Vedi Napoli e muori
See Naples and Die
زُر نابولي، ومُت
فيلم جريمة-ميلودراما إيطالي إخراج عام 1951
ريكاردو فريدا
سُبات المارد في نابولي
إنه مكان خانقٌ ويعجّ بالضجيج مثل غرفة محرك السفينة.
روبرتو إسايا، عالم جيولوجيا إيطالي.
هنا في بيشاريلي، بين نابولي وميناء بوتسولي البحري، هناك شعور واضح أن شيئًا عملاقًا يكمن تحت الأرض. تقع البلدة في منطقة كامبي فليجري، والتي يعني اسمها الإيطالي (حقول الحرق) بالعربية، وهي منطقة -تبلغ مساحتها 150 كيلومترًا مربعًا تقريبًا- عالية النشاط البركاني بصورة غامضة ومخيفة!
وعلى عكس جبل فيزوف المطلّ على خليج نابولي من الشرق -والذى يعد بركان «كلاسيكي» مخروطي الشكل وتعلوه فوهة بركانية – فإن كامبي فليجري هي حفرة بركانية كبيرة، أي أنها منخفضٌ –كالديرا– نشأ عندما انهار بركان جزئيًا، بعد أن لفظ معظم حممه خلال ثورانه.
يقع جزء كبير من كامبي فليجري أسفل خليج بوتسولي، أما الجزء الظاهر فوق الأرض فهو مسطّح نسبيًا ولا يبدو كمصدر تهديد. لكن صور الأقمار الاصطناعية تُظهر أن الموقع يحتوي على العديد من الحفر البركانية (24 حفرة وبقايا بركانية). هناك أيضًا مظاهر غازية مدمرة في فوهة سولفاتارا، المنزل الأسطوري لإله النار الروماني، فولكان!
تتم مراقبة هذه المنطقة بواسطة مرصد فيزوف. [1]
إيقاظ العملاق الكامن
يساور العلماء الآن القلق حول هذا البركان أكثر من قلقهم من بركان فيزوف الأكثر شهرة، والذي لايزال نشطًا. ويلوح فيزوف في أفق نابولي ذات الثلاثة ملايين نسمة، وكان قد غمر مستوطنتي بومبي وهركولانيوم الرومانيتين بالرماد والطين البركاني وأحجار الخفاف البركانية عند ثورانه عام 79 بعد الميلاد. وقذف فيزوف نحو أربعة كيلومترات مكعبة من الصخور والحمم البركانية في ذلك الحين.
كان الانفجار هائلًا، وهو الأكبر في أوروبا خلال 100 ألف عام، وانتشر الرماد على كامل شرق البحر الأبيض المتوسط ووصل إلى المنطقة التي أصبحت حاليًا وسط روسيا.
حظي بركان كامبي فليجري باهتمام متزايد منذ أن خلصت دراسة حديثة إلى أنه يتطور نحو ظروف أكثر ملاءمة للثوران!
نُشرت الدراسة في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» التي تصدر في لندن، وقد أجريت بواسطة علماء في كلية لندن الجامعية ومرصد فيزوف التابع للمعهد الوطني الإيطالي لفيزياء الأرض وعلم البراكين، والذي يراقب باستمرار براكين فيزوف وكامبي فليجري وجزيرة إيشيا البركانية في خليج نابولي.
علامات مثيرة للقلق
وتظهر العروض الإلكترونية المرئية الخاصة بالمعهد الوطني الإيطالي لفيزياء الأرض وعلم البراكين رسوماً بيانية مع معلومات عن الأنظمة البركانية، على سبيل المثال درجة حرارة الأرض، ومقدار الارتفاع أو الهبوط الأرضي، وتكوين الغازات المنبعثة من فتحات الأرض المعروفة باسم المنافذ البركانية.
ومرّت أرض كامبي فليجري بنوبات ارتفاع وانخفاض بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، مصحوبة بآلاف الزلازل الصغيرة. ورفعت السلطات مستوى التحذير من الأخضر إلى الأصفر في عام 2012، أي أن البركان يُظهر علامات اضطرابات مرتفعة مع إمكانية زيادة نشاط الثوران.
تطور البركان جيولوجيًّا
هناك ثلاث مراحل أو فترات جيولوجية معترف بها لتطور بركان كامبي فليجري. [2]
الفترة الأولى
من المعتقد أن ثوران البركان حدث منذ حوالي 39280 ± 110 سنة (أقدم تقدير~37000 سنة)، حيث تفجّر حوالي 200 كم3 (48 ميل مكعب) من حجم الصهارة لإنتاج ثوران (Campanian Ignimbrite) وكان مؤشره للانفجار البركاني (VEI) يساوى 7، وهو ما يمثل أعلى قيمة على المقياس النسبي. [3]
تم إطلاق ما لا يقل عن 150 كم 3 من الصهارة في هذا الانفجار (ثوران CI)، والذي يمكن الكشف عن إشارته في قلب الجليد في جرينلاند. [2]
الفترة الثانية
حدثت بين 35000-10500 سنة مضت. [2]
تتميز بالرماد البركاني الأصفر الذي هو بقايا بركان هائل تحت الماء، بقطر 15 كيلومترًا (9.3 ميل)، وتقع مدينة بوتسولي في المركز.
منذ ما يقرب من 12000 سنة مضت حدث الانفجار الرئيسي الأخير، تشكلت كالديرا أصغر داخل كالديرا الرئيسية، وتتمحور حول بلدة بوتسولي.
وتشير الصخور الصفراء في نابولي إلى المنتج الرئيسي لهذا الحدث وهو الرماد البركاني الاصفر المميز.
الفترة الثالثة
يعود تاريخها إلى ما بين 8000 إلى 500 سنة، [2] وتتميز برماد أبيض، وهي المادة التي تشكل غالبية البراكين في الحقول.
بشكل عام، يمكن القول أن هناك نشاطًا أوليًا في الجنوب الغربي في منطقة باكولي وبايا (منذ 10000 إلى 8000 عام)؛ نشاط وسيط في منطقة تتمحور بين بوتسولي وجبل سباكاتا وأغنو (٨٠٠-٣٠٠٠٠ سنة مضت)، ونشاطٌ أكثر حداثة، تحرك باتجاه الغرب لتشكل بحيرة أفيرنوس ومونتي نوفو (الجبل الجديد) (منذ 3800 إلى 500 سنة).
تشير الرواسب البركانية هناك إلى ثوران ممكن، مُؤَرّخة من قِبَل الأرجون في 315000، و205000، و157000، و18000 سنة مضت.
تاريخ أكثر حداثة
الكالديرا، التي هي الآن في المستوى الأرضي أساسًا، يمكن الوصول إليها سيرًا على الأقدام، تحتوي على العديد من المخاريط الفرعية وحُفر الرماد البركاني التي تقع داخل الكالديرا، واحدة من هذه الحفر تحوي بحيرة أفيرنوس.
في عام 1538، أدّى ثوران ثمانية أيام في المنطقة ما يكفي من المواد لإنشاء قمة جديدة (Monte Nuovo).
وقد ارتفع حوالي مترين (7 أقدام) عن مستوى الأرض منذ عام 1970. [4]
في 21 أغسطس 2017 وقع زلزال بقوة 4 درجات على الطرف الغربي لمنطقة كامبي فليجري. [5] لقيت امرأتان مصرعهما وأصيب العديد من الأشخاص في كاساميسيولا على الساحل الشمالي لجزيرة إسكيا التي تقع جنوب مركز الزلزال.
يبدو أن ثوران البركان قد يكون أقرب مما كان يُعتقد سابقًا!
إعداد: عبد الرحمن قاسم
مراجعة علمية: أحمد فكري
تدقيق لغوي: هاجر زكريا
المراجع: