مقدمة
يتوقع العلماء أن التغيّرات المَناخية سوف تُسبب دمار بشكلٍ ملحوظ على المدى البعيد علي كوكب الارض؛ فارتفاع الحرارة بشكلٍ تدريجي على النطاقات المختلفة كسطح الأرض، والمحيطات، وطبقات الجو سببها النشاط البشري.
لاحظ العلماء ارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان، وأيضا بقية غازات الصوبة الدافئة في طبقات الجو وذلك نتيجه احتراق الوقود الأحفوري بشكلٍ أساسي.
علي الرغم من أن الجدال السياسي علي التغيّرات المَناخية صَدَرَ إلى الساحات منذ عام 2013، ولكن مازال العلماء يؤيدون وبشده أن السبب الرئيسي للاحتباس الحراري هي الأنشطة البشرية .
يمكننا أن نجد آثار التغيّرات المَناخية في الوقت الحالي في أماكن كثير مثل ذوبان الجليد بالقطبيين، وظهور البحيرات في أنحاء العالم نتيجةً لهذا الذوبان، واختلاف في مواعيد الهجرات للحيوانات، وتغيّر النشاطات الفسيولوجية لبعض النباتات مثل ظهور براعم أوراق الأشجار بشكلٍ مبكر، وسقوط الأوراق في غير ميعادها وذلك بعد فصل الخريف وهذا ما أوضحه البروفيسور جوزيف ويرن الأستاذ بجامعة بيتسبرج في كليه العلوم بقسم علوم الأرض والبيئة.
الزيادة في متوسط درجات الحرارة الصغرى والعظمى :
واحدة من أكثر الدلائل على الاحتباس الحراري هي الزيادة في درجات الحرارة حيث أن متوسط درجات الحرارة ارتفع بمعدل 1.4 فهرنهيت بما يعادل 0.8 درجة سليزيوس وذلك طبقا لأبحاث (الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوى – NOAA)
قامت NOAAبالتعاون مع وكالة ناسا بعمل إحصائية أفادت بياناتها أن عام 2016 هو العام الأكثر حرارة في تاريخ البشرية حيث سَجلت درجة الحرارة ارتفاعًا يُقارب 1.78 درجات بما يعادل 0.99 سليزيوس.
ولنكون أكثر دقة بالنسبة لمنطقة الولايات المتحدة وألاسكا فقد كانت 2016 ليست السنة الوحيدة التي شهدوها أكثر حرارة بل كانت السنة الثانية بالنسبة لها لأن الأولي كانت قد سُجلت خلال القرن العشرين وذلك وفقًا لإحصائيات NOAA.
الطقس القارس :
مثلما توجد الحرارة الشديدة يوجد أيضًا الطقس قارس البرودة وهذا ما تشهده الولايات المتحدة في فصول شتاءها شديد البرودة و هو ما ليس معتاد لها .
فلقد عرف العلماء أن المَناخ هو تسجيل لدرجات الحرارة علي المدى البعيد ويمتد لعدة سنوات إلى أن تنتظم تلك الظاهرة ومن خلال ذلك يستطيعوا الفهم بأن هناك تغير ملحوظ في حالة المَناخ.
ويمكننا أن نقول أن الاحتباس الحراري بعيدًا عن أنه تغيُر في السلوك الحراري سواء أكان بالحرارة أو بالبرودة ولكنه أيضًا قد يتمثل في صورٍ أخرى كالأعاصير و طريقة تكوينها؛ فجهود العلماء والتقدم العلمي في أجهزة رصد الأعاصير و التنبؤ بها أكدوا أن زيادة تكرار حدوث الأعاصير بل وقد يكون حدوثها أصبح بشكلٍ كثيفٍ عن الطبيعي و ذلك نتيجة التغيّرات المَناخية وهذا ما أكد عليه عالِم يُدعى آدم سوبيل.
فسر العلماء أيضًا أن هجمات الأعاصير ستزداد بشكلٍ مُكثف حيث أنها تستمد طاقتها من التباين في درجات الحرارة من التيارات الدافئة الموسمية القادمة من المسطحات المائية والتيارات الباردة القادمة من طبقات الغلاف الجوي وهذا ما يُحدثه الاحتباس الحراري.
من خلال الأبحاث التي يقوم بها العلماء عن تقلبات الطقس، والحرارة المرتفعة، والجفاف، والعواصف الثلجية، والعواصف المطيرة؛ يتوقع العلماء حدوثها بشكلٍ مكثفٍ عن الطبيعي وذلك وفقًا لبيانات مركز المَناخ وتنبؤات الطقس بالإضافة إلى زيادة غازات الصوبة الدفيئة في طبقات الغلاف الجوي والتي ستعمل على تغير المَناخ بشكلٍ كبير خلال سنوات كبيرة و ربما عقود وهذا ما سيجلب زيادة في سقوط الأمطار الشتوية، وقلة الأمطار الصيفية.
ذوبان الجليد :
هو واحد من الظواهر الرئيسية التي عبّر فيها التغير المَناخي عن نفسه فعن مساحات الجليد الموجودة بأمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا أوضحت التقارير المَناخية في مجلة التغيرات المَناخية أن سُمك الجليد يقل بنسبة 10% على مدار سنوات عديدة، وقد يسفُر عن هذا تآكل الأراضي بشكلٍ مفاجئ و ظهور العديد من الميكروبات الدفينة وهذا ما أوضحته أبحاثٌ حُررت عام 2016.
دعنا نتحدث أيضًا عن واحدة من الظواهر الهامة التي خلفها ذوبان الجليد وهي نقصُ مساحة الجليد بالمحيط الهادئ.
حيث سجلت المعدلات خلال خريف وشتاء 2015 و 2016 أقل المعدلات للامتدادات الجليدية، لذلك وجب علينا أن نوضح ما هو ذوبان الجليد؟
عرّف العلماء ذوبان الجليد علي أنه ظاهرة نقص في سُمك الجليد ويؤكد العلماء أن تلك الظاهرة سيمتد تأثيرها لسنوات ويرجع ذلك إلى لون الجليد؛ حيث أنه عندما يكون السطح ذو لون فاتح فإن انعكاس أشعه الشمس عليه سيكون أكثر تأثيرًا من سطوح المحيطات الداكنة وبالتالي زيادة في التبخر وبالتالي زيادة في الذوبان وهذا مؤشر خطير.
زيادة مستوى سطح البحر و زيادة درجة حمضية المحيطات :
فمثلما يوجد ذوبان جليد فإنه من البديهي يوجد زيادة في مستوي سطح البحر؛ في عام 2014 أوضحت تقارير مُنظمة الأرصاد الجوية الدولية أنه حدث زيادة في مستوى سطح البحر بما يعادل 0.12 بوصة أيْ ما يعادل 3 ملليميتر في السنة و هذا ضعف متوسط الزيادة السنوية التي سُجلت في القرن العشرين .
وليست الزيادة في مستوى سطح البحر التي نواجهها في المحيطات هي المشكلة الوحيدة الناجمة عن الاحتباس الحراري؛ بل إن زيادة معدلات ثاني أكسيد الكربون المُذابة في مياه البحر هي التي يجب أن نُعيرها اهتمامًا أكبر حيث أن بزيادة ثاني اكسيد الكربون المُذاب في الماء ينتج حمض الكربونيك الذي يعمل على تخفيض درجة الحموضة للمياه مما سيؤثر حتمًا علي الأحياء المائية.
منذ بدء الثورة الصناعية في أوائل القرن الـ 18 حيث زيادة درجة حمضية المحيطات بنسبه 25% وتأثُر الكائنات البحرية وخصوصًا أصداف الكائنات وذلك بسبب نقص نسبة الكالسيوم بأصدافها؛ فإذا لم نستطع السيطرة على تلك المشكلة فإن الشِعاب المرجانية ستتأثر وتُصبح نادرة مثلما حدث في استراليا حيث فقدت معظم شِعابها و تعرضت للتبيض وتلك ظاهرة تحدث بسبب دفئ المياه و عدم الاتزان في رقم حموضة المياه و تلوثها.
النباتات و الحيوانات :
من المُتوقع أن الاحتباس الحراري سيتعمق تأثيره وينتشر خلال النُظم الحيوية علي كوكب الارض، حيث أوضحت التقارير والأبحاث التي نشرتها الأكاديمية القومية للعلوم أن العديد من أنواع النباتات والحيوانات أصبحت تنتشر ناحية الشمال أو بالاتجاه لأعلي وذلك بالطبع نتيجة تذبذب درجات الحرارة؛ فإنهم لا ينتقلوا فقط إلى جهة الشمال و لكن هربًا من خط الاستواء وهذا يُنبئ بخطرٍ كبيرٍ وهو سرعة تغيّر المَناخ والذي بدوره يعمل على تغير النطاق الحراري بشكلٍ ملحوظ وسريع مما يؤثر علي أشكال التنوع البيولوجي الخاص بالبيئة.
بالإضافة إلى هجرات الطيور والحشرات التي باتت واضحة؛ حيث أصبح الطيور تعد لبياتها الصيفي باكرًا عن المعتاد بأيامٍ أو أسابيع وذلك مُختلفٌ عما كان يحدث بالقرن العشرين.
ستعمل أيضًا الحرارة على انتشار الأمراض والكائنات الدقيقة المُمرضه والتي ستتسبب بقتل الكثير من النباتات والحيوانات في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.
التأثير المجتمعي :
باتت التغيرات المَناخية تؤثر بشكل دراماتيكي حيث أنه من المتوقع أن الضرر لن يلحق فقط بالحياة الطبيعية للكوكب بل سيمتد التأثير ليطول البشر الذين تطاولوا علي البيئة وبالطبع ستنالهم يد البيئة للانتقام من أفعالهم المؤذية.
فلقد تأثرت أيضًا نُظم الزراعة بالتغيّرات المَناخية وأصبحت كضربة قاسية للبشر؛ حيث وجد البشر صعوبة في التعامل مع الجفاف وزيادة أعداد الآفات الزراعية وانخفاض مستوي سطح المياه الجوفية ونقص في مساحات الأراضي الخصبة مما أدي إلي فشل الكثير من الزراعات ونقص في أعداد الماشية على مستوى العالم.
ووفقًا لما أوضحته أبحاث جامعة كارولينا فإن بزيادة غاز ثاني أكسيد الكربون سيتأثر النبات ويصبح ذا فائدة غذائية متدنيه، ومن المتوقع حدوث خلل في الأمن الغذائي على مستوى العالم وهذا ما سيؤثر على الإنسان من نواحيٍ عدة منها التأثير على صحة الإنسان وإصابته بالكثير من الأمراض الوبائية وغيرها نتيجة لنقص المناعه.
لقد أصبح الوضع خطيرًا؛ فارتفاع الحرارة أدى إلى ظهور الكثير من الحشرات الناقلة للأمراض كالباعوض واستطاع الفيروس أن يطور من نفسه كفيروس الزيكا الذي انتشر و تصدر الساحة عام 2016، لذلك يجب أن نضع حدًا لتلك المخاطر التي تُحيط بنا من كل صوب ونُقر بأهمية وضع حلول للحد من انتشار مخاطر التغيرات المَناخية بل ووقف المُسبب لها.
إعداد : تسنيم عبدالعزيز
مراجعة علمية : إسلام سامي
مراجعة لُغوية : عمرو غالب