هل يمكننا استخدام الـ GPS على سطح القمر؟

هل يمكن لرواد الفضاء استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للتنقل على القمر؟

من المقرّر العودة للقمر قريبًا في إطار مشروع (أرتميس – Artemis) الّذي أطلقته ناسا، سيكون الهدف الرّئيسيّ هو استخراج رواسب الجليد بالحفر بالقرب من القطب الجنوبيّ للقمر، وتلك الرّواسب مفيدةٌ، ليس فقط للمياه، ولكن لأنّها يمكن أن تتحلّل إلى هيدروجين وأكسجين.

لكنّ روّاد الفضاء سيحتاجون إلى إرشاداتٍ للتّوجّه بدقّةٍ إلى المواقع الّتي أشارت المركبات الفضائيّة الآليّة إلى وجود الجليد فيها على الخريطة القمريّة. كما سيحتاجون أيضًا للالتقاء بالمعدّات المرسلة مسبقًا مثل سفن الإنزال والمركبات القمريّة ومعدّات الحفر ومركبات الإمداد. لا يوجد في الأمر مجال تخمينٍ، فهم سيحتاجون إلى معرفة أماكنهم بدقّةٍ في الوقت الفعليّ، سواءً كانوا في مدارٍ حول القمر أو على سطح القمر الغريب جدًّا.

الأمر الّذي أثار اهتمام بعض العلماء. فهنا على الأرض، تغيّرت حياتنا من خلال نظام تحديد المواقع العالميّ (GPS)، فأساطيل الأقمار الصّناعيّة الّتي تديرها الولايات المتّحدة ودولٌ أخرى تُستخدم بطرقٍ لا تُعدّ ولا تُحصى لمساعدة النّاس على التّنقّل. هنا يمكن للنّظام تحديد المواقع بدقّةٍ تقاس بالسّنتيمتر. فهل يمكن أن تساعد تلك التّقنيّة روّاد الفضاء في الرّحلات القمريّة؟

بحث في اﻷمر (كار مينغ تشيونغ – Kar-Ming Cheung) و(تشارلز لي – Charles Lee) من مختبر الدّفع النّفّاث التّابع لناسا، وخلصا إلى أنّ الجواب هو نعم.

حيث يمكن استخدام إشارات الأقمار الصّناعيّة الملاحيّة العالميّة بالقرب من الأرض لتوجيه روّاد الفضاء في المدار حول القمر على بعد 385،000 كم. قدّم الباحثون أحدث نتائجهم في المؤتمر الّذي يقيمه معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيّات في مجال الفضاء الجوّيّ (IEEE Aerospace) في مونتانا لشهر مارس 2020.

قال تشيونغ:

نحن نعمل على تشغيل هذا النّظام. فخاصّةً مع الفيض الهائل من البعثات في السّنوات القليلة القادمة، يجب أن نمتلك البنية التّحتيّة لتحديد مواقع تلك المركبات.

رسم تشيونغ ولي مدارات الأقمار الصّناعيّة للملاحة من نظام تحديد المواقع العالميّ للولايات المتّحدة واثنين من نظرائه، جاليليو الأوروبيّ والنّظام الرّوسيّ (GLONASS)، بمجموع 81 قمرًا صناعيًّا. يحتوي معظمها على هوائيّاتٍ تتّجه نحو سطح الأرض، لكنّ إشاراتها تنطلق أيضًا في الفضاء. يقول الباحثون إنّ تلك الإشارات قويّةٌ بما يكفي لقراءتها بواسطة مركبةٍ فضائيّةٍ ذات مستقبلاتٍ صغيرةٍ إلى حدٍّ ما بالقرب من القمر. وفقًا لتشيونغ ولي وفريقهما، ستكون المركبة الفضائيّة في المدار القمريّ قادرةً على رؤية ما بين خمسةٍ إلى 13 قمرًا صناعيًّا في أيّ وقتٍ كان؛ وهو ما يكفي لتحديد موقعها بدقّةٍ في الفضاء في حدود 200 إلى 300 مترٍ. في محاكاة الكمبيوتر كانوا قادرين على تنفيذ طرقٍ مختلفةٍ لتحسين الدّقّة بشكلٍ كبيرٍ بالبناء على ذلك.

ستكون مساعدة روّاد الفضاء على الملاحة بعد الهبوط على سطح القمر أكثر تعقيدًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنّ كوكب الأرض سيكون منخفضًا في الأفق في المناطق القطبيّة. وقد تعيق التّلال أو حوافّ الحفر بسهولةٍ إشارات اﻷقمار الصّناعيّة.

لكنّ فريق مختبر الدّفع النّفّاث وزملاءهم في مركز جودارد لرحلات الفضاء في ماريلاند توقّعوا ذلك. ولمساعدة روّاد الفضاء اقترح الفريق استخدام جهاز إرسالٍ يقع بالقرب منهم كنقطةٍ مرجعيّةٍ. كتب العلماء أن ربّما يمكنهم استخدام قمرين صناعيّين في مدارٍ حول القمر؛ قمرٍ صناعيٍّ جديدٍ مرحّلٍ في مدارٍ قمريٍّ مرتفعٍ ليكون بمثابة منارةٍ لتحديد المواقع، جنبًا إلى جنبٍ مع مركبة الاستطلاع المداريّة القمريّة التّابعة لناسا، والّتي تقوم بمسح وفحص القمر منذ عام 2009.

لا يلزم أن تكون هذه الشّبكة المصغّرة باهظة التّكلفة وفقًا لمعايير البرامج الفضائيّة. يمكن أن يكون القمر الصّناعيّ المرحّل صغيرًا جدًّا، وأن يسترشد تصميمه من تصميمات الأقمار الصّناعيّة الحاليّة، ويركب على ظهر صاروخٍ يطلق حمولاتٍ أخرى باتّجاه القمر قبل وصول رواد الفضاء.

كانت خطط أرتميس في حالة تغيّرٍ مستمرٍّ، وتباطأت بسبب المناقشات حول التّمويل وهيكل المهمّة. كان مديرو وكالة ناسا يعوّلون على محطّة قاعدةٍ في مدار القمر مخطّطٍ لها، وتُعرف باسم (البوّابة – Gateway)، لجعل المهامّ المستقبليّة أكثر عمليّةً. لكن إذا كانوا سيضعون روّاد فضاءٍ على سطح القمر بحلول عام 2024، كما أعلن البيت الأبيض، فإنّهم يقولون إنّ البوّابة قد تضطر إلى الانتظار حتّى وقتٍ لاحقٍ من هذا العقد. ومع ذلك، يقول العلماء إنّ الخطط المبكّرة للملاحة القمريّة ستكون مفيدةً، بغضّ النّظر عن ترتيب الخطط بشأن عمليّات الهبوط على القمر.

قال تشيونغ:

إنّ هذا اﻷمر بالإمكان، فهي مجرّد مسألة أموالٍ.

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي