العثور على دليل لأقدم الصفائح التكتونيّة المتحركة في أستراليا

العثور على دليل لأقدم الصفائح التكتونية المتحركة في أستراليا

يظهر نتوء صخري تكوّن قبل أكثر من 3 مليار عام في أحد المناطق الطبيعية بغرب أستراليا. يُقدّم هذا النتوء أداةً هامة للجيولوجيين تساعدهم في التعرّف على تاريخ الأرض والحركات التي شهدتها في الماضي البعيد. تحتوي هذه الصخور -التي تُعدّ من أقدم الصخور في العالم- على ما قد يكون دليلًا مباشرًا على حركة الصفائح التكتونيّة.

تكوّنت هذه الصخور عن طريق الصهارة المنبعثة من باطن الأرض عندما تخلّلت إلى سطح الأرض عند قاع محيط  قديم، ثم بردت هذه الصهارة وتحوّلت إلى كتلةٍ بارزةٍ.

يعتقد العلماء أن القشرة الأرضيّة قد تشققت -منذ حوالي 4 مليار إلى مليار سنة مضت- إلى قطعٍ منفصلة. ثم بدأت تلك القطع في التصادم مع بعضها البعض، ومن ثمّ سحبت الصخور إلى الصهارة بباطن الأرض، وبعضها رُفع للأعلى. وبهذه الطريقة تكوّنت الصفائح التكتونيّة.

تنتقل تلك الصفائح التكتونيّة باستمرار. وتساهم هذه العملية في بناء الجبال ونحت الأحواض وحدوث الانفجارات البركانيّة. نحتت هذه الحركات مجموعة متنوعة من البيئات، بما في ذلك الفتحات الحراريّة المائيّة في قاع البحار وأحواض المياه ذات درجات الحرارة الفائقة على سطح الأرض.

حتى الآن لا يُعرف إلا القليل جدًا عن كيفية حدوث هذه العمليّة ووقت حدوثها. أُقيمت دراسات عديدة في هذا الشأن؛ بعضها يعتمد على التحليل الكيميائي للمعادن الموجودة في مناطق الاندساس (المنطقة التي يندثر بها أحد الصفائح التكتونيّة تحت صفيحة أخرى). واعتمدت دراسات أخرى على العلامات المغناطيسية المحفوظة في الصخور.

عام 2016 م، بحث العلماء في صخور أستراليا القديمة عن الآثار المغناطيسيّة؛ حتى يتسنى لهم قياس الانجراف المبكر للقشرة الأرضيّة. في أثناء ذلك وجدوا صخور البازلت القديمة في غرب أستراليا والتي تعرف ب (Honeyeater basalt) وبدأوا دراستها.

جمع فريق البحث العديد من العينات حول منطقة النتوء، ثم حلّلوا العلامات المغناطيسيّة لكل عينة في المختبر. بملاحظة العينات المكوّنة من معادن غنيّة بالحديد، نجد أن معادن الحديد كانت تصطف معًا كصفوف إبر البوصلة أثناء فترة تبلورها. بعد حساب التغيرات التي طرأت على الصخرة منذ تكوّنها، وُجِد أن جميع إبر البوصلة مصطفة في تجاه واحد، ما يعني أنها العلامات المغناطيسية القديمة الحقيقية للصخرة.

بمقارنة صخرة البازلت تلك مع صخور أخرى أقدم قليلًا منها قد تم تحليلها مسبقًا، استنتج الفريق أن القشرة الأرضية كانت تتباعد بمقدار 2.5 سم كل عام، في فترة تكوين تلك الصخور. وهذا المعدل يعتبر سريع للغاية.

لكن ما اُستُنتِج في تلك المنطقة لا يعني بالضرورة أن الصفائح كانت تتحرك في جميع أنحاء العالم. من الممكن أن حركة الصفائح قد بدأت تدريجيًا، حيث انفصلت القشرة الأرضية وبدأت في السير في بعض مناطق قبل الأخرى.

كما أن آلية حدوث هذه الحركة مازالت غير واضحة. حيث إن أحدى القوى المُحرِّكة للصفائِح التكتونيّة الحديثة هي شدّ الألواح الصخريّة التي تغوص في الوشاح في مناطق الاندساس، لكن في الماضي قد يكون هناك قوى أخرى مؤثّرة، مثل: ارتفاع الصهارة التي تباعد بين الصخور على السطح.

إنْ كانت هذه التحرّكات التي حدثت منذ حوالي 3 مليار سنة مضت بالفعل تُشير إلى بداية تكوّن الصفائح التكتونيّة، فهي بالتالي بداية للتطوّر الجيولوجي للأرض، والذي كان نقطة محورية لتطور الحياة عليها. تعمل الصفائح التكتونيّة كترموستات كوكبي، حيث تدير الغازات الدفيئة من أعماق الأرض إلى الغلاف الجوي، كما تقود الانفجارات البركانيّة، التي تجرف المغذيّات من أعماق الأرض إلى سطحها.

يمكننا من خلال فهم آليّة عمل الصفائح التكتونيّة، تحديد أوقات الأحداث التي ساهمت في نماء كوكبنا.

من أجل ذلك، يبحث العلماء في مختلف بقاع الأرض على آثار الحركات الأرضية القديمة.

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي