قد تتجاوز آثار الاكتئاب عواطف الشخص وصحته العقلية، بل يمكن أن يؤثر الاكتئاب أيضًا على الصحة الجسدية للشخص. في هذه المقالة، سنتعرف على هذه الآثار الجسدية للاكتئاب، بما في ذلك الآلام المزمنة وتغيرات الوزن وزيادة الشعور بالالتهابات.
ما هو الاكتئاب؟
في البداية علينا أن نعرف ما هو الاكتئاب. الاكتئاب هو حالة صحية نفسية معقدة تتسبب في انخفاض الحالة المزاجية للشخص وقد تتسبب في شعوره بالحزن المستمر أو اليأس.
يمكن أن تكون أعراض الاكتئاب تجربة مؤقتة استجابة للمواقف المحزنة أو عند التعرض للصدمة، ولكن عندما تستمر الأعراض أكثر من أسبوعين، قد تكون علامة على اضطراب اكتئابي خطير، ويمكن أن تكون الأعراض نفسها أيضًا علامة على حالة صحية نفسية أخرى، مثل الاضطراب ثنائي القطب أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
ويسرد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) أعراض الاكتئاب كالتالي:
- انخفاض الحالة المزاجية في معظم الأيام، ويصاحبها مشاعر الحزن المستمر أو الفراغ.
- فقدان المتعة في الأنشطة التي تم الاستمتاع بها سابقًا.
- قلة النوم أو كثرة النوم في معظم الأيام.
- فقدان أو زيادة غير مقصودة في الوزن أو تغيرات في الشهية.
- الفتور الجسدي أو الشعور بالخمول والوهن.
- انخفاض مستويات الطاقة أو الشعور المستمر بالتعب.
- الشعور بعدم القيمة أو الذنب.
- صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
- توارد أفكار الموت أو الانتحار.
قد تختلف الأعراض بين الأفراد وقد تتغير بمرور الوقت. لكي يشخص الطبيب الاكتئاب، يجب أن يكون لدى الشخص على الأقل خمسة أعراض مما سبق أو أكثر، ويجب أيضًا أن تكون موجودة لدى الشخص على مدار أسبوعين متواصلين.
الأعراض الجسدية للاكتئاب
لقد وثق البحث العديد من الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الاكتئاب على الصحة الجسدية، بما في ذلك ما يلي:
زيادة أو خسارة الوزن
قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من تغيرات في الشهية، مما قد يتسبب في فقدان الوزن أو زيادة غير مقصودة. وقد ربط الخبراء الطبيون بين زيادة الوزن والعديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب. أيضًا يمكن أن يؤدي نقص الوزن إلى الإضرار بالقلب والتأثير على الخصوبة والتعب.
ألم مزمن
قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من أوجاع جسمانية أو آلام غير مبررة، بما في ذلك آلام المفاصل أو العضلات، وألم الثدي، والصداع. يمكن أن تتفاقم هذه الأعراض لدى الشخص بسبب الاكتئاب المزمن.
أمراض القلب
يمكن أن يقلل الاكتئاب من تحفيز الشخص لاتخاذ قرارات إيجابية لتحسين أسلوب معيشته. فمثلًا قد يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب عندما يتبع الشخص نظامًا غذائيًا سيئًا أو يكون لديه نمط حياة غير مستقر. وقد يكون الاكتئاب أيضًا عامل خطر مستقل لزيادة المشاكل الصحية للقلب. وفقًا لبحث نُشر في عام 2015، يعاني واحد من كل خمسة أشخاص يعانون من قصور القلب أو مرض الشريان التاجي من الاكتئاب.
التهاب مزمن
تشير الأبحاث إلى أن التوتر والاكتئاب المزمنين مرتبطان بالشعور بالالتهابات المزمنة وقد يغيران من أداء جهاز المناعة. تشير أبحاث أخرى إلى أن الاكتئاب قد يكون بسبب وجود التهاب مزمن. الأشخاص المصابون بالاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات أو اضطرابات المناعة الذاتية، مثل: متلازمة القولون العصبي (IBS)، والسكري من النوع II، والتهاب المفاصل.
ومع ذلك، لم يتضح للباحثين إلى الآن ما إذا كان الاكتئاب يسبب الالتهاب أو الالتهاب المزمن يجعل الشخص أكثر عرضة للاكتئاب. من الضروري إجراء المزيد من البحث لفهم العلاقة بين الاثنين.
الصحة الجنسية
قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من انخفاض الرغبة الجنسية، أو يعانون من صعوبة في الشعور بالإثارة، أو لم يعد لديهم قابلية للشعور بهزات الجماع، أو أن يكون لديهم هزات أقل متعة. يعاني بعض الأشخاص أيضًا من حدوث مشاكل في العلاقة العاطفية بسبب الاكتئاب، مما قد يكون له تأثير على النشاط الجنسي.
تفاقم الاعتلالات الصحية المزمنة
قد يجد الأشخاص الذين يعانون بالفعل من حالة صحية مزمنة أن أعراضهم تتفاقم للأسوأ إذا أصيبوا بالاكتئاب. قد يشعر أصحاب الأمراض المزمنة بالعزلة أو التوتر بسبب مرضهم بالفعل، وقد يؤدي الاكتئاب إلى تفاقم هذه المشاعر.
قد يعاني الشخص المصاب بالاكتئاب أيضًا من معاناة اتباع خطة علاجية لمرض مزمن، مما قد يسمح للأعراض أن تزداد سوءًا.
يجب على الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والذين يعانون من مرض مزمن التحدث إلى الطبيب حول استراتيجيات معالجة كلتا الحالتين. قد يؤدي الحفاظ على الصحة العقلية إلى تحسن الصحة الجسدية ويجعل السيطرة على الحالات المرضية المزمنة أسهل.
اضطراب النوم
قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من الأرق أو صعوبة في النوم، ويمكن لهذه الحالة أن تجعلهم يشعرون بالإرهاق، مما يجعل هناك صعوبة في التحكم بالصحة البدنية والعقلية. يربط الأطباء بين الحرمان من النوم ومجموعة عديدة من المشاكل الصحية. وبالمثل، ربط البحث بين الحرمان من النوم على المدى الطويل وارتفاع ضغط الدم والسكري والمشاكل المتعلقة بالوزن وبعض أنواع السرطان.
مشاكل الجهاز الهضمي
غالبًا ما يبلغ الأشخاص المصابون بالاكتئاب عن وجود مشاكل في المعدة أو الهضم باستمرار، مثل: الإسهال، أو القيء، أو الغثيان، أو الإمساك. يعاني بعض الأشخاص المصابون بالاكتئاب أيضًا من حالات مزمنة، بما في ذلك القولون العصبي.
وفقًا لبحث نُشر في عام 2016، قد يكون هذا لأن الاكتئاب يغير استجابة الدماغ للضغوطات عن طريق قمع النشاط في منطقة ما تحت المهاد (Hypothalamus)، والغدة النخامية، والغدد الكظرية.
في الختام
إن إدراك أن الاكتئاب يتسبب في مشاكل صحية جسدية يمكن أن يساعد الشخص على التحفز لالتماس العلاج وإجراء تغييرات حياتية للمساعدة في التحكم بأعراضه.
الاكتئاب قابل للعلاج. قد يوصي الطبيب باتباع نهج مشترك باستخدام الأدوية والعلاج وتغيير نمط الحياة. من خلال الدعم الصحيح، يمكن للشخص إدارة الآثار الصحية الجسدية والعقلية للاكتئاب.
