دليلك المبسط لفهم الاقتصاد

دليلك المبسط لفهم الاقتصاد

ما هو الاقتصاد؟ وكيف نشأ علم الاقتصاد؟ وما هو تاريخ الفكر الاقتصاديّ الحديث؟ ومن وضع النّظريّات الاقتصاديّة؟ وهل يعدّ الاقتصاد علمًا؟ وما العلاقة بين الاقتصاد والتّمويل؟ وما الاقتصاد الجزئيّ والاقتصاد الكلّيّ؟ وما الفرق بينهما؟ سنحاول في هذه السّلسلة من المقالات تقديم دليلٍ مبسّطٍ لفهم علم الاقتصاد.
حسنٌ، لنعد إلى البداية. 

ما هو الاقتصاد؟

الاقتصاد هو علم النّدرة.. وهو العلم الّذي يدرس العلاقة بين الاحتياجات اللّامتناهية والموارد المحدودة، من خلال دراسة أنشطة الإنتاج والاستهلاك والتّبادل، الّتي تترابط فيما بينها، والّتي تساعد في تحديد كيفيّة تخصيص الموارد النّادرة. ويُستخدم إنتاج واستهلاك وتوزيع السّلع والخدمات لتلبية احتياجات أولئك الّذين يعيشون ويعملون داخل الاقتصاد، أو ما يشار إليه أيضًا بالنّظام الاقتصاديّ.

أنواع النظم الاقتصادية

تسمح الاقتصادات القائمة على السّوق الحرّ للأفراد والشّركات بتبادل السّلع بحرّيّةٍ من خلال السّوق، وفقًا لقوى العرض والطّلب. وتعتبر الولايات المتّحدة -بشكلٍ رئيسيٍّ- اقتصاد سوقٍ، حيث يحدّد المستهلكون والمنتجون ما يباع وينتَج. ويمتلك المنتجون ما يصنعونه ويقرّرون أسعارهم الخاصّة، بينما يمتلك المستهلكون ما يشترونه ويقرّرون المبلغ الّذي يرغبون في دفعه.

فمن خلال هذه القرارات تحدّد قوانين العرض والطّلب الأسعار والإنتاج الكلّيّ. فإذا زاد طلب المستهلك على سلعةٍ معيّنةٍ، فإنّ الأسعار تميل إلى الارتفاع لأنّ المستهلكين على استعدادٍ لدفع المزيد مقابل هذه السّلعة. في المقابل، يميل الإنتاج إلى الزّيادة لتلبية الطّلب لأنّ المنتجين مدفوعون بالرّبح. ونتيجةً لذلك، يميل اقتصاد السّوق الحرّ إلى تحقيق التّوازن بشكلٍ طبيعيٍّ. فمع ارتفاع الأسعار في أحد قطاعات صناعةٍ ما بسبب الطّلب، تتحرّك الأموال والعمالة اللّازمة لسدّ هذا الطّلب، فيتدفّقون إلى الأماكن حيثُ تكون الحاجة إليهم.

ونادرًا ما توجد اقتصادات سوقٍ خالصةٌ، نظرًا لأنّ من المعتاد وجود بعض التّدخّل الحكوميّ أو التّخطيط المركزيّ. فحتّى الولايات المتّحدة يمكن اعتبارها اقتصادًا مختلطًا. تضع الحكومة الضّوابط القانونيّة للسّوق، كما توفّر خدماتٍ مثل التّعليم الحكوميّ وأنظمةٍ للتّضامن الاجتماعيّ، لسدّ الفجوات الّتي يتركها اقتصاد السّوق، وللمساعدة في خلق التّوازن. وبهذا، يشير مصطلح اقتصاد السّوق إلى الاقتصادات الّتي تميل إلى السّوق بشكلٍ كبيرٍ، على وجه العموم.

تعتمد الاقتصادات القائمة على التّخطيط المركزيّ على سلطةٍ سياسيّةٍ مركزيّةٍ تتحكّم في أسعار السّلع وتوزيعها. ولا يمكن أن يحدث العرض والطّلب بشكلٍ طبيعيٍّ في هذا النّظام لأنّه مخطّطٌ مركزيًّا، لذا يشيع فيه أن يختلّ التّوازن.

دراسة الاقتصادات

تسمَّى دراسة الاقتصادات والعوامل الّتي تؤثّر على الاقتصادات علمَ الاقتصاد. ويمكن تقسيم علم الاقتصاد إلى قسمين رئيسيّين؛ الاقتصاد الجزئيّ والاقتصاد الكلّيّ.

يدرس الاقتصاد الجزئيّ سلوك الأفراد والشّركات لفهم أسباب اتّخاذهم للقرارات الاقتصاديّة الّتي يتّخذونها وكيف تؤثّر هذه القرارات على النّظام الاقتصاديّ الأكبر. ويدرس الاقتصاد الجزئيّ أسباب اختلاف قيم السّلع المختلفة وكيف ينسّق الأفراد ويتعاونون مع بعضهم البعض. ويميل الاقتصاد الجزئيّ إلى التّركيز على الميول الاقتصاديّة، مثل كيفيّة تأثير الاختيارات والأفعال الفرديّة على التّغيّرات في الإنتاج.

من ناحيةٍ أخرى، يدرس الاقتصاد الكلّيّ الاقتصاد بأكمله، مع التّركيز على القرارات والقضايا واسعة النّطاق. ويشمل الاقتصاد الكلّيّ دراسة العوامل العامّة على مستوى الاقتصاد، مثل تأثير ارتفاع الأسعار أو التّضخّم على الاقتصاد. ويركّز الاقتصاد الكلّيّ أيضًا على معدّل النّموّ الاقتصاديّ أو النّاتج المحلّيّ الإجماليّ (GDP)، والّذي يمثّل المبلغ الإجماليّ للسّلع والخدمات المنتجة في اقتصادٍ ما. كما يشمل دراسة التّغيّرات في البطالة والدّخل القوميّ. فباختصارٍ، يدرس الاقتصاد الكلّيّ سلوك الاقتصاد في مجموعه.

تاريخ مفهوم الاقتصاد

المصدر: https://developingeconomics.org
مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي: آدم سميث.

الكلمة الإنجليزيّة للاقتصاد (Economy) هي ذات أصلٍ يونانيٍّ، وتُتَرْجَم حرفيًّا إلى «إدارة الأسرة». وقد تناول الفلاسفة في اليونان القديمة الاقتصاد بالدّراسة، ولا سيّما أرسطو. لكنّ الدّراسة الحديثة للاقتصاد بدأت في أوروبّا القرن الثّامن عشر، وخاصةً في اسكتلندا وفرنسا.

وكان يُنظر إلى الفيلسوف والاقتصاديّ الاسكتلنديّ آدم سميث في عصره على أنّه فيلسوفٌ أخلاقيٌّ، وهو الّذي كتب في عام 1776 الكتاب الاقتصاديّ الشّهير بعنوان «ثروة الأمم». واعتقد هو ومعاصروه أنّ الاقتصادات تطوّرت من أنظمة المقايضة في عصر ما قبل التّاريخ، إلى الاقتصادات القائمة على المال، وفي النّهاية إلى الاقتصادات المعتمدة على اﻷرصدة الائتمانيّة.

وخلال القرن التّاسع عشر، خلقت التّكنولوجيا ونموّ التّجارة الدّوليّة روابطًا أقوى بين البلدان، وهي العمليّة الّتي هدّد بقاءها الكساد الكبير والحرب العالميّة الثّانية. ولكن بعد 50 عامًا في الحرب الباردة، شهدت أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين عودةً جديدةً لعولمة الاقتصادات.

شارك المقال:

4 Responses

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي