(آيو) القمر البركاني

jupiter-io-montage-new-horizons-2007-nasa

||

التقطت الصورة أثناء تحليق المركبة الفضائية قريبًا من (آيو)، المصدر: ناسا، بتاريخ: 2007.

إن (آيو – Io) -القمر الخامس للمشترِي- هو أكثر الأجرام نشاطًا بركانيًّا في المجموعة الشمسية، وتظهر عليه أعمدة من الكبريت موجهة أفقيًّا للأعلى بارتفاع 190 ميلًا (300 كيلومتر)، بينما يظهر سطح آيو ملطخًا ببحيرات اللافا والسهول الفيضية للصخور الذائبة، وقد حدد الفلكيون أماكن لمائة وخمسين بركانًا تقريبًا على سطح آيو، يتفجر من بعضها اللافا لبعد يصل إلى 250 ميلًا (400 كيلومتر) نحو الفضاء، تغطي البراكين معظم سطح آيو، وبينما يمارس العلماء رصدهم للقمر، فهم يصادفون -في بعض الأحيان- ظهور النقاط الساخنة على سطحه، على سبيل المثال، وجدت مركبة الفضاء (جونو – Juno) التابعة لناسا -الموجود حاليًا في مدار حول المشتري- مكانًا محتملًا لبقعة ساخنة على سطح آيو في شهر ديسمبر عام 2017.

القمر آيو بالأرقام

العمر: يُقدَّر عمره بـ4.5 مليار عامًا تقريبًا، وهو نفس عمر المشتري تقريبًا.
المسافة بينه وبين المشتري: آيو هو خامس قمر للمشتري. متوسط بُعد مداره عن المشتري هو 262,000 ميلًا (422,000 كيلومترًا)، ويستغرق يومًا أرضيًّا فاصلة سبعة وسبعين من عشرة لإكمال دورة كاملة حول المشتري، ولكنه مُقيد مديًّا (بفعل قوى المد والجزر)؛ لذا دائمًا يواجه وجه واحد من سطحه المشتري، كقمر الأرض تمامًا.
الحجم: متوسط نصف قطر آيو هو 1,131.7 ميلًا، -أي أكثر قليلًا من نصف قطر قمرنا، وله شكل شبه بيضاوي، يواجه أطول محاوره المشتري، من بين أقمار (جاليليو)*، يحتل آيو المركز الثالث بعد (جانيميد) و(كاليستو) ويسبق القمر (أوروبا) في الحجم والكتلة.
الحرارة: متوسط حرارة سطحه تصل إلى 202 درجة تحت الصفر على مقياس (فهرنهايت) و130 درجة تحت الصفر على مقياس (سليزيوس)، تسبب تلك الحرارة تكوُّن حقول جليدية من ثاني أكسيد الكبريت، ولكن بإمكان حرارة براكين آيو أن تصل إلى 3,000 درجة بمقياس فهرنهايت أي 1,649 درجة بمقياس سليزيوس،  يُشار لآيو أحيانًا بسماوي الجليد والنار.

اكتشاف القمر آيو

كان آيو أول أقمار المشتري التي اكتشفها العالِم جاليليو في الثامن من يناير عام 1610م، وفي الواقع اكتشفه جاليليو في اليوم الذي يسبقه، لكنه لم يكن بإمكانه التفرقة بين آيو وأوروبا -قمر آخر للمشتري- حتى الليلة التالية، إذ كان اكتشاف آيو -بجانب ثلاثة أقمار أخرى تابعة للمشتري- هو أول اكتشاف لقمر آخر يحيط بكوكب غير قمرنا، في النهاية، أدى اكتشاف جاليليو إلى فهم أن الكواكب تدور حول الشمس، بدلًا من المعتقد القديم بأن النظام الشمسي يدور حول الأرض.
     أطلق جاليليو على ذاك القمر في البداية (المشتري1)، وفي منتصف القرن التاسع عشر أعاد تسميته وأطلق عليه آيو، وفي الأساطير الإغريقية، كانت آيو كاهنة لـ(هيرا) زوجة (زيوس) وابنة (إيناكوس) ملك (أرجوس)، وقع زيوس (المناظر للمشتري Jupiter في أساطير الآلهة الرومانية) في حب آيو، لكنه حولها بقرةً حتى يتجنب كشف زوجته هيرا -جونو Juno في الأساطير الرومانية أمره معها.
      طارت العديد من المركبات الفضائية بالقرب من المشتري وأقماره. وصلت المركبة الفضائية (Pioneer 10) أولًا في 1973. وتبعتها (Pioneer 11) في 1974. أعادت (Voyager 1) وVoyager 2 صورًا مذهلة خلال طيرانهم بالقرب من هناك. طارت مركبة الفضاء جاليليو على إرتفاع 162 ميلًا فقط (261 كيلومتر) من سطح أقمار جاليليو منتجة صورًا مفصلة.

خصائص آيو

يتكون باطن آيو من نواة بها حديد أو كبريتيد الحديد، وطبقة سيليكات خارجية بنية اللون معطية مظهرًا ملطخا بالبرتقالي، الأصفر، الأحمر، والأبيض.

رسم تعبيري يوضح التركيب الداخلي لآيو
المصدر: Xianzhe Jia (جامعة ميتشيجين)

وبناءً على البيانات من نماذج الكمبيوتر العلمية، تكون آيو في منطقة حول المشتري حيث تواجد ثلج الماء بكثرة، ولقد كان بإمكان حرارة آيو -بجانب احتمالية وجود ماء عليه- بعد تكونه بقليل أن تجعل الحياة عليه ممكنة، بيد أن إشعاعات المشتري كانت ستزيل الماء من على سطحه.

أهم السمات المميزة للقمر آيو هي براكينه، بجانب الأرض، آيو هو الجرم الوحيد في المجموعة الشمسية المرصود به وجود براكين. على الرغم من كتابة جاليليو بعض الملاحظات المشفرة دالًا على احتمال وجود نشاط بركاني، إكتشفت مركبة الفضاء Voyager براكين آيو في 1979.

     تحدث البراكين كنتيجة للمد والضغط (المد والجزر) أثناء دورانه حول المشتري، يتحرك السطح الصخري لآيو لأعلى وأسفل بمقدار 100 متر (328 قدم) أثناء تلك العملية، هذا يؤثر على براكين آيو بنفس الطريقة التي تتأثر بها المحيطات على الأرض بالقمر، يضاعف المسار الإهليجي غير المنتظم لآيو نشاط المد والجزر، أثار انتباه العلماء مشاهدة نشاط آيو على المدى الطويل، والتي اعتاد أن تكون صعبة لأن أجهزة التلسكوبات على الأرض كانت تفتقر للوضوح الذي يمكنها من النظر للمناطق الحارة تلك، بيد أنهم، باستخدام أنظمة العدسات التطويعية الموجودة في اثنين من أكبر التلسكوبات الأرضية، استطاعوا أن يلغوا 6 تأثيرات موجية لغلافنا الجوي، للحصول على نظرات أقرب لبراكين القمر، وتقفى العلماء أثر 48 منطقة حارة منذ 2013 وإلى 2015م، تطلعت أيضًا المقرابات المثبتة على الأرض إلى بحيرات الحمم، موفرة المزيد من التفاصيل عن دورات الحمم على سطح آيو.

 بسبب النشاط البركاني، يحتوي الغلاف الجوي لآيو على ثاني أكسيد الكبريت، يمر مدار آيو خلال خطوط قوى المشتري المغناطيسية، محولًا آيو إلى مولد كهرباء، بينما يدور المشتري، تزيل القوى المغناطيسية حوالي الطن من مواد آيو كل ثانية. تتأين المواد وتتحول إلى سحابة على شكل الدونات (دائرة مفرغة) من الإشعاعات تدعى أحياد الغاز، تُجذب بعض الأيونات لأعلى الغلاف الغازي الخاص بالمشتري مكونة الشفق، تم رصد مثال على تلك الظاهرة بمقراب هابل الفضائي في 2018م، أظهر هذا الرصد تأثيرات آيو وقمر جوبيتيري (تابع للمشتري) آخرى على ظاهرة الشفق الجوبيتيري.

صورة تلسكوب هابل للقطب الشمالي للمشتري بالأشعة فوق البنفسجية

يمتلك آيو أيضًا غلاف غازي قابل للإنهيار، طبقًا لرصد مقراب الجوزاء الشمالي في هاواي وTEXES** في 2018م، يتجمد غلاف ثاني أكسيد الكبريت عندما يتواجد آيو في ظل المشتري كل يوم، عندما يعود آيو إلى ضوء الشمس، يتحول ثاني أكسيد الكبريت إلى غاز مرة أخرى، شك العلماء لفترة بوجود تلك الظاهرة، لكن وفقط بعد تلك الدراسة -التي أظهرت غلاف آيو في الظل- أكد العلماء وجودها.

أسرار متفجرة

خضعت بيئة آيو مؤخرًا لتدقيق شديد حيث حاول العلماء تفسير إمتلاك القمر للبراكين الأكثر نشاطًا في النظام الشمسي، تشمل الاكتشافات الحديثة كل الملاحظات المرصودة والنمذجة الداخلية والتي بإمكانهم فقط الاستدلال عليها، وفسرت دراسة أُجريت عام 2015م لما يبدو أن براكين آيو كثيرة الإنتاج بعيدة عما توقع العلماء مكان وجودها، بينما أشارت النماذج السابقة إلى وجود البراكين الأكثر نشاطًا بالأماكن ذات الحرارة المرتفعة، وُجدت تلك البراكين على آيو الحقيقي في أقصى الشرق، وأشارت الدراسة إلى أنه عند وجود محيط مخلوط بالصخور الذائبة والصلبة تحت سطح القمر، تحتك أجزاء الصخور ببعضها مولدة مناطق الإزاحة تلك التي رصدها العلماء، بينما ظهرت شكوك حول وجود محيط تحت سطح القمر بدراسة أُجريت عام 2017م، أظهرت تلك الدراسة أن بعض أجزاء الشفق الظاهر على القمر كانت ستخفت بفعل محيط واقع تحت الأرض، بكلمات أُخرى بإمكاننا رؤية الشفق فقط لأنه لا يوجد محيط ذائب تحت سطح القمر.
بعض الأفكار حول سطح آيو قد تأتي أيضًا من خريطة نشرها المسح الجيولوجي الأمريكي عام 2012م -أول خريطة تضمنت السطح كاملًا-، أوضح الباحثون أن النشاط البركاني هو أحد الأشياء الممكن دراستها باستخدام تلك الخريطة، تضمنت الصور رصد من رحلات Voyager 1، Voyager2، بالإضافة لGalileo.
على الرغم من أنه لم يتم التخطيط لأي مهمة رصد آيو على وجه التحديد، إلا أنّه توجد مهمات أُخرى بالمناطق المجاورة للقمر -كالمذكورة آنفا مركبة الفضاء Juno- وستتواجد مهمات قريبة منه في الأعوام المقبلة. في 2020م، وستتحرى مهمة أوروبا كليبر إمكانية سكن قمر جاليليو، وستركز مهمة JUICE*** التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية -المُحضر لإطلاقها في 2022م- على أوروبا و جانيميد وكاليستو. في غضون استمرار الرصد من على الأرض؛ أحيانًا تكون براكين آيو عنيفة بدرجة كافية لإنتاج صورًا مذهلة حتى من هذه المسافة البعيدة.

أقمار جاليليو هي 4 أقمار تابعة للمشتري إكتشفها جاليليو جاليلي هم: آيو، جانيميد، كاليستو، وأوروبا

** Texas Echelon Cross Echelle Spectrograph

*** JUpiter ICy Moons Explorer

المصادر:

 Zimmermann, K. (8018). Io: Facts about Jupiter’s Volcanic Moon. Retrieved from https://www.space.com/16419-io-facts-about-jupiters-volcanic-moon.html

ترجمة: أحمد أبو الفضل
تدقيق لغوي: مريم سمير
تحرير: سامح منصور

 

شارك المقال:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي