التأثير الشبحي – اختبار هائل لأشهر مفارقات الكم

albert-einstein-1933340_1920

|

هل سمعت عن مصطلح ” التأثير الشبحي” من قبل؟ إذا كنت قد سمعت عنه، فإليك تجربة فعلية لإثبات صحته. قام فريقٌ من العلماء السويسريين بإجراء اختبارًا هائلًا لأحد أغرب المفارقات في ميكانيكا الكم، وهو مثال ضخم على هذا السلوك الذي وصفه ألبرت أينشتاين بشكل متشكك بـ «التأثير الشبحي عن بُعد- spooky action at a distance».

تبدأ القصة منذ أكثر من 80 عامًا. في عام 1935، وجد آينشتاين والفيزيائيان بوريس بودولسكي (Boris Podolsky) وناثان روزن (Nathan Rosen) شيئًا غريبًا. لقد ربطوا جزيئين -دعنا نسميهم أليس وبوب (Alice and Bob)- بحيث تم ربط خواصهم الفيزيائية حتى عبر المسافات والبعيدة، وأي شيء تفعله لأحدهم يؤثر على الآخر.

بشكل حدسي، قد تعتقدُ أنه إذا كان بإمكانك الوصول إلى أليس، فستعرف أكثر منها عن بوب، والذي يقبع على مسافة بعيدة. وهذا أيضًا ما تتوقعه قوانين النسبية لآينشتاين على نطاقٍ واسعٍ. لكن الثلاثي الفيزيائي اكتشف شيئًا غريبًا، يُدعى الآن مفارقة آينشتاين- بودولسكي روزين (EPR)، من خلال دراسة أليس، تتعلم في الواقع الكثير عن بوب أكثر مما تتعلمه عن أليس نفسه.

أثبتت التجارب اللاحقة باستخدام الجسيمات الفردية أنّ وجهة نظر الفيزيائيين صحيحة في هذه النقطة. لكن هذه التجربة الجديدة، التي نشرت يوم (26 أبريل 2018) في مجلة ساينس العلمية، تُظهِر أنّ التأثير لا يزال يحدث حتى باستخدام مجموعة من الجسيمات فائقة البرودة والتي يبلغ عددها حوالي 600.

ليس من المستغرب- بالضبط- أن التناقض الذي يحدث في الأصل بين جسيمين، هو نفسه الذي يحدث بين تكتلات من مئات الجسيمات -نفس الفيزياء التي تعمل في نظام صغير جدًّا يجب أن تعمل أيضًا في أنظمة أكبر بكثير- لكن العلماء يجرون هذه الاختبارات المُعقدة أكثر من أي وقتٍ مضى لأنها تساعد على تأكيد النظريات القديمة وتضيق الطرق التي قد تكون بها هذه النظريات خاطئة. كما أنهم يبرهنون على قدرة التقنية الحديثة على تطبيق الأفكار التي يمكن لأينشتاين وزملائه أن يفكروا بها فقط بشروطٍ صعبة. ولإنجاز هذه التجربة، قام الباحثون بتبريد حوالي 590 ذرة روبيديوم (إعطاء أو أخذ 30 ذرة) إلى حافة الاقتراب من الصفر المطلق.

عند درجة الحرارة -المنخفضة جدًا- تلك، شكّلت الذرات حالة من المادة تسمى تكاثف بوز-آينشتاين (Bose-Einstein condensation)، وهي حالة من المادة تصبح فيها مجموعة كبيرة من الذرات متشابكة بحيث تبدأ في الضبابية وتتداخل مع بعضها. وتبدأ الذرات في هذه الحالة بالتصرف مثل جسيم كبير واحد يتكون من الكثير من الجسيمات المنفصلة. ويُحب علماء الفيزياء الكمومية تجربة مكثفات بوز-آينشتاين لأنَّ هذا النوع من المادة يميل إلى إثبات الفيزياء الغريبة للعالم الكمي على نطاق واسع بما فيه الكفاية لكي يراقبها العلماء بشكل مباشر.

في هذه التجربة، استخدم العلماء تقنية التصوير عالي الدقة لقياس اللف المغزلي (The Spin) لقطع مختلفة داخل حساء من ذرات الروبيديوم. كانت الذرات الموجودة في المكثف متشابكة لدرجة أن الفيزيائيين كانوا قادرين على التنبؤ بسلوك القطعة الثانية من خلال دراسة الأولى فقط. وقد أظهر كلا الجزيئين من الذرات أنهما مترابطان إلى حد أنّ سلوك القطعة الثانية كان في الواقع أكثر معرفة عندما تمت ملاحظة الأولى فقط ، والعكس صحيح.

لقد خرجت مفارقة EPR إلى الحياة، على نطاق واسع نسبيا بالنسبة لعالم الكم

ترجمة: أحمد رجب رفعت

مراجعة: آية غانم

تحرير: علي صلاح

المصدر

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي