الجانب المظلم لهرمون الحب

Template_May_2016

الجانب المظلم لهرمون الحب

في عام 2005، كشفت ورقة بحثية ثورية أن هرمون يُسمى “أوكسيتوسين” يجعلنا في الواقع نثق بالأشخاص الآخرين. هذا وقد تبعتها موجة من الأبحاث التي كشفت عن إمكانية هرمون الأوكسيتوسين في تعزيز التفاعلات الاجتماعية. وفي دراسة حديثة، أثبتت أن هرمون الحب مشابه جدًا للكحول، وبالتالي فهو يمتلك أيضًا جانب مظلم خاص به.

في الدراسة الأولى التي نُشرت في عام 2005، طُلب من المتطوعين أن يستثمروا أموالًا مع شخص مجهول لا يمكن ضمانته، فوجدوا أن الأشخاص الذين حصلوا على جرعة من الأوكسيتوسين كانوا أكثر ثقة واختاروا أن يستثمروا أكثر من الأشخاص الذين حصلوا على جرعة وهمية. وأظهرت التجارب اللاحقة أن الأوكسيتوسين أيضًا يجعل الناس أكثر تعاطفًا وكرمًا وأكثر تعاونًا مع بعضهم البعض، حيث يصبحون أفضل في قراءة الفروق الفردية وتعبيرات الوجه، مما يجعلهم أكثر ودًا وأقل خوفًا وقلقًا في المواقف الاجتماعية.

الأوكسيتوسين في البشر

لقد تبين أن هرمون الأوكسيتوسين يمنع الرجال الذين يمتلكون علاقة عاطفية حالية من الاقتراب من جاذبية النساء الجميلات الأخريات، وذلك عن طريق تعزيز نشاط نظم المكافأة في الدماغ عندما يرون وجه شريكهم مقارنة بجاذبية النساء الأخريات. وبالتالي فهو يساعد الأزواج في التعامل بإيجابية مع ذلك الصراع.

وجنبًا إلى جنب مع باقي الوظائف الأخرى، خاصة في تشكيل الرابطة بين الأم والرضيع، يبدو أن هرمون الحب لا يعرف الحدود، وقدرته على الحفاظ على علاقات المحبة وتيسير التفاعل الاجتماعي جعلته أداة علاجية ممكنة للمرضى الذين يجدون صعوبة في التواصل الاجتماعي، وأيضًا للمصابين بالتوحد والفصام واضطرابات القلق.

الآثار الضارة

بالرغم من ذلك، ففي السنوات القليلة الماضية، ظهرت بعض المخاوف من قِبل بعض الباحثين مما أدى إلى كبح جماح الحماس حول التطبيقات المُحتملة للأوكسيتوسين كأداة علاجية. حيث تُبين الدراسات الحديثة أن التأثيرات الإيجابية للأوكسيتوسين يمكن أن تكون أكثر ضعفًا -أو حتى أكثر ضررًا- عند الأشخاص الذين يحتاجون إليه أكثر من الآخرين. فعلى عكس الأشخاص المؤهلين اجتماعيًا، التعرض لهرمون الأوكسيتوسين يمكن أن يُقلل التعاون والثقة عند هؤلاء المعرضون لاضطراب القلق الاجتماعي. كما أنه يزيد الميل للعنف تجاه الشركاء الحميمين. وعلى الرغم من أن ذلك يظهر فقط عند الأشخاص الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر عدوانية بشكل عام، فهؤلاء سيكونون نفس الأشخاص الذين قد يكون لديهم الكثير من المكاسب من هذه العلاجات لو أصبحت متاحة.

من الصعب تفسير هذه التأثيرات المتناقضة للأوكسيتوسين، حيث لا تزال آليات الدماغ المسؤولة غير مفهومة. لكن هناك دراسة جديدة قد تساعد على تقديم الإجابة. فهناك فريق من جامعة برمنجهام قرر معالجة هذه القضية عن طريق مقارنة الدراسات على آثار الأوكسيتوسين بالآثار الأخرى للكحول، وقد ذهلوا بأوجه الشبه التي لا تصدق بين هذين المُركَّبين.

الكحول والأوكسيتوسين

مثل الأوكسيتوسين، يمكن أن يمتلك الكحول آثار مفيدة عندما يتعلق الأمر بالمواقف الاجتماعية. حيث أنه يزيد السخاء ويعزز الترابط داخل المجموعات ويمنع عمل المثبطات العصبية للسلوك الاجتماعي، بما في ذلك الخوف والقلق والتوتر. لكن بالطبع استهلاك الكحول الحاد له سلبيات كبيرة، وبصرف النظر عن الآثار الصحية الناتجة عن الاستهلاك المزمن له، فإنه يتداخل مع تعبيرات الوجه العاطفية ويؤثر على الأحكام الأخلاقية ويزيد من المخاطرة والعدوان. وكما هو الحال مع الأوكسيتوسين، فالزيادة في العدوان يقتصر على أولئك الذين يتواجد لديهم نزعة له.

ويقول الباحثون أن أوجه التشابه لافتة للنظر، فالنتائج السلوكية تخبرنا شيئًا ما حول الآليات البيولوجية المتضمنة. فعلى الرغم من أن الأوكسيتوسين والكحول يستهدفان مستقبلات دماغية مختلفة، لكن عند تنشيط هذه المستقبلات تنتج تأثيرات فسيولوجية مماثلة. في الواقع، يلاحظ الباحثون أيضًا أوجه تشابه مع كيفية عمل مركبات أخرى مثل (benzodiazepines) والتي تُستخدم عادة لعلاج القلق. وبالتالي فهمنا لكيفية عمل تأثيرات مادة كيميائية واحدة يساعدنا على فهم الآخرين.

لكن إذا كان هذا التفسير الجديد صحيح، فإنه يُبشر بنتائج سيئة إضافية لهرمون الحب. وقد تكون الغيوم السوداء التي تهدد بتشويه سمعته مجرد البداية فقط وهناك المزيد. وعلى الأقل، يجب أن يعطينا ذلك سبب لعمل تقييم حذر ودقيق لهرمون الحب قبل أن نتسرع في استخدامه كعلاج.

المصدر

http://sc.egyres.com/qHCkh

إعداد: Tawfik Atef

مراجعة: Amany Elshabasy

 

شارك المقال:

تواصل معنا

«الباحثون المصريون» هي مبادرة علمية تطوعية تم تدشينها في 4/8/2014، بهدف إثراء المحتوى العلمي العربي، وتسهيل نقل المواد والأخبار العلمية للمهتمين بها من المصريين والعرب،

تابعنا على منصات التواصل الإجتماعي