مقدمة عن البرمجيّات الاحتكاريّة
يُشتقّ المصطلح الإنجليزيّ للاحتكاريّة (Proprietary) من الكلمة اللّاتينيّة (Proprietas) الّتي تعني المِلكيّة. والبرمجيّات الاحتكاريّة (Proprietary Software) هي برمجيّات حاسوبٍ مرخّصةٌ طبقًا للحقوق القانونيّة الحصريّة لمالك حقوق النّشر. تطوّرها جهةٌ -شخصٌ أو شركةٌ- لديها الحقّ القانونيّ في التّطوير، ثمّ تبيعها تحت شروطٍ قانونيّةٍ محدّدةٍ ينبغي الالتزام بها لتجنّب المشاكل القانونيّة. عادةً تتضمّن هذه الشّروط استخدام البرنامج تحت ترخيصٍ تمّ شراؤه، وحدود الاستخدام المسموح بها، وعدم السّماح بإجراء التّعديلات أو إعادة التّوزيع أو إجراء الهندسة العكسيّة.
المعلم الرّئيسيّ الّذي يميّز البرمجيّات الاحتكاريّة هو أنّ الكود المصدريّ (Source Code) الخاصّ بها يبقى سرًّا ولا يتمّ إصداره. وبالتّالي لا يُكشف عن البنية الدّاخليّة لها. عادةً ما تُفرض قيود البرمجيّات الاحتكاريّة من خلال وثيقةٍ تسمّى اتّفاقيّة ترخيص المستخدم (End-user License Agreements)، وهي الّتي يتعيّن على المستخدمين الموافقة عليها قبل الاستخدام. وهي تعمل كعقدٍ بين المستخدم وجهة النّشر.
تتضمّن اﻷمثلة على البرمجيّات الاحتكاريّة منتجاتٍ من شركة مايكروسوفت، مثل نظام التّشغيل ويندوز، ومنتجاتٍ من شركة آبل مثل نظام التّشغيل ماكينتوش.
البرمجيّات الاحتكاريّة أو المصدر المغلق
- هي البرمجيّات الحاسوبيّة الّتي تكون تحت الملكيّة القانونيّة لإحدى الجهات. وتحدّد شروط الاستخدام بالنّسبة لأيّ جهةٍ أخرى بموجب عقودٍ أو تراخيص اتّفاق. قد تشمل هذه الاتّفاقيّات شروطًا تخصّ صلاحيّات المشاركة والتّعديل واستخدام البرمجيّات أو اﻷكواد.
- المصدر المغلق هو مصطلحٌ يصف البرمجيّات الّتي لا يسمح ترخيصها بإصدار أو توزيع اﻷكواد المصدريّة. وهذا يعني عادةً أنّ ما يتمّ توزيعه هو ملفّات الثّنائيّات الخاصّة بالبرنامج، ولا يوفّر التّرخيص الوصول إلى التّعليمات البرمجيّة المصدر للبرنامج. تعتبر الأكواد المصدريّة لهذه البرامج عادةً سرًّا تجاريًّا للشّركة، ولا يسمح عادةً بالوصول إليها ﻷطرافٍ خارجيّةٍ إلّا بعد التّوقيع على اتّفاق سرّيّة المعلومات.
- يجب أن تكون اﻷكواد المصدريّة مخفيّةً عن الجمهور والمنافسين تحت نموذج المصدر المغلق. وذلك لعدم السّماح بدراسة أو تعديل الأكواد، سواءً لإعادة بيع المنتج، أو التّعلّم منه أو لأسبابٍ أخرى. ترى الشّركات الّتي تتّبع نموذج المصدر المغلق فيه وسيلةً لحماية منتجاتها من القرصنة أو سوء الاستخدام، وللحفاظ علي ميزةٍ تنافسيّةٍ.
- ينطوي النّموذج التّجاريّ الرّئيسيّ للبرمجيّات المغلقة المصدر علي فرض القيود علي ما يمكن القيام به باستخدام البرمجيّات، وتقييد الوصول إلى اﻷكواد المصدريّة الأصليّة. والنّتيجة النّهائيّة هي أنّ المستخدم النّهائيّ لا يشتري البرمجيّات في الواقع، وإنّما يشتري الحقّ في استخدامها.
خصائص البرمجيّات الاحتكاريّة
ما الخصائص الّتي تميّز البرمجيّات الاحتكاريّة عن نظيراتها من البرمجيّات مفتوحة المصدر؟ هل هو السّعر وحسب؟ بالطّبع لا. وخاصّةً عند المفاضلة بين النّوعين، هناك معايير مختلفةٌ تدخل في المفاضلة والمقارنة. بدراسة الخصائص وفقًا لهذه المعايير المتعدّدة تتحقّق إمكانيّة الوصول إلى نتيجةٍ سليمةٍ.
معيار التكلفة
تختلف تكلفة البرمجيّات الاحتكاريّة وفقًا لعددٍ من العوامل. وتحوي عادةً تكلفةً أوّليّةً للتّطوير والإدارة، إلى جانب تكاليف سنويّةٍ للتّعديل والصّيانة. قد تكون التّكلفة كبيرةً، ولكن في المقابل يفترض أن يحصل العميل على منتجٍ يناسب احتياجاته بصورةٍ خاصّةٍ، مع ضمان توفير الدّعم والتّطوير والحماية وقابليّة التّوسّع.
معيار الابتكار
لا تسمح الجهات المورّدة للبرمجيّات الاحتكاريّة بمراجعة أو تعديل اﻷكواد المصدريّة. قد يُنظر إلى هذا كعائقٍ أمام الابتكار، ولكنّ من المفترض أن يكون هذا في مقابل الحماية والجودة. وفي المقابل، تقع مسؤوليّة التّطوير المستمرّ للحفاظ على تكيّف البرمجيّات عبر الزّمن، على عاتق الجهة المورّدة. حيث تكمن مهمّة أقسام البحث والتّطوير (Research & Development) في تحقيق هذا الهدف. فضلًا عن ذلك، قد يوفّر مورّدو البرمجيّات الاحتكاريّة طرقًا لاستقبال آراء واقتراحات العملاء. ويوفّر الإنترنتّ بيئةً مناسبةً لذلك. وبهذه الطّريقة يتوفّر مزيدٌ من الفرص لضبط وتطوير البرمجيّات حسب الاحتياجات المتغيّرة. ومن ثمّ يكون إصدار تلك التّحسينات عامًّا على كلّ عملاء المنتج.
إذًا يأتي الابتكار جزءًا من المنتج ولا يتطلّب خبرةً تقنيّةً من العميل. كما يستفيد العملاء من التّحسينات الموجّهة، بدلًا من التّحسين بغرض التّحسين وحسب؛ فلا تتمركز اﻷعمال التّجاريّة حول الابتكار، وإنّما يتمركز الابتكار حول خدمة مصلحة الأعمال التّجاريّة.
معيار الاستخدام
عادةً ما يحدّد المورّدون عدد الأجهزة الّتي يمكن استخدام البرمجيّات عليها، ويُمنع المستخدم من تثبيتها على أجهزةٍ إضافيّةٍ. أحيانًا يكون فرض هذه القيود من خلال إجراءاتٍ تقنيّةٍ، مثل مفتاح تفعيل المنتج أو الرّقم المسلسل. قد يوزع المورّدون أيضًا إصداراتٍ تحذف منها ميزاتٌ معيّنةٌ، أو إصداراتٍ مخصّصةً للاستخدام في مجالاتٍ محدّدةٍ، مثل الاستخدام غير التّجاريّ أو التّعليميّ أو غير الهادف للرّبح.
أمثلة على قيود الاستخدام حسب الترخيص
- يقتصر نظام تشغيل ويندوز فيستا ستارتر (Windows Vista Starter) على تشغيل ثلاثة تطبيقاتٍ متزامنةٍ كحدٍّ أقصى.
- تقتصر النّسخة المباعة من مايكروسوفت أوفيس نسخة الطّالب والمنزل 2007 (Microsoft Office Home and Student 2007) على الاستخدام غير التّجاريّ على ما يصل إلى ثلاثة أجهزةٍ.
- يمكن تثبيت نظام التّشغيل ويندوز إكس بي (Windows XP) على جهازحاسوبٍ واحدٍ، ويحدّ من إمكانيّة مشاركة الملفّات على الشّبكة. ويقوم إصدار المنزل منه (Home Edition) بتعطيل الميزات الموجودة في الإصدار الاحترافيّ (Windows XP Professional).
- كانت تقتصر تراخيص أدوبي (Adobe) على مستخدمٍ واحدٍ، ولكنّها كانت تسمح للمستخدم بتثبيت نسخةٍ ثانيةٍ على جهاز حاسوبٍ منزليٍّ أو حاسوبٍ محمولٍ. تغيّر هذا مع الانتقال للخدمة السّحابيّة كرييتف كلاود (Creative Cloud).
- يتوفر آي وورك أو ناين (iWork ’09) -وهو مجموعة برامج للإنتاجيّة من شركة آبل (Apple)-، في حزمةٍ عائليّةٍ لخمسة مستخدمين، لاستخدامها على عددٍ يصل إلى خمسة أجهزة حاسوبٍ.
معيار الحماية
هناك نقاشٌ مستمرٌّ حول الحماية الّتي توفّرها البرمجيّات الاحتكاريّة مقارنةً بمفتوحة المصدر. فيمكننا القول أنّ بعض مكوّنات أنظمة التّشغيل الاحتكاريّة أقلّ حمايةً من نظيراتها مفتوحة المصدر. ولكنّ تطوير البرمجيّات الاحتكاريّة في بيئةٍ خاضعةٍ للرّقابة، وبواسطة فريقٍ مخصّصٍ، عادةً ما يعطي البرمجيّات الاحتكاريّة فرصًا أكبر في الحماية؛ فإنّ من شأن حصر صلاحيّات التّعامل مع اﻷكواد المصدريّة في فريقٍ واحدٍ أن يبدّد مخاطر مثل اﻷبواب الخلفيّة وحصان طروادة.
معيار الترخيص
يكون كثيرٌ من البرمجيّات الاحتكاريّة تجاريًّا، ممّا يعني الحاجة إلى شراء التّرخيص. ولكنّ هناك من البرمجيّات الاحتكاريّة ما هو مجّانيٌّ، فالمجّانيّة لا تعني بالضّرورة أنّ المنتج ليس احتكاريًّا. في كثيرٍ من اﻷحيان تستفيد الشّركات من عائد الرّخصة لتستمرّ في تطوير المنتج.
معيار التوافر
تكون البرمجيّات الاحتكاريّة متاحةً للاستخدام للجهات الّتي تمتلك ترخيص الاستخدام. وأحيانًا تتوفّر نسخٌ تجريبيّةٌ مجّانيّةٌ.
معيار الخدمة والدعم
تعتبر الخدمة أكبر مميّزات استخدام البرمجيّات الاحتكاريّة، فعادةً يتوفّر معها دعمٌ مستمرٌّ للمستخدمين، وهي ميزةٌ تسويقيّةٌ كبيرةٌ. فعند مواجهة أيّ مشاكل تقنيّةٍ، هناك جهةٌ مهمّتها تقديم الدّعم. لهذا تكون المخاطرة أقلّ، فالشّركات الّتي تقدّم الدّعم تكون على معرفةٍ وثيقةٍ بالمنتجات. لهذا قد يتنافس مزوّدو البرمجيّات الاحتكاريّة في الخدمة والدّعم، ممّا يعود بالفائدة على العملاء.