الإرث السرمدي لجزيرة الكنز

الإرث-السرمدي-لجزيرة-الكنز

عندما نُفكر في القراصنة، تِرِدُ إلى أذهاننا صورةٌ عالمية خُلِّدَت عبر الثقافة الشعبية. لقد اشتهر القراصنة ببعض المقولات مثل: (Shiver me Timbers -ترتعدُ لي الأخشاب)[1] و(Arrr)[2]. كما اشتهروا بالرِجلِ الخشبيةِ، وبوضعِ الببغاء على أكتافهم. وقد استوحى القراصنةُ طريقتهم في الكلام والشكل الظاهري من رواية «جزيرة الكنز» وأحد الأفلام المُقتبسة. ولسوء الحظ، هذه الرواية لا تَمُتُّ للواقع كثيرًا.

سُلسِلت جزيرةُ الكنزِ في مجلةٍ من أكتوبر عام 1881 إلى يناير 1882، ونُشِرت في كتابٍ عام 1883. لقد كَتبها كاتب أسكتلندي  يُدعى (Robert Louis Stevenson – روبرت لويس ستيفنسون) تحتِ اسمٍ مستعارٍ وهو «القبطان جورج الشمالي». تدور أحداث الرواية حول البطل المراهق (Jim Hawkins-جيم هاوكينز)، الذي وَجَد في حَوزتِه خريطةً تُؤدِّي لكنزٍ مدفون. قد تبدو القصة مألوفة، يأخذ جيم القارئ في مغامرةٍ شرسة، ويُقابل قراصنةً مثل القُبطان ذي الساق الواحدة (John Silver – جون سيلفر) و(Israel Hands-إسرائيل هاندز)، اللذان يريدان الحصول على الكنز.

لقد أثَّرت الرواية بلا شك في الطريقة التي نُفكر بها عن القراصنة، ولا سيما ميولهم في دفن الكنوز ووضعِ خريطةٍ لها، لكن وضحت لنا الصورة الأصلية للقراصنة ولغتهم من خلال الفيلم المُقتبس من الكتاب في عام 1950، الذي قام بإخراجه (Byron Haskin-بايرون هاسكن). سَمِع المشاهدون لأول مرة من خلال هذا الفيلم بعضَ الكلمات التي يستخدمها القراصنة مثل: (matey-صديق) و(Arrr بدلًا من نعم).

يُوضح الفيلم بعض أنماط القراصنة الموجودة، فلدى جون سيلفر ببغاء على كتفه دائمًا، أما بالنسبة للقراصنة الآخرون في الفيلم، فهم يرتدون عُصابة العين ولديهم خُطاف يد. تَتابعت أفلامُ القراصنةَ التي وضَّحت التأثُّر برواية جزيرة الكنز في السلوكيات واللغة والزي، ومن هذه الأفلام The Goonies[3]عام 1985 و(قراصنة الكاريبي) و(لعنة اللؤلؤة السوداء عام 2003).

كَوْن تصوير القراصنةِ بهذا الشكل قريب من الحقيقة أم لا، فتلك قصةٌ أخرى. لقد اختارت هوليوود طريقةً إبداعية في تصوير القراصنة لقد قام الممثلُ (Robert Newton-روبرت نيوتون) بإظهارِ خصائص حديث جون سيلفر والذي بالغ في لهجة موطنه الغربيّ الأصليّ الإنجليزية لجعلها ذات أثرٍ قرصانيّ. كما قام روبرت بتدعيم صورة القرصان للعامة، فقام بدور جون سيلفر الطويل ذي اللحيةِ السوداء في أفلامٍ أخرى. وفي الواقع، فقد أتى القراصنةُ من جميع أنحاء العالم ولديهم لهجات وأنماط مختلفة.

في الرواية، فَقَدَ جون سيلفر الطويل قدمه واستخدم دعامةً، أما في الأفلام المقتبسة فلديه قدم خنزير. وبالرغم من أن هذه الإصابات من هذا النوع نادرة، إلا أنه تم استخدام الخنازير والخطافات كأجهزة تعويضية في عصر القراصنة. لم يحتفظ القراصنة بالكثير من الببغاوات بالرغم من أنهم كانوا يقوموا بالإمساك بهم وبيعهم.

اجتهد البعض في وضع تفسيرات لارتداء القراصنة لعصابات العين لكن مازال السبب مجهولًا. وتُعتبرُ جزيرةُ الكنزِ السبب وراء لغة القراصنة والصورة التي نشأت عنهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مُصطلح يُعبر عن الدهشة

[2] اتفقُ معك

[3] مجموعة من الأطفال، أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم

 

ترجمة: Samar Gamal

المصدر:

https://www.britannica.com/spotlight/the-eternal-legacy-of-treasure-island

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي