قابلتنا الكثير من الفيديوهات التي تصف الأرض بأنها مركز الكون، ولكن ما مدي صحة هذا الكلام؟
كي نجيب عن هذا السؤال، يجب أن نذهب في رحلة إلى الماضي. تحديدًا عام 340 قبل الميلاد حين قال أرسطو في كتابه «On the heavens» أن الأرض دائرية وليست مسطحة كما كانت النظرية السائدة حينها. وقد جاء إلى هذا الاستنتاج عن طريق النظر إلى الظل الذي ترسمه الأرض على القمر في خسوف القمر (وهو حين تكون الأرض بين الشمس والقمر فتحجب جزءاً من ضوء الشمس على القمر). ولاحظ أرسطو أن الظل يمثل نصف دائرة، وليس خط مستقيم كما كان ليكون إذا كانت الأرض مسطحة.
وقال أرسطو أن الأرض هي مركز الكون وجميع الأجسام الأخرى تدور حولها.
ومن المثير للجدل انه لم يفكر أي شخص في أن هذا الكلام غير صحيح. حيث انه في هذه الفترة كان السائد هو أنك تستطيع أن تفهم كل شيء في الكون بمجرد التفكير به.
وبالتالي لم يدر في بال أي شخص أن يتحرى الصدق في مثل هذه الأقاويل.
ثم جاء في عام 200م بطليموس بفكرة انه ليست الأرض مركز الكون فحسب. بل أيضًا لخص الكون بأكمله في تصميم كان ينص على أن الكون مكون من 8 كرات 7 منها تمثل الشمس والقمر والكواكب المعروفة حينها وهي (عطارد وزحل والمريخ والمشتري والزهرة) ونص التصميم على أن الكرة الثامنة والأخيرة تحمل كل النجوم وكل الكون الباقي. وقد أعجبت الكنيسة الكاثوليكية بهذا التصميم كثيرًا لدرجة أنها تبنته واعترفت به وقد كان هو التصميم المعترف به بشكل سائد لأكثر من 1300 عام.
حيث انه في عام 1514م جاء كاهن بولندي اسمه «Nicholas Copernicus» ونشر تصميمًا ينص على أن الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس وليس العكس وقد قابلته الكنيسة بعنف شديد وتهديدات بسبب هذا التصميم وبسبب انه لا يعترف بتصميم الكنيسة (الإلهي) كما وصفته.
لم يُعترف بتصميم كوبرنيكوس حتى قرن بعد نشره حين أعلن جاليليو وكيبلر تأييدهم لتصميمه علنًا بعدها بقرن من الزمن.
وجاءت الضربة القاتلة لتصميم بطليموس في عام 1609م حين وجد جاليليو أن للمشتري أقمار تدور حوله.
وذلك ينفي نظرية أن جميع الأجسام تدور حول الأرض. ولكن حتى حينها جاء بعض المؤيدين لنظرية بطليموس والكنيسة بفكرة أن الأقمار الخاصة بالمشتري تدور حول الأرض في مدار غاية في التعقيد.
وكانت الضربة القاضية حقًا لبطليموس وتصميمه في عام 1687م حين نشر نيوتن تحفته في الرياضيات والفيزياء «philosophiae naturalis principia mathematica» وهو الكتاب الذي وضح فيه أساسيات الميكانيكا الحركية الخاصة بالأجسام والمدارات الخاصة بالكواكب طبقًا للجاذبية.
وكان هذا الكتاب أول شرح وتفسير صحيح للمدار الغريب الخاص بكوكب المشتري والذي حير المجتمع العلمي فترة كبيرة من الزمن.
بعد كل هذا. قد يظن المرء انه لا يمكن أن يثار اندهاشه مرة أخرى. ولكن جاء إدوين هابل في عام 1924م ليثبت أن العلم لا نهاية له حين اكتشف مجرة أندروميدا وأثبت بذلك انه يوجد مجرات أخرى في الكون. فكانت هذه ضربة رهيبة لغرور الإنسان بأنه هو مركز الكون وأهم ما فيه.
فنحن كوكب صغير في مدار حول شمس متوسطة الحجم في مجرة فيها الملايين من النجوم، في كتلة عنقودية تحمل الملايين من المجرات اسمها العذراء. حدثني كرة أخرى عن مدى أهميتك؟
نحن البشر يعمينا الغرور عن الحقيقة التي قد تكون أمام أعيننا. فكم من عالِم أسكتته الكنيسة قبل كوبرنيكوس، وكم من متسائل أسكتته العادات والتقاليد، وكم من شخص صدر بحق عقله الإعدام لاختلافه عن السائد!
إعداد: Mohamed S. El-Barbary
تصميم: Ahmaad M. Hanafi
________________________________________________________________________________________
References
The Internet Classics Archive | On the Heavens by Aristotle [Internet]. [cited 2016 Mar 20]. Available from: http://sc.egyres.com/lQ0Mx
Irvine AD. Principia Mathematica. In: Zalta EN, editor. The Stanford Encyclopedia of Philosophy [Internet]. Spring 2015. 2015 [cited 2016 Mar 20]. Available from: http://sc.egyres.com/vCdWn
The Ptolemaic Model [Internet]. [cited 2016 Mar 20]. Available from: http://sc.egyres.com/tcgfG
The Galileo Project | Biography | Telescope [Internet]. [cited 2016 Mar 11]. Available from: http://sc.egyres.com/13jTS
Das SR. An Astronomer’s Astronomer: Kepler’s Revolutionary Achievements in 1609 Rival Galileo’s [Internet]. Scientific American. [cited 2016 Mar 20]. Available from: http://sc.egyres.com/fZx3P
NASA – Hubble Views the Star That Changed the Universe [Internet]. [cited 2016 Mar 20]. Available from: http://sc.egyres.com/PE7AI