أسلاك نانوية من الحمض النووي والبروتين

12

استطاع العلماء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا لأول مرة صناعة مادة تحمل «الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين -DNA» والبروتين معًا فبدمج كلا الجزيئين في مادة واحدة تُتَاح العديد من التطبيقات التكنولوجية التي لم تكن متاحة من قبل. يمكن أن تُستخدَم النماذج المُصَنعة من «الحمض النووي DNA-» وحدها في إيصال الدواء للخلايا السرطانية دون المساس بالخلايا السليمة، أما نماذج البروتين المُصَنعة يمكن أن تُستَخدَم في العديد من الاستخدامات منها إستهداف نوع معين من الفيروسات.

قال الباحث «يان مو-Yun Mou» أحد المشاركين بالبحث «تتميز تقنية المواد متعددة المكونات بأنه كلما تنوعت المواد الداخلة في المادة المُصَنعة كلما كان للمادة وظائف ومميزات أكثر. فعلى سبيل المثال البروتين له العديد من الاستخدامات مثل تفاعلات البروتينات وبعضها «protein-protein interaction» أو كإنزيم ليسرع من التفاعل. أما DNA من السهل برمجته لجزيئات نانو متعددة الأشكال والأحجام».

 

ولكن كيف استطاع العلماء تصنيع أسلاك نانو من الحمض النووي والبروتين في حدثٍ غير مسبوق؟

أجاب «يان مو-Yun Mou» «بدأ المشروع ببرنامج على الحاسوب؛ حيث يُصَمم البرنامج نوع البروتين وDNA الذين يتلاءما لصناعة المادة الهجين (تُسَمى أسلاك DNA والبروتين النانوية) ويُصَنع الهجين اعتماداً على طريقة التجربة والخطأ (هي طريقة تعتمد على دمج الأشياء ورؤية نتيجة الدمج إذا كانت مرغوبة أو ليس لها معنى)».

فقام الباحثون خصيصًا بتصميم برنامج داخل المعمل للعمل عليه بهذه التقنية. بحيث يتم إدخال الخواص المرغوبة لأسلاك DNA والبروتين. وبعد ذلك يقوم البرنامج بإخراج تتابعات الأحماض الأمينية (الوحدة البنائية للبروتين) والقواعد النيتروجينية (أحد مكوناتDNA ) التي تتوافق لإنتاج المادة المرغوبة.

لكن صناعة أسلاك DNA والبروتين النانوية ليست بتلك البساطة حيث يتوجب على الباحثين فحص النماذج الناتجة؛ لكي يتأكدوا أن التتابعات الناتجة ذات معنى وليست تتابعات عشوائية بلا قيمة. فاذا تَم إنتاج تتابعات ليس لها معنى يقوم العلماء بتصحيح التتابعات حتى يتم الوصول في النهاية لتتابُعات مُتَفقٌ عليها من البرنامج ومن العلماء. وبعدها يستطيع العلماء خلط تتابعات الاحماض الأمينية وDNA لصناعة أسلاك DNA والبروتين النانوية.

تعد النسخة الناتجة لارتباط البروتين وDNA في مادة واحدة (معمليا) نسخة مصنعة لعملية طبيعية، حيث أن هذا الترابط يوجد في الطبيعة أثناء عملية «النسخ-Transcription» وفي هذه العملية يتم عمل نسخةRNA من DNA بواسطة إنزيمات متخصصة، ولكن لكي يتم استدعاء الإنزيمات اللازمة لعملية «النسخ-Transcription» يتَطَلب ذلك بروتينات تُسَمى «عوامل النسخ-Transcription factors». ويتوجب على هذه البروتينات ان ترتبط بأماكن معينة على جزيء DNA تُسَمى «مجال ارتباط البروتين-protein binding domain».

 

إعتماداً على هذه الفكرة قام العلماء بإستخدام برنامج حاسوب لتصنيع تَتَابُع من DNA والذي يحوي العديد من «مجالات ارتباط البروتين-protein binding domains» على مسافات منتظمة. وبعد ذلك يقوم العلماء باختيار «عامل النسخ-Transcription factor» المناسب والذي يرتبط بصورة طبيعية بهذا المجال على DNA. في هذا البحث «عامل النسخ-Transcription factor» الذي تم اختياره يُسَمى «Engrailed» (مصدره ذبابة الفاكهة).

 

لكن الموضوع لم يَكن سهلًا فهنالك مشكلة تَكمُن في صناعة خيوط متصلة وطويلة من البروتين وDNA؛ حيث أن عامل النسخ «Engrailed» لا يستطيع أن يرتبط ألا ب «مجال ارتباط البروتين-protein binding domain» واحد فقط. فكيف له أن يرتبط مع جزيء أخر من البروتين ليكون سلسة طويلة !؟
تغلب العلماء على هذه المشكلة حيث قاموا بتعديل جزء من عامل النسخ «Engrailed» بحيث يرتبط أيضًا مع البروتين الذي يليه. فبذلك يكون لعامل النسخ «Engrailed» ذراعان، ذراع يمسك بها DNA وأخري يمسك بها البروتين الذي يليه.

تمتلك هذه الأسلاك العديد من المميزات منها خاصية «التجميع الذاتي-coassembly» (يعني أن المادة لا تتكون الا عند تواجد البروتين وDNA معًا في المحلول) وهذه الخاصية مهمة في التطبيقات الطبية والصناعية؛ حيث أنه يمكن أن يتم وضع كل مكون على حدة وبعد ذلك تتحد المكونات في الوقت المناسب والمكان المناسب.

يعتقد الباحثون أن هذه المادة لها العديد من التطبيقات التي ربما تغير الأبحاث والدراسات السريرية في المستقبل. ويقول «يان مو-Yun Mou» «ستكون خطوتنا التالية هي إيجاد المزيد من التطبيقات لمادتنا الجديدة، حيث أنه من الممكن أن تكون أحد الوسائل لتوصيل الدواء للخلايا (مثل الخلايا السرطانية) عن طريق العلاجات المٌوَجَهَة (والتى تستهدف فقط خلايا معينة عن طريق «سمات حيوية-Biomarkers» على سطح الخلية). أيضًا من الممكن أن يتم تطويرمكونات المادة من (بروتين و) DNA إلى (بروتين وRNA) والذي سَيَتَرتب عليه العديد من التطبيقات في العلاج بالجينات.كما يعتقد العلماء أن للمادة الجديدة العديد من التطبيقات التي لم يتم اكتشافها بعد.

 

إعداد: Amal Tarek Mekawi

مراجعة: Hosny Ayman

تصميم: Ayman Samy

 

المراجع: 1

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي