دراسة: المضاد الفيروسي “ريمديسيفير” يقلل الفترة المرضية لكوفيد 19

Remdesivir-ACTT-1

تُشير النتائج التقديرية عن التجارب السريريّة لعلاج الريمسدفير (بالإنجليزيَّة: Remdesivir) على مرضى كوفيد-19 والتي نشرها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في مجلة (New England Journal of Medicine) لعام 2020، إلى أن الريميدسفير  يُقلل من المساق المرضي بكوفيد-19. حيث أبلغت الوكالة عن نتائج واعدة أولية من الدراسة في وقت سابق من هذا الشهر، والتي دفعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى إصدار إذن استخدام طارئ للدواء، ولكن البيانات والنتائج الكاملة لم تكن متاحة على نطاق واسع حتى الآن.

في دراسة أُجريت على 1063 مريضًا، وجد الباحثون أن المرضى الذين تلقوا علاج الريميدسفير لمدة 10 أيام قد انخفضت فترة تعافيهم إلى 11 يومًا مُقارنة بـ 15 يومًا احتاجتها المجموعة الأخرى التي تلقت العلاج الوهمي للتعافي. ووفقًا للدراسة تقترح النتائج أيضًا أنه يجب البدء في إعادة تصنيع الدواء، إن أمكن، قبل أن يعاني المرضى من التهاب رئوي حاد للدرجة التي تجعلهم يحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعية.

إن النتائج المنشورة “متسقة تمامًا” مع الإعلان السابق للمعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية بالولايات المتحدة حيث قال كليفورد لين -نائب مدير الأبحاث السريرية والمشاريع الخاصة في المعهد- في مقابلة له:

«يبدو أن الفائدة ستكون أكبر للمرضى الذين يتم حجزهم في المستشفى بمرض خطير ويحتاجون إلى العلاج بالأكسجين»

وبالنظر إلى الإمداد المحدود من الدواء، كان الأطباء حريصين على رؤية البيانات الكاملة للتأكد من استخدامهم للدواء بشكل أكثر فاعلية، وحسبما قال دانيال كاول -أستاذ الأمراض المعدية في جامعة ميشيغان- لموقع (Medscape Medical News) في وقت سابق من الشهر الماضي:

«لقد تلقت المستشفيات في الولايات المتحدة في جميع أنحاء البلاد -بما في ذلك نيويورك وميشيغان وواشنطن- إمدادات محدودة من الدواء في الأسبوعين الماضييّن منذ ترخيص إدارة الغذاء والدواء»

كما كتبت كيت ستيفنسون -أخصائية الأمراض المعدية في مركز أبحاث الفيروسات واللقاحات في جامعة هارفارد- على تويتر في وقت سابق من الشهر الماضي:

«أنا أفقد صبري في انتظار بيانات ريميدسفير، ولقد كنت على استعداد لمنحهم أسبوعًا للتحقق من الأرقام، وإثبات الجداول ثلاث مرات، ووضع الاستنتاجات بحذر. ولقد استغرق هذا وقتًا طويلًا للغاية. نحن نقتصد ونقتر في المعلومات دون سبب لذلك، نحن نطفو على همسات عن البيانات وننجرف وراءها»

وبعد قراءتها للصحيفة مساء الجمعة الموافق 23 من الشهر الماضي، غردت قائلةً:

«ارتحت لرؤية فائدة مُقنعة – فقد كنت بدأت أشعر بالقلق!»

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال لين إنه في خضم أزمة الصحة العامة، ليس من غير المعتاد الإعلان عن نتائج التجارب قبل تحليل كامل لمجموعة البيانات. وسلك (NIAID) نهجًا مشابهًا  لنهج تجربة (PALM) لتقييم علاجات الإيبولا المحتملة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أوصى مجلس المراقبة المستقل بإنهاء التجربة مبكرًا استجابةً للنتائج الإيجابية لاثنين من الأدوية الأربعة المرشحة.

كما أضاف لين -هو مؤلف مشارك في الدراسة-:

«عندما تحصل على نتيجة تعتقد أنها ذات أهمية للصحة العامة، ولا تنتظر أن تُراجع من الزملاء حتى تُنشر في مجلة»

وقال أيضًا:

«إن تأخير نشر الدراسة كان نتيجة للوقت الذي استغرقه كتابة الورقة للنشر ومراجعتها من قبل المتخصصين»

كما أشار إلى أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA لديها حق الوصول إلى البيانات وذلك عندما كتبت إرشاداتها للأطباء الذين يستخدمون الدواء مع المرضى الخاضعين لتفويض استخدام الطوارئ (EUA).
كما قال:

«إن المؤلفين اختاروا عدم نشر النتائج الأولية على خادم تم النشر عليه من قبل لأنهم شعروا أنه من المهم الخضوع لمراجعة زملاء متخصصين، إن آخر ما تريدْه لشيءٍ بهذه الأهمية هنا هو عدم اكتمال البيانات، أو عدم وصول كل شيءٍ إلى الحد الذي ترغب فيه من الدقة لإثبات صحته»

تفاصيل التجربة

في تجربة (ACTT-1) وهى تجربة تكيفية (حيث يتم تقييم تأثير الدواء من خلال النتائج النهائية التي تظهر على المريض)،  وعشوائية (حيث يتم فيها  اختيار الخاضعين للتجربة بشكل عشوائي من حيث العرق والنوع، إلخ)، ومُراقبة بعلاج وهمي (حيث يتم فيها تحديد تأثير الدواء المُعالِج على مجموعة من المرضى مقارنة بتأثيرات آخر وهمي ليس له تأثير علاجي على المرض المُختَبر ويتم إعطاؤه لمجموعة أخرى)، ومزدوجة التعمية (حيث يكون القائم على التجربة والمريض معمي عليهما عن هوية من يتلقى العلاج الفعال ومن يتلقى العلاج الوهمي)، قام الباحثون بتسجيل 1063 مريضًا من 21 فبراير وحتى 19 أبريل في 60 موقعًا تجريبيًا و 13 موقعًا فرعيًا حول العالم (45 موقعًا في الولايات المتحدة). وكان لدى مجموعة (remdesivir-ريميدسفير) 541 مريضًا، ومجموعة الدواء الوهمي 522 حيث توقف عدد قليل من المرضى (49 في مجموعة remdesivir و53 في مجموعة الدواء الوهمي) عن العلاج قبل اليوم العاشر بسبب حدث سلبي أو سحب الموافقة. وعندما انتهى جمع البيانات لهذا التحليل الأولي في أواخر أبريل، لم يتعاف 301 مريض ولم يكملوا زيارة المتابعة النهائية.

كان لدى معظم المرضى حالة واحدة (27٪) أو أكثر (52.1٪) من الحالات المرضية الموجودة مُسبقًا، مُتضمنةً ارتفاع ضغط الدم (49.6٪)، والسمنة (37%)، وداء السكري (النوع التاني) (29.7٪)، وكان متوسط عمر المرضى 58.9 سنة، وغالبيتهم من الرجال (64.3٪)، كما كان متوسط عدد الأيام من بداية الأعراض إلى التوزيع العشوائي تسعة أيام، كما أن 53.6٪ من المرضى كانوا من البيض، و20.6٪ من السود، و12.6٪ آسيويين، و23.4٪ كانوا من أصل إسباني أو لاتيني، أما باقي أعراق ال13.5% فلم تُرصد وسُجلت في فئة ”آخرون“.

تلقى المرضى جرعة 200 مجم في اليوم الأول من التجربة، ثم جرعة 100 مجم كل يوم ابتداءً من اليوم الثاني وحتى اليوم العاشر، أو حتى خروج المريض أو الوفاة.

وعلى الجانب الآخر تلقى المرضى في المجموعة الأخرى العلاج الوهمي مطابقًا للرمدسفير في الجدول الزمني والجرعات، وهذه هى المجموعة التي ستُستخدم كمعيار أو مرجع لقياس تأثير الريمدسفير على المرضى في المجموعة الأولي بعد المقارنة بين المرضى في المجموعتين.
قُيّمَت الحالة السريرية لكل مريض كل يوم، من اليوم الأول حتى اليوم 29 من إقامته في المستشفى، وفقًا لمقياس ترتيبي ثماني الفئات.

حُددَ وقت التعافي على أنه اليوم الأول من فترة التسجيل التي تبلغ 28 يومًا والتي تتوافق مع الحالة السريرية للمريض حسب المقياس الثماني، الأول (لم يدخل المستشفى، لم توجد قيود على نشاطه)، وللمريض الثاني (لم يدخل المستشفى، فُرضت قيود على نشاطه أو يحتاج إلى العلاج بالأكسجين أو كليهما) ، أو للمريض الثالث (متواجد في المستشفى، لا يحتاج إلى العلاج بالأكسجين أو الرعاية الطبية حتى إذا تم تمديد فترة حجزه وفقًا لأسباب مكافحة العدوى). وأشارت الدرجة الرابعة إلى أن المريض دخل المستشفى واحتاج إلى رعاية طبية مستمرة، لكنه لم يكن بحاجة إلى العلاج بالأكسجين؛ أما الدرجة الثامنة فتشير إلى الموت.

وجد التحليل أن مرضى (remdesivir-ريميدسفير) قد احتاجوا إلى 11 يومًا للشفاء، مقارنةً بـ 15 يومًا للمرضى مستخدمي الدواء الوهمي (نسبة معدل التعافي 1.32؛  بمدى ثقة 95% ، 1.12- 1.55؛ P<.001؛  1059مريض). كما كان معدل الوفيات أقل في مجموعة ريميدسفير (نسبة حدوث الوفاة 0.7 ؛ بمدى ثقة 95% ، 0.47- 1.04؛  1059مريض)، ولكن النتيجة لم تكن ذات دلالة إحصائية، فبعد مرور 14 يومًا، كان تقدير (Kaplan-Meier) للوفيات 7.1 ٪ في مجموعة (remdesivir-ريميدسفير) و11.9 ٪ في مجموعة العلاج الوهمي.

إن المرضى الذين يتلقون الأكسجين ولكن لا يحتاجونه بشكل عالى التدفق أو يحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعية أو إلى الأكسجة الغشائية خارج الجسم، بدوا أفضل حالًا مع العلاج باستخدام ريميديسيفير (كان هؤلاء المرضى لديهم نقاط ترتيبية أساسية 5). وأشار الباحثون في الدراسة إلى أن ذلك قد يكون ناتجًا عن الحجم الكبير لعينة هذه الفئة من المرضى. وكان مؤلفو الدراسة غير قادرين على تقدير وقت الشفاء للمرضى الأكثر خطورة (الفئة 7)، وربما يرجع ذلك إلى قصر وقت المتابعة اللازم لتقييم هذه المجموعة الفرعية بشكل كامل.

وقال كاول من جامعة ميشيغان -والذي لم يشارك في الدراسة- بعد الاطلاع على النتائج المنشورة:

«هنالك دليل واضح ومتسق على فائدة كبيرة سريريًا لأولئك الذين دخلوا المستشفى واحتاجوا للأكسجين, ولكنهم لم يحتاجوا إلى أجهزة تنفس صناعية بعد»

مُضيفًا:

«من المدهش أن الجرعات المبكرة التي تم قياسها من وقت ظهور الأعراض لم تحدث فرقًا»

وأضاف أنه لا يزال هناك احتمال أن يفيد (remdesivir-ريميدسفير) مرضى التنفس الصناعي، ولكن:

«سيتعين على الأطباء تحديد ما إذا كانت الأدلة التي تشير إلى عدم نفع  هذا الدواء مع أولئك المرضى الذين تم تنبيبهم لإعانتهم على التنفس قوية كفاية أم لا لتبرير استخدام هذا المورد الشحيح من الدواء حاليًا في هذه المجموعة مقابل الحد من استخدامه لأولئك الذين يحتاجون إلى الأكسجين ولكن ليس على التنفس الصناعي»

وقدر المحققون في الدراسة أن أربعة أحداث سلبية خطيرة فقط (اثنتان في كل مجموعة) في المرضى المقيدين كانت مرتبطة بـ ريميدسيفير أو الدواء البديل. لم تُعزى أي وفيات إلى العلاجات، على الرغم من أن الفشل التنفسي الحاد، وانخفاض ضغط الدم، وإصابة الكلى الحادة، والالتهاب الرئوي الفيروسي كانوا أكثر شيوعًا بشكل طفيف في المرضى الذين يتلقون العلاج الوهمي عن أولئك الذين يتلقون دواء الريميدسيفير.

وقال لين:

«أنَّ الباحثين يخططون لنشر دراسة جديدة تستكمل تلك في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، بعد أن يتم المرضى 28 يومًا من المتابعة. وفي الدراسات المستقبلية، من المرجح أن تركز الوكالة على مقارنة الريميديسيفير فقط مع تركيبات له مع علاجات أخرى، مثل الباريسيتينيب المضاد للالتهابات- anti-inflammatory baricitinib

 

المقال الأصلي

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي