بعض الثقافات الأوروبية إما أن يتم السخرية منها وإما أن يتم الإطراء عليها أكثر بكثير مقارنةً بالثقافة الفرنسية، ولكن ما بين التفاني والإخلاص في الفن والميل للحروب والافتخار بالهوية الوطنية تمكنت (فرنسا) من نسج ثقافة متشابكة ومتعددة الجوانب والتي تحتوي على العديد من القيود. وحتى تتمكن من كشف هذا الغموض المحيط بتلك الثقافة نقدم لك تلك القائمة والتي تكشف لك عن تلك الألغاز التي تبيِّن ما يعنيه أن يكون الإنسان فرنسيًّا.
(البؤساء) (Les Misérables)
لـ (فيكتور هوجو) (1862)
دائمًا ما يتم اعتبار (البؤساء) واحدة من أفضل الروايات التي تم إصدارها في القرن التاسع عشر. كتب (هوجو) تلك الرواية لتشجيع عملية الإصلاح الاجتماعي لبلاده ولمحاربة الظلم الذي يراه في الدول الأوروبية، ولكن ما قام به في هذا العمل لم يمكَّنه فقط من التصدي للمخاوف الفرنسية المتعلقة بالرعاية والرفاهية الاجتماعية، ولكنه مكَّنه كذلك من جعل الكرامة الوطنية شيئًا راسخًا داخل وجدان الشعب الفرنسي، وهنا يرجع الفضل لـ (هوجو)، حتى أن الثوار، والذين هم على أتم استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل أفكارهم، جعلوا عبارة (الحرية والمساواة والأخوَّة) أو (LIBERTÉ, ÉGALITÉ, FRATERNITÉ) شعارًا وطنيًّا لهم. ويُعد الكثير من الناس على دراية بأحداث تلك الرواية بعد إنتاج الفيلم البريطاني والذي يحمل نفس عنوان الرواية عام (2012).
(لا يُمكن أن يكون 60 مليون فرنسي على خطأ)
(Sixty Million Frenchmen Can’t Be Wrong)
لـ (جين بينوا نادياو) (Jean Nadeau) ،(2003)
كيف يمكن للفرنسيين أن يعملوا أقل، ويحصلوا على عطلات أكثر، ويظل لديهم نظام اقتصادي عالمي قادر على الإنتاج؟ كيف يحافظون على تلك الحميات الغذائية ويصبحوا من أقل الأماكن إصابة بأمراض القلب مقارنة بـ (أمريكا) مثلًا؟
هذا هو دليل من يعشق (فرنسا) ومن يخاف منها على حدٍ سواء لمعرفة ما الذي يجعل من هذا البلد مكانًا رائعًا يثير الجنون. يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاء تواضح لنا كيف أن التاريخ الفرنسي، خاصة أثناء الحرب العالمية الثانية والحرب الجزائرية، قد كونت تلك الثقافة الفرنسية التي نراها اليوم، وكيف أن السياسة والتعليم الفرنسي وصلا إلى ما وصلا إليه، فهذا هو المكان الذي من المحتمل أن تكون الشخصية الفرنسية قد تطورت منها.
المجموعة الشعرية (أزهار الشر) (Les Fleurs du Mal)
لـ (شارل بودلير) (Charles Baudelaire) ،(1857)
لطالما اعتُبر الفرنسيون والشعر مرادفَين للحب والعاطفة، ولكن تلك (المجموعة الشعرية) كانت سببًا في احتجاج واستنكار شعبي كبير بسبب تصويراتها الدرامية ومحتواها المروِّع والمُحرَّم. تمت محاكمة (بودلير) في ظل حكم (الامبراطورية الفرنسية الثانية) أو (Second Empire) بتهمة إساءته للآداب العامة ومناقشته مواضيعًا مثيرة ومُحرَّمة، حتى أنه لم يتم رفع الحظر عن ستة من القصائد في هذا الديوان حتى عام (1949). ولكن على الرغم من كل ذلك فقد تمكن (بودلير) من إعادة صياغة وتهيئة الحدود الفاصلة بين الفن والتعبير، ووفقًا لما قاله (فيكتور هوجو) فإن (شارل) قد صنع (إثارة جديدة في عالم الأدب)، وبلغ تأثير أدبه حتى الأجيال التي تلت جيله؛ فأعماله ما زالت لها تأثيرها على الموسيقى والمسرح في يومنا هذا.
(الحياة الرائعة في باريس: المغامرات الرائعة في أكثر مدن العالم تأنقًا ودهشة)
(The Sweet Life in Paris: Delicious Adventures in the World’s Most Glorious – and Perplexing – City)
لـ (ديفيد ليبوفيتز) (David Lebovitz)، (2009)
يقوم هنا المؤلف وطاهي المعجنات المرموق (ليبوفتز) بالكتابة عن تحوله إلى إنسان (باريسي) في كتابه الهجين بين الطهي ومذكراته الخاصة، فيحكي عن طريق خياله المثالي، أو جنونه إن صح القول، أنه وبعد مسيرة مهنية لامعة في (أمريكا) قد قرر تغيير مسار حياته والسفر إلى (فرنسا) لمطاردة حلمه، وتحويل ارتباكه فيما يتعلق بالأعذار الاجتماعية الزائفة والتعقيدات الثقافية إلى شغف وولع حقيقي بالعادات الفرنسية مثل أكل الموز بالسكين والتأنُّق قبل إخراج القمامة من المنزل. استمتع بعشرات الوصفات الأصلية الممتزجة بين الحكايات المؤثرة والمزاح والسخرية.
مسرحة (عدو البشر) (The Misanthrope)
لـ (موليير) (Molière) ،(1666)
كان (موليير)، وهو الكاتب المسرحي الشهير، أول من من استهزأ بالفرنسيين بسبب تعاليهم وغرورهم الملحوظ، فقد قام بصنع تلك الشخصيات الديناميكية والتي تعاني من داء النفاق في تحفته (عدو البشر)، تلك المسرحية الكوميدية والتي يتم اعتبارها أحد أفضل أعماله على الإطلاق. بعد أن قامت الحكومة الفرنسية بحظر مسرحياته الأولى قام (موليير) بكتابة تلك المسرحية وقام فيها بالسخرية من الطبقة الأرستقراطية الفرنسية واستهزأ من تلك الأساليب والأخلاق الحياتية الراقية المتأنِّقة، كان هذا بمثابة حركة جريئة متهورة منه، إلا أنه تم استقبالها بحفاوة. وضع (موليير) بلاده، عن طريق تلك المسرحية الساخرة من مجتمعه، في صدارة الثقافة الراقية.
كتاب (دروس فرنسية: مذكرات)
(French Lessons: A Memoir)
لـ (أليس كابلان) (Alice Kaplan) ،(1993)
يتناول هذا الكتاب بحث (كابلان) عن اللغة الفرنسية بجعل هذا البحث كسرد للأحداث. يتنقل هذا الكتاب بين تجارب (كابلان) كمتعلمة للغة الفرنسية؛ فقد كافحت حتى يتم قبولها في البلدان الناطقة بالفرنسية وعانت حتى تتعلم هذا الحرف المصعب والمحيِّر في اللغة الفرنسية، حرف الـ (راء) أو (R)، واستخدمت هذا الأمر كتصوير لصعوبة اللغة بالنسبة لها. واجهت (أليس) الأنظمة الفرنسية الثقافية والسياسية حيث كانت تعرِّف نفسها كامرأة ثنائية اللغة تعتز بثقافتها وإرثها اليهودي، وتنسج طريقها عبر الأوساط الأكاديمية، الأمر الذي نتج عنه سردٌ صادقٌ لنمو الشخصية والهوية الثقافية، كتابٌ لا يجب على أي أحد مهتم باللغة الفرنسية عدم الاطلاع عليه.
رواية (الكونت دي مونت كريستو) (The Count of Monte Cristo)
لـ (ألكسندر دوما) (Alexandre Dumas) ،(1845)
يُعد (دوما) أحد أشهر الكتاب الفرنسيين الذين لا تزال أعمالهم لها جمهورها حتى اليوم، والموضوعات التي كان يتناولها مثل (العدالة) و (القضاء) جعلت من تلك الرواية عملًا مثاليًا للاقتباس في الأعمال السينمائية وعلى الشاشة الصغيرة. تتناول تلك الرواية الطبقات المختلفة من المجتمع الفرنسي والتأثير الديني على الثقافة في البلاد والأهمية الكبيرة للكرامة والعاطفة الفرنسية، ومع وجود حبكة معقدة وجذابة في نفس الوقت، أصبحت تلك الرواية ملائمة للمجتمعات لمدة تزيد عن 170 عامًا من إصدارها.
كتاب (تربية بيبي: أم أمريكية تكتشف الحكمة الفرنسية في تربية الأطفال) (Bringing Up Bébé: One American Mother Discovers the Wisdom of French Parenting) لـ (باميلا دروكرمان) (Pamela Druckerman) ،(2012)
ربما تكون الطريقة الأمثل لمعرفة لماذا يتصرف الفرنسيين بهذه الطريقة هي معرفة كيف بدأ كل شيء. يتحدث هذا الكتاب عن الكتب التي تتناول موضوع تربية الأطفال في القرن الحادي والعشرين حيث تقوم الصحفية الأمريكية، والتي تَلِد في (فرنسا) بشكل غير مقصود، بالتعمق في المشاكل المتعلقة بفكرة (الأبوَّة) في مجتمع غريب عنها تمامًا. الأمر المثير للإهتمام أن (باميلا) تكتشف أن الأطفال الفرنسيين ينامون مبكرًا، ويتناولون وجبات غذائية متوازنة، ويعطون أمهاتهم استقلالًا وحرية أكبر. كتبت (باميلا) هذ الكتاب المثير للجدل كخليط بين المذكرات و (علم الإنسان) أو كما يُطلق عليه (الأنثروبولوجيا)، وتناولت فيه مزايا فلسفة التربية الفرنسية وصاغتها بطريقة تجعل الجميع مهتمًّا بقراءته، حتى من لم يحظ بأطفالٍ بعد.
كتاب (حياتي في فرنسا) (My Life In France)
لـ (جوليا تشايلد) (Julia Child) ،(2006)
يُعد هذا الكتاب بمثابة مذكرات للمرأة التي يُنسب إليها الفضل في جعل المطبخ الفرنسي متاحًا للجماهير وأشعلت ثورة الطهي. على الرغم من أن الجميع يتذكرها باعتزاز كساحرة الطهي وشخصية تليفزيونية محبوبة، إلا أن (جوليا) بدأت حياتها في (فرنسا) كمهاجرة غير بارعة والتي لم تدخل مجال الطهي حتى بلغت 37 عامًا. كانت تكافح (جوليا) حتى تحقق هدفها ولكن على أرضٍ غريبةٍ عليها، ولكنها تحدت فكرة السلم الوظيفي في المطبخ الفرنسي ونشرت ما تعلمته، كانت غير قلقة بفكرة الفشل واستمرت بالعمل على ذلك حتى نجحت. تُعتبر تلك (المذكرات) هي طريقتها الخاصة في قولها (شكرًا) لـ (فرنسا) على معروفها وتأثيرها عليها ومساعدتها حتى وصلت إلى عالم الأضواء.
رواية (وليمة متنقلة) (A Moveable Feast)
لـ (إرنست همينجواي) (Ernest Hemingway) ،(1964)
تلك هي مذكرات الرجل الذي شجع (التجوال) على مدار أجيال والتي تم نشرها بعد وفاته. يُعد هذا الكتاب مجموعة من ملاحظات (همينجواي) الخاصة عن حياته في العاصمة (باريس) في فترة العشرينيات والتي تم تجميعها حتى يتاح للقرَّاء الاطلاع بطريقة متعمقة على أكثر الأجيال رومانسية بين الفنانين الباريسيين، ففي غمار (الحركة السريالية) أو (Surrealist movement) والاضطرابات السياسية في أوروبا يحكي (همينغوي) عن أصدقائه الأدباء مثل المؤلف الأمريكي (فرنسيس سكوت فيتسجيرالد) (F. Scott Fitzgerald) والأديبة الأمريكية (جيرترود شتاين) (Gertrude Stein) والكاتب الأيرلندي (جيمس جويس) (James Joyce)، كما أنه صوَّر (باريس) تصويرًا دقيقًا كما كان يتذكرها وقال: «هي الملاذ الفني والوليمة المتنقلة.».
ترجمة: أحمد فهمي