تشكل الأعداد الأولية مجال بحث نشط للعديد من العاملين في الوسط العلمي، لما تحمله من أهمية عالية جدًا في مجال التشفير الذي أصبح يعتمد بكليته على كل جديد في نظرية الأعداد الأولية لرفع مستوى الأمان في التعاملات الإلكترونية بمختلف أنواعها، بدءًا من التراسل الشخصي عبر البريد الإلكتروني وانتهاء بالمعلومات العسكرية مرورًا بالتعاملات المصرفية، لكن .. ما الذي يجعل الأعداد الأولية مهمة لهذه الدرجة ؟؟
حتى نصل إلى إجابة هذا السؤال سيكون من اللازم أن نرصد الجهود المختلفة التي تم بذلها حتى الآن ..
الأعداد الأولية هي الأعداد الطبيعية الموجبة التي تمتلك قاسمين فقط وهما العدد نفسه والواحد (1) أي أنها لا تقبل القسمة على أي عدد دون باق باستثناء هذين العددين، وعليه فالواحد ليس أوليًا لأنه لا يمتلك إلا قاسمًا هو نفسه (الواحد) ويرمز للمجموعة التي تضم الأعداد الأولية بالرمز (P).
فمثلًا، العدد 3 أولي لأنه لا يمكن قسمته إلا على ذاته والواحد أما العدد 4 فهو غير أولي لأنه يقبل القسمة على 2 وجميع الأعداد الغير أولية يمكن كتابتها على شكل عوامل أولية، أي تنتج بضرب مجموعة من الأعداد الأولية عددًا من المرات، فمثلًا نلاحظ أن العدد 4 هو (2×2) والعدد 34866 هو (×2 × 3 × 13 × 1493) وهذه الكتابة هي ما أعطى الأعداد الأولية هذه الأهمية، فيمكننا بذلك تشفير أي عدد باعتبار أن الأعداد الأولية هي مفاتيح بناء رئيسية لاسترجاع الأعداد الأصلية.
يقوم العديد من الخبراء في نظرية الأعداد منذ زمن بعيد وحتى يومنا هذا بالعمل دون توقف لبناء نموذج رياضي يصف الأعداد الأولية بدقة (كعدد الأعداد الأولية الأصغر من عدد معين X أو توزع الأعداد الأولية عبر مجموعة الأعداد الطبيعية أو صيغة عامة لنصل إلى جميع الأعداد الأولية) والعديد من المهام الأخرى التي لا زال أمامنا شوط طويل لتحقيقها .. فرغم قدمها، لا تزال نظرية الأعداد الأولية في المهد وتحاول استخدام القدرة الحاسوبية الهائلة التي وفرها التقدم التكنولوجي للحصول على أجوبة لهذه التساؤلات.
وهناك مجموعة من الخواص التي يتحدث عنها الرياضيون عند التعريف بالأعداد الأولية .. سنتطرق إلى مجموعة من أهمها اليوم :
الأعداد الأولية مجموعة غير منتهية
تم البرهان على هذه الخاصة بعدد كبير من الطرق وأشهر هذه الطرق وأقدمها طريقة (إقليدس) الذي يستخدم نقض الفرض .. لنفترض أن الأعداد الأولية منتهية، وهذا يعني بالتالي أنه يوجد عدد (N) هو أكبر هذه الأعداد، وهو عدد أولي أيضًا .. الآن لنأخذ جميع الأعداد الأولية الأصغر من (N) و نضربها جميعاً .. (2×3×3×5×7×11×……×N) ثم نضيف (1) لهذا العدد فينتج عدد لا يقبل القسمة على أي من الأعداد الأولية، لأنه سيعيد باقيًا هو الواحد الذي تمت إضافته، وهذا يعني أن فرضنا الابتدائي بأن الأعداد الأولية منتهية خاطئ و بذلك يتم البرهان.
الأعداد المرسينية والأعداد الكاملة
نسمي كل عدد أولي من الشكل 2n-1 أعداد مرسينية -نسبة إلى الرياضي والفيلسوف الفرنسي مارن مارسيني- فمثلًا العدد (7) هو عدد مرسيني لأنه يكتب بالشكل (23-1) ونسمي الأعداد التي تساوي مجموع قواسمها – ما عدا العدد نفسه بالطبع- بالأعداد الكاملة، كالعدد 6 = 1+2+3 ويمكننا بناء أعداد كاملة انطلاقًا من أعداد مرسينية بضرب العدد 2n-1 بالعدد 2n-1 (لن يتم ذكر البرهان لصعوبته) كما نعلم أن كل عدد كامل تم توليده بهذا الشكل، لكننا لا نعلم إن كانت الأعداد المرسينية منتهية وبالتالي لا نعلم إن كانت الأعداد الكاملة منتهية. رغم بساطة هذه المفاهيم والمبرهنة، لم يستطع أحد حتى اليوم التأكد من صحتها بشكل قطعي، فكل ما يتم العمل عليه هو حدسيات، أي أننا نفترض صحتها بعد اختبار عدد كبير من الحالات، ونكمل مسيرة البرهان اعتمادًا على ذلك.
إعداد: Abdelraheem ghzal
مراجعة:Israa Adel
المصادر :
Meta math.. The quest for omega by Gregory Chaitin 1st and 2nd chapters
Number, the language of science by Tobias Dantgiz
For more on Marin Mersenne see: http://goo.gl/ZUYNJW