يتراجع صاروخ (لونج مارش 5 بي-Long March 5B) الصينيّ بشكل غير متوقع ٍإلى الأرض خارجًا عن السيطرة، بعد تدشينه جزءً من محطة الفضاء الصينيّة الجديدة ووحدة محطة تيانخه الفضائيّة التي يبلغ وزنها 22.5 طنًا في مدارها الصحيح وذلك بعد فصلها عن المرحلةِ الأساسية للصاروخ كما هو مُخطط لها، والآن من المتوقع أن يعود للأرض مرة أخرى كحطام في غضون أيامٍ قليلة – على الأغلب قبل 10 مايو.
ومن غير المألوف أن تصلَ تلك الصواريخ إلى السرعةٍ اللازمة للوصول إلى المدار، لكنه يسافر حاليًا حول العالم مرة واحدة كل 90 دقيقة، بمعدل سبعةٍ كيلومترات كل ثانية، فيمر بشمال نيويورك وأفريقيا ومدريد وبكين وتشيلي ونيوزيلندا، لذا من المُقدر أن يكون صاحب واحدة من أكبر حالات إعادة الدخول غير المنضبط لمركبة فضائيّة.
هل يُمكن أن يشكل خطرًا؟
احتمال أن يهبط على منطقة مأهولة مستبعد قليلًا، ولكن الاحتمال الأكبر هو أنه سيسقط في مكان غير مأهول مثل محيطات الأرض، والتي تغطي 71٪ من الكوكب. وبالتالي فإنَّ احتمالات إصابة فرد مُعين بالحطامِ الفضائيّ منخفضة للغاية، حيثُ تقدر أحيانًا بواحد من بين عدة تريليونات. لكن هذا ليس مطمئنًا كفاية، فمن الصعب دائمًا تقييم مقدار الكتلة المتبقية وعدد الشظايا دون معرفة تصميم الصاروخ، ولكن القاعدة العامة المعروفة هي حوالي 20-40 في المائة من الكتلة الصلبة الأصليّة.
أسوأ سيناريو هو إصابة أحد القضبان الهيكلية لشخص ما، من المحتمل أن يكون قاتلاً لكن من غير المحتمل أن يسقط العديد من الضحايا. وسوف يسافر الحطام بسرعة 100 ميل في الساعة تقريبًا، لذلك قد يكون هناك أضرار باهظة للممتلكات، ولكن نظرًا لأنه سينتشر على طول 100 ميل على طول المسار، فمن المُحتمل أن تصطدم قطعة واحدة أو قطعتين فحسب بمنطقة مأهولة بالسكان.
قال جوناثان ماكدويّل، عالم الفيزياء الفلكيّة في مركز الفيزياء الفلكية في جامعة هارفارد:
من المُحتمل ألا يكون الأمر جيدًا، ففي المرة الأخيرة التي أطلقوا فيها صاروخ لونج مارش 5 بي، انتهى بهم الأمر بقضبان كبيرة طويلة من المعدن تتطاير في السماء وألحقت أضرارًا بالعديد من المباني في ساحل العاج، احترق معظمها في الغلاف الجويّ، لكن كانت هناك قطع معدنية هائلة اصطدمت بالأرض، كنا محظوظون للغاية حينها ولم يُصب أحد.
تتبُع الصاروخ
يترنح صاروخ Long March 5B حاليًا على ارتفاع يتراوح بين 170 و 372 كيلومترًا. وفي الوقت الحاليّ، ويظل الصاروخ ضمن هذه المعايير، لكنه انخفض أكثر اليوم إلى ما يقارب من 160 كيلومترًا، وذلك في الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت جرينتش، عندما كان يمُر فوق أفريقيا.
لماذا يصعُب التنبؤ بمكان سقوطه؟
مُنذ الأسبوع الماضيّ انخفض ارتفاعه إلى ما يقرب من 80 كيلومترًا، وأفادت الملاحظات الأرضيّة أنَّ سرعته كانت تخرج تمامًا عن السيطرة، مما يجعل من المستحيل التنبؤ بمكان هبوطه، لكن من المتوقع أن يعود إلى الأرض في 10 مايو. وبمجرد تأكيد اليوم المحدد، يمكن للخبراء توقع وقت سقوطه قبل مدة تقدر بستِّ ساعات.
على الرغم من أننا لا نعرف بعد أين سيهبط، إلا أن العلماء يعرفون أين سيتجنب Long March 5B السقوط؛ نظرًا لأن الحُطام يميل عند 41 درجة إلى محور الأرض، فإن أيّ حطام لن يسقط أكثر من ذلك شمال أو جنوب خط العرض؛ ولذلك، فإن منطقة الخطر تشمل فقط أيّ جزء من سطح الأرض بين دائرتي عرض 41 شمالًا و 41 جنوبًا.
هل نحن بمأمْن من الحطام الفضائيّ؟
لنفترض أنك تتفادى حطام قمر صناعيّ معين، ما هي فرص إصابتك بشيء يسقط من المدار – حطام فضائي أو غير ذلك – خلال حياتك؟
تقول نًاسا إنه من المستحيل تحديد المخاطر الإجماليّة التي يتعرض لها الفرد من قبل جميع المركبات الفضائيّة والأقمار الصناعيّة والنفايات الفضائيّة التي تدور حولنا حاليًا، على الرغم من أنها تعتقد أنَّ الخطر ضئيل للغاية.
كتب (نيك جونسون-Nick Johnson)، كبير علماء الحطام المداري:
سيكون من الصعب الجزم، وسيستغرق وقتًا طويلاً لاستنباط الأرقام بشكلٍّ صحيح لأيّ مركبة فضائيّة معينة محتملة السقوط، إن القيام بذلك بالنسبة لآلاف المركبات الفضائيّة والصواريخ الموجودة في المدار -في الماضي أو الحاضر- لن يكون من الممكن تتبعه. ولا يمكن إجراء مثل هذا الحساب لأننا لا نعرف تفاصيل بناء المركبات الفضائيّة الأجنبيّة ومركبات الإطلاق.
من ناحية أخرى، تشعر وكالة الفضاء الأوروبية براحةٍ أكبر عند تحديد الاحتمالات، فبحسب البيانات فإن الخطر السنويّ لإصابة شخص واحد بجروح خطيرة بسبب دخول قطعة من الحطام الفضائي هو حوالي 1 من كل 100.000.000.000، أيّ واحد من كل 100 مليار.
وللمقارنة فإن الخطر السنوي الذي يتعرض له شخص واحد من الاصابة بالبرق يزيد بنحو 60.000 مرة، وخطر الإصابة الخطيرة من حادث سيارة يزيد بحوالي 27 مليون مرة عن الخطر المرتبط بإعادة أحداث الدخول.
في عام 1997، أصبح ذلك التهديد الضئيل للحطام الفضائيّ حقيقة واقعيّة بالنسبة لـ(وتي ويليامز-Lottie Williams). وأصبحت المقيمة في تولسا بولاية أوكلاهوما هي الشخص الوحيد المعروف أنه أصيب بقطعة من الحطام الفضائيّ. اصطدمت قطعة معدنية بحجم DVD من صاروخ دلتا-2 على كتِفها بينما كانت تتدرب في حديقة. ولحسن الحظ وبسبب مقاومة الرياح كانت قطعة الحطام تُرفرف ببطء شديد لدرجة أنها لم تتأذى.
لحُسْنِ الحظّ، فإن الاحتمال الأرجح هو أن الناس سيظلون آمنين ولن تكون هناك أضرار طفيفة للمباني أو البيئة. لكن هذا لا يرجع إلى الإجراءات الوقائيّة أو الدفاعيّة، بل هو مسألة إحصائيّة فحسب.