في السابع عشر من يناير عام 2018، أعلن باحثو مشروع «The Gran Acuifero Maya» اِكتشاف أكبر نظام كهف تحت الماء في العالم بعد أن أدركوا وجود نظامين كهفيين في شبه الجزيرة المكسيكية، والذي صُنف على أنّه أطول كهف تحت الماء، حيث يبلغ طوله حوالي 347 كيلومتر.
قام مجموعة من الغواصين بعمل مهمة بحثية لاِستكشاف أطول الكهوف التحت مائية بالقرب من منتجع قرب شاطئ طولوم (Tulum) بشرق المكسيك للكشف عن أكبر كهف مغمور بالكامل تحت المياه في كوكبنا الساحر المليء بالأسرار.
فكان نتاج هذا الاِستكشاف أنه تم إلقاء الضوء علي أحد أهم الكهوف في تاريخ حضارة المايا.
يعتبر مشروع (The Gran Acuifero Maya) هو مشروع مخصص لدراسة المياه الجوفية لشبة جزيرة يوكاتان (Yucatan)، حيث تم اِكتشاف الكهف بعد شهر من اِكتشاف متاهة من القنوات مائية.
ذلك الاِكتشاف العظيم يُلقي الضوء على أحد أهم الأحداث التي تَكشف الكثير عن تاريخ المايا (Mayan history)، والتي تُثبت اِستيطان السكان الأمريكيون الأصليون لتلك المنطقة، بالإضافة إلي وجود بعض الحيوانات المنقرضة.
حيث أن حضارة المايا كانت من حضارات أمريكا الوسطى والتي قامت عليها شعوب المايا وامتد تطورها في منطقة تضم جنوب شرق المكسيك وغواتيمالا وبليز، والأجزاء الغربية من هندوراس والسلفادور، فهذه المنطقة تتكون من الأراضي المنخفضة الشمالية التي تشمل شبه جزيرة يوكاتان، ومرتفعات سييرا مادري، التي تمتد من ولاية تشياباس المكسيكية، عبر جنوب غواتيمالا ثم إلى السلفادور، والمنخفضات الجنوبية للسهل الساحلي للمحيط الهادئ.
ففي تلك الرحلة تم اِكتشاف آثار لبقايا حيوان الكسلان العملاق والذي يعود تاريخه إلي 15 ألف عامًا، ووُجد بعض الفيلة الأولية التي يطلق عليها اسم غيبوثيرس (gomphotheres) وأيضًا بعض الدببة، بالإضافة إلي معبد لإله الحرب و التجارة لشعب المايا.
أيضًا عُثر علي الكثير من العظام البشرية المحترقة و التي يرجع تاريخها لأكثر من 12 ألف عامًا، بالإضافة إلي بعض الجماجم البشرية عليها رواسب جيرية يقدر عمرها بتسعة آلاف عام.
يقول الباحثون أن مستوى المياه في نظام (Sac Actun) يبلغ طوله 215 ميل، ولقد تذبذب ذلك المستوى بمرور الزمن مما يجعلها مصدرًا جيدًا للمياه خلال مواسم الجفاف، فعلي سبيل المثال ارتفع مستوى المياه أكثر من 300 قدم قرب نهاية العصر الجليدي مما أدى إلى غرق معظم الكهوف وتمّ الحفاظ على بقايا الحيوانات المنقرضة الضخمة، ومن هنا يتم استنتاج أنّ البشر لم يستخدموا الكهوف للعيش بها ولكن استخدموها كمصدر للبحث عن المياه.
وقد أكد عالم الآثار (Guillermo de Anda) ومدير مشروع (The Gran Acuifero Maya) أنه يعتبره اكتشاف رائع وقد يساعد في فهم تطور التراث الثقافي الخاص بتلك المنطقة الثرية بالحضارة والتراث، ومدى هيمنة حضارة المايا علي تلك المنطقة قبل الفتح الإسباني.
وأيضًا صرَّح لرويترز أنّ ذلك الاِكتشاف يتيح فهم وتوضيح أسرار الطقوس والمستوطنات العظيمة من قِبل السكان الأصليون والتي سبقت الفتوحات الإسبانية لتلك المنطقة، وأنه يحتاج لعقود طويلة لاِكتشاف كل شبرٍ فيه وقراءة التاريخ قراءة دقيقة من خلاله.
فشعب المايا ارتبط ارتباطًا وثيقًا بشبة جزيرة يوكاتان وآثارها المقدسة الضخمة، حتى أنهم قاموا ببناء مدنهم على أكبر مجاري مائية متصلة بالمياه الجوفية وذلك عن طريق الفجوات الصخرية، فقد كانت تلك المجاري المائية تمثل أهمية دينية عظيمة جدًا لدي شعوب المايا والتي امتد نسلهم حتي وقتنا الحالي على تلك المنطقة المقدسة بالنسبة لمعتقداتهم.
إعداد وترجمة: تسنيم عبد العزيز محرم
تدقيق لغوي: محمود الدعوشي
المصادر: