تُشير دراسة جديدة إلى أنَّ كوكب المشتري، والكواكب الغازية العملاقة الأخرى مثل «زُحَل وأورانوس ونبتون»، ربما كانت نشأتهم الأولى من عوالم البخار، فهي كواكب دافئة حجمها أكبر من الأرض، ولديها غلاف جوي من بخار الماء.
يفترِض جون تشامبرس، الباحث في معهد كارينجي للعلوم، أنَّ بعض الكواكب الأوليّة-Protoplanets قد تتكون وتصبح عوالم بخارية مُنذ نشأتها عن طريق تراكُم الصخور الجليدية، وحينما تتراكم تِلكَ الصخور على بعضِها يتكوّن الكوكب الأوليّ، ,يحدُث ارتفاعًا في الضغط، ممّا يؤدي إلى ذوبان الجليد؛ فتتكوّن المُحيطات. وبدون الهواء فإنَّ الماء أو أي سوائل أخرى مُتَبخِّرة، تقوم بخلق جَو يَسوده بُخار الماء، وحتى الكواكب الصغيرة نِسبيًا التي تتراوح كُتلتها بين 0.08 و0.16 من كتلة الأرض رُبما تكون دافئة جدًا، حيثُ إنّ درجة حرارتها تُساوي تقريبًا من 32 إلى 704 درجة فهرنهايت -من صفر إلى 347 درجة مئوية-.
وصرَّح تشامبرس لموقع (Space.com):
«لقد قُمتُ بحساب تركيب الغلاف الجوي في هذه الحالة، واستنتجت أنَّها تتحقق عندما تكون الظروف مناسبة للتدفُق السريع للغاز ليتكون كوكب عملاق، وهذا يحدث عندما تكون كتلة الكوكب أقل من كُتلة الأرض وقيمتها تُساوي تقريبًا عُشْر كتلة الأرض.
بَدأ تشامبرس نَموذجه بكوكب يدور حول نَجم يُشبه الشمس، يبتعد عنه حوالي ثلاثة أضعاف مدار الأرض حول الشمس، والكوكب من الداخل عبارة عن نصف جليد ونصف صخر، ولقد التحمت الحصَى داخل الكوكب الصغير ذو الطبقة الرقيقة من الغلاف الجوي المُتكوّنة من تَبخر الجليد، وبمُجرد أن تصبح كتلة الكوكب تُساوي 0.084 من كتلة الأرض يتوّفر ضغط جويّ كافي لانصهار الجليد، ويتحول الجسم إلى عَالَمْ مُحيط، وبالإضافة إلى الْتِحَام الصخور بالجليدِ، يصبح الكوكب أكبر تدريجيًا وتُكَدِّس النجوم الهيدروجين والهيليوم.
بما أنّه يوجد الكثير من الماء في الغلاف الجوي، فإنَّ الكوكب يصبح أكثر دفئًا لأنَّ بخار الماء من الغازات الدافئة القوية، كما أنَّ الكوكب الأوليّ Protoplanet يكتسب كتلة، وأيضًا يستمر ارتفاع الضغط الجويّ مما يسمح للجو بامتصاص المزيد من بخار الماء، وفي النهاية يصبح الضغط عالي جدًا، حيث أنّ المياه لم تَعُد محيط سائل، ولكنها تصبح من الموائع الحرجة الفائقة (supercritical fluid)* مختلطة مع الهيدروجين والهليوم، مع عدم وجود حدود بين الغلاف الجوي والسطح.
وما إن تتراكم كتل من الصخور والجليد حوالي 2 إلى 5 نسبةً لكتلة الأرض مع بعضهم البعض تبدأ عملية الهرب فيقوم الكوكب بجمع المزيد من الغاز بأسرع ما يُمكن من القرص حول النجم المضيف، وهذا ما يسمح لعملاق الغاز أن يتَضخّم طِبقًا إلى الدراسة الجديدة. وتفترض مُعظم نماذج تكوين الكوكب أنّ الكويكبات عبارة عن أجسام حجمها تقريبًا كيلومتر، وعلى الجانب الآخر فإن تراكم الحصى يُشير إلى أنّ الأجسام المتراكمة هي كما يوحي الاسم «حجم الحصى».
وقال مايكل لامبريشتس، الباحث في جامعة (Lund) بالسويد، بالرغم من أنَّه لم يشارك في دراسة تشامبرس:
«يعتبر هذا المخطط منطقي، كل ما في الأمر أنَّها بعض الفيزياء المنطقية جدًا، وإذا كان هذا السيناريو المطبق على المشترى غير معروف، فمع ذلك هناك بعض البيانات من بِعثة جونو التي تدور حول كوكب المشتري، والتي تُظهر حقيقة أكثر انتشارًا مما كان يعتقد العلماء في البداية، وأحد الآثار المُترتبة على ذلك هو أنَّه إذا كان تشامبرس والآخرون على صواب بشأن نموذج تراكم الحصى، فمن المتوقع وجود الجوهر الأساسي للمشتري فقط ليس إلّا نسبة صغيرة من كتلة الأرض.»
يعتقد علماء الكواكب جميعًا أنَّ عمالقة الغاز يجب أن تجمع معظم كتلتها في غضون بضعة ملايين من السنين، لأنَّ الرياح الشمسية من نجم حديث النشأة تقضي سريعًا على مُعظم الغاز في قرص الكواكب الأوليّة، وقال تشامبرس:
«ذلك الجدول الزمنيّ السريع من المُمكن أنْ يُسبّب المشاكل لبعض نماذج تكوين الكوكب؛ ولكنّه يتناسب مع فكرة تراكُم الحصى بِشكلٍ جيد، وعند مرحلة مُعينة يَتطلب الأمر تَجنُب التراكم سريعًا، وتحديد الخطوة التالية أن تكون إمعان النظر في المزيد من البيانات من خارج المجموعة الشمسية.»
ثُمّ اختتم تشامبرس حديثه:
«مازلت أعمل جاهدًا من خلال تلك التداعيات، لكنَّ الخطوة القادمة ستكون إضافة الجديد إلى هذه النتائج في نماذج أكثر شُمولًا لتكوين الكوكب، والفكرة هي مقارنة النتائج مع سكان الكواكب الخارجية لإثبات العوامل الأخرى المجهولة في تكوين الكوكب.»
ملحوظات:
*هي حالة تجمع بين خصائص السوائل والغازات.
ترجمة: أحمد سعد
مراجعة: آية غانم
المصدر: