حزام كويبر: نظرة عامة

kuiper

|

قد تجلس في شرفتك في ليلةٍ ناظرًا للسماء وتتجول ببصرك بين النجوم فيها، وقد ترى أيضًا انعكاسًا لأضواء كواكب عدة وأشهرها الزهرة اللامع. ولكن، ماذا إن ابتعدنا خلف الكواكب قليلًا، ما الذي يمكن أن يوجد هناك ولن يظهر لرؤيتنا بالشكل المثالي؟ حسنًا، أعتقد أننا سنصطدم بحزام كبيرٍ قليلًا من الأجسام الباردة ويسمى كويبر (Kuiper belt). مرحبًا بك الآن في عالم الأجسام الجليدية!

حزام كويبر وتكوينه:

إن المنطقة الواقعة وراء مدار نبتون ما هي إلا حزام كويبر، وهو عبارة عن منطقة على شكل قرص من أجسام جليدية، بما فيها الكواكب القزمة مثل بلوتو، و كذلك المذنبات. يمتد ذلك الحزام من 30 إلى 55 وحدة فلكية، ويقع بداخله ما يقرب من مئات الآلاف من الأجسام الجليدية عبر مساحةٍ أكبر من 100 كم (62ميل)، والمليارات أو أكثر من المذنبات.

اكتشاف حزام كويبر:

إن أول من تنبأ بوجود حزام كويبر هو عالم الفلك (جيرارد كويبر-Gerard Kuiper) عام 1973، والذي تم إثبات اكتشافه ذلك بعدها بثمانية عشرِ سنة.

وبعد خمس سنوات من البحث عن أجسام حزام كويبر، قام عالما الفلك ديفيد جيويت (David Jewitt) وجين لو (Jane Luu) عام 1992 بكشف بقعة خافتة من الضوء لجسم يبعد بـ 42 وحدة فلكية عن الشمس، وبقطرٍ يصل إلى حوالي 250كم، مما يعد ذلك بأول رؤية لجسم من أجسام كويبر (KBOs).

ثم وجد العلماء بعد ذلك جسم يدعى (Quaoar)، والذي يُعَد أكبر أجسام حزام كويبر بقطر يصل إلى 1500 كم، ثم في عام 2003 وبواسطة مرصد (سييرا نيفادا) في إسبانيا، تم اكتشاف جسم من أهم وأغرب وأجمل أجسام حزام كويبر، الكوكب القزم (هوميا).

أصل ونشأة حزام كويبر:

قد تتساءل الآن، لكن كيف نشأ كل ذلك؟ ومن أين؟
لقد نشأ حزام كويبر عن طريق أجسام تعتبر في الأصل مخلفات وبقايا نشأة الكواكب والنظام الشمسي(2) قبل حوالي 4.6 مليار سنة. ونتيجة لعدم الاستقرار الديناميكي الحاصل بين مداري أورانوس ونبتون، فقد وُجدت مرحلة قصيرة لكنها عنيفة من عدم الاستقرار حيث كانت الكواكب على مدارات انحراف كبيرة، فتفاعلت تلك الأجسام مع الكواكب العملاقة وتم قذفها إلى المنطقة الخارجية.
إن تطور منطقة الحزام ومداره يقع تحت إطار نموذج حديث للتطور الديناميكي للكواكب العملاقة والذي يعرف باسم نموذج (نيس)، مما أدى لإنتاج أجسام متباينة الأحجام والأشكال.

حجم الأجسام:

إن قياس الأجسام في حزام كويبر يعتبر صعبًا نظرًا لبعد مسافتها الشاسعة، وإنما يعتمد حساب قطر جسم من الأجسام على افتراضات حول كيفية انعكاس سطح القرص، ومع رصد الأشعة تحت الحمراء المأخوذة من تليسكوب سبيتزر الفضائي، أصبحت أجسام حزام كويبر الكبيرة معروفة الأحجام.

سبب التسمية:

لقد تمت تسمية منطقة حزام كويبر بذلك الاسم تيمّنًا باسم عالم الفلك الذي تنبأ بوجودها (جيرارد كويبر-Gerard Kuiper)، وقد يسمى في بعض الأحيان بحزام (Edgeworth-Kuiper) اعترافًا بالمناقشة المستقلة السابقة التي تمت بواسطة (كينيث إدجيورث).

أما بالنسبة لأجسام حزام كويبر المُكتشفة، فقد تم تسميتها وفق أساطير إغريقية متنوعة، فمثلًا (إيريس) أخذ اسمه من اسم إله الخلاف والصراعات للإغريق. وأما اسم (هوميا) فهو نسبةً إلى (هاوايان) إله الخصوبة والولادة عندهم. أما أسماء المذنبات لكلا المنطقتين فقد تمت تسميتهم بأسماء من اكتشوفهم من أشخاص.

أهم الأجسام المكون منها الحزام:

رغم أن الحزام مليء بالأجسام والأشكال المختلفة إلا أن بعض تلك الأجسام قد بزغ ولمع متميزًا بينهم، وكان من أهمهم هو كوكب بلوتو، إن بلوتو قد يكون أحد أفضل أكبر الأجسام في حزام كويبر، وبالرغم أنه كوكبٌ قزم، لكنه يقيم أيضًا في منطقة حزام كويبر، فيعتبر بذلك أحد الأجسام المكونة له.

أما الجسم الآخر فهو (هوميا) الذي تحدثنا عن اكتشافه سابقًا، وهو واحدٌ من أكثر أجسام الحزام غرابة، فهو يعتبر جزءًا من العائلة الاصطدامية التي تدور حول الشمس. تتكون تلك العائلة الجسم الأب (الجسم الأساسي) هوميا، والقمران التابعان له (هاياكا) و(ناماكا).

أما هوميا ونشأته، فقد تصادم كما يبدو مع جسمٍ آخر كان يحمل نصف حجمه، مما أثر على الكتل الجليدية وأرسل الكوكب بشكلٍ مائل بعيدًا، ولسرعة هذا الكوكب؛ فقد تسبب الاصطدام والسرعة في دورانه حول محوره ليعيد ذلك تشكيل نهايتيه ليصبح بيضاويًا كشكل كرة القدم الأمريكية.

صورة متحركة لدوران هوميا.

ما أهمية حزام كويبر؟

قد يتراوح على أذهاننا أنه لا أهمية لذلك الحزام من قريب أو بعيد لدينا، لكن العلماء لم يفتهم ذلك بالتأكيد، خاصة وأنهم قد أشاروا إلى اعتقادهم أن أهميته تكمن في أن الأجسام المتجمدة فيه قد تحمل دلائل عن أصل ومنشأ نظامنا الشمسي، وتعرفنا عنها أكثر من ذلك.

ولقد قامت مركبة الفضاء التابعة لناسا (New Horizons) في عام 2015 بالتحليق إلى ما وراء بلوتو مما يعد بأول اكتشاف عن قرب لجسم من أجسام حزام كويبر، وتستمر تلك المركبة في التحليق بشكلٍ أعمق في المنطقة بين الحطام الجليدية، ويُتوقع أنها ستكون قادرة على اكتشاف جسم واحد آخر على الأقل.

 

إعداد: دينا الخطيب

مراجعة: Mohammed Abkareno

المصادر:

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي