رواد الاقتصاد: النمساوي المؤثر بكتاباته على النظرية الاقتصادية

بوم-بافيرك-e1561104995357

فون بوم بافيرك

عالم الاقتصاد النمساوي فون بوم بافيرك المؤثر بكتاباته على النظرية الاقتصادية، ما هي إنجازاته؟ وكيف أثرت كتاباته عن سعر الفائدة ورأس المال على النظرية الاقتصادية؟ ولماذا أثار جدلًا كبيرًا في الاقتصاد؟ ستجيب هذه المقالة عن كل هذه التساؤلات.

من هو فون بوم بافيرك

العالم الاقتصادي يوجين فون بوم بافيرك (Eugen Von Böhm-Bawerk)، عاش في القرن التاسع عشر في الفترة (1851-1914)، نمساوي الجنسية، ورجل دولة، وعضو قيادي في المدرسة النمساوية للاقتصاد، ومبدع النظرية النمساوية لرأس المال، ناقد للنظام الماركسي، ووزير للمالية في الحكومة النمساوية ثلاث مرات.

فقد ولد فون بوم بافيرك في (12 فبراير 1851)، ونشأ في عائلة معروفة في بورن (Burnn) فكان والده نائب رئيس حكومة مقاطعة مورافيا في بورن. درس في المدارس المحلية في بورن ثم التحق بجامعة ڤيينا وحصل على شهادة القانون عام (1872). ثم انضم فون بوم بافيرك إلى قسم الشؤون المالية في الخدمة المدنية النمساوية، واستمر في دراساته الاقتصاديّة على الجانب من جامعات هايدلبرج، ولايبزنج وڤيينا، حتى حصل على شهادة الدكتوراة عام (1875).

وبعد الانتهاء من تعليمه القانوني والاقتصادي، خصص جزءًا من حياته المهنية للخدمة المدنية في النظام الملكي النمساوي المَجَرِيّ، والجزء الآخر للعمل العلمي في الاقتصاد، فكتب سلسلةً من المقالات المستقلة التي تعتبر انتقادًا كلاسيكيًا للنظرية الاقتصادية الماركسية؛ مما أثار جدلًا كبيرًا.

حصل على وظيفة أكاديمية كأستاذ مشارك في جامعة إنسبروك عام (1880). واستقال من منصبه الأكاديمي في الجامعة عام (1889)، وعاد إلى وزارة المالية في ڤيينا، حيث قاد قسمًا حول الإصلاح الضريبي وبدأ إصلاحات ضريبيّة مهمة وسياسات ماليّة بعيدة النظر، فتم تعيينه وزيرًا للمالية العامة في حكومة كيلما نسيجه النمساويّة عام (1895)، ولكن لفترة وجيزة، ثم استقال من منصبه لأنه تسبب في تزايدِ الطلبِ الماليِ للجيش النمساوي عن الموازنة.

أصبح وزيرًا للمالية مرة أخرى من نوفمبر (1897) إلى مارس (1898)، ثم مرة ثالثة من (1900-1904). فقد شارك في إدخال العملة الذهبية، وفي القضاء على دعم السكر عام (1902).

ثم عاد إلى الوسط الأكاديمي لينجح في رئاسة مينجر كأستاذ في الاقتصاد السياسي في جامعة ڤيينا وترأس فون بوم بافيرك تعليم جيل كامل من الاقتصاديين النمساويين من ضمنهم (جوزيف شومبيتر- Joseph schumpeter)، و(لودفيج فون ميزس- Ludwig von Mises)، و(فريدريش فون هايك- Friedrich von Hayek).

أهم كتابات فون بوم بافيرك

كتاب «رأس المال والفائدة»: تاريخ نقدي للنظرية الاقتصادية (1884-1912)

مكونٌ من ثلاثة مجلدات، وقد أرسى هذا الكتاب سمعة فون بوم بافيرك الواسعة بين معاصريه، فقد استعرض فيه نظريات مختلفة من الفائدة وقال أن الفائدة لايمكن أن تستند إلى التكلفة وأنه يجب التركيز على تفوق السلع في المستقبل على السلع الحالية، واعتمد على العوامل النفسيّة وعلى طبيعة الإنتاج وتحدى نظرية الفائدة الكلاسيكيّة.

وعلى الرغم من أن نظرية الإنتاجيّة الحديّة أثبتت أنها أكثر دقة إلا أنفون بوم بافيرك سلط الضوء في كتابه على التفكير بوضوح حول أسعار الفائدة، كما أن طبيعتها الزمنية غيرت النظرية الاقتصادية بشكل دائم. وخلال فترة كتابته لهذا الكتاب تدخلت ظروف خارجة عن إراداته. وقبل الانتهاء من الفصول الأخيرة، كان فون بوم بافيرك تحت ضغط مستمر لإنهاء الصفحات المتبقية بسرعة.

– تقوم نظريته في سعر الفائدة على ثلاث فرضيات هي:
أ- أن الناس يتوقعون أن تتحسن احوالهم في المستقبل.
ب- أن الناس يقيّمون السلع الحاضرة أكثر من تقييمهم لها في المستقبل.
ج- أن السلع الرأسمالية الحاضرة أفضل من السلع الرأسمالية في المستقبل.

كما تمكن فون بوم بافيرك من تحديد ثلاثة أسباب للتناقض في القيمة بين السلع الحاليّة، والسلع المستقبليّة:

أ- حالة السوق: في الاقتصاد المتنامي، يكون عرض البضائع أكبر في المستقبل مما هو عليه في الوقت الحالي، لذلك، فإن السلع الحالية لها قيمة أعلى من نفس السلع في أي وقت لاحق.
ب- الدافع النفسي: اللامبالاة يدفع الناس إلى التقليل من احتياجاتهم المستقبلية.
ج- التفضيل التقني: يمكن البدء فورًا بالإنتاج من قبل صاحب المشروع مع السلع الحاليّة، في حين أن انتظار السلع التي تتوافر في المستقبل فقط سيؤخر بداية الإنتاج.

كتاب «النظرية الإيجابية لرأس المال» أو «النظرية الموجبة لرأس المال» عام (1889)

يتحدث عن دراسة تراكم وتأثير رأس المال، مقترحًا متوسط فترة الإنتاج. وكان هذا الكتاب عن رأس المال على النقيض من العمل المتزامن الذي قام به جون بيتس كلارك عن الإنتاجية الهامشية لرأس المال، وشدد فون بوم بافيرك على أهمية المنفعة الهامشيّة، والتي تؤكد أن السعر يتحدد في المقام الأول من قبل الطلب وأن يتم تحديد الطلب من خلال المنفعة.

النظرية تعتبر ذاتية لأن تعريف المنفعة يعتمد جزئيًا على التوقعات الشخصية، فنظرية رأس المال تقول أن السلع الرأسماليّة ليست دائمة، وبالتالي فإن رأس المال بحاجة إلى إعادة إنتاج مستمرة. ووصف فون بوم بافيرك الإنتاج الرأسمالي بأنه مستهلك للوقت، فكلما طال أمد عملية الإنتاج، من الحقن الأول للأرض والعمل حتى الانتهاء من السلع الاستهلاكيّة؛ كان المنتج النهائي أكبر وأفضل، ويزيد الفاصل الزمني بشكل أسرع من كمية المنتج وتحسينه، أي أن قانون تناقص العائد يعمل فيما يتعلق بالوقت.

وفاة فون بوم بافيرك

لم يكن منتجًا للغاية بعد عام (1904)، لأنه لم يتمكن من كتابة طبعة جديدة من عمله، دافع عن نفسه كثيرًا ضد العديد من الخصوم، وتسببت مشكلة مزمنة بالدورة الدمويّة في وفاته عام (1914) عن عمر يناهز (63) عامًا، وقام ويليام تي سمارت بترجمة أعمال فون بوم بافيرك إلى الإنجليزيّة، وهذا ساعد في إدخال المدرسة النمساويّة (الثورة الهامشيّة بالأخص) إلى الاقتصاد الأمريكي، ولكن تم انتقاد نظرية رأس المال من قبل جون بيتس كلارك، الذي كان لديه نظريته المتنافسة في رأس المال، وأدى هذا إلى سلسلة من الجدالات في أمريكا في تسعينيات القرن التاسع عشر، لأن تفكير بوهم بيرك قائم على التقاليد الفكريّة النمساويّة، التي كانت بعيدة كل البعد عن الأساليب العلميّة والافتراضات السياسيّة والفكريّة التي كانت موجودة في الولايات المتحدة وإنجلترا.

إعداد: إسراء حسني
مراجعة علمية: صموئيل صفوت
مراجعة لغوية: حمزة مطالقة
تحرير: نسمة محمود

المصادر
المصدر الأول 
المصدر الثاني 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي