إحصاء فوهات القمرِ بواسطة الذكاء الاصطناعي

moon-11123_960_720

القمر|

طَوَّرَ الباحثون بجامعةِ (تورنتو سكاربورو – U of T Scarborough) التقنية المُستخدَمة في السيارات الذاتية القيادة لتُساعدَهم في إحصاءِ وتحديدِ مواقع الفُوَّهَاتِ على القمرِ وقياس حجمها.

يقولُ (مُحَمَّد عَلِي دِيب – Mohamad Ali-Dib) الباحث ما بعد الدكتوراه بمركزِ علوم الكواكبِ (CPS):

إنَّ الطريقة المُتعارف عليها عند إحصاءِ الفُوَّهَاتِ على سطحِ القمرِ صارت طريقة تقليدية جدًا. قَديمًا كُنَّا نُدقِّق في الصورِ المُلتقطة للقمر ونقوم بإحصاء الفُوَّهَات وتحديد مواقعها، ثُمَّ نَحسِب حجمها استنَادًا إلى حجمِ الصورة؛ لذا عَكَفنَا على تطويرِ تقنية باستخدام الذكاء الاصطناعي يُمكنها إتمام هذه العملية، تُوَّفِر لنا الوقت والجهد.

قبل تلك الدراسة حاول الباحثون تطوير خوارزميات لحساب فُوَّهَات القمرِ، ولكن عند استخدامها على أجزاءٍ جديدة من الحُفرِ المُعتمةِ، كانت النتائج ضعيفة وغير مُرضِية. وبِمُقَارنة التقنية الجديدة التي طَوَّرهَا مُحَمَّد عَلِى دِيب وزملاؤه مع التقنية السابقة، نجحت التقنية الجديدة فيما فشلت فيه السابقة من تحديدِ البقعِ المعتمةِ على القمرِ، كما نَجَحَ تطبيقُها على أجسامٍ أُخْرى بها فُوَّهَات مِثْلَ كوكب عطارد.

هذه هي المرة الأولى التي نستخدم فيها خوارزميّة تُمَكِّنُنا من اكتشاف الفُوَّهَات بشكلٍ جيد، ويُعَد النجاح الأكبر لهذه الخوارزميّة بأنَّ تطبيقها ليس مُقتصِرًا على القمرِ فقط؛ وإنمَّا بإمكانها اكتشاف مناطق أخرى على كوكب عطارد.

هذا ما ذكره محمد على ديب، و(chenchong)، و(Ari silburt)، و(Charles zhu) ومجموعة من الباحثين في (CPS)، والمعهد الكندي للفيزياء الفلكية (CITA).

ولكي يَحصُل الباحثون على أعلى دقة وكفاءة للتقنية قاموا أولًا بتوجيه وتعليم (الشبكة العصبونية) أو (الشبكة العصبية – Artificial Neural Network) بمجموعة كبيرة من البيانات تُغطي ثُلثي القمر، ثُمَّ اختبروا الشبكة على الثُلثِ المُتبقي من القمر؛ إذ أبلت بلاءً حسنًا فقد تَمكنت من تحديد ضعف عدد الفُوَّهَات التي كُنَّا نحسبها بالطريقة التقليدية، كما تَمكنت أيضًا من التَعرُف على ما يَقُربْ مِنْ 6000 حُفرة جديدة على سطحِ القمرِ.

إنَّ هذه التقنية تعتمد على (الشبكة العصبونية الالتفافية – Convolutional Neural Network) حيثُ تعتبر هذه الفئة من خوارزميّات (تَعَلُّم الآلة – Machine Learning) التي تُستخدم في الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة. أُخِذَت البيانات المُستخدمة بواسطة الخوارزميات من الخرائط المُجمَّعة من الأقمار الصناعية.

على الرغمِ من أنَّ الباحثون لم يكن لديهم أيّة خبرات سابقة في إحصاء الفُوَّهَات إلَّا أنهم كانوا قادرين على تطوير التقنية نتيجةً لسلسة من وِرشِ العملِ المُنعقدة في جامعة (UT) والتي نَظمَّها الأستاذ المساعد (كريستين مينو – Kristen Menou)، والعديد من العاملين بمجال «تَعلّم الآلة» لإبراز دور وأهمية هذا الفرع من العلوم في حلِ الكثير من المشكلاتِ العلمية.

أهمية دراسة الحفر على القمر

يقول (Silburt) الطالب المُتخرِج من قسمِ الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة (UT):

إنَّ عشرات الآلاف من الحُفرِ الصغيرة على سطحِ القمرِ غير معروفة؛ وَلِصِغَرِ حَجْمُها يَصْعُبْ علينا تَمييزُها بالعينِ المُجَرّدة. إذْ تمتلك الآلات قُدرةً هائلةً تُساعِدُنا في التعرفِ عَلى تلك الحُفرِ الصغيرةِ، وَأيضًا تكشف لنا الألغاز حول تشكيل نِظامنا الشمسيّ.

وترجع أهمية استكشاف مواقع الحفر وأحجامها على الأجرام مثل القمر؛ أنَّها بِمَثابةِ نافذة تُفتَح على تاريخ نظامنا الشمسي. ويضيف على ديب:

أنه من خلال دراسة الفوهات وتأثير الصدمات من جميع الأشكال والأحجام والأعمار على السطح؛ يجعل العلماء قادرين على فهم توزيع المواد والفيزياء التي حدثت في المراحل الأوليّة من نظامنا الشمسي.

مِنَ المعلومِ أنّ القمر يَفتَقِر إلى «المياه والغلاف الجوي والصفائح التكتونية» كلها العوامل المُسببة للتعرية على سطح الأرض فمن النادر جدًا حدوث التعرية لسطح القمر؛ ونتيجةً لذلك فإنَّه يُمكِننا رؤية بعض الحفر التي يصل عمرها إلى 4 مليارات عام بوضوح، كما يمكن تحديد أعمار الحفر الكبيرة من خلال حساب الحفرِ الصغيرة الموجودة بداخلها.

التَطَلُّع إلى دراسة المزيد من الفُوَّهات

يقول (محمد على ديب):

يجب أن يكون الجسم المُراد دراسته مثل القمر أو عُطارد خاليًا من الهواء لكيلا تحدث التعرية للسطح. ونسعى جاهدين على تطوير الخوارزمية للعثور على المزيد من الحفرِ واختبارها على كواكب أخرى في النظام الشمسي مثل المريخ، والكوكب القزم (سيريس)، وكذلك الأقمار الجليدية لكوكبي المشتري وزحل.

المصدر

http://sc.egyres.com/PlBlM


 ترجمة: أحمد سعد
مراجعة: آية غانم
تحرير: زياد الشامي

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي