رسم توضيحي لعنقود نجم يتكون من اصطدام السحب الجزيئية المضطربة، التي تظهر كظلال داكنة أمام المجال النجمي للخلفية المجرية.
المصدر: ناسا / SOFIA / لينيت كوك
الشمس، مثل كل النجوم، ولدت في سحابة باردة عملاقة من جزيئات الغاز والغبار. ربما كان لديها عشرات أو حتى مئات من أشقاء النجوم -عنقود النجم- لكن رفقاء ذلك الزمن المبكر أصبحوا الآن متناثرين عبر مجرتنا درب التبانة. وعلى الرغم من أن بقايا هذا الحدث الخلقي الخاص قد تفرقت منذ زمن بعيد، إلا أن عملية الولادة النجمية مستمرة اليوم داخل مجرتنا وخارجها. ويتم تصور عناقيد النجوم في قلوب السحب الداكنة بصريًا، حيث تم إخفاء مراحل التشكل المبكرة تاريخًا عن الرؤية. ولكن هذه السُحُب الباردة المُغبرة تتألق بشكلٍ زاهٍ في نطاق الأشعة تحت الحمراء، لذا يمكن لتلسكوبات مثل المرصد الاستراتوسفيري لعلم فلك الأشعة تحت الحمراء (SOFIA)، أن تكشف عن هذه الأسرار القديمة.
تدَّعي النماذج التقليدية أنَّ قوة الجاذبية قد تكون وحدها المسؤولة عن تشكيل النجوم وعناقيد النجوم. بينما تشير الملاحظات الحديثة إلى أن المجالات المغناطيسية، والاضطرابات، أو كليهما مشتركان في الأمر، وربما هيمنوا على عملية التشكل.
ولكن ما الذي يحفز الأحداث التي تؤدي إلى تكوين عناقيد النجوم؟
باستخدام أداة مرصد SOFIA -جهاز استقبال الفلك الألماني في نطاق ترددات التيراهيرتز، المعروف باسم ((Great– تمَّ اكتشاف أدلة جديدة على أنَّ العناقيد النجمية تتشكل من خلال التصادمات بين السحب الجزيئية العملاقة. وقد تم نشر النتائج في البيانات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية.
ويصف توماس بيسباس باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة فيرجينيا، شارلوتسفيل بفيرجينيا، والمؤلف الرئيسي في الصحيفة، هذه النتائج الجديدة قائلًا:
«تدار النجوم بواسطة التفاعلات النووية والتي تخلق عناصر كيميائية جديدة، إن مجرد وجود الحياة على الأرض هو نتاج نجم انفجر منذ مليارات السنين، لكننا ما زلنا لا نعرف كيف تتكون هذه النجوم، بما في ذلك شمسنا».
وقد درس الباحثون حركة وتوزيع الكربون المتأين حول سحابة جزيئية حيث يمكن أن تتشكل النجوم. ويبدو أن هناك مكونين مميزين للغاز الجزيئي يتصادمان مع بعضهما بعضًا بسرعاتٍ تزيد عن 20.000 ميل في الساعة. ويتسق توزيع وسرعة الغازات الجزيئية المتأينة مع عمليات محاكاة التصادمات السحابية، التي تشير إلى أن عناقيد النجوم تتشكل عندما يتم ضغط الغاز في موجة الصدمة التي تنشأ عندما تتصادم تلك السحب.
وقال جوناثان تان الأستاذ بجامعة تشالمرز للتكنولوجيا في جوتنبرج بالسويد وجامعة فرجينيا وباحث بارز في الصحيفة:
«من الصعب تقييم نماذج تكوين النجوم رصديًا، ولكننا وصلنا لنقطة رائعة في المشروع، حيث يمكن للبيانات التي نتلقاها مع SOFIA اختبار المحاكاة».
رغم عدم وجود إجماع علمي حتى الآن على الآلية المسؤولة عن إنشاء عناقيد النجوم، إلا أن هذه الملاحظات الخاصة بصوفيا قد ساعدت العلماء على اتخاذ خطوة مهمة نحو كشف الغموض. ويعد هذا المجال من أكثر الأبحاث نشاطًا، وتوفر هذه البيانات أدلة حاسمة لصالح نموذج التصادم. ويتوقع المؤلفان أن تختبر الملاحظات المستقبلية هذا السيناريو لتحديد ما إذا كانت عملية تصادم السحب فريدة من نوعها في هذه المنطقة، أو أكثر انتشارًا، أو حتى آلية منتشرة لتشكيل عناقيد النجوم.
ويقول تان:
«خطوتنا التالية هي استخدام صوفيا لمراقبة عدد أكبر من السحب الجزيئية التي تشكل عناقيد نجمية، عندها فقط يمكننا أن نفهم كيف أن تصادمات السحاب الشائعة هي المسؤولة عن تحفيز ولادة النجوم في مجرتنا».
*صوفيا هي طائرة نفاثة من طراز Boeing 747SP معدلة لنقل تلسكوب قطره 106 بوصة.
ترجمة:محمد عزت
مراجعة: آية غانم