اضطراب ما بعد الصدمة عند المجندين

مفهوم اضطراب ما بعد الصدمة عند المجندين

هل تواجه مشكلة في التكيف مع الحياة خارج الجيش؟ أم تشعر بالتوتر وجمود المشاعر والعزلة باستمرار، أو على وشك الهلع والانفجار؟ هذه التجارب أو الأعراض طويلة الأمد لاضطراب ما بعد الصدمة شائعة عند معظم المجندين. ولكن يمكنك أن تقوم بعدة أشياء تساعدك على التحسن لحين تلقي العلاج المهني، حتى لا يتفاقم الوضع.

أسباب اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة، أو ما يعرف أحيانًا بـ (صدمة القصف – shell shock) أو (إجهاد القتال – combat stress)، يحدث بعد أن تتعرض لصدمة حادة أو حدث مميت. فمن الطبيعي لعقلك وجسدك أن يُصدما بعد حدثٍ كهذا، ولكن هذه الاستجابة الطبيعية تتحول لاضطراب ما بعد الصدمة عندما “يَعْلَق” جهازك العصبي.

يستجيب جهازك العصبي للأحداث المجهِدة بطريقتين تلقائيتيّن أو انعكاسيتيّن:

  • التحرك Mobilization: ( قتال أو هروب fight-or-flight)، يحدث عندما تحتاج إلى الدفاع عن نفسك أو النجاة من خطر موقف قتاليّ. فتتسارع نبضات قلبك، ويرتفع ضغط دمك، وتنقبض عضلاتك، لزيادة قوتك وتسريع رد فعلك. وعندما يزول الخطر، يهدِّئ جهازك العصبي جسمك، ويُخفض ضربات قلبك وضغط دمك، ويتراجع ليعود لتوازنه الطبيعي.
  • الشلل Immobilization: يحدث عندما تواجه ضغطًا شديدًا في موقفٍ ما، وحتى بعد زوال الخطر تجد نفسك عالقًا. يعجز جهازك العصبي عن العودة لحالة توازنه الطبيعي، ولا يمكنك تخطي الحدث. هذا هو اضطراب ما بعد الصدمة.

يتطلب التعافي من اضطراب ما بعد الصدمة الانتقال –عقليًا ونفسيًا- من موقع القتال الذي ما تزال تعيش فيه، ومساعدة جهازك العصبي على التحرر.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند المجندين

تظهر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة خلال الساعات أو الأيام التالية للحدث المُفجع، وأحيانًا لا تتضح إلا بعد شهور أو حتى أعوام من انتهاء الخدمة العسكرية. وقد تتباين الأعراض بين المجندين ولكن يشترك جميعهم في أربعة:

  1. تذكيرات دخيلة متكررة بالحدث المُفجِع: تشمل: أفكار مؤلمة، وكوابيس، واسترجاع لذكريات الحدث والشعور بأنه يتكرر. وربما تعاني من استجابات نفسية وجسدية شديدة لتذكيرات الصدمة مثل: نوبات الهلع، ارتجاف لا إرادي، تسارع النبض.
  2. تجنب للأشياء التي تُذكّرك بالحدث المفجع: بما فيها الأشخاص والأماكن والأفكار والمواقف المرتبطة بذكرياتك الأليمة. ويشمل الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية.
  3. تغيرات سلبية في الأفكار والمزاج: كالمعتقدات السلبية المُبالَغ فيها عن نفسك والعالم، والشعور المتواصل بالذنب أو الخوف أو الخِزي. وربما تلاحظ تضاؤل في مشاعرك الإيجابية.
  4. التأهُب الدائم والعصبية والاستجابة الانفعالية: ويتمثل ذلك في: الانفعال والغضب والسلوك المتهوّر وصعوبة في النوم والتركيز والحذر المُفرِط.

وقاية المجندين ذوي اضطراب ما بعد الصدمة من الانتحار

من الشائع أن يعاني المجندون ذوو اضطراب ما بعد الصدمة من الأفكار الانتحارية. إذا كنت كذلك فهذا ليس خللًا في شخصيتك، ولا يعني أنّك مختل أو ضعيف أو مَعِيب.
إذا كنت تفكّر في الانتحار اطلب المساعدة فورًا. رجاءً اقرأ مساعدة المقْدمين على الانتحار، أو تحدث مع شخصٍ تثق به، أو اتصل بالخط الساخن للمساعدة هنا.

التعافي من اضطراب ما بعد الصدمة عند المجندين

الخطوة الأولى: تحرّك

لطالما كانت ممارسة الرياضة بمثابة المفتاح للمجندين ذَوي اضطراب ما بعد الصدمة. فبالإضافة إلى أنّها تساعد على حرق الأدرينالين فإنّها تُمكِّن الجسم من إفراز الإندورفين الذي يحسن مِزاجك. وبالتركيز الشديد على الشعور الجسدي أثناء ممارسة الرياضة تستطيع مساعدة جهازك العصبي على التحرّر والخروج من حالة الاستجابة للضغط بالتثبيت.

إنّ الرياضات الإيقاعية التي تَستخدِم فيها يديك وقدميك معًا -كالجري والسباحة وكرة السلة أو الرّقص حتى- ستكون فعّالة إذا ركَّزتَ على شعورك الجسدي بدلًا من أفكارك.

  • جرِّب ملاحظة إحساس وقْع أقدامك على الأرض مثلًا، أو إيقاع تنفّسك، أو إحساسك بالرياح على بشرتك.

يجد العديد من المجنّدين ذوي اضطراب ما بعد الصدّمة أن التركيز على حركات جسمك أسهل في الرياضات مثل: تسلّق الصّخور، والملاكمة، ورفع الأثقال، والفنون القتاليّة – فبدون تركيز ستصاب على كل حال. وأيَّا كان التمرين الذي ستختاره حاول أن تتمرن لمدة 30 دقيقة أو أكثر يوميًا، أو على ثلاث فترات متفرقة لمدة 10 دقائق لو كان ذلك أسهل، سيكون بنفس الفائدة.

فوائد الهواء الطَّلق

ممارسة الأنشطة الخارجية في الطبيعة كالمشي لمسافات طويلة أو التخييم أو ركوب الدراجات أو التجديف ..إلخ، بإمكانها مساعدتك على تحدّي استضعافك لنفسك، والعودة للحياة المدنية.

الخطوة الثانية: نظِّم جهازك العصبي ذاتيًا

يؤدي بك اضطراب ما بعد الصدمة إلى الشعور بالضعف والعجز، ولكنك تستطيع التحكّم بجهازك العصبي أكثر مما تُدرك. فعندما تشعر بأنّك مضطرب أو قلِق أو فاقد للسيطرة ستساعدك هذه النصائح على تغيير نظام الاستثارة وتَهدِئة نفسك:

  • التنفس العميق:  لتهدئة نفسك في أي موقف ببساطة؛ خُذ 60 شهيق مُركِّزًا على كل زفير.
  • المُدخلات الحسِّية: مثلما تُعيدك الضوضاء العالية أو روائح معينة أو ملمس الرمال تحت ملابسك فورًا إلى موقع القتال؛ تستطيع المدخلات الحسّية أيضًا تهدئتك. تختلف الاستجابات قليلًا من شخصٍ لآخر، لذا عليك أن تجرّب لتعرف ما يؤثّر عليك. تذكّر أوقات الخدمة العسكرية: ما الذي كان يُريحك في نهاية كل يوم؟ النظر إلى صور عائلتك ربّما؟ أو الاستماع إلى أغنية مفضّلة، أو اشتمام نوعٍ معين من الصابون؟ أو ربما يهدّئك بسرعة ملاعبة حيوانٍ ما؟
  • إعادة التواصل عاطفيًا: تستطيع أن تُحدِث فرقًا شاسعًا في قدرتك على التحكم في الضغط العصبي، والموازنة بين الحالات المزاجية، والتحكم في حياتك بتواصلك مع المشاعر غير المريحة بدون أن تغمرك. يمكنك معرفة المزيد هنا: أدوات الذكاء العاطفي.

الخطوة الثالثة: تواصل مع الآخرين

  • التحدث مع الأصدقاء: لا يتطلب التواصل مع الآخرين كثرة الكلام. بالنسبة لأي مجند يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة من المهم أن يجد من يستمع له بدون الحكم عليه عندما يريد الكلام، أو مجرد البقاء معه عندما لا يريد. قد يكون هذا الشخص نصفك الآخر أو فرد من الأسرة أو أحد رفاقك في الجيش أو صديق مدني. أو جرِّب:
  • التطوّع: أو مساعدة محتاج. هذه طريقة عظيمة للتواصل مع الآخرين واستعادة شعورك بالقوة معًا.
  • الانضمام لفريق دعم للمجندين ذوي اضطراب ما بعد الصدمة: التواصل مع المجندين الذين يعانون من أعراض مشابهة يمكنه التقليل من الشعور بالعزلة، ويقدم نصائح مفيدة للتعايش مع الأعراض و التعافي.

التواصل مع المدنيين

قد تشعر أن المدنيين في حياتك لا يمكنهم فهمك حيث لم يكونوا في الخدمة العسكرية ولم يروا ما رأيت. ولكن ليس بالضرورة أن يمر الناس بنفس التجارب حتى يفهموا مشاعرك المؤلمة ويدعموك. المهم أن يكون الشخص الذي تلجأ إليه يبالي بك، ويستمع لك بإنصات، ويواسيك.

  • لست مضطرًّا للحديث عن تجاربك القتالية: إن لم تكن مستعدًا للبوح بتفاصيل ما حدث فهذا طبيعي تمامًا. يمكنك التحدث عن شعورك بدون الخوض في أدق التفاصيل.
  • أخبر الشخص الآخر بما تحتاجه أو كيف يمكنه مساعدتك: وقد يكون ذلك مجرد الجلوس معك، أو الاستماع إليك، أو القيام بشيءٍ ما عمليًا. فالعزاء يكون من شخصٍ ما يتفهم تجربتك الشعورية.
  • من يهتمون بك يريدون مساعدتك: فاستماعهم إليك ليس عبئًا عليهم ولكنه فرصة مُرحَّب بها لتقديم الدّعم.

لو كان التواصل صعبًا

إذا كنت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة ولا تتحسن حتى بعد التحدث، مهما كانت درجة قربك من شخصٍ ما، لو كان هذا يصفك، فهناك عدة طرق تساعدك على مواصلة التقدم في عملية التعافي:

تَمَرّن أو تحرّك: قبل التحدث مع صديق إما أن تتمرن أو تتجول في المكان. اقفز لأعلى وأسفل، أو لوِّح بيديك وقدميك، أو تحرك عشوائيًا. سيُصفَّى ذهنك وسيكون التواصل أسهل.

التنغيم الصوتي: قد تبدو طريقة غريبة ولكن التنغيم الصوتي طريقة عظيمة للانفتاح على المشاركة الاجتماعية. قبل مقابلة صديق ابحث عن مكان هادئ، ثم قِف معتدلًا وهمهم ببساطة بأصوات مثل: “مممم”، ثم غيّر طبقة ومستوى الصوت حتى تعثر على طبقة مُرضية.

الخطوة الرابعة: اعتنِ بجسمك

يمكن لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند المجندين -كالأرق والغضب وصعوبات التركيز والعصبيَّة- أن تكون شديدة التأثير على جسمك، وتؤثر سلبًا بالتدريج على صحتك عمومًا. ولهذا من الضروري بشدة الاعتناء بنفسك.

وقد تنجذب للأنشطة والسلوكيات التي تساعد على إفراز الأدرينالين، سواء كانت القهوة أو المخدرات أو ألعاب الفيديو العنيفة أو القيادة بتهور أو الرياضات الخطرة. فهذا هو المعتاد بالنسبة لك بعد أن كنت في ساحة القتال. وإن أدركت حقيقة هذه الرغبات عندها يمكنك اختيار نشاطات أخرى تهدّئ وتحمي جسمك وعقلك.

أطِلْ الاسترخِاء: تُخفف أساليب الاسترخاء -كالتدليك أو التأمل أو اليوجا- من التوتر ومن أعراض القلق والاكتئاب، وتساعدك على أن تنام أفضل، وتزيد من شعورك بالراحة والصحة. 

نَفِّس عن غضبك بطرق آمنة: اُلْكُمْ كيس لكم أو وسادة، أو ارْكُضْ لمسافة طويلة، أو غنِّ على أنغام موسيقى صاخبة، أو اصرخ بمِلء رئتيك في مكانٍ منعزل.

ادعم جسمك باتّباع نظام غذائي صحي: للأحماض الدهنية أوميجا-3 دورًا حيويًا في الصحة النفسية، لذا يجب أن يحتوي نظامك الغذائي على الأسماك الدهنية أو بذور الكتان أو الجوز. وقلل من الأطعمة المعالَجة والمقلية والسكريات والكربوهيدرات البسيطة والتي تؤدي إلى تقلّبات مزاجية وتذبذب في مستوى الطاقة.

احصل على قسط وفير من النوم: يؤدي الحرمان من النوم إلى سرعة الغضب والانفعال والتقلب في المزاج. احرص على أن تنام بعمق من سبع لتسع ساعات يوميًا. استحدث طقوسًا للنوم تساعدك على الاسترخاء -استمع إلى موسيقى مُهدئة، أو اقرأ شيءً ترفيهيًّا بسيطًا، واطفئ الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل، واجعل غرفة نومك مظلمة وهادئة على قدر الإمكان.

تجنّب الكحول والمخدرات (بما فيها النيكوتين): قد يكون من المغري أن تلجأ للمخدرات والكحول لتخدير مشاعرك المؤلمة ومساعدتك على النوم؛ ولكن مفعولها سيكون عكسيًا فتؤدي إلى تفاقم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. وينطبق ذلك على التدخين. لذا عليك الإقلاع عن التدخين وحاول أن تحصل على مساعدة للتوقف عن الشرب والمخدرات.

الخطوة الخامسة: واجه الذكريات والكوابيس والأفكار الدخيلة

عادةً ما يسترجع المجندون ذكريات القتال سمعيًا وبصريًا فيشعرون أن الأمر كله يحدث مجددًا. وهنا يتحتم عليك أن تُطمئن نفسك بأن ذلك لا يحدث الآن. وهذا ما يطلِق عليه المتخصصون في الصدمات (الوعي المزدوج – dual awareness).

الوعي المزدوج هو إدراك الاختلاف بين (الذات الشاهدة – experiencing self) و(الذات الملاحِظة – observing self).فعلى جهةٍ يوجد الواقع الداخلي الانفعالي؛ حيث تشعر بأن الصدمة تحدث الآن. وعلى الأخرى؛ يمكنك النظر إلى بيئتك الخارجية وإدراك أنك بخير. فأنت على وعي بأن الصدمة من الماضي ولا تحدث الآن برغم ما تواجهه.

أعْلِن لنفسك: (بصوتٍ عالٍ أو في سرك) حقيقية أنك ستُدْرِك أنك بخير إذا نظرت حولك.

استخدم نصًا بسيطًا: عندما تُفيق من كابوس أو تسترجع الصدمة مثل:

«أنا أشعر بـ(الفزع أو العجز.. وما إلى ذلك) لأنني أتذكر الحدث الصادم، ولكن إذا نظرت حولي سأُدرك أنّه لا يحدث حقًا وأنني لستُ في خطر»

صِف ما ترى: عندما تنظر حولك. (اذكر اسم المكان الذي توجد فيه، والوقت الحالي، وثلاثة أشياء تراها حولك).

جرّب أن تُربِّت على ذراعيك: لتستعيد وعيك بالحاضر.

  • نصائح للدفاع عن نفسك أثناء استرجاع الذكريات

إن بدأت في الانفصال عن الواقع ومواجهة الذكريات، حاول أن تستخدم حواسك لإعادتك للحاضر وتثبيت نفسك. جرِّب كلًّا منهم حتى تجد ما يساعدك.

  • التحرّك – تحرّك بكل عزمك (اجْرِ في مكانك، أو اقفز لأعلى وأسفل.. إلخ)، أو اِفْرِكْ يديك معًا، أو اهْزُرْ برأسك.
  • اللمس – رُشَّ ماءًا باردًا على وجهك، أو امسك بقطعة من الثلج، أو المس أو تمسَّك بشيءٍ آمن، أو اقرص نفسك، أو استخدم السُبحة أو كرة الضغط.
  • البصر – ارمش بسرعة وقوة، وانظر حولك وضَعْ قائمة بما ترى.
  • السمع – شَغِّل موسيقى صاخبة، أو صفّق بيديك أو دَبْدِب بقدميك، أو تَحَدَّث إلى نفسك (أخبِر نفسك أنّك بأمان، وأنك ستكون بخير).
  • الشَّم – تشَمّم شيئَا يربطك بالحاضر (قهوة، أو غسول الفم، أو عطر زوجتك)، أو رائحة تُذكِّرك بذكريات جميلة.
  • التذوق – مُص نعناع قويّ أو امضغ علكة، أو اقضم شيئًا لاذعًا أو حارًّا، أو اشرب كوبًا من الماءِ البارد أو العصير.

الخطوة السادسة: تغلّب على عقدة ذنب النّاجي

يَشِيعٌ الشعور بالذنب بين المجندين ذوي اضطراب ما بعد الصدمة. قد تكون رأيت قَتلى أو جَرحى، وهم غالبًا أصدقاءك أو رِفاقك. وفي خِضَمّ اللحظة لن تملك الوقت للمعالجة التامّة للأحداث كما وقعت. ولكن لاحقًا -عند عودتك للبيت غالبًا- تعود هذه التجارب لتطاردك. وقد تسأل نفسك أسئلة مثل:

  • لِمَ لَم أَصَب بأذى؟
  • لِمَ نَجَوت في حين لم ينجُ الآخرون؟
  • هل كان بإمكاني القيام بشيءٍ مختلفٍ لإنقاذهم؟

وقد تنتهي إلى لوم نفسك على ما حدث وتصدِّق أنّ أفعالك (أو عجزك) أدت إلى موت شخصٍ آخر. وقد تشعر بأن الآخرين يستحقُّون الحياة أكثر منك، أنّك أنت من كان عليك أن تموت. إن هذا هو “عقدة ذنب الناجي”.

  • التعافي من عقدة ذنب الناجي

إن التعافي لا يعني أن تنسى ما حدث أو مَنْ ماتوا. ولا أن تتخلص من ندمك. إنّما يعني أن ترى دورك من منظور أكثر واقعية .

  • هل حجم مسئوليتك الذي تفترضه معقولًا؟
  • أكان بمقدورك فعلًا منع أو إيقاف ما حدث؟
  • هل حكمك على قراراتك قائمٌ على معلومات تامّة عما حدث، أم على مشاعرك فقط؟
  • هل فعلت ما بوسعِك حينها، في ظل الظروف الصعبة؟
  • هل تصدِّق حقًا أنّك لو كنت مِتًّ، كان سينجو شخصٌ آخر؟

إن تقييم مسئوليتك ودورك سيحررك فعلًا لتمضي قُدُمًا وتنعي من فقدت. حتى لو استمر إحساسك بالذنب، فبدلًا من معاقبة نفسك، يمكنك توجيه طاقاتك لتكريم أولئك الذين فقدتهم، وإبقاء ذكراهم حيَّة. فيمكنك مثلًا أن تتطوَّع لمساعدة حالة لها صلة بأحد أصدقاءك المفقودين. فالمغزى أن يدفعك الشعور بالذنب للقيام بشيءٍ فعّال، وبهذا تُحوِّل المأساة إلى شيءٍ ذو قيمة، حتى ولو قليلًا.

الخطوة السابعة: تَلَقَّ العلاج المهني

يساعدك العلاج المهني على مواجهة ما قد حدث لك، وتقبُّله باعتباره جزءًا من ماضيك. وعندما تتعامل مع معالج مُتمرِّس أو طبيب، قد يشمل العلاج:

  • العلاج السلوكي المعرفي، أو الاستشارة (CBT): يقوم على تعريض نفسك تدريجيَا للأفكار والمشاعر التي تُذكِّرك بالحدث. ويتضمّن العلاج أيضًا تحديد الأفكار المُشوَّهة وغير المنطقية عن الحدث واستبدالها بأخرى أكثر اتّزانًا.
  • الأدوية: مثل مضادات الاكتئاب: تُقلل من الحزن، أو القلق، أو الانفعال، ولكنها لا تُعالِج مُسببات اضطراب ما بعد الصدمة.
  • إزالة التحسُّس لحركة العينين وإعادة المعالجة (EMDR): ويشملُ: عناصر العلاج السلوكي المعرفي لحركة العين، أو الاستثارة الثنائية (تحريك العينين من اليمين لليسار) المتواترة، كالنقر أو عمل أصوات باليد. مما يساعد جهازك العصبي على التحرر وتخطّي الحدث الصادم.

مساعدة المجندين ذَوي اضطراب ما بعد الصدمة

عندما يعود شخصٌ تُحبّه من الخدمة العسكرية مصابًا باضطراب ما بعد الصدمة؛ سيؤثر ذلك بشدة على علاقتكما وحياتكما العائلية. ستتحمل المزيد من أعباء ومسئوليات البيت، وتتعامل مع انزعاج من تحبه، والذي لا يستطيع البَوح بمشاعره، أو ستواجه غضبه حتى، أو سلوكيات مزعجة أخرى.

  • لا تأخذ أعراض اضطراب ما بعد الصدمة على مَحْمل شخصيّ: لو بدا من تحبه منعزلًا، أو حاد الطبع، أو منطوي، تذكَّر أنّ ليس لذلك أي علاقة بك أو بعلاقتكما.
  • لا تُكْرِه من تحبه على الحديث: يصْعُب على الكثير من المجندين ذوي اضطراب ما بعد الصدمة التحدّث عن تجاربهم. فلا تُرْغِم من تحبه على الافصاح أبدًا، ولكن أعْلِمهُ أنّك موجودٌ إذا رغِب في الكلام. إنّ تفهُّمك هو ما سيطمئنه، وليس أيَّ شيء ستقوله.
  • تَفَهَّم وكُنْ صبورًا: يتطلّب التعافي وقتًا، لذا لا تتعجل خطوات سير عملية التعافي. اِعْرِضْ الدّعم والمساعدة على من تحب، ولكن لا تحاول توجيهه.
  • حاول أن تتوقع مثيرات اضطراب ما بعد الصدمة وتستعد لها: كأصوات، أو مَشاهد، أو روائح معينة. إذا عَلِمتَ بِما يُسبب رد فعل انزعاجي لمن تحبه؛ ستتمكن من مساعدته على الهدوء بشكل أفضل.
  • اعْتَنِ بنفسِك: لا تَدَعْ إصابة من تحبه باضطراب ما بعد الصدمة أن تُهَيمن على حياتك، ولا تتجاهل احتياجاتك؛ فذلك هو الطريقة المُثلى لإنهاكك. اترك وقتًا نفسك، وتَعلَّم التعامل مع الضغط. فكلما زاد هدوؤك، واسترخاؤك، وتركيزك؛ تمكّنت من مساعدة من تحب بطريقة أفضل.

 

المصدر

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي