًا. فتباينت مواقف أعضاء اللجنة: وقف كل من هيرمان سميت المسيحي المحافظ وكريستان أوفتدان المسيحي الليبرالي في صف غاندي؛ إذ يبدو أنهما كانا يفضلان اختيار الرموز الأخلاقية والدينية في عالم مهدد بالصراعات الاجتماعية والأيدلوجية لكنهما لم يستطيعا أن يقنعا بقية الأعضاء الثلاثة. عارض السياسي العمالي مارتن ترانمايل منح الجائزة لغاندي بشدة في خضم هذا الصراع الهندي الباكستاني، وأيده في ذلك برجر برادلاند وزير الخارجية السابق؛ كانا يظنان أن غاندي ملتزم بشدة نحو واحدة من الفئتين المتحاربتين. كما أنه نما إلى علم ترانمايل وجون أن غاندي صرح أثناء صلاة جماعية بسأمه من رفض الحرب بشكل مطلق في كل الأحوال.
جاء في هذا البيان «أخبر غاندي رفقاءه في الصلاة ليلًا أنه لطالما نبذ الحرب دائمًا، لكن إن لم يكن هناك سبيل آخر لتخليص الحق من باكستان وإذا كانت باكستان رفضت أن ترى إثمها البين واستمرت في تصغيره، وجب إذًا على الحكومة الهندية المتحدة أن تحاربها. لم يرِد أحدٌ الحرب لكنه لم يكن لينصح أي شخص أن يذهب مع الظلم. فهو لم يكن ليمانع إن أُعدم كل الهندوسيين لسبب عادل. وإذا كانت هناك حرب، لم يكن في مقدور الهندوسيين في باكستان أن يكوِنوا طابورًا خامسًا؛ إن لم يكن ولاؤهم الكامل لباكستان يجب عليهم أن يرحلوا عنها. كذلك الحال بالنسبة للمسلمين الذين يناصرون باكستان، يجب أن يرحلوا عن الاتحاد الهندي.
صرح غاندي أن البيان صحيح لكنه لم يكن كاملًا، حيث أضاف غاندي في اجتماع الصلاة أنه لم يغير رأيه وأنه لا مكان له في نظام جديد حيث يُراد جيش وأسطول وقوات جوية وما لم يكن.
كان يعلم كل من جون وترانمايل أن التقرير الأول لم يكن كاملًا لكن ساورتهم الشكوك، حيث قال جون في مذكراته «صحيح أن غاندي أعظم شخصية بين المرشحين ويمكن أن يقال عنه العديد من الأشياء الحسنة، لكننا يجب أن نتذكر أنه ليس رسولًا للسلام فحسب. إنه وطني أولا وقبل كل شيء … علاوة على ذلك، يجب أن نضع في الحسبان أن غاندي ليس ساذجًا بالمرة، إنه محامٍ بارع وفقيه قانون” يبدو أن رئيس اللجنة شك في أن عبارة غاندي قد تكون خطوة مُتعمدة لردع العدوان الباكستاني. الخلاصة، عارض ثلاثة من أعضاء اللجنة الخمس منح الجائزة لغاندي عام م1947، فقررت اللجنة بالإجماع منح الجائزة إلى جمعية الأصدقاء الدينية أو الكويكرز.
جائزة بعد الوفاة؟
وفي عام 1948م ، اغتيل ماهتما غاندي في الثلاثين من يناير قبل يومين من موعد غلق الترشيحات لجائزة نوبل لهذا العام. تسلمت اللجنة ستة خطابات ترشيحية لغاندي، وكان من بين المرشِحين الكويكرز وإيملي جرين الفائزون بجائزة نوبل السابقون. وللمرة الثالثة، كُتب اسم غاندي في قائمة اللجنة القصيرة التي ضمت ثلاثة أسماء فقط في هذه المرة. كما كتب مستشار اللجنة سيب تقريرًا عن نشاطات غاندي خلال السنوات الخمس الماضية ووضَح أن غاندي وضع أثرًا لا يمحى نحو اتجاه أخلاقي وسياسي مقدر له أن ينتشر وسط عدد كبير من الناس داخل الهند وخارجها «وفي هذا الصدد، يمكن لغاندي أن يقارن فقط بمؤسسي الأديان».
لم يفز أحد بجائزة نوبل بعد وفاته من قبل. لكن وفقا لقوانين لائحة مؤسسة نوبل في هذا الوقت، يمكن أن ُتمنح جائزة نوبل بعد الوفاة في حالات معينة. لذلك كان من الممكن أن تُمنح الجائزة لغاندي. لكن المشكلة أن غاندي لم ينتمِ إلى أية منظمة، لم يترك خلفه حزبًا أو وصية، فمن سيتسلم القيمة النقدية للجائزة؟ لذلك طلب مدير مؤسسة نوبل النرويجية أغسطس شو من مستشار آخر للجنة وهو المحامي أولي تورليف رويد أن يفكر في العواقب العملية المترتبة على منح الجائزة لشخص بعد الوفاة. اقترح رويد عددًا من الحلول الممكنة للتطبيق. وبعد ذلك سأل مؤسسات منح الجوائز السويدية عن رأيهم فأتى جوابهم بالرفض. حيث أنهم رأوا أنه لا ينبغي أن تمنح جائزة لشخص متوفى إلا إذا مات بعد قيام اللجنة باتخاذ قرارهاا بهذا الشأن.
قررت اللجنة في الثامن عشر من نوفمبر عام 1948 ألا تمنح الجائزة لأحد في ذلك العام بحجة أنه «لا يوجد مرشح مناسب على قيد الحياة». كتب رئيس اللجنة جونار جون في مذكرته: «بالنسبة لي، يبدو بلا شك أن منح الجائزة لشخص بعد الوفاة متعارض مع نوايا الموصي» . ووفقاً لما ذكره، وافق ثلاثة من زملائه في النهاية بينما كان يفضل السيد أفتدال منح الجائزة لغااندي بعد وفاته.
أثيرت بعض الشكوك حول هذه القضية بعد ذلك، حيث قالوا أنه لربما فضلت اللجنة شخصًا آخر على غاندي وكانت تريد منح الجائزة له، وهو المبعوث السويدي لفلسطين الكونت برنادوت الذي قُتل في سبتمبر هذا العام. وهذا ما كانت اللجنة تشير إليه حين قالوا «لا يوجد مرشح مناسب على قيد الحياة» نحن نعلم اليوم أن برنادوت لم يكن مرشحًا أصلًا في عام 1948م، لذلك يبدو منطقيًا أن نقول أن غاندي كان ليُدعى إلى أسلو ليتسلم جائزة نوبل للسلام لو كن بقي على قيد الحياة لعام واحد آخر.
لماذا لم يفز غاندي بجائزة نوبل للسلام أبدا؟
حتى عام 1960م، كانت تمنح جائزة نوبل إلى الأوروبيين والأمريكيين فقط. بالنظر إلى الخلف، يمكن أن تبدو لجنة نوبل النرويجية ضيقة الأفق للغاية. كان غاندي مختلفًا جدًا عن الفائزين بالجائزة السابقين. لم يكن سياسيًا حقيقيًا ولم يقترح وضع قانون دولي، لم يكن عاملًا في الإغاثة ولا منظمًا لمؤتمر دولي للسلام. كان لينتمي إلى طائفة جديدة من الحاصلين على الجائزة.
لا يوجد أي تلميح في الأرشيفات أن لجنة نوبل وضعت في الحسبان احتمالية سوء رد فعل بريطانيا حول منح الجائزة لغاندي. لذلك يمكننا رفض الفرضية التي تزعم أن اللجنة رفضت أن تعطي الجائزة لغاندي لأن أعضاءها لم يشئوا أن يضايقوا السلطات البريطانية.
يبدو أن الصراع بين الهند وباكستان وتصريح غاندي في اجتماع الصلاة هما السببان الرئيسيان في رفض أغلبية اللجنة أن تمنح غاندي جائزة نوبل. وعلى عكس الوضع حاليًا، لا يوجد أي عُرف للجنة نوبل النرويجية يجعلها تحاول أن تستخدم جائزة نوبل للسلام كمحفز لجلب السلام في الصراعات الإقليمية.
عمل غاندي بجِد كي يقضي على العنف الحادث بين الهندوس والمسلمين الذي تبع انقسام الهند. ونحن لا نعلم الكثير بشأن مناقشات اللجنة حول ترشيح غاندي عام 1948م غير الذي ذكرناه سالفًا، لكن يبدو أنهم فكروا بجدية في منحه الجائزة بعد وفاته. وعندما انتهت اللجنة إلى قرار عدم منح الجائزة له لأسباب رسمية لم يعطوها إلى أحدٍ آخر، وألا ينفقوا مال جائزة هذا العام على الإطلاق. وتُرك مكانه في قائمة الحاصلين على جائزة نوبل فارغًا.
ترجمة: يارا محمد.