في العقد الماضي، تفاقم حجم التدهور البيئي وتغير المناخ دفع العالم إلى فكرة الاقتصاد الأخضر، وتحدث أشخاص مختلفون عنه باعتباره الحل للأزمات الاقتصادية والبيئية المُلحة في هذا العالم، وثورة لحماية البيئة وصونها للاجيال القادمة، فظهر الاقتصاد الأخضر كأولوية استراتيجية للعديد من الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، التي اعتبرته أحد النتائج لتحسين رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية والحد بشكل كبير من المخاطر البيئية والندرة البيئية.
الاقتصاد الأخضر
في أبسط أشكال التعريف، يمكن اعتبار الاقتصاد الأخضر على أنه اقتصاد منخفض الكربون. لأنه بديلا للنموذج الاقتصادي السائد اليوم، والذي يولد مخاطر بيئية وصحية واسعة النطاق، ويشجع على الاستهلاك والتبذير، ويؤدي إلى ندرة في الموارد وينتج عنه انعدام المساواة. فيعتبر الاقتصاد الأخضر فرصة للنهوض بكل من الاستدامة والعدالة الاجتماعية كوظائف لنظام مالي مستقر ومزدهر، واتساق مع مبادئ التنمية الاقتصادية المستدامة على المدى الطويل، وذلك عن طريق الاستثمار في حلول صديقة للبيئة كاتباع نهج احترازي للتأثيرات الاجتماعية والبيئية، وتقدير رأس المال الطبيعي والاجتماعي، فعلى سبيل المثال، إضفاء الطابع الداخلي على التكاليف الخارجية، والمحاسبة الخضراء، وتحسين الإدارة لاستخدام وإستهلاك وإنتاج مستدام وفعال للموارد، الحاجة إلى التواؤم مع أهداف الاقتصاد الكلي القائمة، من خلال خلق الوظائف الخضراء، وزيادة القدرة التنافسية والنمو في القطاعات الرئيسية، حيث يُعد الطريق للقضاء على الفقر.
الأولويات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر وكفاءة الموارد
- الطاقة المتجددة (بما في ذلك الطاقة الكهرومائية، الوقود الحيوي والكتلة الحيوية)
- التنقل ( جودة الهواء والانبعاثات والضوضاء)
- الصناعة ( الانبعاثات الغازية والنفايات)
- استخدام رأس المال الطبيعي ( بما في ذلك الغابات والزراعة والتوسع الحضري المرتبط باستخدام الأراضي والتربة والمياه والتنوع البيولوجي)
- كفاءة استخدام المياه في المناطق الصناعية والريفية والحضرية.
تقول دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية والتوقعات 2010(EEA) أن الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر يعتمد على مواجهة التحدي المزدوج المتمثل في الحفاظ على هيكل ووظائف النظم البيئية والأنشطة الاستهلاكية وتأثيراتها البيئية (كفاءة الموارد) وبشكل أكثر تحديدًا، تعني كفاءة الموارد تحقيق مستوى زيادة مرغوب فيه من الناتج مع انخفاض مستوى المدخلات البشرية أو الطبيعية أو المالية، وهو معيار ضروري للاقتصاد الأخضر، على الرغم من أنه قد لا يكون كافيًا، لأنه قد يسمح بزيادة استخدام الموارد من حيث القيمة المطلقة. كما يحتاج الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر إلى أدوات اقتصادية مثل الضرائب والإعانات ومخططات التجارة ومعايير غير اقتصادية مثل النهج التطوعي وتوفير المعلومات.
كيف يمكن للاقتصاد الأخضر أن يكون مناسبًا؟
- نموذج التنمية: إعادة التركيز على نموذج التنمية في شمال وجنوب العالم مع زيادة الوزن للقطاعات الاقتصادية القائمة على الطبيعة والحد من الفقر.
- المساعدات الخارجية التي تشجع الاقتصاد الأخضر.
- الطاقة: الانتقال من الوقود الحفري إلى الطاقة المتجددة يعتبر قلب الاقتصاد الأخضر.
- الصراع والأمن: يؤثر تغير المناخ بالفعل على الصراعات القائمة وخلق صراعات جديدة.
وفي الحقيقة، مازال الاقتصاد الأخضر مفهوما جديدا يشير إلى مزيج من القطاعات والموضوعات والمبادئ والمفاهيم القائمة والناشئة، ولم يتم التوصل إلى تعريف كامل بشكل واضح ومتسق له، فهناك فجوات في المعلومات بين مجموعة من المجالات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالعلاقة بين النظم البيئية والنظم الاقتصادية، كما لا يوجد تقييمات متكاملة حتى الآن، فقد تتطلب التقييمات الفعالة أن تكون استراتيجة الاقتصاد الأخضر في صميم عملية صنع القرارات الوطنية والاقليمية. وفي الوقت الحالي، تتناول التقييمات المسائل المتعلقة بالسياسات في مجالات محددة وضيقة بوجه عام، كالتي تتعلق بزيادة نسبة الطاقة المتجددة أو بالمشتريات العامة الخضراء أو حتى الوظائف الخضراء.
الاقتصاد الأخضر في مصر
تقوم مصر بمجهود ملحوظ لتحويل الاقتصاد المصري إلى الاقتصاد الأخضر، فقد قامت بعمل برنامج تمويل الاقتصاد الأخضر (GEFF). مقدم من البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 140مليون يورو، ويعمل هذا البرنامج من خلال البنوك المحلية المشاركة وهم بنك مصر والبنك الأهلي وبنك قطر الوطني وبنك الكويت الوطني. تقدم هذه البنوك قروض برأس مال يصل إلى 5مليون دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري للمستثمرين في مشاريع دعم الاقتصاد الأخضر، بالاضافة إلى مساعدة فنية مجانية لتطوير المشاريع القابلة للتمويل ومنحة نقدية بعد إتمام المشروع بنجاح بنسبة 10% أو 15% حسب أداء التكنولوجيا المختارة.
المصادر
إعداد: إسراء حسني
مراجعة: عبدالله أمين
تحرير: زياد الشامي